جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-03@20:56:02 GMT

شراء العبودية بوهم الحرية

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

شراء العبودية بوهم الحرية

 

ماجد المرهون

majidalmrhoon@gmail.com

 

 

قد يشعر البعض بأن هناك قيودا تكبلهم وتحد من انطلاقهم إلى الأفق الأسمق لحياة الرفاهية والترف الفاحش كالتي تصورها السينما وبعض مشاهير الدول الغربية المتغشية بنقاب حماية الحريات، فيقعون فريسةً بين أنياب صراعٍ نفسي لواقعهم المَعيش فعليًا وتلفيق الحقوق المُفترى حتى تُدخلهم قناعة الالتباس في حتمية التمرد على الواقع من خلال اللجوء إلى أطرافٍ ملائكية الحضور متشكلةً للمُقبل عليها بسماحةٍ مفرطة من اللطف والتفهم كأن الإنسانية بها قد بلغت منتهاها، وما أن يتبرهن الالتباس لدى الباحث بظلفه عن حتفه في بلاد الأحلام السعيدة البعيدة حتى يتعلق بتلابيب المنقذ الملائكي ليعتقه من جور الأسر والظلم إلى سعة الحرية والحقوق.

 

 

وقد يقع الكثير في سوء فهم التفريق بين الحرية والحق وهو أمر وارد مع أن البون بينهما بائن جدًا، فالحريات تتجسد بإقرار قيمة الإرادة الذاتية بموجب أعرافٍ مجتمعية وسماحيات قانونية ذات حدودٍ تَستحسن ممارستها كحرية الكلام والتعبير والعبادة والاعتقاد وحرية التنقل والبيع والشراء والتملك، وما يحيد عن ذلك لا يعتبر حرية بالمفهوم الحرفي وإن تبادر للمرء أحيانًا شائبةُ تَناقضٍ أو تَعارض، فإنها ستبقى في نطاقٍ مملقٍ فردي بسبب ميول ضال أو أهدافٍ ورغباتٍ لا تُقبل على المستوى العام ولا تُستساغ إلا من فئة مجهرية الحجم وملتاثةٍ بشيءٍ من شطط وتأمل إسباغ زيغها على الجميع؛ أما الحقوق فهي الإقرار بقيمةٍ عينية لشيءٍ ما وتضمن السلطات هذا الامتياز بموجب القانون كالسكن والتعليم والصحة وغيرها علمًا بأن بعض طرق الحريات قد تلتقي مع الحقوق في زوايا تقاطع التنظيم والتقنين.

 

جاء الإسلام معه بمفهوم الحرية وحماية حقوق الناس وصون كرامتهم، وضيَّق مُمكنات الاسترقاق والاستعباد، فوسع سماحيات العتق وجعل منه كفارةً للذنوب وفيه أجر وثواب، وباتت العبودية الآن مستهجنة وممقوتة في معظم المجتمعات المتحضرة، ولكن تطور الأمر في بعضٍ منها إلى إخلاء طرف المسؤولية القانونية في ممارسة الحرية لدرجة الفئة المجهرية سالفة الذكر، وعليه فإن النتيجة التلقائية المترتبة على ذلك ستكون صادمة عندما تكفل حرية الإرادة بمفهومها المطلق العام دون قيود أو أحكام، بل ستقوض النتائج اللاحقة المعاني الأخلاقية من أساسها وسيضرب السفه والإنحطاط بأطنابه في صميم الإستقامة والنزاهة، وستُقبل بالتدريج تلك الممارسات المنافية للأخلاق والفطرة الإنسانية مع استمرائها على المدى الطويل حتى تُستساغ وتتخذ نوعًا من حس الوعي الجمعي المشترك لدى المجتمع وتقبله سواءً كان القبول جراء زخرف الوعود وأقواله، أو إراديًا أو تحت الإكراه بفقد مصلحة وطوائله أو بالترهيب والتهديد وغوائله.

 

 

إن الكرامة هي قيمة الاحترام الفعلي والأمثل للإنسان وهي استحقاقة الأصيل المتراكم غير المكتسب بالإكراه، ومادبجت القوانين تاليًا إلا لتؤطرها وتضفي عليها مزيدًا من جُدر الحماية ضد بعض التصرفات التي قد تنتهكها؛ فلن يجد الإنسان الطمأنينة الكاملة لكرامته أكثر من حضن وطنه الأم وإن كابر على ذلك ببعض المُبررات أو الأعذار ولن تُكسبه قوانين حماية دولٍ أخرى نفس المستوى إلا في بعض المفاضلات ذات الصلة بالشؤون المالية، أو أهدافٍ أخرى غير معلنةٍ قد تظهر فيما بعد الخوض في غمار تجربة البحث عن الكرامة في دولةٍ تُنسّب لنفسها ضمان الحريات والحقوق للمهاجر أو اللاجئ، وما ذلك إلا محض ادعاء فلا ولن يتساوى مواطنو تلك الدول مع الدخلاء أيًا كانت أسباب دخالتهم وإن زين لهم بعض المضللين والمغررين وهم الحرية التي تُطلق العنان لكل الممارسات من الأفعال الأخلاقية الحسنة والتي يفترض بديهيًا توفرها في كل المجتمعات والأفعال اللا أخلاقية ذات النزعات الاستثنائية والتي لا يُفترض بديهيًا توفرها في كل المجتمعات إلا الفاسق منها.

 

نُلاحظ أن نوعين من الناس من يقع في شِراك الحرية المطلقة ومصائد ضمان الحقوق وكمائن وعود الحياة الكريمة وهما: مغرر به في مرحلة التسويق ومغبون في مرحلة التنفيذ، فالأول تعرض لخسارة مادية أو معنوية وأنقلب على عقبيه ليعود عليه شعور الظلم بردة فعل عكسية ضد المجتمع أو السلطات بالحقد والكراهية وحب الانتقام، والثاني صغير في السن غِرٍ متسرع لا تجربة له في الحياة وانطلت عليه تزيينات وإغراءات المُغرِرين، والذين غالبًا ما يكونون كبارًا في السن ولهم باع طويل في الحيل وقدرةٍ واسعةٍ على الإقناع والإجابة على كل الأسئلة منتحلين شخصية المشفق العطوف والحاني الرؤوف، حتى إذا وجد الأول والثاني نفسيهما في نقطة اللاعودة فإن عليهم عندها الرضوخ للإملاءات التي تلزمهم بمحاربة أوطانهم والنيل منها باللغو والقدح والزيف والكذب هذا إذا كانت شخصياتهم تتحلى بالحضور الجيد وتؤهلهم لذلك الفعل أو استغلالهما في مآرب أخرى لا تقل شأنًا عن الجريمة أو ممارسة الرذيلة وكلا المسلكين سيدخلان صاحبيهما في نوعٍ جديد من العبودية ليرضخ لها من لا حول له ولا قوة والآبق مصيره الموت الإجباري أو الاختياري في بلاد الحريات والإنسانية والحياة الكريمة وحماية الحقوق.

 

 

سيسقط المتهوك في دائرة الشك بين البراهين الوهمية المبنية على مشاهدات يسود معظمها الزيف والتمويه وبين تحكيم البراهين العقلية ذات الإمكانات الواسعة والواقعية لمجتمعه المحافظ المحتشم، وبلاريب ستلتقطه حبائل المتصيدين في وحل مستنقعات العنصرية والفتن الطائفية والإلحاد والمثلية والنسوية من كارهي مجتمعاتنا العربية والإسلامية.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

«الحرية المصري»: البيان المشترك لوزراء الخارجية العرب أحبط مخططات التهجير القسري

ثمن حزب الحرية المصري، البيان المشترك لوزارة الخارجية العرب، وما جاء فيه من نقاط محورية في غاية الأهمية كان أبرزها هو إيجاد حل عادل وشامل لإحلال الأمن و السلام بالمنطقة بحل الدولتين والرجوع إلى حدود 1967، خاصة وأن تحقيق هذه النقطة ستكون بمثابة تكليل للجهود الكبيرة التي قامت بها مصر لوقف إطلاق النار ومساعيها لتبادل الأسرى وعودة الشعب الفلسطيني إلى أرض القطاع.

رفض مشروع التهجير القسري

وقال النائب أحمد مهني، نائب رئيس حزب الحرية المصري والأمين العام وعضو مجلس النواب، إن إعلان البيان عن التطلع للعمل مع إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتحقيق السلام العادل والشامل في الشرق الأوسط، وفقاً لحل الدولتين، يؤكد على موقف مصر وجميع الدول المجتمعة برفض مشروع التهجير القسري للشعب الفلسطيني، وقتل القضية، مهما كانت الضغوط أو المساومات فهي قضية وطن لا تقبل المساومة.

وأضاف «مهني»، أن العمل على إخلاء المنطقة من النزاعات، أمر في غاية الأهمية للجميع فلن يكون هناك اقتصاد مستقر أو استثمار مستقر بوجود الحرب، ولذلك أكدت الخارجية المصرية على دعم الدول الثلاثة لضمان تنفيذ الاتفاق بكامل مراحله وبنوده، وصولاً للتهدئة الكاملة، والتأكيد على أهمية استدامة وقف إطلاق النار.

انسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل

وتابع عضو مجلس النواب، أنه من الأمور الهامة هو ضرورة وسرعة نفاذ المساعدات الإنسانية والإغاثية، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل، مؤكدا أن التنويه في البيان عن الرفض التام لأي محاولات لتقسيم قطاع غزة، والعمل على تمكين السلطة الفلسطينية لتولي مهامها، هو الأمر الذي سيؤكد على تمكين الشعب الفلسطيني من ارضه ووقوفنا على اول طريق السلام وحل الأزمة.

وأوضح أن تأكيد رفض المساس بحقوق الفلسطينيين غير القابلة للتصرف، سواءً من خلال الأنشطة الاستيطانية، أو الطرد وهدم المنازل، أو ضم الأرض، أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم بأي صورة من الصور أو تحت أي ظروف ومبررات، بما يهدد الاستقرار، هدم جميع الطموحات والمخططات الأمريكية الإسرائيلية، خاصة بعد اعتزام جمهورية مصر العربية بالتعاون مع الأمم المتحدة، استضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة، وذلك في التوقًيت الملائم، ومناشدة المجتمع الدولي والمانحين للإسهام في هذا الجهد.

مقالات مشابهة

  • تطور الحركات النسوية: من الحقوق السياسية إلى الحرية الجنسية .. فيديو
  • السكوري: مشروع قانون الإضراب وَسّع الحريات النقابية و نسخة 2016 كانت وبالاً على النقابات
  • وزير “عدل الحكومة الليبية” يبحث مع “الطبلقي” قضايا الحريات العامة وحقوق الإنسان
  • للطبيعة أحكام!!
  • مفكرون وفنانون سوريون يطالبون الشرع بـحماية الحريات في سوريا
  • الحرية المصري: البيان المشترك لوزراء الخارجية قتل مخططات التهجير القسري
  • الحرية ل 183 أسيرا فلسطينيا مقابل 3 اسرائيلين
  • «الحرية المصري»: البيان المشترك لوزراء الخارجية العرب أحبط مخططات التهجير القسري
  • الحرية المصري: موقف الدولة المصرية تجاه القضية الفلسطينية ثابت ولم يتغير
  • أفريقيا بين أوراق الكتب أرض خصبة للإبداع.. تحظى باهتمام بالغ من الروائيين والباحثين.. والروايات تسرد مآسى أفريقيا مع العبودية والعنصرية.. ونهب ثروات القارة يلهم الأدباء