البوابة نيوز:
2025-02-22@21:09:14 GMT

على الدين هلال يكتب: العرب فى «بريكس»

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

توقف الباحثون أمام تدافع الدول العربية على التقدم بطلبات لعضوية مجموعة بريكس فى مؤتمر القمة الذى انعقد فى جوهانسبرج فى ٢٢ أغسطس ٢٠٢٣. فمن أصل ٢٢ دولة تقدمت بطلبات رسمية للانضمام، كان منها ٧ دول عربية وهى مصر والسعودية والإمارات والجزائر والبحرين والكويت وفلسطين، أى بنسبة ٣٢٪. وأن الدول السِت الذين تمت دعوتهم للانضمام كان منها ٣ دول عربية أى بنسبة ٥٠٪.

 
تتمثل دلالة ذلك فى تغير مكانة أمريكا والغرب لدى هذه الدول والرأى العام فيها، وأن الدول الغربية لم تعد تقدم نموذج التقدم الذى ينبغى أن تتبناه الدول العربية أو القدوة التى تحتذيها أو تتشبه بها. وتشير أيضًا، إلى شعور هذه الدول بأن هناك تغيرات عميقة فى بنية النظام الدولى، وأن التراتبية التى تمتع بها الغرب والأحادية التى مارستها الولايات المتحدة فقدت مُقومات استمرارها. 
لم تُقدم الدول العربية على هذه الخُطوة بين عشية وضحاها. فمِصرُ مثلًا أعربت عن رغبتها فى الانضمام للمجموعة من عدة سنوات وشاركت كمراقب فى عدد من اجتماعات القمة، وحضر رئيسها قمة «بريكس» عام ٢٠١٧، كما انضمت إلى بنك التنمية الجديد التابع للمجموعة، وهو ما قامت به الإمارات أيضا. ووفقًا لتصريح رئيس جمهورية جنوب أفريقيا فى أكتوبر ٢٠٢٢، أن ولى العهد السعودى أعرب له عن رغبة بلاده فى الانضمام لـ«بريكس». وصرح مسئول جزائرى فى نوفمبر ٢٠٢٢، بأن بلاده تقدمت بطلب رسمى للانضمام للمجموعة.
من التبسيط المخل تفسير ما حدث بأنه يرتبط بالعداء للغرب، فهذا غير صحيح. لأن الدول التى انضمت لـ«بريكس» تحتفظ بعلاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى. ولكن الصحيح، تراجع ثقة هذه الدول فى واشنطن والعواصم الأوروبية، ورغبتها فى أن تكون لها سياساتها ومواقفها النابعة من مصالحها الوطنية. 
 


ويمكن تفسير هذا التغير، فى ضوء عدد من العوامل: لعل من أهمها الآثار السلبية للانسحاب الأمريكى من أفغانستان فى أغسطس ٢٠٢١ بدون نظام، فبعد عشرين عامًا من التدخل العسكرى فى أفغانستان فى ٢٠٠١ لإسقاط حكومة طالبان وإعادة بناء المؤسسات السياسية والاقتصادية والتعليمية بمشاركة أمريكية واضحة، غيرت واشنطن موقفها فتفاوضت مع طالبان من وراء ظهر الحكومة الأفغانية المؤيدة لها، ووقعت اتفاقية لانسحاب القوات الأمريكية تاركة أفغانستان تحت رحمة طالبان. 
لا بد أن كثيرًا من القادة العرب توقفوا أمام هذا المشهد، وفكروا فى مدى جدية الضمانات السياسية والأمنية التى تقدمها واشنطن لهم. زاد الأمر سوء، الآثار السلبية الناجمة على قيام البنك الفيدرالى الأمريكى برفع سعر الفائدة مرات عديدة مُنذ ٢٠٢٢ على الأسواق الناشئة وارتفاع نسب التضخم فيها، وشجعها ذلك على البحث عن بدائل واختيارات أخرى. 
وهناك التدخل الغربى فى الشئون الداخلية للدول باسم العولمة أحيانا، وباسم الديمقراطية وحقوق الإنسان أحيانًا أخرى، والضغط على هذه الدول لعدم التعاون مع الصين فى نظم الاتصالات من الجيل الخامس، والضغط عليها لإلغاء هذا العقد أو ذاك المُبرم مع إحدى الشركات الصينية.
فى المقابل، كان الصعود الاقتصادى والسياسى للصين وزحفها الحثيث نحو قمة النظام الاقتصادى العالمى، ومعه طرح الصين لمفهوم مغاير للعولمة وهو «الحزام والطريق» الذى يقوم على احترام سيادة الدول، وعدم التدخل فى شئونها الداخلية وأن تقوم العلاقات على قاعدة المصالح المتبادلة والمنافع المشتركة. ارتبط بذلك، استعداد الصين وروسيا لنقل التكنولوجيا المتقدمة إلى هذه البلاد، ومنها التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية.
أثر على رؤية هذه الدول أيضًا، تداعيات الحرب الروسية فى أوكرانيا والتى تقترب من نهاية عامها الثانى دون ظهور مؤشرات جادة على قرب انتهائها. ومع أن الغالبية العظمى من الدول العربية، صوتت لصالح القرار الغربى بإدانة التدخل العسكرى الروسى فى أوكرانيا، فإنها لم تساير الموقف الغربى بالنسبة لقرار تجميد عضوية روسيا فى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ولم تتعاون فى تطبيق العقوبات الاقتصادية المفروضة على موسكو.
وعلى العكس، فقد تطورت علاقات وثيقة بين روسيا وكل من السعودية والإمارات فى إطار مجموعة «أوبك +»، وتوطدت العلاقات مع الجزائر. وشهدت مناسبة مرور ٨٠ عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وموسكو هذا العام، العديد من الأنشطة والندوات فى البلدين.
تشير مناقشات قمة «بريكس» فى جنوب أفريقيا وبيانها الختامى إلى رفض التدابير أحادية الجانب، والدعوة إلى تطوير الحوكمة العالمية من خلال تشجيع نظام أكثر مرونة وفاعلية وكفاءة، وضرورة توجه العالم نحو نظام متعدد الأقطاب يتيح للدول الصغيرة مزيدًا من حرية الحركة والمرونة فى اتخاذ قراراتها، وأن يساعدها فى تحقيق أهدافها التنموية، والاستجابة لتطلعات شعوبها المستقبلية. 
فليكن انضمام ثلاث دول عربية إلى «بريكس» مدخلًا لمشاركة عربية بشكل مؤسسى فى تغيير النظام الدولى وبناء عالم جديد.
 

 

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الدول العربية مجموعة بريكس الدول العربیة هذه الدول الدول ا

إقرأ أيضاً:

تقرير: واشنطن تنتظر الخطة العربية في غزة

بعدما صدم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العالم العربي الشهر الماضي، باقتراحه نقل كامل سكان غزة من القطاع، أعاد مساعدوه تأطير الفكرة على أنها دعوة موجهة إلى زعماء الشرق الأوسط، كي يضعوا خطة أفضل.

مصر ستدعو مجموعة من الشركات، المحلية والدولية، لإعادة إعمار غزة






وكتب "باتريك كينغسلي" و"فيفيان يي" في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، أن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال الأسبوع الماضي إن"كل هذه الدول تعبر عن مدى اهتمامها بالفلسطينيين، إذا كان لدى الدول العربية خطة أفضل، فهذا أمر رائع".

#FPWorld: Arab nations including Egypt, Jordan, Saudi Arabia, Qatar and the United Arab Emirates have sat down to brainstorm an alternative blueprint for post-war Gaza, one that would not force Palestinians out of their homes and reconstruct the region.https://t.co/OW1v9nf2I8

— Firstpost (@firstpost) February 20, 2025

ومن المقرر أن يقوم مبعوثون من الدول الخمس بإيضاح التفاصيل، غداً الجمعة، في السعودية، ثم مرة أخرى في قمة أوسع في 4 مارس (آذار) بالقاهرة. وفي تلك الاجتماعات، من المرجح أن تقترح مصر تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين وقادة المجتمع، وجميعهم غير منتسبين إلى حماس، ويمكنهم إدارة غزة بعد الحرب، وفقاً لدبلوماسيين عرب ومسؤول غربي كبير والسناتور الأمريكي الديمقراطي عن ولاية ميريلاند كريس فان هولين، الذي قال إنه تحدث خلال الأسبوع الماضي مع وزراء الخارجية لمصر والسعودية والأردن حول الاقتراح الجاري البحث فيه.
وأضاف "أن الكثير من التركيز سينصب على الإثبات لترامب وآخرين أنه نعم، هناك خطة قابلة للتطبيق لإعادة البناء، وأنه سنستثمر الموارد هناك".
وأشار إلى أن "وجهة نظرهم هي أن ترامب رجل عقارات، وقد تحدث عن إعادة تطوير غزة، وأنهم يريدون وضع خطة قابلة للتطبيق تظهر لترامب أنه يمكنك إعادة بناء غزة، وتوفير مستقبل لمليوني فلسطيني"، دون إجبارهم على مغادرة المنطقة.

Alarmed by Trump’s Gaza Plan, Arab Leaders Brainstorm on Their Own https://t.co/cySnvaIdhO

— Jen Giacone (@MaddFan1) February 19, 2025

وعلى مدى أشهر، روجت مصر لفكرة لجنة تكنوقراط، واستضافت القادة الفلسطينيين في القاهرة لمناقشة الفكرة. وعلى مدى عقود من الزمن، دعا الزعماء العرب إلى إنشاء دولة فلسطينية تشمل غزة. 

ويعارض القادة الإسرائيليون خطط ما بعد الحرب، التي من شأنها أن تمهد الطريق للسيادة الفلسطينية. لكن الزعماء العرب لن يدعموا إلا إطاراً يرسم مساراً نحو إقامة الدولة الفلسطينية.
وهم يريدون أيضاً مباركة السلطة الفلسطينية، الهيئة المعترف بها دولياً، والتي أدارت غزة، إلى أن انتزعت حماس السيطرة عليها قبل نحو عقدين من الزمن، ولكن رئيس السلطة محمود عباس، بدا حذراً من هيكل الحكم في فترة ما بعد الحرب، الذي لا يمنحه بشكل لا لبس فيه السيطرة الكاملة على المنطقة، وهو الموقف الذي يضعه على خلاف مع لجنة التكنوقراط.
وقال مسؤولو حماس إنهم على استعداد للتنازل عن السيطرة على الشؤون المدنية لمثل هذه الهيئة، ولكنهم رفضوا حلّ جناحهم العسكري، وهو موقف غير مقبول لكل من إسرائيل وترامب، في وقت يسعيان إلى نزع سلاح حماس بالكامل.
وقال إبراهيم دلالشة مدير مركز هورايزون، وهو مجموعة أبحاث سياسية في رام الله بالضفة الغربية، إن "التحدي الأكبر الذي يواجهه القادة العرب، يكمن في تقديم خطة واقعية، يمكن فرضها على الفصائل الفلسطينية، وتكون مقبولة أيضاً من الولايات المتحدة وإسرائيل.. ستكون عملية معقدة جداً".
ونقلت الصحيفة عن الجنرال المصري المتقاعد سمير فرج، في مقابلة، إن مصر ستدعو مجموعة من الشركات، المحلية والدولية، لإعادة إعمار غزة على مدى السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة، وإن المرحلة الأولى من زيادة المساعدات الإنسانية لغزة وإزالة الأنقاض سيتبعها بناء المستشفيات والمدارس وغيرها من البنية التحتية.






مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: اجتماع القادة العرب من أجل استكشاف المواقف والتمهيد للقمة العربية
  • مات ( علي المصري ) .. مع انعقاد مؤتمر جامعتنا العربية !
  • اتحاد المدربين العرب للرئيس عون: قيادتكم ستسهم في النهوض بمؤسسات الدولة
  • محمد مغربي يكتب: تداعيات «DeepSeek».. انقلاب في عالم الذكاء الاصطناعي
  • لماذا اجتماع الرياض غدًا غير رسمي؟.. محمد عز العرب يُوضح
  • NYT: الزعماء العرب بدأوا التفكير في حلول لغزة بعد الكشف عن خطة ترامب
  • تقرير: واشنطن تنتظر الخطة العربية في غزة
  • خبير: أوروبا عاجزة عن تمويل أوكرانيا .. وصعود ترامب يكشف هشاشتها
  • خبير سياسي: أوروبا عاجزة عن تمويل أوكرانيا.. وصعود ترامب يكشف هشاشتها
  • عون: لبنان لن يكون منصة للهجوم على العرب