جريدة الرؤية العمانية:
2025-10-14@16:37:38 GMT

فرصة ذهبية

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

فرصة ذهبية

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

المُتأمل في حياة العظماء والناجحين والمبدعين، في شتى المجالات الاجتماعية والأسرية المختلفة، يرى أنَّ حقيقة نجاحهم وتألقهم وإبداعهم، تكمن في استثمارهم للفرص الذهبية، واستغلالها الاستغلال الأمثل والأكمل والأجمل، على عكس الفاشلين في الحياة، فهم لا يستثمرون الفرص الذهبية ولا يغتنمونها، مما يسبب لهم مزيداً من التخلف والجهل والفشل في حياتهم.

عندما يقتنص الإنسان الفرص الذهبية، فهو يستطيع الوصول إلى النجاح والإبداع، وتحقيق الإنجازات في شتى المجالات الحياتية، خصوصًا إذا أصبح الإنسان قادرًا على معرفة أسرار النجاح وكيفية التفوق، ومن تلك الأسرار الثمينة والعظيمة: استثمار الفرص الذهبية التي تمر في الحياة، والتي باستثمارها يصبح الإنسان قادرًا وبشكل أفضل وأكمل وأجمل على خدمة نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه.

وقد روي عن أمير المؤمنين ومولى الموحدين وسيد المتحدثين الإمام علي بن أبي طالب قال: «وَاَلْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ اَلسَّحَابِ فَانْتَهِزُوا فُرَصَ اَلْخَيْرِ» وقال في مكان آخر: «مَاضِي يَوْمِكَ فَائِتٌ، وَآتِيهِ مُتَّهَمٌ، وَوَقْتُكَ مُغْتَنَمٌ، فَبَادِرْ فُرْصَةَ اَلْإِمْكَانِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَثِقَ بِالزَّمَانِ»، وهنا حث واضح وصريح من خليفة المسلمين العادل، على أهمية الاهتمام ببناء المستقبل وعدم الالتفات إلى الماضي، وكما قال أجدادنا الكرام: انظر إلى أمامك ولا تنظر إلى أقدامك، لذا ينبغي على الإنسان أن يعيش أيامه مستثمرا للفرص الذهبية التي تمر به ليستطيع بناء حاضره ومستقبله.

التقيت ذات مرة بأحد التجار المؤمنين الصالحين من الناجحين والمتفوقين في عالم التجارة، ومن يمتلكون اليوم الكثير من المحلات التجارية المعروفة والتي يشار لها بالبنان، سألته سؤالا صريحا، وكان الهدف من السؤال الاستفادة من تجربته والاستشارة في مجال التجارة وكيف يستطيع الإنسان جمع المال الحلال الخالي من الحرام، وانطلاقا من الوصايا النبوية كما قال الإمام علي عليه السلام: "سُئِلَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْمِ، قَالَ: مُشَاوَرَةُ أهْلِ الرَّأْي، ثُمَّ اِتِّبَاعُهُمْ". وبما أنَّ التاجر من أهل الرأي والتجارب الناجحة كان سؤالي له الآتي: يا عم؛ كيف استطعت جمع الأموال الطائلة التي تمتلكها الآن؟ أخبرني عن تجربتك؟ ابتسم لي ابتسامة عريضة، ثم أجاب قائلا: (أولا): بالتوكل على الله و(ثانيا): بالصدقة للفقراء والمساكين، و(ثالثا): باغتنام الفرص الذهبية في الأسواق وعدم تفويتها واقتناصها بقدر الاستطاعة، وهذا كله جعلني بحمدالله تعالى من المتفوقين والناجحين في عالم التجارة بفضل من الله تعالى.

إن الاسلام العظيم، وجهنا إلى الكثير من الفرص والمنح والهبات، ليستطيع الإنسان من خلالها الدخول إلى الجنة، ولكن مشكلة البعض الكسل والتسويف والتردد عن الإمساك بتلك الفرص، ومن المؤسف أن البعض يظن أن الله تعالى أعطاه العمر المديد، وأن الوقت لا زال متاحا له لاستثمار الفرص في المستقبل، وهنا يقع الإنسان في فخ الشيطان الرجيم الذي يبعده ويغويه عن فعل الخيرات واستثمارها بالشكل المطلوب.

وأهم رصيد يمتلكه الإنسان في عالم الحياة هو شبابه، لذا ينبغي عليه استغلال فرصة مرحلة الشباب في اقتناص الفرص الذهبية في الحياة، وهنا نستحضر الوصايا الخمسة الرائعة التي صرح بها سيد الأكوان نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهي من الوصايا المحمدية الخالدة التي أوصى بها أبي ذر رضوان الله عليه فقال: "يَا أَبَا ذَرٍّ! اِغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ؛ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتكَ قَبْلَ سقْمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتكَ قَبْلَ مَوْتِكَ".

فعلى الإنسان أن يعلم أن مرحلة الشباب قبل الهرم، والصحة قبل السقم، والغنى قبل الفقر، والفراغ قبل الشغل، والحياة قبل الموت، كلها فرص ذهبية أوصى بها إسلامنا المحمدي الحنيف، لذا يجب استغلالها واستثمارها الاستثمار الحقيقي الذي من خلاله يستطيع الإنسان الوصول إلى الحياة السعيدة والهادئة، بعيدا عن المنغصات الحياتية التي قد تصيب الإنسان في أي لحظة لا سمح الله.

وينبغي للإنسان أن يكون يقظًا ومنتبهًا ومتأملًا، وأن يسأل ضميره في كل يوم، يا ترى ما الذي ميز العلماء أمثال إنشتايين وإسحاق نيوتن، واللاعبين المشهورين في الملاعب العالمية أمثال كرستيانو وميسي ونيمار؟ وما الذي ميّز أساتذة الجامعات والمفكرين وأصحاب الهمم في العالم من الناجحين والمتفوقين من أهل الإبداع؟ إن الذي ميزهم هو حرصهم على استغلال الفرص الذهبية واستثمارها في الحياة بالإرادة والشغف والسعي لتحقيق الأهداف.

وأخيرًا.. يقول الله تعالى في سورة النجم: "وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ (41)" صدق الله العلي العظيم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

رئيس جامعة بنها ووكيل الأزهر الشريف يفتتحان ندوة الإيمان أولا

افتتح الدكتور ناصر الجيزاوي رئيس جامعة بنها يرافقه الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، ندوة  " الإيمان أولا " والتي نظمتها جامعة بنها بالتعاون مع مجمع البحوث الإسلامية .

جاء ذلك بحضور الدكتورة جيهان عبد الهادي نائب رئيس الجامعة لشئون الدراسات العليا والبحوث، والدكتور محمد عبد الدايم الأمين العام لمجمع البحوث الإسلاميَّة ، والدكتور حسن إبراهيم الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة ، وعدد من القيادات الأكاديمية والإدارية بالجامعة ، وعدد من القيادات الدينية  بمحافظة القليوبية ومدير التربية العسكرية والطلاب . 

وفي كلمته قال الدكتور ناصر الجيزاوي أن تنظيم جامعة بنها لندوة بعنوان "الإيمان أولاً" فأننا نضع حجر الأساس لكل بناء إنساني، روحي، ووطني ،فالإيمان هو النور الذي يضيء لنا طريق الحياة، وهو القوة التي تدفع الإنسان نحو الخير، وتمنحه الثبات في وجه المحن، والطمأنينة في قلب العواصف ،  والإيمان بالله هو الركيزة الأولى في حياة المؤمن، وهو التصديق الجازم بوجود الله، وبصفاته، وبما جاء به رسله قال تعالى: "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون" ، ويتجلى الإيمان في العمل الصالح، في الصدق، في الأمانة، وفي الرحمة ، فليس الإيمان مجرد كلمات تُقال، بل هو سلوك يُعاش ، فالإيمان يمنح الإنسان راحة نفسية، ويجعله متصالحًا مع ذاته ومع الكون من حوله، لأنه يعلم أن كل شيء بقدر، وأن الله لا يضيع أجر المحسنين.

وأضاف رئيس الجامعة أن الإيمان بالله واجب، فإن الإيمان بالوطن لا يقل أهمية، فالوطن ليس مجرد أرض نعيش عليها، بل هو الهوية، والانتماء، والتاريخ، والمستقبل ، فالإيمان بالوطن يعني أن نحب ترابه، أن نحميه، أن نعمل لأجله، وأن نرفض كل ما يهدد أمنه واستقراره ، فالوطن يحتاج إلى من يؤمن به في كافة الظروف، لا من يتخلى عنه عند أول اختبار ، والإيمان بالوطن هو أن نزرع فيه الخير، ونحصد فيه الأمل ، فالإيمان هو البوصلة التي توجه الإنسان نحو الحق، وتمنعه من الانحراف،  وحين يكون الإيمان أولاً، يصبح الإنسان أكثر قدرة على مواجهة التحديات، وأكثر حرصًا على أداء واجباته، وأكثر حبًا للناس والوطن ، فالإيمان يربط بين الروح والعقل، بين القلب والعمل، بين الفرد والمجتمع.

وأشار " الجيزاوي " أن الإيمان بالقدر  أيضا هو أحد أركان الإيمان، وهو التصديق بأن كل ما يحدث في الكون من خير أو شر، من سعادة أو ألم، هو بتقدير الله وعلمه وحكمته،  قال رسول الله ﷺ: "واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك"، وهذا يزرع في قلب المؤمن طمأنينة عميقة، ويمنحه قوة على تحمل المصاعب دون جزع أو يأس، وان الإيمان بالقدر لا يعني الاستسلام أو التواكل، بل هو يقين بأن الله كتب لكل إنسان طريقه، وأن السعي والعمل جزء من هذا القدر،  فالمؤمن يجتهد، ويخطط، ويعمل، ثم يرضى بما قسمه الله له، سواء كان النجاح أو الابتلاء، لأنه يعلم أن في كل قدر حكمة، وفي كل منع رحمة، وفي كل تأخير خيرًا لا يعلمه إلا الله.

وأوضح رئيس الجامعة بأنه حين يترسخ الإيمان بالقدر في القلب، يصبح الإنسان أكثر رضا، وأقل خوفًا من المستقبل، وأكثر قدرة على تجاوز المحن، لأنه يعلم أن الله لا يختار لعبده إلا ما هو خير له، حتى وان لم يعرف ذلك في حينه.

واختتم الدكتور ناصر الجيزاوي حديثه قائلا فلنجعل الإيمان نبراسًا يضيء طريقنا، وعهدًا نلتزم به في علاقتنا مع الله، وفي حبنا لوطننا، وفي يقيننا بأن كل ما كتب لنا هو الخير، فبالإيمان نحيا، وبه نرتقي ، ولنجعل الإيمان أولاً في كل شيء في علاقتنا بالله، في تعاملنا مع الناس، وفي حبنا لوطننا ، فبالايمان تُبنى الأمم، وتُصان القيم، وتُرسم ملامح المستقبل.

ومن جانبه نقل الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف تحيات فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف  ، كما هنأ الحضور بذكرى انتصارات حرب أكتوبر المجيدة  ، مشيرا إلي أن الدعوة إلى الله واجبٌ إيماني، وتكليف شرعي، وفرض ‏مجتمعي، ‏والعمل في هذا الميدان هو مهمة الأنبياء والمرسلين، وطريق ‏العلماء ‏والمصلحين، فضلا عن كون الدعوة الإسلامية أحد المعايير المهمة ‏في ‏سبيل النهوض بالأمة، وإن ما تواجهه الأمة اليوم يدعونا إلى إجراء دراسة متأنية ‏لمستقبل ‏الدعوة الإسلامية في ظل هذه التحديات التي تتعلق بالهويات ‏والمناهج ‏والعقائد.

وشدَّد فضيلته على أن التمسك بتعاليم الدين والهُوية والتقاليد أساس ومنطلق إلى التقدم والازدهار في ‏الحاضر والمستقبل، مؤكدًا أنه لا يمكن أن نفهم ديننا إلا من خلال العلماء الربانيين، فكما أن الطب ‏والهندسة وغيرها من العلوم لا تؤخذ إلا من متخصصين؛ فكذلك الدين، فهو علم قائم بذاته يحتاج إلى ‏المتخصصين، فإذا كنت لا تأمن أن يُجري لك أحد عملية طبية إلا من متخصص؛ فكذلك الفتوى لا تؤخذ ‏إلا من متخصص؛ لأن ضررها أكبر وخطرها أشد على المجتمع ككل وليس على الفرد فحسب.‏

وقال الدكتور محمد عبد الدايم  الجندي إنَّ تنظيم هذه السلسلة من الندوات ضمن البرنامج الدعوي يأتي في إطار خطَّة الأزهر الشريف للتواصل المباشر مع الشباب الجامعي، وتوعيتهم بالقِيَم الإيمانيَّة الصحيحة، وحمايتهم مِنْ محاولات استقطابهم إلى مسارات الانحراف، موضِّحًا أنَّ هذه اللقاءات فرصةٌ لتصحيح المفاهيم المغلوطة، وترسيخ المعنى الحقيقي للإيمان بوصفه أساس بناء الشخصيَّة، ومنهجًا عمليًّا يُترجَم في السلوك والعمل والإنتاج ، مشيرا إلي أن اختيار موضوع الإيمان أولا يأتي تأكيدا أن الإيمان هو الركيزة الأولى في حياة الإنسان، وأنه يمنحه القدرة على مواجهة تحديات العصر، ويصنع التوازن بين طموحاته الماديَّة واحتياجاته الروحيَّة، مشدِّدًا على أنَّ مواجهة الأفكار المنحرفة لا تتحقَّق إلا ببناء وعي رشيد قائم على الفهم الصحيح للدِّين، وإدراك دَوره في إصلاح حياة النَّاس. 

وأشار الدكتور حسن يحيى الأمين العام المساعد للجنة العُليا لشئون الدعوة، أن إطلاق سلسلة من الندوات الدعوية بالجامعات المصرية يأتي في إطار مبادرة الرئيس عبدالفتاح السيسي “بداية جديدة لبناء الإنسان”، مضيفا أن الهدف من هذه الندوات بناء جسر حوار صادق مع الشباب لتلبية احتياجاتهم الروحية وتعزيز الوعي وبناء جيل قادر علي تحمل المسئولية فهم حماة أرضنا وتحصين العقول ضد الفكر المتطرف .

وفي ختام الندوة ، تم فتح باب المناقشة والحوار مع الطلاب والرد على تساؤلاتهم المختلفة .

طباعة شارك القليوبية بنها محافظ القليوبية

مقالات مشابهة

  • في زحمة الحياة
  • مدى نجاسة بول القطة وحكم الصلاة في المكان الذي تلوث به
  • غزة.. صمود الإنسان فوق الرماد والنصر الذي لا يُقاس بالخراب
  • رحلة العقل والروح.. المفكر الذي تحدى الظنون واكتشف الإسلام (2 من 3)
  • قيمة التناصح
  • أمين عام البحوث الإسلامية: الإيمان والعلم طريقان متكاملان
  • رئيس جامعة بنها ووكيل الأزهر الشريف يفتتحان ندوة الإيمان أولا
  • أمين البحوث الإسلاميَّة: الإيمان والعِلم طريقان متكاملان
  • كيف يتطهر المريض الذي يركب قسطرة البول للصلاة؟..الإفتاء تجيب
  • حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله.. عالم أزهري