جريدة الرؤية العمانية:
2025-03-07@03:24:19 GMT

الاستثمار في الثقافة.. خيار استراتيجي

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

الاستثمار في الثقافة.. خيار استراتيجي

 

محمد رامس الرواس

قبل أن نبدأ حديثنا عن موضوع الاستثمار في الثقافة باعتباره خيارًا استراتيجيًا، يجب أن نعرف ونضع أيدينا على معنى كلمة "استراتيجية" التي أصلها يوناني؛ وهي تعني فنون الحرب والقتال، ثم عُرفت بعد ذلك في القرون المتأخرة على أنها التعبئة والتحريك للمعدات لما لها من أهمية في تنظيم الخطط.

اليوم في عصرنا الحديث، كبرت بيئات العمل وأصبحت ذات قوى عظيمة بسبب العولمة والانفتاح العالمي على بعضه البعض مما أوجد تنافسًا كبيرًا بين المؤسسات الكبرى أو الشركات بكافة أحجامها ومستوياتها وأنواعها، فلجأت إلى التخطيط الاستراتيجي لما يحقق من تكاملية وتنسيق بين وحداتها وأنظمتها الإدارية، يُضاف إلى ذلك أن الاستراتيجية هي مجموعة الأطر التي تتحكم في قرارات المؤسسات التي تضعها لنفسها بكافة خططها القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى.

الاستثمار في الأصول الثقافية التي تتمتع بها سلطنتنا الحبيبة عُمان يُعد مطمحًا استراتيجيًا ومكسبًا حضاريًا، ومن أجل ذلك جاءت الاستراتيجية الثقافية (2021-2040) ضمن المنظومة التنموية الثقافية التي تهدف إلى أن تصبح عُمان واحدة من أهم الوجهات الثقافية في محيطها الإقليمي ولتبوء الريادة في هذا المجال لما تملكه من هوية راسخة وثراء ثقافي عظيم، فالسلطنة ذات تنوع حضاري وثقافي فريد وتراكمات معرفية عظيمة اكتسبتها عبر العصور والأزمان يمكن من خلالها أن تعكس قوة استثمارها في الأصول الثقافية وفق متطلبات المرحلة الحالية والخطط المقبلة.

التنوع الثقافي الزاخر للمعرفة العُمانية مرجعه للإرث العظيم للتراث الذي يُعد بمثابة كنز ثقافي يمكن استكشافه وإعادة تقديمه للعالم، ومما يعزز ذلك أن سلطنة عُمان في بنيتها وتكوينها ذات ثقافة منفتحة وممارسات مجتمعية تتقبل ثقافات الآخرين، وتحمل في طياتها روح السلام والوئام عبر رسالتها العالمية الداعية للاحترام المتبادل والتعايش السلمي الذي لا تزال تنتهجه منذ الأزمان الفائتة إلى اليوم.

والموقع الجغرافي، والطبيعة المتميزة، والتاريخ الحضاري التليد لعُمان وبصمات أهلها أينما وجدو وأينما بسطوا نفوذهم وتركوا جذورهم الثقافية بالعالم .. كل ذلك وغيره الكثير مهّد لوجود تنوع ثقافي فريد يمكن من خلاله العمل في مجال الاستثمار الثقافي حيث توجد البيئة المناسبة التي يمكن من خلالها تحقق معاني الإبداع والابتكار؛ فالهوية الثقافية العُمانية الراسخة تشجع بلا شك في تحقيق الريادة والاستدامة في هذا المجال على المستوى القاري والدولي.

وعند الحديث عن التراث الثقافي الوطني لا بُد وأن نعرج على برنامج "ترحال بنفسجي" بالقناة الثقافية بتلفزيون سلطنة عُمان، الذي يعرض كل يوم سبت عند الساعة التاسعة مساءً، والإشادة بدوره المتميز في الحديث عن جملة قضايا وطنية والذي تقدمه الإعلامية القديرة الأستاذة شيخة المحروقية، والذي يطرح مجموعة الاستثمارات الاستراتيجية في الاقتصاد البنفسجي؛ ومنها كانت الحلقة الفائتة "الاستثمار في الصناعات الثقافية"؛ سواء كانت فنونا أو تراثا أو مهارات أو سواها.. إضافة إلى أنه يفرد مساحات جميلة للتعرف على عالم الاقتصاد البنفسجي وأبعاده الاجتماعية والسياحية والبيئية.

لقد جاءت الاستراتيجية الثقافية العُمانية بعد أن حددت خطواتها وأهدافها فوضعت ثمان قيم للتحسين المستدام نختصرها في التالي: ترسيخ الهوية الثقافية، والشراكة، والإبداع والابتكار، والتواصل والحوار، والفعالية والجودة، والإنتاج، والتعددية والانتماء، والاحترافية والمعايير العالمية، وأخيرًا الحرية الفكرية.

ووضعت الاستراتيجية الثقافية لنفسها 7 محاور، لأجل الإرشاد والقياس والتطبيق والإنجاز؛ أولها: الإبداع والتطوير الثقافي من خلال تمكين وتعزيز الإنتاج الثقافي المبني على التجديد والإبداع والابتكار وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة لإنتاج ونشر المحتوى الثقافي العُماني ودعم الدراسات والبحوث المعززة للإبداع والتطوير ورعاية الموهوبين والمبدعين. بينما جاء المحور الثاني ليُركز على الصناعات الثقافية والإبداعية الذي تتحقق أهدافه من خلال تعزيز المساهمة الاقتصادية للقطاع الثقافي وتقديم التسهيلات للمشاريع الإبداعية وتعزيز الوعي بأهمية الاستثمار في المجال الثقافي. وأكد المحور الثالث على الهوية الثقافية عبر تفعيل الدور المحوري للمؤسسات الثقافية الأهلية وتشجيع إنشاء مبادرات ثقافية لترسيخ منظومة الشراكة المجتمعية رفع مستوى الوعي بمبدأ التنوع الثقافي المحلي والخارجي والحوار والنقد البناء وأنسنة المدن ثقافيًا.

أما المحور الخامس: التنمية الثقافية، فجاء مُطالِبًا بتوظيف التكنولوجيا لدعم البرامج ومشاريع القطاع الثقافي وتعزيز منظومة الاستثمار في الأصول الثقافية وتطويرها بجانب تطوير الإجراءات المالية والإدارية وإعداد وتأهيل الكوادر البشرية العاملة في القطاع الثقافي.

المحور السادس عُنوِنَ لضرورة وضع اللوائح والتشريعات الثقافية بهدف مراجعة واستحداث اللوائح المنظمة للعمل الثقافي وتطويرها بجانب تفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الثقافية التي وقعتها السلطنة مع المنظمات والمؤسسات الدولية. بينما نوه المحور السابع بأهمية التواصل الثقافي عبر استثمار التنوع الثقافي كوسيلة للترويج والتعريف بالسلطنة وتعزيز التواصل والحوار الثقافي مع دول العالم وتبادل الخبرات على الصعيد الداخلي والخارجي من أجل تحقيق الشراكة والتكامل مع المؤسسات المحلية والدولية في المجالات الثقافية.

ختامًا نقول.. إنَّ الخطط الاستراتيجية التي تضعها الوزارات والمؤسسات الحكومية من الأهمية بمكان أن تهدف إلى تكاملية المقصد والأهداف؛ فالاستراتيجية الوطنية للتعليم (2040) والاستراتيجية الوطنية للابتكار، واستراتيجية عُمان الرقمية، والاستراتيجية الثقافية (2040)، وغيرها من الاستراتيجيات، يجب أن تكون منسجمة ومرتبطة في ضوء مرجعيتها الأساسية رؤية "عُمان 2040"، وتنتج لنا مؤشرات قياس لمستقبل منشود.

وجميع هذه الاستراتيجيات يمكن البناء عليها؛ فجميعها- بحق- تحمل أهدافًا كبرى لاستثمارات واعدة تواكب المتغيرات المستقبلية؛ فالصناعات الثقافية مثل الفنون والمتاحف الخاصة، ودور النشر، والسياحة الثقافية، والمبادرات المجتمعية وغيرها، تحتاج بلا شك برامج تمويلية وصندوقًا مختصًا بالاستثمارات الصناعية لصناعة المنتج الوطني الثقافي، مشفوعًا بتشريعات وقوانين مناسبة، لذا من الأهمية بمكان الرعاية والدعم والتحفيز للنهوض بالمواهب والابتكارات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

جامعة الدول العربية: السلام خيار العرب الاستراتيجي

شدد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، اليوم الثلاثاء، على أن السلام هو خيار العرب الاستراتيجي من أجل الأجيال المقبلة.

وقال أبو الغيط في كلمته في القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر حول القضية الفلسطينية في القاهرة، إن منطق تهجير الشعب الفلسطيني مرفوض، لأنه يزرع بذور الصراع.

أمين عام الجامعة العربية من القمة العربية الطارئة: إعادة الحياة إلى غزة وإعمارها ممكنان وأهلها على أرضها#الشرق_للأخبار pic.twitter.com/p8UwTT4gpN

— NOW الشرق (@AsharqNOW) March 4, 2025

وأضاف أبو الغيط أن إعادة إعمار غزة ممكن دون تهجير أهلها اذا صمت السلاح.

ويجتمع القادة العرب في القاهرة، اليوم الثلاثاء، لمناقشة خطط إعادة الإعمار المحتملة لقطاع غزة.

وتهدف الحكومة المصرية من هذه القمة في القاهرة إلى التصدي لخطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المثيرة للجدل لـ"توطين" الفلسطينيين بشكل دائم في الدول العربية.

وتقدر الأمم المتحدة تكاليف إعادة إعمار القطاع الذي تحول إلى خراب بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس بـ53 مليار دولار.

وفي المناقشات حول مستقبل غزة، لا تزال العديد من الأسئلة عالقة مثل من يحكم على القطاع بعد انتهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • وزارة الثقافة والسياحة تدشن الأنشطة الثقافية الرمضانية 1446هـ
  • تعزيزًا للتبادل الثقافي.. وزارة الثقافة تطلق العام الثقافي السعودي الصيني
  • وزير الزراعة بحث مع السفيرة الأميركية في الاستراتيجية الزراعية
  • هل تستمر الشراكة الاستراتيجية بين الصين وسوريا؟
  • الوزير سلامة بحث والسفير الايطالي في خطة دعم الارث الثقافي في لبنان
  • القمة الثقافية أبوظبي تنطلق 27 ابريل القادم
  • جامعة الدول العربية: السلام خيار العرب الاستراتيجي
  • وزارة الثقافة تفتح باب طلبات عروض مشاريع دعم الجمعيات والهيئات الثقافية والنقابات الفنية والمهرجانات
  • انطلاق فعاليات الدورة القمة الثقافية أبوظبي 27 أبريل المقبل
  • حماس: مستعدون للتعاطي مع أي خيار يتم الاتفاق عليه فلسطينيًا