وكالة الأنباء: رسالة سعيدة نغزة.. عندما يجتاح الفلكلور ميدان الإقتصاد
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
نشرت وكالة الأنباء الجزائرية، تعقيبا، على رسالة وجهتها رئيسة الكنفيدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، سعيدة نغزة، إلى رئيس الجمهورية.
ودعت نغزة في الرسالة، إلى فتح تحقيق في القيود والتراخيص المفروضة على الاستيراد، وبيروقراطية الإدارة الجزائرية.
وجاء في تعقيب وكالة الأنباء الجزائرية:
خطت السيدة سعيدة نغزة نصا بائدا ومتنكرا لكل الإصلاحات التي بادرت بها البلاد منذ سنة 2020 من أجل تصويب مالية الدولة، تجنبا للوقوع بين أيدي صندوق النقد الدولي
ومن باب المفارقة، جعلت السيدة سعيدة نغزة من نفسها ناطقا رسميا باسم مصالح تزعم أنها هي من تحارب مصالح النظام القديم.
ومن خلال هذه الرسالة، المتداولة بشكل واسع على وسائط التواصل الاجتماعي، مع تجاوز ما هو متعارف عليه في المراسلات الموجهة لرئاسة الجمهورية. تبقى الحجة الرئيسية للسيدة نغزة مدعومة بنفس الرفض للتغيير. والهوس المرضي لقوى الأموال القذرة التي لا تريد الاستسلام.
وتنبض هذه الرسالة التي تحن للنظام القديم بنوايا مؤلفيها الحقيقيين، من خلال سعيهم للابقاء على الركود، كما أنها توضح في ذات الوقت عدم دراية مؤلفيها التام بالتحولات العميقة التي تشهدها الجزائر.
ان المتعاملين الاقتصاديين ومسيري الدولة كلهم يعرفون هذه الشخصية وقلة صيتها، وكذا ميولها إلى كل أمر أجنبي ودولي. فالوقوف بمظهر المدافع عن الاقتصاد الجزائري ورجال الأعمال والمواطنين برمتهم، هو أمر تجرأت عليه السيدة نغزة, واعتادت عليه الى أن صار صفتها الأساسية.
وللخوض في مقامات أكثر رأفة بالنسبة للسيدة التي نصبت نفسها رئيسة للكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، هناك مؤسسات أخرى في الجزائر الجديدة، جديرة بأن ترفع عاليا الانشغالات الاقتصادية والاجتماعية، على غرار مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري والمجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دون الكونفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية وإن اتخذت رئيستها من “القرب” من أصحاب القرار “جسورا” لها و سجلا تجاريا وقوة تسويق خاصة بها.
كما يظهر المضمون الفارغ الذي تقدمه هذه الرسالة والبعيد كل البعد عن التطورات الحاصلة في العالم، أن هذه السيدة تقصي نفسها بنفسها من النقاش الاقتصادي الهادف والمتجانس.
وكمثال، فإن تهجمها اللاذع حول ارتفاع الأسعار، لاسيما أسعار المنتوجات الأساسية، كالعجائن والزيت والسكر ومركز الطماطم وغيرها، يعتبر مثالا عن جهلها للحقائق الاقتصادية. فهذه المنتوجات لم تعرف ارتفاعا في الأسعار، ما عدا اللحوم التي سمح باستيرادها، على مدار السنة، لكبح الأسعار. أما بخصوص مادة الزيت، فالجزائر تنتج حاليا هذا المنتوج، بمعدل يفوق ثلاث مرات احتياجاتها، وتصدر منها أيضا كميات كبيرة، في حين لم ترتفع أسعار السميد والدقيق اللين، لأن الدولة تواصل دعم هذه المنتوجات، حفاظا على القدرة الشرائية للمواطن على وجه التحديد.
ومقارنة بعديد الدول التي تعرف تضخما قياسيا مع ارتفاع أسعار غالبية المنتوجات والمواد الأساسية، تبقى الأسعار في الجزائر منخفضة. إن هذه العريضة تذكرنا، بشكل غريب، بمنظمة وهمية “للدفاع عن المستهلكين”، تدافع عن كل شيء عدا المستهلك. بل هي منظمة تدافع فقط عن ملف السيارات ورخص استيراد المركبات.
لكن بعض المسائل تصبح موضع شك عندما يتعلق الأمر بملف تضخيم الفواتير ! فما الذي يزعج السيدة نغزة وأتباعها لما تقرر الدولة استرجاع أموال الشعب ؟ أليس استرجاع هذه الأموال أحد المهام الرئاسية، حيثما كانت ولدى أي كان؟ّ بل واحتراما للالتزام أمام الشعب، ينبغي القول أن هذا المال يجب أن يسترجع وسيتم ذلك ولو كره رؤساء المؤسسات الرافضين والمعاندين، لأن غالبية المتعاملين الاقتصاديين نزهاء ووطنيين. كما أنه، بفضل هؤلاء المتعاملين النزهاء والوطنيين، سترفع الجزائر التحدي لتصدير 13 مليار دولار خارج قطاع المحروقات في 2023. أما بخصوص أولئك الذين يمضون في الحيل وتضخيم الفواتير: لن تسمح لهم الدولة بذلك. وبالتالي، فرسالتهم تهدف فحسب إلى رد الاعتبار لأولئك الذين نهبوا أموال الشعب بتواطؤ القوى غير الدستورية آنذاك.
اذا لماذا هذه الرسالة في هذا الوقت تحديدا، ان لم تكن نسخة محسنة للضغوطات التي تذكر بزمن مضى, حين كانت جماعات ضاغطة ولوبيات والأوليغارشية يبتزون الدولة, مثل الهيئات المفترسة كمنتدى رؤساء المؤسسات السابق الذي تم ازالته بفضل الحراك المبارك أولا ثم بفضل رئاسيات 2019.
لكن المتمم لكل ما ذكر من هاته الرسالة الغريبة هو الاقتراح الذي تقدمت به السيدة نغزة، بندائها وبدون حياء الى اعادة تفعيل الثلاثية. هاته الثلاثية الشهيرة التي دامت عقدين من الزمن والتي كانت مسرحا لتمزيق الاقتصاد الوطني والمؤسسات العمومية. هاته التمثيلية التي كانت أداة لاختلاس وبيع المؤسسات العمومية. ويجدر التذكير بوصف السيدة نغزة للثلاثية في 2016 “بالتجربة الرائعة في مجال الحوار والحماية الاجتماعية” وها هي الأن تدعو بل تطالب بعودتها, في حين أن الجزائر اختارت طريقا وتتجه نحو البروز الاقتصادي.
فمن خلال الثلاثية، تم بيع عديد مؤسسات القطاع العمومي التجاري لأوليغارشية منتدى رؤساء المؤسسات. و من خلال الثلاثية, تم توزيع مال طباعة النقود على منتدى رؤساء المؤسسات. فقد كلفت الثلاثية ملايير الدولارات للخزينة العمومية.
السيدة نغزة لا تقترح في هذيانها اللامتناهي للدولة الا اللعب مجددا “بالمونوبولي” بمال الشعب لصالح أوليغارشيين آخرين.
ومنذ حلول الجزائر الجديدة، لم تبخل أبدا الدولة ولا رئيسها بالسماع إلى المهملين وإلى الذين لا صوت لهم وبتفضيل المقترحات الأكثر بناءة والأكثر وطنية.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
المصدر: النهار أونلاين
كلمات دلالية: هذه الرسالة من خلال
إقرأ أيضاً:
من يوقف الحرب وكيف
بسم الله الرحمن الرحيم
زورق الحقيقة
أبوهريرة زين العابدين عبد الحليم
الحرب اللعينة التي اندلعت في ربوع الوطن حرب عبثية لعينة لا معنى لها ولا مبرر لاستمرارها ويجب ان تقف فورا لأسباب كثيرة سوف اعددها، فهنالك اسئلة كثيرة سوف تظل عالقة في الإذهان الى حين، مثل من بدأ الحرب ومن له مصلحة في استمرارها ولماذا لم تقف بعد، ومن يصب الزيت على نارها، وما حجم التدخلات الدولية والاقليمية.
هنالك اسباب كثيرة للاجابة على سؤال لماذا يجب ان تقف الحرب فوراو تتعلق هذه الاسباب بالامن القومي السوداني في مفهموه الشامل، والخوف من انهياز الدولة والوصول لمرحلة اللاعودة وانهيار النسيج الاجتماعي والقيم والتعليم والتنمية وكل شيء. حسب الاحصاءات فاستمرار الحرب يكلف المليارات لسنوات قادمة ولو حسبنا خسارة التعليم والفاقد التربوي والتنمية ووقف الانتاج وكل شيء فمثلا لم يذهب الطلاب للمدراس لحوالي عام ونصف ويقدر العدد بحوالي 15 مليون فاي خسارة هذه، حجم النازحين واللاجئين وصل لاعداد خرافية، عدم الامن، النهب والسلب والسرقات وفقدان الأمان، حيث لم تستطع اي جهة توفير الامن والامان لحماية المدنيين. فالفكرة الخروج من خطاب الاصطفاف والادانات لخطاب جديد يحركنا من هذا المربع القميء لخطاب يعطي الامل للشعب ويوقف الحرب المفروضة على الشعب والمرفوضة منه.
أيضا لو درسنا طبيعة هذه الحروب من الصعب ايجاد منتصر فيها كالعادة فهي تستمر لفترات طويلة الى ان يصل الطرفان الى مرحلة الانهاك ومن ثم يتم الجلوس للحوار ونضرب مثلا بحرب الجنوب التي انتهت بانفصال الجنوب فهي مختلفة وكانت في اجزاء محددة وايضا حرب دارفور. اضف الى كل ذلك سوف يصبح السوادان ساحة صراع اقليمي ودولة.
السيناريوهات المتوقعة لوقف مثل هذه الحروب تتمثل في:
- إنتصار احد الاطراف
- الوصول لمرحلة الانهاك المتبادل وعدم انتصار اي طرف
- تدخل عسكري خارجي عن طريق الشرعية الدولية
- في حالة استمرار الحرب لفترة طويلة بدون تدخل دولي فربما تتدخل بعض الدول الاقليمية كما حدث في حرب اليمن مثل مصر أو اثيوبيا أو ارتريا أو اي دول اخرى لها مصالح.
بتحليل السيناريوهات الافتراضية اعلاه فجميعها ليست في صالح الشعب واستقرار الدولة بشكل مخطط واستراتيجي فاذا انتصر احد الاطراف سوف يقيم شموليته فالطرفين هدفهما النهائي السلطة والحكم ومهما ادعوا، ايضا سيناريو التدخل الدولي او الاقليمي الشرعي الحميد او غير الشرعي الخبيث فسوف يكون له تاثير كبير على مستقبل الدولة واستقرارها. سوف لا ينتظر العالم الى ان تصل المأساة لمجاعة شاملة وابادة.
الافضل في تصوري ان يحاول السودانيين ايجاد حل انفسهم اولا ولكن كيف يتم ذلك في اطار السيولة السياسية والاصطفاف والانقسام الشديد في المجتمع وقواه الحية. ادعو المثقفين والكتاب والمفكرين والجامعات بوضع تصورات تساعد الجميع في بلد الجميع واقترح الدعوة لمؤتمر جامع شامل للقوى السياسية والمدنية للاتفاق على تصور لوقف الحرب ومستقبل الدولة السودانية والدفع بهذه الرؤية للشعب السوداني وللمجتمع الاقليمي والدولي ومن ثم حشد الشعب والعالم لفرض هذه التصور على الطرفين واجبارهم عبر اليات اقليمية ودولية للامتثال لارادة الشعب السوداني. وبالنسبة للطرف الذي يرفض يمكن الاستعانة بعدد من الخطوات بالتنسيق مع المجتمع الدولي:
اولا: فرض حظر سلاح وطيران.
ثانيا: ضغط سياسي وشعبي وعزلة داخلية وخارجية ومقاطعة
ثالثا: تدخل عسكري محدود عبر قوات اقليمية ودولية عبر الشرعبية الدولية ويمكن الاستعانة واستيعاب جنرالات سودانيين في المعاش من الذين شهد لهم بالكفاءة في هذه القوات.
رابعا: عزل القيادتين او اجبارهم على الاستقالة ومحاولة ايجاد ضباط وطنيين ليحلوا مكانهم ومن ثم الانخراط في عمل فني لوقف اطلاق النار ووقف الحرب وبدء عملية سياسية، وان يكون واضح للجميع انه لا مجال لدخول العسكر في السياسة والاقتصاد وتأسيس جيش وطني واحد.
للاجابة على سؤال من يوقف الحرب علينا ان نعول على الشعب السوداني وقواه الحية في وقف الحرب وقيادة الجهود وترك الكسل السياسي والفكري والاعتماد على خطاب الادانات فقط وخطاب تحميل الآخرين مسئولية ما حدث، فاي جهة يمكن ان تقوم بذلك ولكن نحتاج لمجهود فكري وسياسي كبير لايقاف الحرب وتعبئة الجميع عبر افكار واضحة واجماع من القوى السياسية فهذا دورها وايضا يجب ان تتفرغ النقابات والاتحادات المهنية لاعمالهم وليس للسياسة ووضع تصورات لمستقبل الوطن كل جهة في مجال تخصصها، فمثلا بدلا ان تعمل نقابة البنوك او الاطباء في السياسة يركزون على مجالهم في تطوير المهنة ومساعدة الداخلين الجدد في المهنة ووضع تصورات لشهادات وتدريب مهني ووضع تصورات اعادة اعمار ما دمرته الحرب، وعليهم الخروج من السياسة والمساعدة مهنيا في مجال تخصصهم وهذا ما نحتاجه وايضا مثل الجيش عليه البعد من السياسة ويتفرغ الجميع للعمل في مجاله، فما اضاع بلدنا في ان الجميع يريد ان يكون سياسي ويريد ان يحكم، فمن يريد ان يحكم عليه ان يقوم بانشاء حزب سياسي ويطلب التأييد من الشعب السوداني. مشكلتنا في السودان الخلط في كل شيء وخلط المهنة مع السياسة ومع الدين ومع القبيلة والجهوية، فلو اعدنا النظر في طريقة عملنا السياسي ووضعنا لبنة وتصور في مؤتمر جامع واتفقنا على تصور دستور لتجيره اول جميعية تأسيسية او برلمان فيمكن ان نساعد الاجيال القادمة في ان تجد لبنة وطن.
لقد تعب الشعب من الحروب والتشريد في الداخل والخارج ، فعلينا أن نقود عبر مجهود فكري وسياسي وتصورات وتحويلها لواقع يمشي بين فقراء السودانيين الذين تم تشريدهم في الداخل والخارج وأن ننظر للامر بمفهوم الأمن القومي، باستمرار هذه الحرب سوف تكون نهاية الدولة والبنيات التحتية وكل شيء ومن الصعب ايجاد الموارد والدعم المطلوب لاعمار ما دمرته الحرب وما سوف تدمره، لذلك علينا الاسراع في وقف هذه الحرب اللعينة واجبار اللاعبين الاساسيين على الانصياع لرغبة الشعب. فهذا او الطوفان العنفي الذي يجرف اي شيء ونتحول لصومال آخر.
abuza56@gmail.com