البوابة نيوز:
2024-09-18@08:52:55 GMT

جوليان أوبير يكتب: زمن «واقعية» ساركوزى

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

فى حدث لم يسبق له مثيل أعرب نيكولا ساركوزى فى مقابلة مع صحيفة لوفيجارو عن رأيه بشأن الحرب فى أوكرانيا، وهو رأى أتفق معه تمامًا، على الرغم من أنه يتعارض تمامًا مع السياسة الرسمية لجمهورية فرنسا؛ فماذا قال رئيس الجمهورية السابق من حيث الفكرة؟ إن هذا الوضع الرمادى الذى تعيش فيه فرنسا وحالة «لا فى سلام ولا في حرب مع روسيا » أمر خطير اذ انه من المرجح أن يخرج عن السيطرة كما أنه من الوهم استعادة السلامة الإقليمية لأوكرانيا كما كانت قبل ضم شبه جزيرة القرم فى عام ٢٠١٤ لأن هذه المنطقة التى يسكنها الروس بشكل رئيسى هى فى نهاية المطاف أقرب إلى موسكو منها إلى كييف، كما أن الوقت قد حان لكسر الجمود وتنظيم استفتاء لتسوية النزاعات الإقليمية على المناطق التى تتنازع عليها موسكو فى عام ٢٠٢٢؛ وأنه أيضا من الوهم دمج أوكرانيا فى الاتحاد الأوروبى أو حلف شمال الأطلسى: لأن حيادها سيكون أكثر حماية لها وأكثر انسجاما مع طبيعة هذا البلد الذى يعد حلقة الوصل بين الغرب والعالم السلافى.


وسرعان ما تعرضت تصريحات نيكولا ساركوزى للانتقاد من قبل قطاع كبير من السياسيين حيث عمد أكثر النقاد الى نزع الشرعية عن تصريح ساركوزى ورأوا أنه سيستفيد من سخاء روسيا! وهكذا تجرأ جوليان بايو السكرتير الوطنى السابق للبيئة الأوروبية فى حزب الخضر، قائلًا: «إننا سنفهم الأمر بشكل أفضل اذا علمنا أن الروس اشتروه»، مذكرًا فى عدة مناسبات بالصلات بين ساركوزى وشركة تأمين روسية وهذه العلاقة أصبحت الآن موضوع تحقيقات من قبل العدالة (وأنه تلقى ٣ ملايين يورو من هذه العلاقة). وقد ذكر البعض أنه ألقى محاضرات إيجابية للغاية عن فلاديمير بوتين فى موسكو فى عام ٢٠١٨.
وقد اعترض نقاد آخرون على هذه التصريحات ويرون أن هناك نقاط ضعف واضحة فى تصريح ساركوزى والتى أشار إليها منسق الاستخبارات السابق، حيث قال: «هل من الممكن الثقة بسيد الكرملين: يؤكد ساركوزى أنه كان على حق فى أبريل ٢٠٠٨ هو وأنجيلا ميركل فى معارضة أوكرانيا وجورجيا وامريكا الذين كانوا يأملون فى انضمام أوكرانيا وجورجيا إلى الناتو. ومع ذلك فإن الضمانات التى منحت لروسيا فى قمة حلف الأطلسى فى إبريل ٢٠٠٨ لم تمنع فلاديمير بوتين من إرسال دبابات إلى جورجيا بعد أربعة أشهر. فلماذا نثق به؟».
من جانبه، أكد ليونيل جوسبان أن «بوتين تصرف كعدو لفرنسا مذكرا بالخطابات اللاذعة ضد الغرب والعمليات الإلكترونية خلال الانتخابات أو تنظيم مسرحيات كى نصدق بوجود مذابح فى مالى. ويمكننى أن أضيف إلى هذه القائمة حقيقة أن السبب فى طول الحرب فى أوكرانيا هو رغبة الرئيس الروسى المعلنة فى احتلال المزيد من الأراضى الأوكرانية؛ أليس هذا دليلا على أن موسكو لم تتخلى عن طموحاتها؟».
وبينما يرسم نيكولا ساركوزى صورة متفائلة للغاية لدوافع فلاديمير بوتين، إلا أننى أعتقد أن موقفه فى الواقع واضح وواقعى (للأسف) وشجاع سياسيا لأنه يفجر الفقاعة الخطابية لأولئك الذين يرون باسم المبادئ ان موسكو على خطأ وانه لايجب تقديم أى تنازلات. وفى الأساس هم على حق ولكن الأخلاق لم تحسم أى صراع أبدًا؛ فهل نصدق أن ستالين الذى تعاون معه تشرشل وروزفلت لفترة طويلة كان قديسا؟
ويخدش ساركوزى وهو فى ذلك على حق أولئك الذين يتخيلون تغيير النظام؛ فمن ناحية ليس من المحظور الاعتقاد بأن المصير المأساوى لبريجوجين سوف يهدئ الطموح والرغبة فى الرئاسة داخل دوائر السلطة الروسية! ومن ناحية أخرى من الأفضل التفاوض مع بوتن وهو محاور معروف وله سمعته بدلًا من التفاوض مع بديل قد يصل إلى السلطة باستخدام القوة والطرق العسكرية والتى لن تكون بالضرورة سلمية!
ومع ذلك، فإن السؤال المحورى والذى يتجاوز سيكولوجية الأطراف الفاعلة، هو: هل لديهم مصلحة فى الاسراع بعملية التفاوض من اجل التوصل إلى مخرج من الصراع؟ اعتقد نعم.. وبالتالى، فليس من المهم أن يكون رد فعل بوتين إيجابيًا فى المقابلة التى أجراها مع لو فيجارو حول تطورالامور فى أوكرانيا بل حول القنبلة الديموغرافية التى ستأتى إلى بلدان الجنوب لتصبح دول الشمال خالية من السكان. لقد فهمت الرسالة كما يلى: «قرأت المقابلة وأنا لا أصادق على اقتراح الرئيس السابق حتى لا أفقد ه شرعيته وحتى لا يضعف موقفى فى حال فتح المفاوضات! ورغم ذلك فإننى أهنئه على نقطة أخرى قضية الهجرة والقضايا الديموغرافية التى أضعها بحكم الأمر الواقع فوق الأولويات الأخرى، الأمر الذى يدفع أوكرانيا إلى المركز الثانى فى تلك الأولويات. ومن خلال القيام بذلك فإننى أسعى إلى تحقيق مصلحة مزدوجة: ١ - أعتقد أن التحليل يسير فى اتجاهه الصحيح فيما يتعلق بأوكرانيا. ٢- يجب أن نتفق كلنا تجنبا لتراجع الحضارة الغربية والروسية أمام صدمة الهجرة.. فى الحقيقة، هذه هى أولويتي».
وأود أن أضيف أن السياق يدعو أيضًا إلى البحث سريعًا عن حل عن طريق التفاوض. والحقيقة أن الولايات المتحدة وحدها هى التى تستفيد اليوم فى الوضع الحالى.
وقد بدأت الصين وروسيا تشعران بآثار التراجع عن العولمة وتواجه المملكة الوسطى أزمة نمو لا ترتبط بالنمو الدولى ولكن بوضعها كدولة متوسطة الدخل ذات اقتصاد مُدار إلى حد كبير (القطاع المصرفى المعتمد، أزمة العقارات، ارتفاع البطالة). وسوف تستفيد الصين من انخفاض التوترات الدولية مع الغرب لأن البلاد لم تعد قادرة على الاعتماد على التجارة الدولية لتحقيق التوازن (انخفضت الواردات الأميركية من الصين بنسبة ٢٥٪ فى النصف الأول من هذا العام). ومع ذلك وعلى عكس ما يتوقعه نيكولاس بافيريز فإن الأزمة قد تكون مؤقتة فقط، لأن بكين تسيطر على عملتها ونظامها المالي؛ لذلك إذا كانت هناك فرصة فعليك اغتنامها.


الدولة الورسية عانت من الهجوم المضاد الأوكرانى ويقال إن القوات المسلحة الروسية منهكة ونفدت ذخيرتها ولكن كما يرى الخبراء العسكريون فإن الهجوم المضاد الحالى الذى تشنه أوكرانيا لن يهزم روسيا لا فى عام ٢٠٢٤ ولا فى عام ٢٠٢٥. وهكذا كشفت صحيفة واشنطن بوست عن محتوى مذكرة سرية منسوبة إلى مكتب مدير الاستخبارات الوطنية، الذى تحدث عن أنها «مسألة نسبية» إذا كنا نتحدث عن القدرة على قلب ميزان القوى الإقليمى للقوات فى حالة وقوع هجوم مضاد.
وفى الوقت نفسه، تواجه روسيا انفجارا فى الإنفاق العسكرى (الذى تضاعف فى عام ٢٠٢٣)، والعقوبات الاقتصادية (التى تجبرها على التحايل على حظر التصدير من خلال بيع المواد الهيدروكربونية بسعرزهيد )، وعجز فى الميزانية بنسبة ٢٠٪ وارتفاع التضخم... ومع ذلك ومرة أخرى يجب وضع الهشاشة الروسية فى منظورها الصحيح. وكما يشير مركز دراسات أنماط التصنيع (CEMI-EHESS) التابع لمدرسة الدراسات العليا فى العلوم الاجتماعية، فإن الانهيار المتوقع لم يحدث لأن روسيا تعلمت كيف تتكيف مع الصدمات الاقتصادية: ففى عام ٢٠٢٢، تحول النمو الذى كان ٣.٥٪ فى الشهرين السابقين للعقوبات تحول إلى ركود صغير بنسبة -٢.١٪. وقد عادت أحجام ومستويات الإنتاج إلى مستويات ما قبل العقوبات ليس فقط فى الفروع الصناعية المرتبطة بالجيش.
لذلك إذا كان هناك ضعف فليس من المؤكد أن طول الوقت سيجعل موسكو أكثرقبولا لمسألة التسوية. كلما ارتفعت تكلفة الحرب بالنسبة للمجتمع، كلما ارتفعت تكلفة التسوية السلمية لأنه من الصعب على السياسى أن يعود خالى الوفاض بعد الكثير من التضحيات فى الحياة.
وأخيرا، لم تخرج أوروبا منتصرة من هذا الصراع الذى طال أمده، كما يتعين عليها أن تسعى للحصول على إمداداتها من الطاقة من دول أخرى غير روسيا كما أن قدرتها التنافسية تتآكل ويتزايد اعتمادها الاستراتيجى على واشنطن وقد ذكرت صحيفة لوموند مؤخرًا أنه فى عام ٢٠٠٨، كان الناتج المحلى الإجمالى لمنطقة اليورو والولايات المتحدة بالأسعار الجارية يعادل ١٣.٠٨٢ مليار و١٣.٦٣٥ مليار يورو وبعد خمسة عشر عاما لم تتجاوز إيرادات الأوروبيين ١٥ ألف مليار دولار إلا بالكاد، فى حين ارتفعت إيرادات الولايات المتحدة إلى ٢٦.٩٠٠ مليار دولار بفارق يصل إلى حوالى ٨٠٪!
فى الختام فإن لحظة اقتراح حل سياسى أصبحت أكثر ملاءمة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية فى نوفمبر ٢٠٢٤. ولا شك أن دعم أوكرانيا ليس امرا مقدسا كما تمتلئ الصحافة الأمريكية بالفعل بتصريحات واضحة لمسئولين من عدة دوائر سياسية أمريكية موثوقة رفضوا الكشف عن هويتهم إلا أنه انتقدوا دعم إدارة بايدن المستمر للأوكرانيين، فى حين سيتم تخصيص ٤٣ مليار دولارلدعم كييف وسيتضاعف هذا العدد قريبا. وهنا لا يجب أن ننسى أن نظرية الاختلاف ما بين العسكرى والمدنى لا تزال راسخة، حيث تعكس العديد من المصادر خيبة الأمل والانتقادات من جانب المسؤولين بشأن الهجوم المضاد الأوكرانى ضد الجيش الروسى، أو حتى الخيارات العسكرية الأوكرانية. وكان صوت الجنرال مارك ميلى الذى يدعو إلى حل سياسى للصراع هو الاعلى صوتا.
فى ظل هذه الظروف يمكن أن تكون أوكرانيا بمثابة كعب أخيل للرئيس الذى انتهت ولايته خاصة وأن المعارضين الأكثر إصرارا فى الكونجرس هم من أنصار ترامب. وفى منتصف يوليو الماضى تعهد دونالد ترامب، الذى ينوى مواجهة بايدن، بإنهاء هذه الحرب فى يوم واحد. وأمام كل هذا لماذا لا يميل الرأى العام الأميركى لهذه النزعة السلمية التى تتفق مع طبعه ً؟ وإذا قرر بايدن فجأة سحب البساط من تحت قدميه من خلال اقتراح حل سياسى قبل الاجتماع الكبير فى نوفمبر ٢٠٢٤؛ سنجد أنفسنا نحن الأوروبيين بشكل مفاجئ وحيدين فى موقف صعب.. ولهذا السبب حان الوقت لاقتراح حل سياسى أوروبي؛ وإلا فسنحكم على انفسنا بدفع ثمن السلام بعد ان دفعنا ثمن الحرب.. ناهيك عن مشاعر الازدراء والكراهية الأبدية من جانب موسكو وكييف.
 معلومات عن الكاتب: 
جوليان أوبير.. سياسى فرنسى.. انتخب نائبًا عن الجمهوريين خلال الانتخابات التشريعية لعام 2012، ثم أعيد انتخابه عام 2017.. ولم يوفق فى انتخابات 2022.. وهو حاليًا نائب رئيس الحزب الجمهورى ورئيس الحركة الشعبية «أوزيه لافرانس».. يكتب حول تصريحات الرئيس الفرنسى السابق نيكولا ساركوزى حول الحرب فى أوكرانيا.. والتى يوافقه عليها.

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: فى أوکرانیا الحرب فى ومع ذلک فى عام

إقرأ أيضاً:

«البوابة نيوز» تفتح الملف..هل اختفى الفن الجميل بفعل فاعل ؟.. صناع الأغنية: مؤدو المهرجانات مثل الجراد يأكل الأخضر واليابس.. كلماتهم وألحانهم عقيمة وأصواتهم بشعة ودمروا كل شيء..الذوق العام لم يعد بخير

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

«انحدار الذوق العام» أصبح شعار المرحلة ، وساد الفن الهابط والكلمات المبتذلة والألحان الركيكة، وامتد الانحدار إلى جميع تفاصيل الحياة اليومية للمصريين، وفى مقدمتها الأغنية التى تعتبر عنوانا للثقافة واتجاهات الذوق العام، فاختفت الكلمة الحلوة، واللحن المميز، وافتقدنا الأغانى التى تمس الوجدان، وأصبح الصراخ والنشاز عنوانا لهذا الجيل. 

ما أسباب اختفاء الأغانى الهادفة التى كانت تقدم فكرة ومعنى وتعالج قضايا المجتمع، وما سبب انتشار الأغانى الهابطة والتى لا تمس للفن بأى صلة، وما الحل لعودة الفن الجميل الذى يعبر عن الثقافة المصرية الأصيلة؟ 

«البوابة نيوز» طرحت تلك الأسئلة على صناع الأغنية ، من شعراء وملحنين إضافة إلى نقاد، للإجابة عن السؤال الصعب: كيف ننهض بالذوق العام من جديد ونعيد الأغنية المصرية إلى سابق مجدها؟ 

الموسيقار صلاح الشرنوبى: الجودة الغنائية اختفت.. والأعمال التى تمس الوجدان تراجعت 

 

الموسيقار صلاح الشرنوبى 

فى البداية، يقول الموسيقار الكبير صلاح الشرنوبى، إن الكلمة والشعر والشعراء اختفوا بشكل عام، لأن طقس الأغنية المصرية والعربية اختلف فى مصر، فهو يتغير فى كل حقبة زمنية، موضحًا أن الجودة الغنائية لم تعد موجوده الآن ، رغم أن هناك محاولات من البعض مثل كاظم الساهر، الذى له الفضل فى إحياء أغنية الفصحى، فيما عدا ذلك هناك تغيرات حدثت من الستينيات والسبعينيات والثمانينيات حتى وقتنا هذا فى ذوق المجتمع العربى والمصرى، لذلك تراجعت الأغنيه التى تمس الوجدان حاليا. 

وعن شعراء الكلمة فى الزمن الجميل، أكد "الشرنوبي" أن جيل العمالقة فى الشعر، كان على رأسهم مرسى جميل عزيز ، وأحمد رامى ، وغيرهم ، حتى أواخر السبيعينيات، ثم ظهر شعراء متميزون مثل رضا أمين ، وجمال بخيت،  وهانى شحاتة ، وبهاء الدين محمد، وغيرهم، ممن تميزوا ببساطة الكلمة مثل وليد رزق وأحمد شتى ، ومصطفى كامل، وحاليا هناك نادر عبدالله، وامير طعيمة وايمن بهجت قمر. 

وأضاف: الدنيا اختلفت والكلمة اختلفت، فالتركيبات العاطفية اختلفت طبقا للغة الجيل وطقوس كل جيل. 

وتابع: "عبد الحليم حافظ تنوع فى بداياته قبل التعاون مع عبد الوهاب، وبعد ذلك تغير، منذ أغنية "توبة والأغانى التى تميزت بالبساطة، لا نتحدث بالطبع عن قالب الكلمة، لأن الكلمة كانت مضبوطة طوال الوقت فى زمن الفن الجميل، ولكننا نتحدث عن تغير اللحن والتوزيع الموسيقى، وكان هناك  دور للتوزيع الموسيقى، وعبد الحليم كان أكثر المطربين الذين أظهروا دور الموزع الموسيقى بالنسبة للأغنية المصرية، ومع المطربة وردة طبعا لم ننس دور أحمد فؤاد حسن وفرقته الماسية." 

وأردف: "أصبح الشكل الذى تظهر عليه الأغنية يختلف من وقت لآخر، لكن هناك تطورات حدثت، فعبد الحليم حافظ كان يركز فى أواخر أيامه على الفرقة الموسيقية العصرية ومنهم ما وصف بـ "العازف المودرن"، فاستعان بهانى مهنى وعمر خورشيد، وطور أغنياته وبعض الاغنيات أعاد صياغتها مرة أخرى، ولكن التجربة لم تكتمل لأنه توفى، ولا نعرف لو كان حيا حتى الآن كيف كان شكل أغانيه فى عصرها الحالى". 

واستكمل "الشرنوبى": "من الذين كان لهم دور قوى جدا فى عمل القصائد ووصل بالقصيدة إلى الشارع العربى كل من أم كلثوم وعبد الحليم فى قصائده مع نزار قبانى، الذى لا ننسى فضله فى إحياء أغنية الفصحى". 

ولفت إلى أن الذوق العام متقلب ويميل إلى الأسوأ، وللأسف المهرجانات والراب والتراب تحقق نجاحا كبيرا من خلال المنصات، ولا نعرف مقاييس ذلك النجاح، فهو نجاح من خلال المشاهدات، فنسمع أن هناك مشاهدات بالمليارونصف المليار، لأن مثل هذه الأغانى تحاكى الشباب الذين يعتمدون على زيارة مثل هذه المنصات. 

ورفض الشرنوبى، المقارنة بين الزمن الجميل والزمن الحالى، وقال إن المخزون السمعى للمتلقى كان يستمده من الراديو والإذاعة، كانت الإذاعة  لها الرصيد الأكبر للمتلقى العربى، ثم التليفزيون والكاسيت ، ثم السى دى، والأى باد، لكن حاليا التكنولوجيا غيرت الاتجاه وأصبح كل شىء يميل إلى الديجيتال. 

الحس العالى 

 

الموسيقار هانى مهنى 

 

واكد الموسيقار هانى مهنى، أن هناك بعض الشعراء الشباب لديهم حس عالٍ جدا، ومنهم بهاء الدين محمد، وغيره ، ونحن نستمع لأعمال للمطربة أنغام، وآمال ماهر،  وأصالة، وغيرهن من كلمات شباب عبقري، لا نريد إجحافهم، فالكلمة تتغير مع تغير المجتمع من زمن لآخر، وبشكل عام نتمتع بكلمات شعراء شباب موهوبين. 

وأضاف: "مرسى جميل عزيز كان شاعرا عظيما ، وكنت من أشد المعجبين به"، مشيرا إلى أنه من طمى الريف الشرقية، ألف الأغانى الرومانسية والشعبية. 

الكلمة واللحن فى خبر كان 

 

الشاعر ابراهيم رضوان

الشاعر الكبير إبراهيم رضوان، أعرب عن استيائه مما يحدث على الساحة الغنائية حاليا، قائلا: "ليست الكلمة وحدها التى أصبحت فى خبر كان، ولكن اللحن أيضا والأداء، منذ فترة سيطرت الأغنية، "الإفيه"، على الساحة الفنية، والمؤسف أن معظم الأطفال الصغار أصبحوا يحفظون هذه التفاهات، و من شب على شيء شاب عليه، كيف أستمر فى هذا الوسط السيئ الذى يسيطر عليه مؤدو المهرجانات وغيرهم، خصوصا بعد أن انضم لهم من غنى بملابس بهلوانية، والذى غنى بالشيفون.

وعن اختفاء الكلمة التى تمس الوجدان، أشار "رضوان" إلى أن الشعر الغنائى ذهب واختفى بفعل فاعل، والأغنية الجميلة خرجت ولم تعد، ولن تعود، فلقد هبط علينا مجموعة بحروفهم وألحانهم العقيمة وأصواتهم البشعة ليتسببوا فى تدمير كل شيء، فهم الجراد الذى يأكل الأخضر واليابس، ومنهم من لم يحصل حتى على شهادة محو الأمية لتقديمها لنقابة الموسيقيين ليحصلوا على العضوية. 

وعن سبب ضياع الذوق العام، قال الشاعر الكبير: "الزن على الودان أعظم من السحر"،  أنت جائع وليس أمامك إلا هذا الطعام الذى لا تحبه، ولكنك ستضطر أن تأكله لعدم وجود غيره، هكذا تآمروا على الجيل الجديد لكى يفسدوه ويجرفوه تماما من كل من له علاقة بالقيم والمبادئ". 

وعن اختفاء شعراء الأغنية، أكد أن من أراد أن يحافظ على كرامته فلينسحب، مضيفا أنه ترك العاصمة فى عز نجاحه وعاد إلى المنصورة فى الوقت الذى كانت تغنى فيه شاديه آخر أغنياتها. 

ويضيف رضوان: "زمن الكلمة ما زال بخير طالما أن الأغانى القديمة موجودة، وما زلت أتشرف بأننى لم أقع فى مصيدة التفاهة وفرضت أسلوبى على محمد نوح الذى غنى لى معظم أغنياته و على هانى شاكر الذى كتبت له "أرجوكى يا حبيبتي"، وعلى محمد منير، الذى طلب منى أن أكتب له أغنيات على مقاسه لكننى أجبرته أن يغنى بأسلوبي، حتى نقدم كل ما هو جديد، فكتبت له عدة أغنيات منها (قلب الوطن مجروح) و (الناس نامت إلاك). 

وعن الفرق بين شعراء الزمن الجميل والشعراء الحاليين، أكد أن الفرق شاسع جدا بين مطربى الزمن الجميل والفترة الحالية، موجهًا سؤالا هل من الممكن أن يكتب أى أحد فى مصر جملة مرسى جميل: "ستاير النسيان.. نزلت بقالها زمان"؟، أو "زرعت فى ضل ودادي" لأحمد رامي؟ أو "عش الهوى المهجور لإمام الصفطاوي"؟ 

وأوضح: " ما زلنا نعيش فى مرحلة التوابع، وشعراء الكلمة الحلوة أخذتهم النداهة، وللأسف الشديد الجيل الجديد ظلم نفسه وسلمها للاستسهال والتفاهة والعقم الفني". 

ويرى رضوان أن شعراء الأغنية فى زمن الفن الجميل اختفوا بحكم السن أو المحافظة على الكرامة، والدليل على وجودهم أن هناك المئات منهم ما زالوا يتقاضون حق الأداء العلنى من جمعية المؤلفين والملحنين. 

ويضيف: "كلما التقيت بأحدهم وسألته عن آخر أعماله تكون المفاجأة، آخر أعماله كانت منذ سنوات طويله لأن السوق ليس به إلا المعطوب، معظم شعراء الأغنية فى حالة يرثى لها، أتحدث عن الذين حافظوا على اسمهم". 

حسن اختيار الكلمة 

 

الدكنور احمد درويش استاذ النقد الادبى 

ويشير الدكتور أحمد درويش، أستاذ النقد الأدبى والأدب المقارن بجامعة القاهرة، مقرر لجنة الدراسات الأدبية والنقدية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة، رئيس الهيئة الاستشارية للمجلس القومى للترجمة، إلى أن العلاقات الراقية قائمة على حسن اختيار الكلمة، التى يتولد فى اختيارها كل أنواع الرقي. 

وأضاف: "الأمم تتفاوت حضاريا حسب جودة اختيار الكلمة التى تصنع طريقا للذوق  القيم وللسلوك الراقي، من هنا كان الشعر فى الحضارة العربية هو أرقى أنواع الثقافة البشرية وحامل القيم الكبرى وصانع الانتصارات". 

وتابع: "كلما تبلد الإحساس وقل مستوى الذوق نلجأ إلى التعبير المباشر والتصرف الفج وننسى سحر الكلمة الراقية فى نشر الذوق والحضارة والعودة بالأمة الى مستواها الراقي". 

واستكمل أستاذ النقد الأدبى: "كلمات الكبار تعيش دائما، ونحن نردد كلماتهم فيما نحفظ من أغانيهم أو كتاباتهم، مثل أحمد شوقى و صلاح جاهين و بيرم التونسي  وإبراهيم ناجي ومرسى جميل عزيز وسيد حجاب،  كل هؤلاء تعيش كلماتهم بعد أن رحلوا، ولكن مستوى الذوق قل بعد ذلك، ولم نعدم، ونحن متفائلون وننتظر من الأجيال الجديدة أن ترتقى بوسائلها من التعلم، والثقافة وحفظ الكلام الجميل". 

 

مقالات مشابهة

  • محمد مغربي يكتب: مصر الأفضل عالمياً في الأمن السيبراني
  • «البوابة نيوز» تفتح الملف..هل اختفى الفن الجميل بفعل فاعل ؟.. صناع الأغنية: مؤدو المهرجانات مثل الجراد يأكل الأخضر واليابس.. كلماتهم وألحانهم عقيمة وأصواتهم بشعة ودمروا كل شيء..الذوق العام لم يعد بخير
  • «المتحدة» إعلام يُعزّز حقوق الإنسان.. سياسيون وخبراء يشيدون بطرح تعديلات قانون الإجراءات الجنائية للمناقشة: دعم للشفافية وتوعية للمواطنين
  • (الإجراءات الجنائية).. وإجراءات الحوار!!
  • 25 سنة في حب «الصقور».. هواية الملوك تجذب «حسن وسراج» من الصيد للرعاية والتدريب
  • ‏مصادر روسية: موسكو تأمر بإخلاء قرى على الحدود مع أوكرانيا في منطقة كورسك
  • سينما المؤلف التى غابت
  • كوارث عمر أفندى!
  • الكفيفة التى أبصرت بعيون القلب
  • موسكو تلوح بالنووي في أوكرانيا.. وواشنطن تدعو لعدم تجاهل الخطر