جريدة الرؤية العمانية:
2025-07-03@03:11:38 GMT

فرصة ذهبية

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

فرصة ذهبية

 

جابر حسين العماني

jaber.alomani14@gmail.com

 

المُتأمل في حياة العظماء والناجحين والمبدعين، في شتى المجالات الاجتماعية والأسرية المختلفة، يرى أنَّ حقيقة نجاحهم وتألقهم وإبداعهم، تكمن في استثمارهم للفرص الذهبية، واستغلالها الاستغلال الأمثل والأكمل والأجمل، على عكس الفاشلين في الحياة، فهم لا يستثمرون الفرص الذهبية ولا يغتنمونها، مما يسبب لهم مزيداً من التخلف والجهل والفشل في حياتهم.

عندما يقتنص الإنسان الفرص الذهبية، فهو يستطيع الوصول إلى النجاح والإبداع، وتحقيق الإنجازات في شتى المجالات الحياتية، خصوصًا إذا أصبح الإنسان قادرًا على معرفة أسرار النجاح وكيفية التفوق، ومن تلك الأسرار الثمينة والعظيمة: استثمار الفرص الذهبية التي تمر في الحياة، والتي باستثمارها يصبح الإنسان قادرًا وبشكل أفضل وأكمل وأجمل على خدمة نفسه وأسرته ومجتمعه ووطنه.

وقد روي عن أمير المؤمنين ومولى الموحدين وسيد المتحدثين الإمام علي بن أبي طالب قال: «وَاَلْفُرْصَةُ تَمُرُّ مَرَّ اَلسَّحَابِ فَانْتَهِزُوا فُرَصَ اَلْخَيْرِ» وقال في مكان آخر: «مَاضِي يَوْمِكَ فَائِتٌ، وَآتِيهِ مُتَّهَمٌ، وَوَقْتُكَ مُغْتَنَمٌ، فَبَادِرْ فُرْصَةَ اَلْإِمْكَانِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَثِقَ بِالزَّمَانِ»، وهنا حث واضح وصريح من خليفة المسلمين العادل، على أهمية الاهتمام ببناء المستقبل وعدم الالتفات إلى الماضي، وكما قال أجدادنا الكرام: انظر إلى أمامك ولا تنظر إلى أقدامك، لذا ينبغي على الإنسان أن يعيش أيامه مستثمرا للفرص الذهبية التي تمر به ليستطيع بناء حاضره ومستقبله.

التقيت ذات مرة بأحد التجار المؤمنين الصالحين من الناجحين والمتفوقين في عالم التجارة، ومن يمتلكون اليوم الكثير من المحلات التجارية المعروفة والتي يشار لها بالبنان، سألته سؤالا صريحا، وكان الهدف من السؤال الاستفادة من تجربته والاستشارة في مجال التجارة وكيف يستطيع الإنسان جمع المال الحلال الخالي من الحرام، وانطلاقا من الوصايا النبوية كما قال الإمام علي عليه السلام: "سُئِلَ رَسُول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنِ الْعَزْمِ، قَالَ: مُشَاوَرَةُ أهْلِ الرَّأْي، ثُمَّ اِتِّبَاعُهُمْ". وبما أنَّ التاجر من أهل الرأي والتجارب الناجحة كان سؤالي له الآتي: يا عم؛ كيف استطعت جمع الأموال الطائلة التي تمتلكها الآن؟ أخبرني عن تجربتك؟ ابتسم لي ابتسامة عريضة، ثم أجاب قائلا: (أولا): بالتوكل على الله و(ثانيا): بالصدقة للفقراء والمساكين، و(ثالثا): باغتنام الفرص الذهبية في الأسواق وعدم تفويتها واقتناصها بقدر الاستطاعة، وهذا كله جعلني بحمدالله تعالى من المتفوقين والناجحين في عالم التجارة بفضل من الله تعالى.

إن الاسلام العظيم، وجهنا إلى الكثير من الفرص والمنح والهبات، ليستطيع الإنسان من خلالها الدخول إلى الجنة، ولكن مشكلة البعض الكسل والتسويف والتردد عن الإمساك بتلك الفرص، ومن المؤسف أن البعض يظن أن الله تعالى أعطاه العمر المديد، وأن الوقت لا زال متاحا له لاستثمار الفرص في المستقبل، وهنا يقع الإنسان في فخ الشيطان الرجيم الذي يبعده ويغويه عن فعل الخيرات واستثمارها بالشكل المطلوب.

وأهم رصيد يمتلكه الإنسان في عالم الحياة هو شبابه، لذا ينبغي عليه استغلال فرصة مرحلة الشباب في اقتناص الفرص الذهبية في الحياة، وهنا نستحضر الوصايا الخمسة الرائعة التي صرح بها سيد الأكوان نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وهي من الوصايا المحمدية الخالدة التي أوصى بها أبي ذر رضوان الله عليه فقال: "يَا أَبَا ذَرٍّ! اِغْتَنِمْ خَمْساً قَبْلَ خَمْسٍ؛ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتكَ قَبْلَ سقْمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتكَ قَبْلَ مَوْتِكَ".

فعلى الإنسان أن يعلم أن مرحلة الشباب قبل الهرم، والصحة قبل السقم، والغنى قبل الفقر، والفراغ قبل الشغل، والحياة قبل الموت، كلها فرص ذهبية أوصى بها إسلامنا المحمدي الحنيف، لذا يجب استغلالها واستثمارها الاستثمار الحقيقي الذي من خلاله يستطيع الإنسان الوصول إلى الحياة السعيدة والهادئة، بعيدا عن المنغصات الحياتية التي قد تصيب الإنسان في أي لحظة لا سمح الله.

وينبغي للإنسان أن يكون يقظًا ومنتبهًا ومتأملًا، وأن يسأل ضميره في كل يوم، يا ترى ما الذي ميز العلماء أمثال إنشتايين وإسحاق نيوتن، واللاعبين المشهورين في الملاعب العالمية أمثال كرستيانو وميسي ونيمار؟ وما الذي ميّز أساتذة الجامعات والمفكرين وأصحاب الهمم في العالم من الناجحين والمتفوقين من أهل الإبداع؟ إن الذي ميزهم هو حرصهم على استغلال الفرص الذهبية واستثمارها في الحياة بالإرادة والشغف والسعي لتحقيق الأهداف.

وأخيرًا.. يقول الله تعالى في سورة النجم: "وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ (41)" صدق الله العلي العظيم.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

دينا أبو الخير: الرضا بالقضاء سر السعادة.. ومنع الله قد يكون عين العطاء

أكدت الإعلامية دينا أبو الخير أن الرضا أحد أعظم مراتب الإيمان، ويعني القبول القلبي والتسليم التام لما يقضيه الله من أمور، سواء كانت خيرًا أم ابتلاءً.

أمين الفتوى: لا يشترط فخامة مسكن الزوجية لنيل الرضا والسعادةنائبة: عقود الإيجار القديم تأسست على مبدأ الرضا بين المالك والمستأجر

وأضافت، خلال تقديمها برنامج "وللنساء نصيب"* المذاع على قناة صدى البلد، أن الرضا هو شعور بالطمأنينة الداخلية وسرور القلب، حتى مع مرارة الابتلاء، وهو ما يُعد من أعلى درجات اليقين بالله.

وأوضحت أن للرضا ثلاثة أقسام، هي: الرضا بالله وهو الإيمان الكامل به، والرضا عن الله وهو حسن الظن به، والرضا بقضائه وهو التسليم لما يقدره دون اعتراض، مشيرة إلى أن الإنسان إذا رضي بما قسمه الله له، شعر بالاكتفاء وأصبح في غنى عن الناس.

وأشارت إلى أن القناعة والرضا متلازمان، ولا يتحقق أحدهما دون الآخر، مضيفة أن من يمنعه الله عن أمرٍ ما، قد يكون ذلك في حقيقته عطاءً ورحمة، لأنه يمنع عنه ضررًا قد لا يعلمه العبد.

وشددت على أهمية الصبر في حياة المسلم، مبينة أنه لا يقتصر على الشدائد فقط، بل يشمل أيضًا أوقات السراء والنعمة، موضحة أن الصبر في السراء يُظهر شكر الإنسان لله، ويقيه من الغرور والتكبر.

واختتمت حديثها بالتأكيد أن الصبر والرضا مفتاحا الفرج، وهما من أعظم أسباب راحة القلب ورضا الله.

طباعة شارك الإعلامية دينا أبو الخير الرضا القناعة

مقالات مشابهة

  • دينا أبو الخير: الرضا بالقضاء سر السعادة.. ومنع الله قد يكون عين العطاء
  • هل ورد ذكر يوم عاشوراء في القرآن الكريم؟.. تعرف الآيات التي أشارت له
  • جمعية المصارف: نُرحّب بهذا القرار الذي يهدف إلى حماية جميع المودعين
  • ٣٠/ يونيو، ليلة القبض علی جَمْرَة!!
  • هل نحن محاسبون على حديث النفس.. أمين الإفتاء يجيب
  • "الشؤون الإسلامية" تنفذ 2700 فرصة تطوعية خلال موسم الحج 1446هـ 
  • فرصة ذهبية للمهندسين.. "النقل النهري" تعلن وظائف حكومية جديدة براتب ثابت وتأمين شامل
  • طرق الحياة تعود بين صنعاء وعدن.. تفاصيل الصفقة السرية التي ستُنهي سنوات القطيعة
  • حكم الاحتفال بذكرى الميلاد بالصيام شكرا لله؟.. الإفتاء تجيب
  • مدرسة الضبعة النووية.. فرصة ذهبية لـ75 طالبًا متفوقًا سنويًا