ألكسندر فايجنباوم يكتب: من هم الإخوان المسلمون؟.. الأصول النازية لفكر حسن البنا وسيد قطب وأمين الحسينى
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
الرئيس السيسى خاض معركة شجاعة ضد الجماعة المتعصبة.. وعلينا أن نحارب الأيديولوجية المتطرفة ونقترح بديلًا لها
يعلق هذا المقال- مع بعض الملاحظات الشخصية - على عمل الكاتب الألمانى الكبير المتخصص فى الروابط بين جماعة الإخوان المسلمين والنازيين، ماتياس كونتزل، الذى يكشف العديد من التفاصيل عن الدعاية الإذاعية النازية التى تم بثها باللغة العربية خلال الحرب العالمية الثانية وتأثيرها منذ عام ١٩٤٥ على الإسلاموية المعاصرة ولا سيما أيديولوجية الإخوان المسلمين والجهاديين الذين يستلهمون قناعاتهم منها.
وفى الواقع، نحن مدينون لجيفرى هيرف وماتياس كونتزل بتسليط الضوء على أحد المؤسسين الرئيسيين للإسلام السياسى الحديث (أوالإسلاموية المتطرفة للإخوان المسلمين): أمين الحسينى، المفكر الفلسطينى المتطرف والمهووس بمعاداة السامية والذى ربط بشكل جائر بين «الأيديولوجية النازية بقراءتها الانتقائية للقرآن وتفسير التقاليد الإسلامية بمعناها المحدد، واللغة العلمانية المناهضة للاستعمار».
وفى كتابه الأخير، يوضح كونتزل كيف ساهمت الدعاية الإذاعية النازية فى ترسيخ نهج الحسينى فى العالم العربى وكيف ابتليت العديد من المجتمعات الإسلامية اليوم بهذه الأيديولوجية، التى ظلت متداولة لعقود من الزمن. وفى الواقع، فى فرنسا على سبيل المثال، كان المسلمون المتعصبون المشبعون بهذه الأيديولوجيات المتطرفة هم الذين قتلوا سارة حليمى ومورييل نول.. ليس لأنهما كانتا إسرائيليتين أوصهاينة، ولكن فقط لكونهما يهوديتين.
الإخوان وأدولف هتلر
بالنسبة لهتلر، كان العرب «غير آريين»، أى عرق أدنى و«أنصاف قردة»، مثل اليهود تقريبًا.. لقد كان دائما يحذر منهم ويشكك فيهم وفى الإسلام؛ لكن هتلر قرر التعاون مع أمين الحسينى (١٨٩٥-١٩٧٤)، مفتى القدس، لإثارة التحريض فى العالم العربى ضد الحلفاء. وفى ٢٨ نوفمبر ١٩٤١، خلال اجتماع فى برلين، منحه هتلر مبالغ مالية هائلة بهدف إبادة ما يقرب من مليون يهودى فى شمال إفريقيا والشرق الأوسط؛ لكنه رفض الإدلاء ببيان علنى يؤكد فيه أن المفتى هوالزعيم النازى للعالم العربى.
ويكشف لنا هيرف وكونتزل أيضًا أن حركة الإخوان المسلمين، التى تدعى النهضة الإسلامية ضد النفوذ العلمانى الغربى، قد تأثرت بنظام قومى يمثل تجسيدًا حقيقيًا للشر.. وعلمانى للغاية مناهض للتوحيد وبالتالى كان عكس الإسلام. وفى وقت مبكر من عام ١٩٢٦، فى الإسكندرية، قام النازيون بتزويد جماعة الإخوان المسلمين بالأدب العنصرى ونظموا مؤتمرات حول «المسألة اليهودية».
وفى عام ١٩٣٩، حصلت الأجهزة البريطانية على وثائق تثبت أن السفارة الألمانية فى مصر قدمت دعمًا كبيرًا للإخوان. تحدث المسئولون النازيون مباشرة مع حسن البنا، مؤسس الحركة، وفى رسالته إلى الشباب، ذكر البنا أيضًا إعجابه بـ"الرايخ الألماني». وبذلك، وعبر الدعم المالى، وصل عدد أعضاء جماعة الإخوان المسلمين إلى ٢٠٠ ألف عضوفى عام ١٩٣٨.
الإسلاموية الإخوانية والنازية
بالنسبة للنازيين الألمان، كان اليهود.. كل يهود العالم، هم أعداء لألمانيا ويُزعم أنهم خططوا لاستغلال الشعب الألمانى وإبادته. نحن نعلم أنه فى الواقع، كان النازيون الألمان هم الذين نظموا إبادة مروعة لليهود. وفى أغسطس ١٩٣٧، ظهر فى القاهرة «منشور دينى» مكون من ٣١ صفحة بعنوان «الإسلام واليهودية». وكان الحسينى هو كاتب هذا المنشور.
وبحسب هذا الكتاب، فإن اليهود، وليس اليهود فى فلسطين فقط، بل كل اليهود فى العالم واليهود فى كل العصور، هم أعداء الإسلام ومتآمرون على المسلمين. قدمت هذه الوثيقة شكلًا جديدًا من الكراهية الإسلامية لليهود المتأثرين بشكل مباشر بالأيديولوجية النازية. وبحسب «الإسلام واليهودية»، فإن الرسول محمد نفسه كان هدفًا للمؤامرة اليهودية.
ويوضح الحسينى المقرب من البنا الذى عينه رئيسا لجماعة الإخوان المسلمين فى فلسطين أن: «من يعتقد أنه إذا حلت المشكلة الفلسطينية أو إذا انهزم اليهود فى هذا الصراع فسيكون كل شيء على ما يرام، مخطئ.. وحتى ذلك الحين لم يتغير شيء فيما يتعلق بعدائهم للإسلام والعرب.. «يعلم كل مسلم أن عداء اليهود للعرب يعود إلى فجر الإسلام» (الإسلام واليهودية).
لقد بدأ اليهود هذه الحرب لصالح الصهيونية. إن اليهود مسئولون عن سفك الدماء. لن ينعم العالم بالسلام حتى يتم إبادة العرق اليهودى. (صوت العرب الأحرار، ١٩٤٣، انظر الملاحظة ٣٠).
ولذلك لم يعد اليهود من أهل الذمة و«يجب إخضاعهم وإذلالهم»، فبالنسبة للنازيين العرب مثل الحسينى، كان الأمر يتعلق بإبادتهم: «لقد نشر اليهود سمومهم فى البلدان الإسلامية من أجل طموحاتهم، وفى الآونة الأخيرة أصبحت هذه الطموحات واضحة فى فلسطين، الأرض المقدسة، التى يريدون أن يجعلوها مركزًا لبسط سيطرتهم».. «لقد أخرج محمد اليهود من أرض العرب وأمر المسلمين بالقتال حتى الفناء» (٢٣ ديسمبر ١٩٤٢).
من المهم الإشارة إلى أن النهج الإسلامى النازى للحسينى والإخوان المسلمين، بعيدًا عن أن يكون مخلصًا لرؤية الإسلام لليهود، يتعارض تمامًا مع التقاليد الإسلامية: فحسب التعريف، إن أهل الذمة لهم الحق فى الحياة. لم يكن هناك أى حديث حول الإبادة. لمدة ١٤ قرنًا، وفقًا للقواعد التى وضعها الفقهاء المسلمون وأمراء الخلافة، فى البلدان التى فتحوها، كان على المسيحيين واليهود الالتزام بشروط أهل الذمة: فقد تعرضوا للاستغلال والإهانة والتمييز وأحيانا وصل الأمر إلى العبودية فى عهود سابقة على الإسلام.
لكن كان لهم، فى ظل النظام الإسلامى، الحق فى العيش، وحتى فى العيش بحسب عقيدتهم. فالنبى نفسه، ثم من بعده عمر وغيره من الخلفاء، كانوا يعاملون اليهود بنفس معايير معاملة المسيحيين. ومن المؤسف أن النهج المخالف الذى تبناه الحسينى هو الذى انتقل إلى الإسلاميين اليوم، من خلال الدعاية النازية، ومن خلال الراديو النازى، وبمساعدة الإخوان المسلمين فى مختلف أنحاء العالم.
راديو زيسن، الإذاعة النازية الألمانية باللغة العربية
درس ماتياس كونتزل الدعاية التى تبثها إذاعة أو راديو زيسن، وهى محطة الإذاعة النازية الموجهة إلى العالم العربى. عثر كونتزل وهيرف على نصوص برامج ونصوص البث لراديو زيسن فى الأرشيف الفيدرالى الألمانى والأرشيف الوطنى للولايات المتحدة.. زيسن هى قرية تقع على بعد ٤٠ كيلومترًا جنوب برلين: «كان مجمع راديو زيسن مجمعًا ضخمًا ويبث على الموجات القصيرة وأقوى آلة دعاية فى العالم.. وحظيت «المنطقة الشرقية» بـ"الأولوية المطلقة».
وكانت تبث للعرب والأتراك والفرس والهنود ويعمل بها حوالى ٨٠ شخصًا. وكان يعاون مفتى القدس أمين الحسينى، سعيد إمام، الذى شجع النازيين الألمان فى نهاية عام ١٩٣٧ على إنشاء محطة إذاعية خاصة بهم باللغة العربية. وبعد وصول الحسينى إلى برلين فى نوفمبر ١٩٤١ برفقة هتلر، أصبحت لهجة البرامج أكثر تطرفًا، خاصة فيما يتعلق بمعاداة السامية.
وفى الشرق الأوسط، تم تركيب أجهزة الاستقبال فى المقاهى والساحات مما يسمح للحشود بالاستماع. وقد تكررت موضوعات الحسينى الدعائية فى إذاعة زيسن لمدة ٦ سنوات، من عام ١٩٣٩ إلى عام ١٩٤٥، لمدة ٢٠٠٠ يوم و٦٠٠٠ ساعة.. لقد تم تكييفها مع الجمهور الذى كان أكثر من ٧٠٪ من الأميين. ووفقًا للملحق الثقافى للسفارة الألمانية فى إيران (١٠/١/١٩٤٢)، «لم نكن لنذهب بعيدًا مع معاداة السامية التقليدية.. لقد كان الدين حقًا هو الوسيلة المناسبة».
وفى طهران، تم رسم الصليب المعقوف على الجدران وقام المروجون بتصوير هتلر على أنه من نسل النبى. وبالفعل، بعد الحرب وبينما كان النازيون مختبئين فى أوروبا، تم الاحتفاء بهم على العكس من ذلك فى العالم العربى. فى عام ٢٠٢٠، فى فرنسا، قال عبدالغنى مراح، شقيق القاتل الإرهابى الفرنسى الجزائرى من تولوز الذى ذبح أطفالًا يهودًا فى مدرسة، إن أصدقاء العائلة حزنوا «لأنه لم يقتل أطفالا يهود أكثر من ذلك!».
ولذلك فإن نظرية كتاب الإخوان الحسينى «الإسلام واليهودية»، هى التى تتغلغل حتى اليوم فى الإخوان المسلمين أو الإرهابيين الذين تطرفوا بهذه النظرية التى أعطت صورة مشوهة ومتطرفة عن الإسلام.
ماذا بعد؟
كان من الممكن أن نأمل أن تختفى الأيديولوجية النازية بعد اكتشاف معسكرات الإبادة. ولكن لم يحدث ذلك بل على العكس، عرض عليه الحسينى مساحة جديدة فى العالم العربى، حيث رحب بالآلاف من النازيين الألمان الفارين إلى مصر وسوريا.. لقد هُزمت النازية عسكريًا فى أوروبا، لكن أيديولوجيتها تزدهر فى بعض الدول العربية وإيران الشيعية.
وبالفعل، فى عام ١٩٤٧، خلال جلسة الأمم المتحدة الاستثنائية بشأن فلسطين، وجدنا موضوعات من إذاعة زيسن: اتهم المندوب السورى، فارس الخورى، اليهود باتباع «سياسة الإبادة».
واليوم، تم دمج هذه المواضيع فى مواثيق المنظمات الإسلامية، فى تصريحات الزعماء الإسلاميين، على قناة الجزيرة القطرية الموالية للإخوان المسلمين أو قناة حزب الله اللبنانية الموالية لإيران: دعونا نذكر على سبيل المثال سيد قطب، حماس، حزب الله، آية الله الخمينى، القاعدة، أسامة بن لادن، أو حتى تنظيم الدولة الإسلامية.
وفى ٣٠ يناير ٢٠٠٩، تحدث على قناة الجزيرة الداعية الإخوانى الشهير يوسف القرضاوى، الذى علم التعصب لملايين المسلمين فى العالم العربى أو التركى أو الأوروبى عن طريق نظريات الإخوان المسلمين، وتناول بوضوح المشروع الإسلامى للإبادة الجماعية للنازيين: «على مر التاريخ، سلط الله [على اليهود] الأناس الذين يعاقبونهم على فسادهم. والعقوبة الأخيرة نفذها هتلر.. إنها عقوبة إلهية. وإن شاء الله فى المرة القادمة قد تكون العقوبة على أيدى المؤمنين».
وهكذا تحافظ القنوات الإخوانية أو الفضائيات الشيعية الموالية لإيران التى ذكرناها على صورة المؤامرة اليهودية العالمية. وهكذا، فإن مسلسل «الشتات» الذى تبثه قناة المنار التابعة لحزب الله: يظهر لقطات مقربة ليهود وهم يذبحون رقبة طفل مسيحى لجمع دمه. بفضل هؤلاء «المثقفين» ووسائل الإعلام هذه، يتم تلقين المسلمين منذ سن مبكرة للغاية بالأيديولوجية المتطرفة والنازية من خلال الصحافة والتعليم والإعلام والبرامج التلفزيونية.
أيديولوجية مربحة ولكن ليس للجميع!
ومن خلال تبنى موضوعات الدعاية الإسلامية النازية، فإن جماعة الإخوان المسلمين هى بلا شك الوحيدة، مع الإمام الحسينى وتنظيمات حركته الإخوانية، التى استفادت من التمويل السخى من ألمانيا النازية، ولكن أيضًا، فى الآونة الأخيرة، من الأمم المتحدة، من خلال الآليات التى شجعها الحسينى.
لقد فشل الحسينى نفسه فى كل مشاريعه: انقلابه فى العراق عام ١٩٤١ وحربه من أجل «تحرير» فلسطين عام ١٩٤٨... لكنه نجح فى شيء واحد: نشر كراهيته المرعبة لليهود ونازيته المؤسلمة. وكان لهذه الأيديولوجية عواقب كارثية فى العالم العربى: الهزائم العسكرية، والصعوبات الاقتصادية والفقر وتحويل الموارد من أجل «محاربة الصهيونية»، والفساد. مات الآلاف من الشباب، يهود، مسيحيين، مسلمين بسبب دعاية الإخوان، منفذين أو ضحايا للإرهاب.
فى أوروبا أيضًا
وينقل الدعاة والدبلوماسيون العرب الخطابات الإسلامية فى أوروبا، مثل الأخ المغربى المسلم المتطرف حسن إيكوسن، المقرب من عائلة طارق رمضان والقرضاوى، المدان بالتطرف والمطرود من فرنسا منذ عامين. وفى الثقافة الشعبية فى أوروبا، تساهم أسلمة الموضوعات فى مقطوعات معينة من موسيقى الراب فى نشر أفكار بين الشباب المسلمين ذوى التعليم الضعيف مثل سيادة الإسلام ومعاداة السامية ومعاداة الغرب ومعاداة السكان الأصليين الفرنسيين.
وفى القرن الحادى والعشرين، يتم ترديد موضوعات راديو زيسن فى شوارع باريس وبرلين. من المثير للدهشة أن اليسار المتطرف، الذى يطلق على نفسه رغم ذلك اسم «مناهض للفاشية» ولكنه متحالف مع جماعة الإخوان المسلمين لعقود من الزمن فى أوروبا، يبدو قابلًا للنفاذ من خلال الروايات الإسلامية المؤيدة للنازية.
والآن كيف نناهض ذلك؟
أدى عنف الإخوان المسلمين المشبع بالتأثيرات النازية والإشارات من راديو زيسن والمفتى الكبير أمين الحسينى، إلى زيادة العنف: اليوم، فى أفريقيا، يعانى الملايين من المسيحيين والمسلمين المعتدلين من العنف الجهادى. هناك حاجة ملحة للرد. معظم الدول التى تحارب الإسلام السياسى تفعل ذلك من خلال إجراءات الشرطة وقام عبد الناصر باعتقال الإخوان المسلمين وإعدام عدد منهم.
وأوروبا تسجن الإسلاميين وتحاول طردهم.. لقد خاض الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى معركة شجاعة ضد جماعة الإخوان المسلمين المصرية المتعصبة؛ ولكن يجب علينا أيضًا أن نحارب الأيديولوجية نفسها، وأن ندينها، ونقترح بديلًا لها.. لقد قال ألكسندر دلفال فى كتاباته: «بعد تحييد المدعين الذين يتخفون خلف ستار الدين، يجب علينا استبعاد الدعاة».
ويوفر كتاب هيرف وكونتزل وسيلة لكشف أولئك الذين يختبئون وراء الدعاية الإسلامية المتطرفة؛ لكن وسائل الإعلام لا تزال متراجعة فى تناول هذا الموضوع. ومنذ عدة سنوات، طالبت جمعيات ومثقفون ممثلى الإسلام الحاليين فى فرنسا باتخاذ إجراءات ضد هذه العنصرية «حتى لا يعتمد أى مؤمن على نص مقدس فى ارتكاب جريمة».
فيما يلى أربعة مقترحات يمكن تنفيذها فى أوروبا وفى فرنسا على وجه الخصوص:
- يجب أن تتناول كتب التاريخ علاقة العالم العربى بالنازية، كما ذكر كونتزل وعندئذ سيكون من الصعب على الأئمة الخبيثين تجنيد الشباب حول المحرقة.
- على الطبقة السياسية أن توضح للقادة المسلمين أنها ترفض السلفية المتطرفة والإسلاموية المتطرفة وستطلب منهم أن ينأوا بأنفسهم عن هذه الأيديولوجية.
- تختار الدولة الفرنسية كمحاورين أئمة معتدلين يحترمون قيم الجمهورية، ويخالفون الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة، ويتم وقف كل تمويل للمنظمات التى تتخذ مواقف مشوشة أو غامضة بشأن الإبادة الجماعية لليهود والأرمن. وفيما يتعلق بغير المسلمين، فبوسعنا أن نأخذ مثال المجمع الفاتيكانى الثانى، الذى أعاد تفسير العلاقات بين اليهود والكاثوليك من دون تغيير الصياغة الكتابية.
- تشجع الدولة المسلمين الذين يقدمون تفسيرات صريحة للإسلام حول النساء والحجاب والمرتدين، الخ.
مما لا شك فيه أن هذا الموقف الحازم والمنفتح فى نفس الوقت، يجب أن يساعد المسلمين على إدراك الهذيان والمأزق الذى يحاول الإخوان المسلمون، على غرار الحسينى والبنا أن يحبسوهم فيه. وستكون هذه فرصة لإعادة بناء العلاقات بين المسلمين وغير المسلمين، وإنهاء التشكيك فى مبادئ أهل الذمة، من أجل استعادة حرية الضمير. وفى النهابة، أود أن أوجه الشكر للمؤلف كلير بريير بلانشيت على آرائه القيمة.
معلومات عن الكاتب:
ألكسندر فايجنباوم رئيس مركز «دهيمى واتش «Dhimmi Watch"فى فرنسا.. ينضم للحوار بهذا المقال الذى يؤكد فيه بالأدلة والمستندات، الأصول النازية للجماعة الإرهابية.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الرئيس السيسي جماعة الإخوان جماعة الإخوان المسلمین فى أوروبا فى فرنسا من خلال فى عام من أجل یهود ا
إقرأ أيضاً:
لماذا نقرأ ألكسندر دوغين؟
بعد الأحداث الأخيرة في سوريا، خرج المفكر والفيلسوف الروسي ألكسندر دوغين في منشورات على حسابه في منصة إكس يتحسر فيها ـ بشكل ظاهر أو خفي ـ على سقوط نظام بشار الأسد، ويتوعد تركيا وأعداءه المعتادين، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها، ويخبرهم بأن روسيا وحلفاءها ستنتصر.
يفتح هذا سؤالًا كان لديّ منذ فترة طويلة، حول قراءة ألكسندر دوغين، فطوال دراستي في قسم العلوم السياسية في جامعة السلطان قابوس، لم أسمع أحدًا من المدرسين يذكره حتى في سياق التعريف بتأثيره على السياسة الروسية أو على الشكل الجديد للعالم، على الرغم من أنه أحد المفكرين الذين يسعون لإنهاء النظام العالمي الحالي واستبداله بنظام عالمي جديد متعدد القطبية، تكون فيه روسيا أحد الأقطاب كما كانت في النظامين السابقين. لذلك، يأتي هذا السؤال مرة أخرى وهو: لماذا يجب أن نقرأ ألكسندر دوغين؟
يتحدد تأثير ألكسندر دوغين في عدد من المواضع التي يجب النظر لها، منها الفكر الأوراسي الجديد، والنظرية السياسية الرابعة، وكتاب أسس الجيوبوليتيكا، والتأثير على السياسة الروسية، والخروج من عالم القطب الواحد إلى عالم متعدد الأقطاب، والبحث عن فكرة غير غربية، وأخيرا العودة للذات.
أثرت الأوراسية الجديدة على الدولة الروسية لا سيما بعد انتهاء الحرب الباردة، فقد أثرت كفكر سياسي يدعو إلى أن تستعيد روسيا مكانتها الدولية، والأوراسية هي «أيديولوجية ذات طابع اجتماعي وسياسي لتيار فكري ولد ضمن بيئة الموجة الأولى من المهاجرين الروس إلى أوروبا عام 1920 وتعمل هذه الأيديولوجية على توحيد مفهوم الثقافة الروسية بوصفها ظاهرة غير أوروبية وتقدمها من بين ثقافات العالم المختلفة»، والأوراسية الجديدة التي ظهرت على يد ألكسندر دوغين تفترض عدة افتراضات منها أنها كونية، ولذلك فإنها تشكل الأساس، بحسب دوغين، في تكوين مشروع جيوبوليتيكي يشمل تحالفات روسية مع عدة محاور أوروبية وآسيوية لإزاحة التمدد الأمريكي، ومعارضة ما يسميه «الأطلسية» التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية من خلال العولمة ومحاولة «أمركة العالم»، كما يؤمن دوغين أن جيوبوليتيك الأوراسية الجديدة تشمل كل أوروبا وآسيا.
من أجل بناء النظرية الأوراسية الجديدة، اشتغل ألكسندر دوغين على كتابه (أسس الجيوبوليتيكا: مستقبل روسيا الجيوبوليتيكي) الذي يُمكن عده أهم كتب دوغين، بل واحدا من أهم الكتب المعاصرة في الجغرافيا السياسية. استخدم دوغين في الكتاب ـ بعد شرحه لتاريخ الجغرافيا السياسية ونظرياتها ـ نظرية ماكندر وتصور من خلالها الصراع العالمي، لذلك يرى بأن إنشاء امبراطورية قارية بقيادة روسية هو أمر مهم يجب أن يقوم على بناء عقدي يفترض فيه بأنه يكون معاديا للأطلسية وإسقاط الهيمنة الأمريكية على القارتين. ومن خلال بعض الأسس الاجتماعية والسياسية والجيوبوليتيكية، حدد دوغين ثلاثة محاور رئيسة يقوم عليها مشروع الإمبراطورية الأوراسية هي محور موسكو ـ برلين، ومحور موسكو ـ طوكيو، ومحور موسكو ـ طهران، كما تشرح ذلك دلال حميد عطية في مجلة دراسات دولية.
وفي كتابه النظرية السياسية الرابعة، طرح ألكسندر دوغين، نظرية سياسية مخالفة للنظريات الثلاث السائدة، الليبرالية عند الولايات المتحدة الأمريكية والعالم الغربي، والشيوعية، والفاشية في القرن العشرين. إن النظريات الثلاث هذه حكم عليها بالموت بالنسبة لدوغين لأن الأخيرتين لم تعد موجودة، وأما الأولى فإنه على الرغم من اعتقاد كثير بأنها مسيطرة على العالم وبأنها آخر ما يُمكن الوصول إليه كما عند فوكوياما، إلا أنها في المقابل تواجه بصعود دول أخرى لا تتبنى الخطاب الليبرالي بل لها خطاباتها المنفصلة التي يذكر دوغين أنها تشمل الأوراسية الجديدة، والتي يعتقد بأنها المقابلة أيديولوجيا لليبرالية، وكما أن الليبرالية تطورت إلى العولمة، فلا بد للأوراسية أن تتطور إلى النظرية السياسية الرابعة. تم انتقاد النظرية السياسية الرابعة، حيث إنها لا تميز بين ما هو أيديولوجي وثقافي في النظريات الثلاث السابقة، واعتبار أن الليبرالية شر مطلق.
حددت هذه النظرية بعض السلوكيات الروسية السياسية اتجاه الدول، فعلى سبيل المثال، في العلاقات الروسية المصرية، «اعترفت روسيا بثورة 30 يونيو عام 2013 وخريطة الطريق التي انبثقت عنها» كما سعت روسيا لتعزيز علاقاتها العسكرية مع مصر من خلال التدريب العسكري واتفاقيات بيع الأسلحة، والاتفاقيات العسكرية مثل الذي وُقع في 2014 بقيمة 3.5 مليار دولار، حيث إن مصر تشكل بوابة لدخول القارة الإفريقية والعالم العربي، إضافة لموقعها الجيوبوليتيكي الذي يظل على البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر. كما يحدد ذلك الدكتور أحمد العايدي.
من خلال هذا العرض يُمكن ملاحظة أن أفكار ونظريات ألكسندر دوغين تؤثر على السياسة الروسية وتحدد كثيرا من تحركاتها، لذلك للإجابة على السؤال الأول حول علّيّة قراءة ألكسندر دوغين، إذ يُمكن من خلالها ملاحظة التحركات الروسية وعقدها للاتفاقيات والتعاونات، إضافة لتدخلها في العديد من الدول مثل حربها الحالية مع أوكرانيا، ودخولها إلى سوريا، كما يُمكن ملاحظة تعاونها مع عدد من الدول منها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والصين وغيرها، بل أن ألكسندر دوغين كان قد وصف الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مقابلة له على قناة حيرة مع هادي اللواتي بأنها قريبة من جمهورية أفلاطون التي يحكمها الفلاسفة، وهذه النظرة تعود إلى اعتقاد دوغين بأهمية هذا التعاون مع إيران باعتبارها حليفا جيوسياسيا وأحد المحاور الرئيسة للإمبراطورية الأوراسية، إضافة لاعتقاده بأن نظام ولاية الفقيه مضاد للنظرية السياسية الغربية والفكر السوسيولوجي الذي شكلته الليبرالية من خلال العولمة.
تقدم القراءة لدوغين رواية أخرى غير غربية، وهي رواية مناهضة للسيطرة الغربية بشقيها الصلبة والناعمة، لكنها أيضا تحتاج إلى نقد وتمحيص، إذ إن الهدف الذي يرمي إليه دوغين هو سيطرة روسية وإيجاد عالم تكون فيه روسيا قطبا في النظام العالمي. على الرغم من ذلك، فإن هذه النظرة يجب أن تكون شاملة مع التحركات العملية الروسية في الساحة الدولية، وفهم أسبابها ودوافعها من ذلك.
من خلال نظرياته، يقدم دوغين إطارا نظريا لعالم متعدد الأقطاب يتخلص من السيطرة الأمريكية، وهذا ما تسعى إليه روسيا حتى في الداخل، فإن العديد من المؤتمرات والندوات والمهرجانات يكون موضوع التعددية القطبية حاضرا فيها، ويُمكن الاستفادة من نظرة المفكرين من خارج روسيا للسير نحو هذه التعددية، على الرغم من أن كثيرا من المنظرين السياسيين لا يعلمون على وجه اليقين ما إذا كانت أكثر استقرارا وسلاما من النظام أحادي القطبية وثنائي القطبية أم لا، إلا أن دوغين يدفع بأطروحاته الفلسفية والسياسية نحوها بشكل متسارع.
وأخيرا، مما يقدمه ألكسندر دوغين أيضا هو العودة للذات، فمن خلال ما سبق، يُمكن إيجاد أنه يعارض التوجهات الغربية ليس السياسية فحسب بل حتى الفكرية، لذلك كان من المهم بالنسبة إليه أن يعود إلى الفكر الروسي المحافظ، فحافظ على أرثوذكسيته الدينية، ونظّر أنه يجب على العالم الإسلامي أن يعود للتعاليم الإسلامية أيضا من أجل أن يتوحد، لكن ليس هذا هو المهم هنا، بل المهم أن تكون هذه القراءة مدخلا لكيفية العودة إلى الذات وقراءتها والانطلاق من الأبعاد الثقافية والفكرية الذاتية بدلا من منطلقات الآخرين، فإن الليبرالية قد عمدت إلى إيجاد المواطن العالمي أو الخارج من هوياته إلى هويات كبرى متخيلة ولا يُمكن الوصول إليها، وهي بشكل أو بآخر هويات أمريكية أو غربية، فعمدت عملية المثاقفة للوصول في النهاية إلى التصديق بالأفكار الغربية-الأمريكية دون تمحيصها أو النظر ما إذا كانت تناسب السياق الاجتماعي والتاريخي والفكري الذي ينطلق منه الفرد والمجتمع، وجرى ذلك من خلال العولمة التي توصف كثيرا بأنها جعلت العالم قرية صغيرة، ليس اقتصاديا فحسب، لكن ثقافيا أيضا. هذه العودة للذات والنظر فيها توفر انطلاقات للاستقلالية والإبداع بشكل أكبر، لأنها كما تضطر للعودة إلى الأفكار، فإنها تضطر للعودة إلى اللغة التي فقدنا الصلة بها، وتحولت كثير من المجتمعات العربية إلى العجمة حتى في تعبيرها عن ذاتها باللغة العربية.
في الأخير، إن قراءة ألكسندر دوغين توفر فهم التحركات الروسية نحو أوروبا وآسيا، كما أنها توفر فهما لكيفية التعامل مع هذه التحركات من خلال فهم جذورها الفكرية والفلسفية، فعلى سبيل المثال، يُمكن من خلال هذه القراءة أن توفر فهما للتحركات الروسية في الخليج والمنطقة بشكل عام، إضافة لذلك، فإن هذه القراءة توفر فهما لكثير من أحداث الساحة الدولية المتعلقة بروسيا، فضلا عن الاستماع لسردية أخرى غير السردية الغربية المهيمنة، واستخلاص ما يُمكن الاستفادة منها أو نقدها أو الوصول إلى سرديات أخرى مناوئة عنها.