في أحدث ظهور وبكلمات مليئة بالحزن والأسى ومرتدية للون الأسود، تعود ريماز ميرغني للغناء بي “بيتنا المقفول” وتبكي الشعب السوداني.

يا بيتنا المقفول كيف الخرطوم .. كيف الجيران حلتنا عموم .. لسة الطايرات بفوق .. بتحوم لسة الدانات ما وقفت يوم..

وتعيش العاصمة الخرطوم والسودان عموماً أجواء الحرب بعد تمرد قوات الدعم السريع في أبريل الماضي وجهود القوات المسلحة السودانية لاستعادة الأمن والأمان، وفضل بعض الإعلاميين والفنانين حالة الحياد، فيما فضل الآخر الوقوف مع أحد الأطراف، وما بينهما بقي البعض يدعو للأمان والسلام ووقف الحرب.

وبحسب رصد محررة “كوش نيوز” على شبكات التواصل الاجتماعي عادت ريماز ميرغني وهي ترتدي الأسود بهذه الأغنية “بيتنا المقفول” كلمات : رشيد سعدابي، ألحان وتوزيع موسيقي : مجاهد سيمت، حيث تقول في بعض المقاطع: ما كان في البال مرقتنا ولا الخاطر هجرتنا .. يا بيتنا أمانة عليك .. أشجارنا وحديقتنا وطيور بتغرد..  تسأل من غيبتنا في ضل النيمة مكان لمتنا..

شاهد “بيتنا المقفول” لـ “ريماز ميرغني”:

نقلاً عن – “كوش نيوز“

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

عندما يصير الجسد ساحة معركة: تراجيديا الإنسان السوداني بين القنص والاغتصاب

الجسد، ذاك الهامش الذي ظنّوه هشًّا، أصبح ساحةً يتبارى فيها الرماة الجدد؛ لا في معركة نظيفة النوايا، بل في مجزرة تُدار ببرودة الحذاء العسكري حين يخطو على ملامح الحياة. كل ما في الأمر أن سودانًا قديمًا قد مات، أو قُتِل عن عمدٍ مع سبق التواطؤ بين العساكر والخطاب الديني المستنقعي، بين الرصاصة والفتوى، بين المتحدث باسم الجيش ومنشد كتائب البراء. هناك، حيث كانت الساحات تُستعاد فيها المدن للناس، غدت الآن رؤوس الناس ساحة لتعلّم القنص. ليس مجازًا بل واقعًا، في زمنٍ بات فيه المدني السوداني محض هدف حيّ، يمارس عليه الجندي رماية الصيد، ويعلّق نجاحه في التصويب على جمجمة مواطن، لم يفعل سوى أن مشى تحت شمس حارقة، أو أطل من نافذة بيته.

إنهم يتدرّبون على الجسد، لا على العدو. والفرق بين الجندي المحترف والقاتل المرتبك لم يعد واضحًا في جحيم الخرطوم ولا في الظلال الطويلة لوَد مدني المنكوبة.
لا يُطلقون النار من خوف، بل من لذة، لذة السيطرة على الفزع. هكذا، تحوّل الجسد السوداني إلى هدف رمزي للحكم، كأن الدولة ذاتها لم يعد لها سوى هذا الجسد تهزمه مرارًا لتثبت أنها لا تزال تحكم ولو على الأطلال.

في الجزيرة، في طيبة بالاسم لا بالفعل، ذُبح الناس كالطقس، كأنها مسرحية قديمة أُعيد إخراجها بحرفية جزارين لا يعرفون اللغة. أُحرقت القرى بعد أن نُهبت، وبُعثرت الماشية التي كانت تمد الأرض بما تبقّى من استقرار. انتشلت الجثث من الأزقة وساحات المساجد، طُمست الشواهد، وبقي في الذاكرة فقط مشهد شيخ يُذبح أمام تلميذه، أو أم تئن بعد أن نُزع رضيعها منها لتُغتصب أمام صمت الحيطان.

وهناك، حيث الغرب يُجاهد في التمييز بين الجلاد والضحية، دارفور تُباد من جديد، بهدوء متعمد. المساليت، هذه المجموعة التي لم تطلب يومًا دولة، ولا رفعت سلاحًا خارج حدودها، يُخيّرها المسلحون بين الموت أو المنفى المفتوح على العراء، على الصمت، على حدود لا يسكنها أحد إلا الناجون من المجازر. ومع أن العالم قد شهد، فإن أحدًا لم يتوقف ليفهم كيف تُعيد قوات الدعم السريع إنتاج مشاهد الإبادة وكأنها تحفظها عن ظهر رصاصة.

الاغتصاب، لم يعد سلاحًا مسكوتًا عنه. بل صار أداة سياسية معلنة، تمارس في وضح النهار، في الخرطوم ودارفور وكردفان، بأيدٍ سمراء مسلحة وبنظرات لا ترتجف. فتاة تُحمل عنوةً إلى معسكر، تتناوب عليها البنادق، لا لشيء إلا لأن أمّها صوتت ذات يوم لصالح الحرية. شهادات النساء تُروى بمرارة تُقطّع أوصال اللغة. هناك من استُعبدت في بيوت ضباط، ومن فُتحت أجسادهن كخرائط للانتقام. بعضهن صُبّ عليهن الماء المغلي بعد الاغتصاب، وبعضهن قُطعن، وهن على قيد الحياة، فقط لتكون الرسالة أوضح.

من لم يُغتصب، هُجّر. ومن لم يُهجر، جُوِّع. ومن لم يُجَوَّع، قُصف وهو يفر. في الجنينة، يُجبر المدني على الاختيار بين القبر والترحال. وفي جنوب كردفان، تُحرق القرى فقط لأن ملامح ساكنيها تُشبه التاريخ. لا بوصلة ولا رحمة. فقط جيشٌ فقد معناه، ودعمٌ سريع أبطأ من أن يستوعب ما تبقّى من إنسانية في الميدان.

إن كل ما يجري لا يشي بحربٍ على السلطة فحسب، بل بكراهية للإنسان، بنقمة على الجسد، على أنفاسه، على صبره، على ذاكرته. لقد تحوّل الإنسان السوداني إلى محض مادة حربية، يُقتل لأنه لم يمت سابقًا، يُغتصب لأنه ما زال يأمل، يُهجّر لأنه يشبه الغد، والغد لدى هؤلاء جريمة.

وهنا، يحضر صوت هربرت ماركوز، وهو يقول: “حين يُختزل الإنسان إلى مجرد وسيلة، فإن كل ما فيه يُحوّل إلى ساحةٍ للسيطرة: جسده، لغته، ذائقته، وحتى موته.”، وكأن الفيلسوف قد قرأ تقارير الحرب السودانية قبل نصف قرن.

من كان يتساءل عن فداحة السلطة حين تتحالف مع الوهم، فلينظر إلى السودان، حيث الدولة لم تعد تُحكم بالقانون، بل بالقتل. لا سلطة مدنية ولا حتى دكتاتورية واضحة، فقط خليط مسلح من رجالٍ يشبهون الكوابيس، يحكمون بالسيف والمزاج، يوزّعون الموت كما توزع الخطب في المساجد، ويغسلون أياديهم بالدين.

الخرطوم، دارفور، الجزيرة، كردفان… ليست مناطق متفرقة، بل جراح في جسدٍ واحد أُعلن موته سريريًا. والمفارقة أن الجناة لا يطلبون الغفران، بل يريدون من الضحية أن تعتذر لأنها لم تمت في الوقت المناسب.

هل سيُحاسَب أحد؟ ربما. لكن الجسد، ذلك الجسد الذي حمل الوطن، لم يعد كما كان. صار خريطةً للذل، وشاهدًا على عصرٍ يعاد فيه تعريف الجريمة لا بحسب فظاعتها، بل بحسب الجهة التي ترتكبها.

هذا ليس توصيفًا لواقع. هذا إعلان فجيعة، ونعي لضمير كان ينبغي أن يستقيل منذ الطلقة الأولى.

zoolsaay@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. من نفس المكان الذي كانوا يقفون فيه.. شباب سودانيون يسخرون من “الدعامة” بمقطع من أعلى كوبري “توتي” ويرقصون على طريقتهم وعلى أنغام أغنيتهم الشهيرة (يا زهرة أنا في خطر)
  • بالفرو.. بوسي تثير الجدل بإطلالة راقية| شاهد
  • وزير الدفاع السوداني لـ”الشرق”: الجيش يمتلك زمام المبادرة ولن نتخلى عن دارفور
  • اشتباكات عنيفة بين الجيش السوداني و”الدعم السريع”
  • بعد عامين من الحرب .. تفاصيل سيطرة الجيش السوداني على الخرطوم؟
  • بوابة الخرطوم الغربية في قبضة الجيش السوداني
  • رسالة الدكتور عبدالله حمدوك إلى الشعب السوداني في الذكرى الثانية للحرب
  • شاهد بالفيديو.. خريجة سودانية تفاجئ الحضور وتخلع “عباءة” التخرج أعلى المسرح وتدخل في وصلة رقص مثيرة وساخرون: (فك العرش على أصوله)
  • عندما يصير الجسد ساحة معركة: تراجيديا الإنسان السوداني بين القنص والاغتصاب
  • مصطفى ميرغني: للأسف الشديد