جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-06@16:54:38 GMT

الاستثمار في الثقافة.. خيار استراتيجي

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

الاستثمار في الثقافة.. خيار استراتيجي

 

محمد رامس الرواس

قبل أن نبدأ حديثنا عن موضوع الاستثمار في الثقافة باعتباره خيارًا استراتيجيًا، يجب أن نعرف ونضع أيدينا على معنى كلمة "استراتيجية" التي أصلها يوناني؛ وهي تعني فنون الحرب والقتال، ثم عُرفت بعد ذلك في القرون المتأخرة على أنها التعبئة والتحريك للمعدات لما لها من أهمية في تنظيم الخطط.

اليوم في عصرنا الحديث، كبرت بيئات العمل وأصبحت ذات قوى عظيمة بسبب العولمة والانفتاح العالمي على بعضه البعض مما أوجد تنافسًا كبيرًا بين المؤسسات الكبرى أو الشركات بكافة أحجامها ومستوياتها وأنواعها، فلجأت إلى التخطيط الاستراتيجي لما يحقق من تكاملية وتنسيق بين وحداتها وأنظمتها الإدارية، يُضاف إلى ذلك أن الاستراتيجية هي مجموعة الأطر التي تتحكم في قرارات المؤسسات التي تضعها لنفسها بكافة خططها القصيرة والمتوسطة والبعيدة المدى.

الاستثمار في الأصول الثقافية التي تتمتع بها سلطنتنا الحبيبة عُمان يُعد مطمحًا استراتيجيًا ومكسبًا حضاريًا، ومن أجل ذلك جاءت الاستراتيجية الثقافية (2021-2040) ضمن المنظومة التنموية الثقافية التي تهدف إلى أن تصبح عُمان واحدة من أهم الوجهات الثقافية في محيطها الإقليمي ولتبوء الريادة في هذا المجال لما تملكه من هوية راسخة وثراء ثقافي عظيم، فالسلطنة ذات تنوع حضاري وثقافي فريد وتراكمات معرفية عظيمة اكتسبتها عبر العصور والأزمان يمكن من خلالها أن تعكس قوة استثمارها في الأصول الثقافية وفق متطلبات المرحلة الحالية والخطط المقبلة.

التنوع الثقافي الزاخر للمعرفة العُمانية مرجعه للإرث العظيم للتراث الذي يُعد بمثابة كنز ثقافي يمكن استكشافه وإعادة تقديمه للعالم، ومما يعزز ذلك أن سلطنة عُمان في بنيتها وتكوينها ذات ثقافة منفتحة وممارسات مجتمعية تتقبل ثقافات الآخرين، وتحمل في طياتها روح السلام والوئام عبر رسالتها العالمية الداعية للاحترام المتبادل والتعايش السلمي الذي لا تزال تنتهجه منذ الأزمان الفائتة إلى اليوم.

والموقع الجغرافي، والطبيعة المتميزة، والتاريخ الحضاري التليد لعُمان وبصمات أهلها أينما وجدو وأينما بسطوا نفوذهم وتركوا جذورهم الثقافية بالعالم .. كل ذلك وغيره الكثير مهّد لوجود تنوع ثقافي فريد يمكن من خلاله العمل في مجال الاستثمار الثقافي حيث توجد البيئة المناسبة التي يمكن من خلالها تحقق معاني الإبداع والابتكار؛ فالهوية الثقافية العُمانية الراسخة تشجع بلا شك في تحقيق الريادة والاستدامة في هذا المجال على المستوى القاري والدولي.

وعند الحديث عن التراث الثقافي الوطني لا بُد وأن نعرج على برنامج "ترحال بنفسجي" بالقناة الثقافية بتلفزيون سلطنة عُمان، الذي يعرض كل يوم سبت عند الساعة التاسعة مساءً، والإشادة بدوره المتميز في الحديث عن جملة قضايا وطنية والذي تقدمه الإعلامية القديرة الأستاذة شيخة المحروقية، والذي يطرح مجموعة الاستثمارات الاستراتيجية في الاقتصاد البنفسجي؛ ومنها كانت الحلقة الفائتة "الاستثمار في الصناعات الثقافية"؛ سواء كانت فنونا أو تراثا أو مهارات أو سواها.. إضافة إلى أنه يفرد مساحات جميلة للتعرف على عالم الاقتصاد البنفسجي وأبعاده الاجتماعية والسياحية والبيئية.

لقد جاءت الاستراتيجية الثقافية العُمانية بعد أن حددت خطواتها وأهدافها فوضعت ثمان قيم للتحسين المستدام نختصرها في التالي: ترسيخ الهوية الثقافية، والشراكة، والإبداع والابتكار، والتواصل والحوار، والفعالية والجودة، والإنتاج، والتعددية والانتماء، والاحترافية والمعايير العالمية، وأخيرًا الحرية الفكرية.

ووضعت الاستراتيجية الثقافية لنفسها 7 محاور، لأجل الإرشاد والقياس والتطبيق والإنجاز؛ أولها: الإبداع والتطوير الثقافي من خلال تمكين وتعزيز الإنتاج الثقافي المبني على التجديد والإبداع والابتكار وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة لإنتاج ونشر المحتوى الثقافي العُماني ودعم الدراسات والبحوث المعززة للإبداع والتطوير ورعاية الموهوبين والمبدعين. بينما جاء المحور الثاني ليُركز على الصناعات الثقافية والإبداعية الذي تتحقق أهدافه من خلال تعزيز المساهمة الاقتصادية للقطاع الثقافي وتقديم التسهيلات للمشاريع الإبداعية وتعزيز الوعي بأهمية الاستثمار في المجال الثقافي. وأكد المحور الثالث على الهوية الثقافية عبر تفعيل الدور المحوري للمؤسسات الثقافية الأهلية وتشجيع إنشاء مبادرات ثقافية لترسيخ منظومة الشراكة المجتمعية رفع مستوى الوعي بمبدأ التنوع الثقافي المحلي والخارجي والحوار والنقد البناء وأنسنة المدن ثقافيًا.

أما المحور الخامس: التنمية الثقافية، فجاء مُطالِبًا بتوظيف التكنولوجيا لدعم البرامج ومشاريع القطاع الثقافي وتعزيز منظومة الاستثمار في الأصول الثقافية وتطويرها بجانب تطوير الإجراءات المالية والإدارية وإعداد وتأهيل الكوادر البشرية العاملة في القطاع الثقافي.

المحور السادس عُنوِنَ لضرورة وضع اللوائح والتشريعات الثقافية بهدف مراجعة واستحداث اللوائح المنظمة للعمل الثقافي وتطويرها بجانب تفعيل الاتفاقيات والمعاهدات الثقافية التي وقعتها السلطنة مع المنظمات والمؤسسات الدولية. بينما نوه المحور السابع بأهمية التواصل الثقافي عبر استثمار التنوع الثقافي كوسيلة للترويج والتعريف بالسلطنة وتعزيز التواصل والحوار الثقافي مع دول العالم وتبادل الخبرات على الصعيد الداخلي والخارجي من أجل تحقيق الشراكة والتكامل مع المؤسسات المحلية والدولية في المجالات الثقافية.

ختامًا نقول.. إنَّ الخطط الاستراتيجية التي تضعها الوزارات والمؤسسات الحكومية من الأهمية بمكان أن تهدف إلى تكاملية المقصد والأهداف؛ فالاستراتيجية الوطنية للتعليم (2040) والاستراتيجية الوطنية للابتكار، واستراتيجية عُمان الرقمية، والاستراتيجية الثقافية (2040)، وغيرها من الاستراتيجيات، يجب أن تكون منسجمة ومرتبطة في ضوء مرجعيتها الأساسية رؤية "عُمان 2040"، وتنتج لنا مؤشرات قياس لمستقبل منشود.

وجميع هذه الاستراتيجيات يمكن البناء عليها؛ فجميعها- بحق- تحمل أهدافًا كبرى لاستثمارات واعدة تواكب المتغيرات المستقبلية؛ فالصناعات الثقافية مثل الفنون والمتاحف الخاصة، ودور النشر، والسياحة الثقافية، والمبادرات المجتمعية وغيرها، تحتاج بلا شك برامج تمويلية وصندوقًا مختصًا بالاستثمارات الصناعية لصناعة المنتج الوطني الثقافي، مشفوعًا بتشريعات وقوانين مناسبة، لذا من الأهمية بمكان الرعاية والدعم والتحفيز للنهوض بالمواهب والابتكارات.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“البيت العربي يستضيف سماء الثقافة في ثاني أمسيات ايام ثقافية اردنية”

ضمن فعاليات أيام ثقافية أردنية بمناسبة اليوبيل الفضي لتولي جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية في الأمسية الثانية استضاف منتدى البيت العربي جمعية سماء الثقافة.
حيث بدأت الفعالية بالسلام الملكي ثم قراءة الفاتحة على أرواح شهداء فلسطين وغزة والجيش العربي
ومن ثم رحب مدير الأمسية الشاعر شفيق العطاونة بالحضور والمشاركين وشكر منتدى البيت العربي ووزارة الثقافة على دعم هذه الفعاليات الثقافية مؤكدا ان مثل تلك التشاركات تعكس رسالة مهمه بين الوزارة والمؤسسات الثقافية أهمها تمكين المجتمع المحلي، وإبراز الدور الثقافي
وخاصة أن البيت العربي يحرص في برنامجه هذا وكافة برامجه على توفير الأجواء المناسبة في كل فعالياته، لقضاء اوقات مليئة بالثقافة والفن لما يحمله المكان والقائمين عليه من اصالة وقيم نبيلة”، لافتاً الى أن الايام الثقافية لها حضورها وجمهورها النوعي.

الأديبة هيام ضمرة رئيس جمعية سماء الثقافة قدمت شكرها أيضا للحضور والمشاركين ومنتدى البيت العربي الثقافي ممثلا برئيسه المهندس صالح الجعافرة على الدعوة الكريمة ،وتحدثت في كلمتها عن النهضة الأردنية ومواقف الأردن وجلالة الملك الثابتة تجاه قضايا الأمة بعامة والقضية الفلسطينية بخاصة.
حيث قالت:
يسعدنا في جمعية سماء الثقافة أن نكون أحد الأندية الشركاء بهذه الأيام الثقافية الأردنية لمنتدى البيت العربي،الذي اعتدنا نشاطه وعطاءه بين المنتديات ذات الكفاءة في تفعيل الحراك الثقافي، في بلدنا الأردن الحبيب الذي نعتز بعظم خطواته بالتقدم والتحضر، ليلحق بركب الحضارات العالمية المتسارعة، من جميع الأبواب الحضارية و أهمها الثقافة حيث تعد واجهة الدول والشعوب التي تعبر تعبيرا قويا عن تقدمها الحضاري المأمول.
ووطننا الأردن جامع العرب تحت مظلة عربية حكيمة،ويكبر بقيادة الهاشميين وعدالة حكمهم،

وختمت الكاتبة ضمرة كلمتها : آمل لأيام ثقافية أردنية أن تأتي بمستوى الأمل بتوسيع المدارك ورفع الوعي بالانتماء الصحي الصحيح للأردن، والثقافة أحد منافذها السليمة، فالمثقف سفير لبلاده وأمين على مداد قلمه.

مقالات ذات صلة ختام فعاليات مسابقة القيصر للقصة القصيرة جدا الدولية 2024/07/04

وعبّر المؤرخ والإعلامي الدكتور بكر خازر المجالي في كلمته عن التحديات التي تواجه الأردن ودور جلالة الملك والجيش العربي في القضاء على كل ما يمس كرامة الأردن والأردنيين والتصدي لكل المؤامرات التي هدفها زعزعة أمن الأردن واستقراره.
كما أثنى على الموقف الأردني الداعم للإخوة في فلسطين وغزة وتواؤم الموقفين الرسمي والشعبي.
الشاعران أحمد آل أحمد ومحمد الفراية أمتعا الجمهور بقصائد وطنية وإنسانية عبرت عن مشاعر الأردنيين تجاه وطنهم ومقدساتهم.
وختاما تم تكريم المشاركين بشهادات تكريمية كما أهدى المهندس صالح الجعافرة نيابة عن البيت العربي منتدى سماء الثقافة درع تكريمي.و تم التقاط الصور التذكارية للجميع
هذا ويذكر أن أيام ثقافية أردنية تقام في الفترة من ٧/٣ – ٧/١٦ ويشارك فيها عشرة منتديات ثقافية أردنية تحت إدارة الأديبة ميرنا حتقوة أمين السر ومديرة البرامج في المنتدى والمنسق العام للفعاليات.

مقالات مشابهة

  • “البيت العربي يستضيف سماء الثقافة في ثاني أمسيات ايام ثقافية اردنية”
  • وزير الثقافة.. بما مضى أم بأمر فيه تجديد؟
  • فتح ملفات قصور الثقافة المغلقة.. والنظر لخريطة المهرجانات الفنية
  • في أول يوم عمل.. وزير الثقافة يعلن خطة النهوض بالقطاع الثقافي
  • غدا.. القومي لثقافة الطفل يستأنف صالون "محبة الوطن"
  • يا وزير الثقافة.. «نحتاج أداءً عكاشيًا»
  • لطيفة بنت محمد تبحث مع قنصل عام اليابان تطوير الشراكة بمجال الصناعات الثقافية والإبداعية
  • لطيفة بنت محمد تبحث سبل تطوير الشراكة في مجال الصناعات الثقافية والإبداعية
  • «الثقافة» تعلن المحاور البحثية لمؤتمر مهرجان الموسيقى العربية الـ 32
  • سالي سالم مديرا لإدارة الميزانية بـ«الإنتاج الثقافي»