شيع أهالي طحانوب والقرى المجاورة لها بشبين القناطر، في القليوبية، اليوم الأحد، الدكتور محمد الكرماني أبوستيت الشهير بـ«رائد العطاء وطبيب الغلابة» من مسجد الرحمة في طحانوب، عن عمر ناهز 90 عاما، بمشاركة المئات من الأهالي، وسط حالة من الحزن.

وأوصى طبيب الغلابة، بأن تقتصر مراسم العزاء الخاص به على تشييع الجثمان لمثواه الأخير والاقتصار على الجنازة، وفق ما أعلنه أبناء الراحل كوصية أخيرة للراحل.

جسد الكرماني يصل إلى مثواه الأخير بمقابر طحانوب

تقدم الجنازة أبناء الراحل، وهم الدكتور ممدوح الكرماني أستاذ طب العظام، والدكتور طارق الكرماني استشاري المسالك البولية، والدكتور صالح الكرماني استشاري عظام، والمهندس ياسر الكرماني مهندس معماري، ومئات الأهالي ومحبي وأصدقاء وتلاميذ وزملاء الفقيد، وسط حالة من الحزن والدعاء للراحل بالرحمة والمغفرة.

الفقيد استحق لقب رائد العطاء

ونعى العديد من الأهالي الراحل، وجاء في رثاءهم أنه كان عالم زاهد استحق لقب رائد العطاء وطبيب الغلابة في القليوبية، لجهوده في الخدمة العامة والخير منذ كان شابا وحتى بلغ التسعين.

وقال أحمد يونس أحد أهالي شبين القناطر في رثائه: «بقلوب يملؤها الحزن والأسى ويعتصرها الألم، وبقلوب يملؤها الإيمان بالقضاء والقدر، نعزي أنفسنا في وفاة رائد العمل الخيري وأستاذ الأساتذة الدكتور محمد كرماني أبوستيت، أستاذ جراحة العظام -رحمه الله- رحمة واسعة جزاء ما قدم في دنياه من خير وأسكنه الله الفردوس الأعلى وإنا لله وإنا إليه راجعون».

محافظة القليوبية تنعى الكرماني رائد العطاء

يذكر أن الراحل أستاذ جراحة العظام، وأحد أشهر أطباء العظام في القليوبية، وعمل مديرا لمستشفى بنها التعليمي، وأحد أبطال حرب الاستنزاف وحرب 6 أكتوبر، وحظي بلقب رائد العطاء وطبيب الغلابة لجهوده على مدار سنوات طويلة في تقديم خدمات تنموية لأهالي قريته والقرى المجاورة في كافة المجالات، فلم يبخل على أحد بمشورة أو مساعدة، وقدم العديد من المشروعات الخيرية لخدمة المجتمع بالقرية والقرى المجاورة.

وكانت محافظة القليوبية بقيادة اللواء عبدالحميد الهجان محافظ القليوبية، قد نعت الراحل باعتباره أحد أبطال حرب أكتوبر ومديرا لمستشفى بنها التعليمي في وقت سابق، وأحد رموز العمل العام والأهلي بالمحافظة، وقدمت لأسرته وذويه العزاء في الفقيد، داعين الله أن يتغمده برحمته ويلهم ذويه ومحبيه الصبر والسلوان.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: جنازة مهيبة القليوبية طبيب الغلابة فی القلیوبیة

إقرأ أيضاً:

رحل محمد حسن وهبه، وما الذي تبقى من زيت القناديل؟

صديق عبد الهادي

(1)
للشاعر الألماني "برشت" او "بريخت" كما ينطقه آخرون، قصيدة بليغة، محتواً ونصاً، وخاصة عند الإطلاع على تلك النسخة من ترجمتها البديعة التي بذلها صديقنا ومربينا العزيز دكتور محمد سليمان. ولتلك الدرجة التي يحار فيها المرء في أي لغةٍ أصلٍ كتبها "برشت"؟! وقد جاءت القصيدة تحت عنوان "أسئلةُ عاملٍ قارئ".
إنه لمن الصعب الإقتطاف منها، لأن الإقتطاف يهدمها مبناً ومعناً، أو يكاد! ولكن، لابد مما ليس منه بد. إذ يقول/
"منْ بنى طيبة ذات الأبواب السبع
الكتب لا تحوي غير أسماء الملوك
هل حمل الملوك كتل الصخر يا ترى؟!
وبابل التي حُطِمتْ مرات عديدات
منْ أعاد بناءها كل هذه المرات؟!
وفي أي المنازل كان يسكن عمال ليما
الذهبية المشرقة؟!
وفي المساء - حين إكتمل سور الصين العظيم –
أين ذهب البناؤون؟!
روما الجبارة مليئة بأقواس النصر
منْ شيَّدها؟
وعلى منْ إنتصر القياصرة؟!
وهل كانت بيزنطة الجميلة تحوي قصوراً
لكل ساكنيها؟!".
كلما أطلَّتْ هذه القصيدة أمامي ساءلتُ نفسي، ألا تنطبق تلك التساؤلات، الثرة والغارقة في الجدل، على النشاطات الإنسانية والنضالية في حقول الحياة الأخرى؟، وبالطبع، دائماً في البال أولئك "الفعلة" "المجهولين" "تحت الأرض"، الذين كلما تحطمت "بابلنا"، أو كادت، أعادوها لنا في كامل عافيتها وبهائها!
كان الراحل محمد حسن وهبه، وعن جدارة، أحد أولئك الــــــــ"تحت الأرض"، ولشطرٍ كبيرٍ من حياته.

(2)
تعرفت على رفيقنا الراحل في تقاطعات "العمل العام"، بعد عودة الحياة الديمقرطية إثر إنتفاضة مارس/أبريل في العام 1985. فمن الوهلة الأولى لا يعطيك الإنطباع بحبه للعمل العام وحسب وإنما، وفي يسر، بأنه إنسانٌ صُمم لذلك. رجلٌ سهل وودودٌ وذو تجربة صلدة، تتقمصه روحٌ آسرة ومتأصلة لا فكاك للمرء من إيحائها، بأنك تعرفه ومنذ زمن طويل. كان يتوسل المزحة ودونما تكلف في تجاوز المواقف المربكة، وكم هي غاصةٌ بها الحياة ومسروفةٌ بها غضون العمل العام ومطارفه!
عملت في صحبته وصحبة صديقنا المناضل الراحل محمد بابكر. والأثنان كانا يمثلان مورداً ثراً في التصدي لقضايا العمل العام، وخاصةً النقابي. طاقات مدهشه يحفها تواضع جم، أكثر إدهاشٍ هو الآخر. تعرفت على الراحل محمد بابكر في قسم المديرية بسجن كوبر إبان نظام المخلوع نميري ولفترة امتدت لأكثر من عام. وهو الذي قدمني للراحل "محمد حسن وهبه"، ومنذها كانت صداقة ثلاثتنا.
جرتْ انتخابات النقابات الفرعية منها والعامة في العام 1988، وفازت "قوى الإنتفاضة"، التي كانت تضم كل الإتجاهات، ما عدا الإسلاميين الذين كانوا يمثلون او بالأحرى يطلق عليهم "سدنة مايو". فازت "قوى الإنتفاضة" بما مجموعه 48 من عدد 52 نقابة عامة لاجل تكوين الإتحاد العام للموظفين في السودان.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن ما تمّ بعد إنتفاضة مارس/ ابريل 1985 في شأن إستعادة النقابات وفرض شرعيتها من خلال الإنتخاب الحر والديمقراطي هو ما لم تنجح في فعله قوى الثورة عقب ثورة ديسمبر 2018 مما كان له الأثر الكبير في كشف ضعف الثورة وفي وتأكيد غفلتها. فلقد ظلت كل القوانين كما هي وكأن ثورة لم تكن!
كان "محمد حسن وهبه" أحد الذين كانوا من وراء إنجاز قيام الإتحاد العام للموظفين، والذي تمً على إثره إنتخاب الراحل محمد بابكر وبشكل ديمقراطي أميناً عاماً له. كان "محمد حسن وهبه" مسؤولنا الأول عن إدارة تلك الحملة وقيادة ذلك العمل. كان أحد المعنيين بإعادة "بناء بابل"، وقد فعل ذلك على أكمل وجه. والآن جاء يوم شكره المستحق.

(3)
لم يجمع بيننا العمل العام لوحده وإنما جمعت بيننا "البراري" بكل تفردها وزخم "قواها الإشتراكية" التليدة إن كان في ترشيحها لـ"فاطمة" أو في تكريمها لـ"سكينة عالم"، والذي كان وبعقودٍ طويلة قبل تجشم "هيلاري" و"كاميلا" لمصاعب المعاظلة مع عتاة الرأسمال!.
كنت أغشاه كثيراً، وليس لماماً، للتزود من معارفه الحياتية ومن فيض روحه السمح، ومن لطائفه كذلك. كنت أسكن "كوريا" ويقطن هو في "إمتداد ناصر". ذات مساء وجدت في معيته المناضل الراحل "يوسف حسين"، وكما هو معلوم فهو رجل صارم القسمات وللذي يراه لأول مرة لا شك أنه سيظن أن هذا الرجل بينه والإبتسام ما تصنعه القطيعة البائنة!. أنهما صديقان، ولكن للمرء أن يعجب كيف تسنى ذلك، فــ"وهبه" سيلٌ متدفق من "الحكاوي" و"المِلَح" والضحك المجلجل؟!
إن لوهبه قدرة فائقة على صناعة الأصدقاء، إن جاز القول.
وهبه حكاءٌ بإمتياز، لا يدانيه أحد. كان يبدع حين يحكي عن طُرَفِ زميله الراحل الأستاذ "أبو بكر أبو الريش" المحامي، الذي تميز هو الآخر بالحس الفكه والروح اللطيف، والطيب. كانت طرفته الأثيرة لوهبه، وهما طلاب في المدرسة الثانوية في مدينة بورتسودان، حين سأل أحد الأساتذة "ابوبكر" عن إسمه بالكامل فقال له :إسمي أبو بكر أبو الريش. فأردف الأستاذ: هل فعلاً اسم أبيك أبو الريش؟، فرد عليه أبو بكر: "بالمناسبة يا أستاذ أمي ذاتها إسمها أبو الريش!"، فإنفجر الطلاب بالضحك. حينما يحكي وهبة هذه الطرفة يحكيها وكأنها حدثت بالأمس، وحتى حينما يعيد "حكوتها" يعيدها بشكلٍ مختلف، في كل مرة، عن سابقتها. فتلك موهبة لا يتوفر عليها الكثيرون!
إن في مرافقة رواد العمل العام من أمثال وهبه، والذين يجمعون كل تلك المواهب، يصير العمل العام وبكل صعوباته وتعقيداته متعة، فضلاً عن كونه في معيتهم يمثل مدرسة حياتية نوعية ترقى إلى مستوى الرسالة المقدسة، التي يكون المرء على إستعدادٍ كاملٍ للتضحية بحياته من أجلها.

(4)
إن رفيقنا الراحل "محمد حسن وهبه" هو أحد الذين قدموا التضحيات الجسام بدون منٍ او سعيٍ مبغوضٍ للشهرة. عاش بسيطاً بين الناس وكريماً ذا "يدٍ خرقاء" حينما يطلب الناس بيته. إنه أحد أولئك الذين هم "زيت القناديل"، الذين تساكنوا، " تحت الأرض "، وتآلفوا مع الحرمان من طيب العيش والأهل، ولردحٍ طويلٍ من حيواتهم! إنه أحدُ منْ عناهم "برشت" أيضاً، حين قال/
"والعظمة تبرز من داخل أكواخٍ بالية
تتقدم في ثقة
تزحم كل الآماد
والشهرة تسأل حائرة - دون جواب –
عمنْ أقْدَمَ، أفْلَحَ، أنْجَزَ هاتيك الأمجاد!
فلتتقدم للضوء وجوهكم، لحظات
فلتتقدم هاتيك المغمورة مستورة
فلتتقدم كي تتقبل من أيدينا
كل الشكر
وكل الحب" (*)
فلك كل الشكر، رفيقنا "محمد حسن وهبه"، ولك كل الحب.
ولتخلد روحك في عليين.
___________________.
(*) من قصيدة "تقريظ العمل السري".

نقلا من صفحة الاستاذ صديق عبد الهادي على الفيس بوك  

مقالات مشابهة

  • تشييع جنازة عادل الفار من مسجد القوات المسلحة وسط انهيار أسرته| فيديو وصور
  • موعد ومكان جنازة الفنان عادل الفار
  • جنازة مهيبة لطالبة المنوفية ضحية السقوط بالمدينة الجامعية بشبين الكوم| شاهد
  • «COP29».. أبوظبي نموذج رائد في دعم ابتكارات تحلية المياه وإعادة استخدامها
  • رحل محمد حسن وهبه، وما الذي تبقى من زيت القناديل؟
  • أميركا.. السجن 190 عاماً لطبيب ارتكب جريمة بشعة
  • مشاهد مؤثرة من جنازة ليام باين نجم one direction.. رسالة حزينة من ابنه
  • محمد كريم يلتقى بيل جيتس رائد التكنولوجيا في ختام منتدى مسك العالمي
  • سرادق عزاء للاعب كفرالشيخ محمد شوقي
  • مقتل شخص على يد شقيقين في القليوبية