الرقابة المالية تطلق أول مؤشر مرجعي لأسعار تمويل المشروعات الصغيرة
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
أعلن الدكتور محمد فريد، رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، عن إطلاق المؤشر المرجعي للتسعير المسؤول، وذلك للمرة الأولى في القطاع المالي بمصر، وذلك في نشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، المقدمة من قبل الجهات المرخص لها به من هيئة الرقابة المالية، على أن يتم إتاحته ونشره على الموقع الإلكتروني للهيئة وتحديثه بشكل دوري.
يسهم المؤشر المرجعي للتسعير المسؤول في تمكين المواطنين من الحصول على البيانات المقارنة لإجمالي تكلفة التمويل، وذلك ضمن جهود الهيئة العاملة للرقابة المالية الرامية لتعزيز مستويات الشفافية وتحسين كفاءة الأسواق المالية غير المصرفية.
عدد المستفيدين من تمويل المشروعاتووصل عدد المستفيدين من التمويل الموجه إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر إلى 3.9 مليون مواطن، بإجمالي قيم أرصدة تمويل 45.5 مليار جنيه، حتى نهاية يوليو 2023.
نشر لمختلف أسعار التمويلويتضمن المؤشر حصر شامل، ونشر لمختلف أسعار التمويل المقدم للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر من كافة الجهات المرخصة من قبل الهيئة العامة للرقابة المالية على مستوى محافظات مصر، وهو الأمر الذي من شأنه أن يمكن كافة المتعاملين الحاليين أو المحتملين من بناء قراراتهم التمويلية بناءً على أسعار وتكلفة التمويل المختلفة والمتاحة من قبل الجهات المرخصة، وهو ما قد يسهم في تقليل تكلفة الحلقات الوسيطة، ويعزز من مستويات الشفافية ويسهل عملية وصول المتعاملين للمعلومات التي تساعدهم في الوصول الى التمويل المناسب لمشروعاتهم وأعمالهم.
تطبيق ضوابط ومعايير التسعير المسؤول لمنتجات التمويليعد إطلاق المؤشر المرجعي للتسعير المسؤول لمنتجات التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر التطبيق العملي والتفعيل لقرار الهيئة العامة للرقابة المالية رقم (20) لسنة 2022، والمتضمن (ضوابط واعتبارات التسعير المسؤول في نشاط تمويل المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر)، وذلك عقب موافقة مجلس إدارة الهيئة، استجابة لمخرجات الحوار المجتمعي الذي نظمته واستضافته الهيئة مع أطراف السوق المختلفة.
توفير المساندة وتقديم الدعم الفني اللازموقال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، إن الهيئة عملت منذ إصدار قرارها المشار إليه والمتضمن ضوابط واعتبارات التسعير المسؤول لمنتجات التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، على توفير المساندة وتقديم الدعم الفني اللازم وبشكل مستمر لجهات التمويل للتوافق مع متطلبات القرار، بداية من منحها فترة توفيق أوضاع ستة شهور انتهت في أغسطس 2022، فضلا عن تقديم ورشة عمل فنية لمدراء التمويل والمخاطر والائتمان في الجهات المختلفة.
المؤشر يعكس كافة أعباء التكاليفوأوضح فريد، أن المؤشر المرجعي للتسعير المسؤول لمنتجات التمويل للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر يعكس بدوره كافة أعباء التكاليف التي يتحملها العميل للحصول على التمويل لدى أياً من الشركات والجمعيات والمؤسسات الأهلية من حيث إجمالي عبء التمويل لكل منتج تمويلي موزعاً بين الحد الأقصى لتكلفة التمويل السنوية على مستوى كل جهة تمويل، وكذا الحد الأقصى لكافة المصاريف الإدارية المحصلة من العميل، وقد جاءت قاعدة البيانات المتخصصة التي طورتها الهيئة لتتضمن كافة أسعار منتجات التمويل متناهي الصغر المُتاحة في القطاع المالي غير المصرفي - تمويل فردى وجماعي- لدى كافة الجهات المرخص لها بمزاولة النشاط من الهيئة لتُمكنها من إعداد المؤشر المرجعي للتسعير المسؤول.
رفع مستوى الوعي لدى العملاءوأوضح فريد أن المؤشر المرجعي يحقق العديد من المزايا للعملاء، أهمها رفع مستويات وعي العملاء بشكل شفاف بمستويات أسعار منتجات التمويل المختلفة القائمة في السوق، ومن ثم حرية اختيار الأنسب لهم من حيث حجم التكلفة المتُكبدة، وتيقن العملاء من صحة تكلفة التمويل التي تم التعاقد معهم بشأنها.
ومن شأن المؤشر أن يحسن من مستوى الثقافة المالية لدى عملاء التمويل متناهي الصغر حيث يميز المؤشر سعر المنتج التمويلي وفق مستويات المخاطر المختلفة للعملاء، أي أن العملاء ذوى المخاطر المنخفضة يحصلون على ميزة سعرية أفضل من العملاء متوسطي ومرتفعي المخاطر، وبالتبعية العملاء متوسطي المخاطر يحصلون على ميزة سعرية أفضل من العملاء مرتفعي المخاطر، وهو ما من شأنه أن يزيد من وعى العملاء بأهمية الحفاظ على سلوك ائتماني سليم ومنتظم في تعاملاتهم الائتمانية وما يحققه ذلك لهم من تخفيض مباشر في تكلفة التمويل بصورة ملموسة، وهو ما يلاحظ وفق مؤشرات النسخة التجريبية الصادرة للمؤشر المرجعي للتسعير المسؤول عن أسعار أغسطس 2023 من تدرج معدلات التسعير وفق مستويات المخاطر.
مؤشر الأسعار الأكثر مشاهدةوكذا ألقت قاعدة البيانات الضوء على مؤشر الأسعار الأكثر مشاهدة وتكراراً في السوق الـ(Mode)، والتي بلغت وفقاً له مستويات الأسعار في التمويل الفردي للمشروعات متناهية الصغر نحو29% للعملاء مرتفعي المخاطر، 33.5% للعملاء متوسطي المخاطر، 30.5% للعملاء منخفضي المخاطر. بينما بلغت في التمويل الجماعي 29% للعملاء مرتفعي المخاطر، 26% للعملاء متوسطي المخاطر، ونحو 30.5% للعملاء منخفضي المخاطر، وهو ما يوفر دلائل تشير إلى أن المؤشر يعكس تفضيل العديد من جهات التمويل التعامل مع فئة العملاء متوسطي المخاطر.
زيادة المنافسة بين جهات التمويل المختلفةوأشار رئيس الهيئة إلى أن إطلاق المؤشر المرجعي للتسعير المسؤول ونشره بشكل دوري من شأنه أن يزيد من المنافسة بين جهات التمويل المختلفة بما يدعم كفاءة السوق ويكفل للمتعاملين حرية المفاضلة والاختيار بين منتجات التمويل الأقل سعراً، ويصل العدد إلى نحو 3.9 مليون مستفيد من أصحاب المشروعات الممولة (المشروعات متناهية الصغر والمتوسطة والصغيرة)، وبقيمة أرصدة تمويل تزيد عن 45.5 مليار جنيه بنهاية يوليو 2023.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الهيئة العامة للرقابة المالية تمويل المشروعات المتوسطة هيئة الرقابة المالية الهیئة العامة للرقابة المالیة تمویل المشروعات وهو ما
إقرأ أيضاً:
صدام وعدنان وأغنية نجاة الصغيرة
آخر تحديث: 9 مارس 2025 - 10:57 صبقلم: إبراهيم الزبيدي مقدما، كان صدام حسين منذ أيام الطفولة والشباب لا يحب من هو أشطر منه في الدراسة، ولا يصاحب أبناء الذوات الموسرين.ورغم أن العلاقة بينه وبين ابن خاله عدنان خيرالله كانت تبدو حميمية إلا أن شيئا من النفور الخفي من عدنان كان يظهر في حالات معينة، ويحاول ستره وإخفاءه.وكان خاله خيرالله طلفاح، في تلك السن المبكرة، يغذي تلك الغيرة بمعاملته بإهمال وسخرية واستصغار، ثم يولي ولده عدنان حبا وعناية واهتماما.وقد رافقت هذه الغيرة صدام حسين في مراحل حياته اللاحقة. وأكثر ما تبدت علانية حين امتلك القيادة المطلقة للحزب والدولة.فما فعله في قاعة الخلد وما قبلها وبعدها برهان على أنه كان لا يطيق وجود من يتوقع منهم المنافسة، ويبغض المرموقين والمحبوبين في الحزب والمجتمع. وإصدارُه حكم الإعدام على عبدالخالق السامرائي بتهمة التآمر، وهو سجينه في زنزانة مقفلة ومظلمة، أربع سنوات كاملة برهان آخر على ذلك. وبأوامره الشخصية، وربما بتخطيطه وتوصيفه أقدمت مخابراته وأجهزة أمنه على اغتيال عبدالرزاق النايف وناصر الحاني وحردان التكريتي وفؤاد الركابي وعبدالكريم الشيخلي وشفيق الكمالي وعمر الهزاع، ثم حاولت وفشلت في محاولة اغتيال عارف عبدالرزاق وصبحي عبدالحميد، وأخيرا عزل أحمد حسن البكر، ثم قتل ابن عمه وزوج ابنته، حسين كامل وعشرات الآخرين.وهذا ما يجعلني أعتقد بأنه وراء تفجير طائرة عدنان خيرالله. وقد أجمع المؤرخون والمطلعون، ومنهم خيرالله طلفاح نفسه، على ذلك.وقيل يومها إن السبب هو أن عدنان كان محبوبا في الجيش والحزب والدولة والناس. واعترض مرات عديدة على قرارات ابن عمته صدام، ومنعه من إعدام قادة عسكريين كثيرين. ولا يُستبعد أن تكون الفروق الكبيرة العميقة، فكريا، ونفسيا، ومهنيا، بين صدام وعدنان، سببا حقيقيا لتراكم الغيرة والنفور منه، والخوف من احتمال أن يتحول إلى بديل عنه. وقد يكون هذا ما جعل إزاحته ضرورة من ضرورات الحكم.طبعا، لا بد لي من القول هنا إن عدنان لم يكن بأقل من صدام التزاما بأخلاق أهل العوجا وتقاليدهم، ولكنه كان أقل تعصبا لها وتزمتا، وبعقلانية وأريحية اكتسبهما من عيشه الطويل في العاصمة بغداد، حيث كان والده يقيم ويعمل مديرا لدار المعلمين في أبي غريب.في تلك المرحلة الحساسة من صباه، تأثر ببعض طبائع مجموعة من الأصحاب البغداديين، وتحديدا في الكرخ، برز منهم، لاحقا، شعراء وأدباء وروائيون منهم، المرحومون سامي مهدي، موفق خضر ، مثنى حمدان العزاوي، مثلا. بالعكس من صدام حسين الذي انتقل من ثانوية تكريت إلى ثانوية الكرخ ذاتها في العام 1957، وأقام في منزل خاله في الجعيفر ببغداد، إلا أنه لم يستطع تغيير طبعه القبلي القروي المتزمّت، والمبالغ فيه.كان، وهو في تلك السن، يتصنع الوقار، ويعتقد بأن الرجولة تتطلب التكشير والتعالي واحتقار لهو الشباب.بالمقابل كان عدنان مفعما بالحيوية والبساطة والتواضع والأريحية، ويحب الاستماع إلى الفكاهة والطُرف، ويروي كثيرا منها، ويتذوق فنون الرسم والأدب والشعر، ولا يُخفي عشقه للموسيقى والغناء.وهذا ما جعله متحدثا ناجحا، بلغة عربية سليمة، وبديهة حاضرة، وهدوء واسترخاء، وميل واضح إلى الحجة والمنطق السليم.ورغم أنه لم يمارس الكتابة، شعرا أو نثرا، إلا أنه لم يكن أقل من زملائه الأدباء الشباب تداولا للحديث عن الشعر والأدب والفنون. كتب الشاعر الراحل سامي مهدي، مرة، أن عدنان وأنا كنا من بين طلاب الخامس الأدبي (أ) في ثانوية الكرخ أكثر من عارض دعوته إلى قصيدة النثر.في أواسط عام 1955 ظهرت أغنيتان لنجاة الصغيرة، الأولى، “أسهر وانشغل أنا”، والثانية “ليه خليتني أحبك”، وأغنية ثالثة لناظم الغزالي “ماريده لغلوبي”.وكان يفترض أن تمر هذه الأغاني الثلاث على عدنان مرور الكرام كغيرها من مئات الأغاني التي كانت تذاع في تلك الأيام. ولكنها لصقت به بشدة، وأصبح يرددها دائما، بعفوية وتلقائية.ونحن في الزورق المنساب مع مجرى نهر دجلة من تكريت إلى العوجا راح عدنان يغني “ما ريده لغلوبي”، فنهره صدام بشدة وحذره من أنه لو عاد إلى الغناء مرة أخرى فسوف يكون له تصرف آخر معه مختلف. ثم في نفس اليوم، وكنا نعوم في نهر دجلة في العوجا، راح عدنان يغني “أسهر وانشغل أنا”، فما كان من صدام إلا أن هجم عليه، وهمّ بصفعه، لولا تدخلي السريع. فقد اعتبر ذلك ميوعة وخفة لا تليق بالرجولة والرجال. (موعيب رجال يغني؟).ولكن عدنان، بعد ذلك، ورغم ذلك، ورغم ثورة ابن عمته عليه، لم يستطع أن يتغلب على طبيعته المرحة السعيدة، ولم يمنع نفسه من ترديد إحدى تلك الأغاني الثلاث، وهذا ما كان يثير حنق صدام وتقريعه واستهزاءه بما وصفه بسفاهة لا تليق بابن عشيرة، وابن مربٍّ ومناضل كبير. ويقصد خاله خيرالله طلفاح.رغم أن عدنان كان يغني بيننا نحن، وليس في حضور غرباء آخرين. وظل على هذه الطبيعة، ولم يتغير. فقد كان، ونحن في ثانوية الكرخ يتقصد استفزاز صدام، فيهمس في أذني بأغنية، وهو ينظر لصدام، ليُغيظه.الغريب أن صدام حسين، حين امتلك السلطة، تحول إلى شخص آخر، نقيض النقيض.فقد تسربت أخبار لياليه الحمراء، وبعضُها موثق بالأفلام المصورة.لقد صار يستدعي المطربين والمطربات، ويسهر ويرقص، ويفعل كل ما كان يمنع عنه ابن خاله عدنان.كما شاهدنا أفلاما عديدة عرضت على وسائل التواصل بعد سقوط النظام توثق حفلات رقص وغناء باذخة في منزل السيدة الأولى، ساجدة، أم عدي، شقيقة عدنان، ورأينا بناتِه وعدي في نوبات رقص متهتك، وقصي في حضرة الغجر.وطبعا لا يمكن أن يكون صدام لم يشاهدها، أو لم يكن يعلم بها. كما أنه لم يكن يعترض على سهرات ابن عمه علي حسن المجيد مع الغجر، ولم يمنعه عنها. ومؤكد أن يكون صدام قد شاهدها أو سمع عنها، خصوصا وأن علي كان يستمتع بتصوير تلك الحفلات الماجنة.وفي شهادة وكيل وزارة المالية الأسبق الأستاذ ضياء الخيون ذكر أن جهة حكومية في أعقاب سقوط النظام طلبت منه أن يحضر إلى القصر الجمهوري ليتسلم رسميا غرفة مخصصة للمشروبات الروحية.قال، حين ذهبت وفتحت الغرفة وجدتها مكتظة، من أرضها إلى سقفها، بكل أنواع المشروبات الروحية المعروفة في العالم. بعضها ما زال مختوما، وبعضها نصف فارغ. وبعد أن افترقنا وصار عدنان قائدا عسكريا مرموقا، وقبل أن يشغل منصب وزير الدفاع وبعده، ظل مولعا بالموسيقى والغناء، وكان يدعو إلى منزله مطربين وموسيقيين ويغني ويرقص معهم أحيانا.وقد صرّح عباس جميل وعبدالجبار الدراجي بأنه كان يدعوهما كثيرا إلى داره في أيام العطل، ويصفانه بأنه فنان الروح، وصاحب أذن موسيقية مرهفة.في تقديري أن عشقه للأدب والفنون والغناء والموسيقى جعله أقل عنفا من صدام، ومن أبناء عمته صبحة، برزان ووطبان وسبعاوي، وباقي الأقارب من أهل العوجا.ولو قدر له أن يخلف ابن عمته صدام في الحكم لبادر، وعلى الفور إلى قص أجنحة الكثيرين من الأقارب والأعوان الذين كثرت تعدّياتهم، وافتُضح فسادهم، ولألغى كثيرا من القوانين والقرارات المتزمتة التي أصدرها صدام، والتي أنقضت ظهر المواطن العراقي وخلقت عزلة حقيقية بين الشعب والحكومة، ولاستعاد علاقات الدولة العراقية بدول الجوار على غير أساس التعالي والتهديد والابتزاز. والأهم، لتفادى الحرب الدامية مع إيران، ولما ارتكب خطيئة غزو الكويت. كان مؤكدا أن يحكم بحب الناس له لا بخوفهم منه، خلافا لطبيعة ابن خالته الذي توهم بأن سياسة البطش ونشر الخوف هي الأقدر على فرض هيبة الحاكم وسلطته، والأضمن لمنع المعارضة من أن تتحول إلى عامل تهديد حقيقي للنظام.ويروى عن عدنان أنه كان رحيما، ومسارعا متطوعا إلى إنقاذ أرواح الكثيرين من العسكريين والمدنيين الذين كان ابن عمته يصدر عليهم قراراته المتعجلة الظالمة.وهذه، تحديدا، هي أقوى العوامل التي بنت جدارا بينهما من النفور الخفي الذي حرص الاثنان على كتمه وكبته والتستر عليه، حسب ما نقلَه عنهما الكثيرون من المقربين الذين عايشوهما في أواخر السبعينات والثمانينات.