الجزيرة:
2025-02-16@16:06:25 GMT

دور القدس في أي مواجهة عسكرية قادمة

تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT

دور القدس في أي مواجهة عسكرية قادمة

لا تكاد نشرة إخبارية أو برنامج سياسي في وسائل الإعلام الإسرائيلية -هذه الأيام- يخلو من الحديث عن مواجهة عسكرية مرتقبة في المنطقة، وتوقع سيناريوهاتها المتعددة وآثارها، سواء على الجبهة الشمالية المتاخمة للحدود اللبنانية، أو الجبهة الجنوبية المحيطة بغزة، أو حتى مناطق الداخل الفلسطيني. ويتم الحديث عن هذه المواجهة في الإعلام الإسرائيلي وكأنها أصبحت حتمية، مما يعيد للأذهان الأجواء التي سبقت حرب 2006 بين إسرائيل ولبنان.

تجد التقارير المختلفة تتحدث عن سيناريوهات اغتيال قيادات فلسطينية تتهمها إسرائيل بإشعال الضفة الغربية، وعن إمكانية تدخل حزب الله اللبناني واستعداده للمشاركة في معركة في حال تنفيذ أي عملية اغتيال على الأراضي اللبنانية، وغير ذلك مما بات يملأ الصحافة والتلفزة العبرية. لكن الفروق بين هذه المواجهة -إن حدثت- ومواجهة عام 2006 كبيرة من حيث الظروف السياسية المحلية والإقليمية. وأبرز هذه الفروقات هو نوعية التكوين الحاكم في إسرائيل اليوم، الذي يقوده اليمين المتطرف وتيار الصهيونية الدينية بزعامة الثنائي الكاهاني سموتريتش وبن غفير. يؤمن هذا التيار بالحرب الدينية المقدسة ويعتقد أنها السبيل الوحيد للخلاص في معناه الديني. وهذا يعني أن الأماكن المقدسة قد تصبح إحدى نقاط تصعيد التوتر في المنطقة قبل أي مواجهة من هذا النوع، وقد تكون من أبرز المناطق التي تتأثر بها في الوقت نفسه.

جماعات المعبد المتطرفة، التي تتلقى اليوم دعمًا غير محدود من وزارة الأمن القومي بزعامة بن غفير، قد تتخذ خطوات استفزازية دون توجيه مباشر من بن غفير

يأتي الحديث عن المواجهة العسكرية الشاملة بينما تتأهب القدس لموسم من أطول مواسم الاقتحامات والاعتداءات على المقدسات خلال السنة، وهو موسم بداية السنة العبرية وما يليها حتى نهاية عيد العُرش. حيث يبدأ هذا الموسم في 16 من شهر سبتمبر الحالي ويستمر لـ22 يومًا حتى 7 من شهر أكتوبر المقبل. وهذا الموسم يبدأ مع عيد رأس السنة العبرية، حيث تحاول الجماعات المتطرفة نفخ البوق (الشوفار) داخل المسجد الأقصى المبارك، يتبعه ما تُسمى "أيام التوبة"، وهي عشرة أيام تنمو فيها أداء صلوات معينة بملابس محددة داخل المسجد، وتصل إلى "يوم الغفران" الأكثر أهمية في السنة كلها، وبعده بقليل تبدأ أيام عيد العُرش التي تمتد من نهاية سبتمبر حتى نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر المقبل.

وتعتبر الجماعات المتطرفة للمعبد، التي تشكل العمود الفقري للتيار الكاهني وتيار الصهيونية الدينية، أن هذا الموسم كل عام هو الموسم السنوي المقابل لشهر رمضان المبارك عند المسلمين من حيث طول المدة وارتباط الطقوس الدينية التي تقيمها هذه الجماعات في المسجد الأقصى بفكرة السيطرة على المكان وفرض وجودها فيه. وعادةً، تتخذ الأجهزة الأمنية الإسرائيلية احتياطات خاصة في هذه الفترة لمنع تطور استفزازات هذه الجماعات إلى تصعيد شعبي فلسطيني مع مركزه في القدس. ولهذا السبب، سمحت شرطة الاحتلال، على سبيل المثال، لأفراد هذه الجماعات بنفخ البوق في عيد رأس السنة العبرية داخل المسجد الأقصى المبارك مرتين على التوالي خلال العامين الماضيين، مع الحفاظ بصرامة على عدم توثيق الحدث أو تصويره بأي شكل، سواء من قِبل حراس المسجد الأقصى والمصلين فيه أو من أفراد هذه الجماعات المتطرفة، ومنعت أي تغطية إعلامية له تمامًا، خوفًا من أن يؤدي ذلك إلى اضطرابات واسعة في المنطقة.

في هذا الموسم من هذا العام، يسعى وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير -كما هو عادته- لإثبات قوته وسيطرته على الشرطة. وهو يطمح في تصعيد الوضع في الأراضي الفلسطينية بأي طريقة ممكنة، حتى وإن كان ذلك يعني الاصطدام مع المؤسسة الأمنية، كما شهدنا في قراره بتغيير مواعيد زيارة الأسرى لتصبح مرة كل شهرين بدلا من مرة كل شهر، قرار تم رفضه من قِبل مجلس الأمن القومي الإسرائيلي. وبناءً على ذلك، لا يمكن استبعاد محاولة بن غفير لتصعيد الوضع في المسجد الأقصى خلال هذه المناسبات الدينية التي تستمر لمدة 22 يومًا، من خلال السماح بأعمال استفزازية.

في نفس الوقت، جماعات المعبد المتطرفة، التي تتلقى اليوم دعمًا غير محدود من وزارة الأمن القومي بزعامة بن غفير، قد تتخذ خطوات استفزازية دون توجيه مباشر من بن غفير. وذلك بناءً على ثقتها بولائه الكامل لها واستعداده لحماية أي تحرك من قبلها بحق الأماكن المقدسة في القدس. هناك اليوم عدة مؤشرات تدل على هذا التوجه. من أبرزها التصعيد الأخير ضد مصلى باب الرحمة، حيث اقتحمت شرطة الاحتلال المكان في فجر الجمعة الأولى من شهر سبتمبر الجاري، عابثة بمحتوياته ومحطمة له بشكل غير معتاد. وهذه الأحداث تعكس نية سلطات الاحتلال في تهيئة المنطقة لفرض وجهة نظرها حول مصلى باب الرحمة، خاصة بعد فشلها في إغلاقه أو استعادة السيطرة عليه عقب هبة باب الرحمة في عام 2019.

هذا التصعيد قد يمثل عاملا أساسيا -وإن كان غير مباشر- في زيادة الاحتقان وتسخين المنطقة، موجهًا إياها نحو مواجهة عسكرية واسعة على عدة جبهات. قد تكون أوسع من مواجهة عام 2021، خصوصًا إذا دخل حزب الله اللبناني الصراع. في حال حدوث مثل هذه المواجهة، ستكون القدس بلا شك من أبرز ميادينها. لا أقصد المواجهة العسكرية داخل القدس بالضرورة، ولكن الانشغال العالمي بمواجهة على الجبهتين اللبنانية والغزّية قد يدفع بعض أفراد جماعات المعبد المتطرفة لاتخاذ خطوة جريئة وخطيرة مثل محاولة فرض تقسيم مكاني داخل المسجد الأقصى، أو السيطرة على أحد مبانيه أو مرافقه، مثل باب الرحمة أو الساحة الشرقية أو التصويرة الجنوبية الغربية، ليحولوها إلى مكان يقيم فيه المستوطنون طقوسهم الدينية. بعض قادة الصهيونية الدينية قد يستغلون هذه المرحلة للسيطرة على الحاخامية الكبرى في إسرائيل، خصوصًا مع اقتراب موعد انتخاب الحاخام الأكبر نهاية السنة العبرية في شهر سبتمبر الحالي.

إن السيناريو الذي يمكن أن يمنع اليمين الإسرائيلي من محاولة استغلال الأوضاع وفرض سيطرته على الأقصى هو الفعل الشعبي الذي أثبت كفاءته في القدس في السنوات الماضية، حيث إن أي هبة شعبية شاملة تشكل في الحقيقة حاضنةً اجتماعية للأماكن المقدسة، وهو ما يخشاه المستوى الأمني الإسرائيلي لأنه يفهم أن القدس تشكل الخاصرة الأضعف لإسرائيل، ولذلك فإن اللجوء إلى سيناريو الهبة الشعبية قد يكون هو الاتجاه الطبيعي الذي تسير إليه الأحداث في القدس في حال وجود شواهد قوية تدل على تحضير الاحتلال للسيطرة الكاملة أو الجزئية على المسجد الأقصى قبيل أو خلال أي مواجهةٍ عسكرية قادمة. وهذا يعني أنه يجب توجيه النظر دائما نحو الصراع المركزي في القدس باعتباره الأكثر حساسيةً على الإطلاق بين جميع مناطق الاحتكاك. فالاعتداءات في القدس ستكون وقودا قد يحرك الأوضاع ويسهم في تقريب أي مواجهةٍ عسكريةٍ في المنطقة كلها، لا في القدس فقط.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: المسجد الأقصى هذه الجماعات الأمن القومی داخل المسجد باب الرحمة هذا الموسم فی المنطقة أی مواجهة فی القدس بن غفیر

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: الغزو الفكري للصهاينة يستهدف التقليل من مكانة المسجد الأقصى.. فيديو

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، أن محاولة التقليل من مكانة المسجد الأقصى في فلسطين تشكل جزءًا من المخطط الصهيوني الهادف إلى محو الدولة الفلسطينية.

وفي حديثه مع الإعلامي حمدي رزق في برنامج 'اسأل المفتي' على قناة 'صدى البلد'، أشار مفتي الجمهورية إلى أن هذا التحريف التاريخي يسعى لتغيير الحقائق وطمس الهوية الإسلامية، حيث يتم الترويج لأكاذيب تنكر وجود المسجد الأقصى كموقع مقدس للمسلمين، مضيفًا أن هذا الهجوم الفكري يهدف إلى تقليل مكانة الأقصى لدى المسلمين، على الرغم من كونه يشكل ركيزة أساسية في عقيدتهم.

أوضح نظير عياد أن هذا التحريف التاريخي ليس سوى جزء من خطة طويلة الأمد بدأها الكيان الصهيوني منذ عقود، مشيرًا إلى أن هذه المحاولات تعود إلى أولى مراحل الغزو الفكري التي بدأها اليهود في العهد النبوي، حيث حاولوا التشكيك في نبوءة النبي محمد صلى الله عليه وسلم رغم معرفتهم بذلك بشكل جيد.

ولفت المفتي إلى أن هذا النوع من الغزو الفكري استمر بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، وتطرق إلى حادثة تحويل القبلة كأحد الأمثلة البارزة على هذه المحاولات، معتبرًا أن ما يحدث اليوم من تشكيك في المسجد الأقصى ليس مفاجئًا، إذ أن الهدف من هذه الحملة هو إضعاف الارتباط التاريخي والديني للمسلمين بهذه البقعة المقدسة.

وقال الدكتور عياد: 'هذا الهجوم الفكري يستهدف تزييف التاريخ وإعادة كتابته بشكل يخدم مصالح الكيان الصهيوني'، مشيرًا إلى أن من بين هذه الأكاذيب ادعاء أن المسجد الأقصى لا يقع في فلسطين، بل تحته هيكل سليمان المزعوم.

وأكد مفتي الجمهورية أن مواجهة هذا الفكر المغلوط تتطلب الرد بالحجج والأدلة العلمية والدينية، وذلك من خلال تصحيح التاريخ الإسلامي والعمل على تبيان الأخطاء التي تحتويها هذه الادعاءات، موضخًا أن مهمة تصحيح هذا الفهم الخاطئ يجب أن تستند إلى الأدلة القرآنية والأحاديث النبوية، بالإضافة إلى الشواهد التاريخية التي لا يمكن تزويرها أو إنكارها.

وأضاف المفتي أن التاريخ الإسلامي مليء بالأحداث التي تدحض هذه الأكاذيب، سواء كان ذلك في ما يتعلق بالمسجد الأقصى أو فتوحات المسلمين الكبرى.
 

مقالات مشابهة

  • مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى وسط حماية من الشرطة الإسرائيلية
  • الشيخ فائق شحادة حسن الأنصاري.. سادن الأقصى الذي أتقن حمل السلاح
  • مفتي الجمهورية: محاولات التقليل من مكانة المسجد الأقصى جزء من المخطط الصهيوني
  • مفتي الجمهورية: الغزو الفكري للصهاينة يستهدف التقليل من مكانة المسجد الأقصى
  • 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
  • فضل ليلة النصف من شعبان.. اعرف قصة تحويل القبلة والحكمة منها
  • نحو 40 ألف فلسطيني يؤدون صلاة الجمعة في رحاب الأقصى المبارك
  • المسجد الأقصى أقل قداسة من مكة .. مفتي الجمهورية يرد
  • مفتي الجمهورية: الغزو الفكري للصهاينة يستهدف التقليل من مكانة المسجد الأقصى.. فيديو
  • عشرات الآلاف من الفلسطينيين يؤدون صلاة الجمعة فى رحاب الأقصى