تزخر الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعشرات الألاف من الشهداء على مدار إحدى وعشرين قرناً، من مارمرقس الرسول إلى شهداء ليبيا، ويحظى الشهداء بمكانة كبيرة بداخل الكنيسة حيث خصص عيد لهم يتم الاحتفال به سنوياً، وعيد "النيروز"، عيد رأس السنة القبطية، أو عيد الشهداء، وتحتفل به الكنيسة في ١١ سبتمبر القادم والذي يقابله في الشهور القبطية يوم " 1 توت.

حيث يتشفع المسيحيون بالشهداء وفي طقس الكنيسة تذكرهم الكنيسة في التسبحة والسنكسار وتكرمهم الكنيسة أيضاً في تحليل الكهنة في صلاة نصف الليل وفي صلاة رفع بخور عشية وباكر وفي القداس، وتحتفظ الكنيسة برفات الشهداء وتضع أيقوناتهم وتحتفل بتذكار استشهادهم سنويًا.


تاتي كلمة "استشهد" في اللغة العربية بمعني قتل في سبيل الله هذا هو المعني الاصطلاحي، لكن المعني الاشتقاقي لكلمة الاستشهاد مشتق من الشهادة، فاستشهد بمعني سئل للشهادة، أو طلب للشهادة، والشهادة هنا الشهادة للإيمان الذي يدين به الإنسان ويزود عنه، هناك بعض الناس يقرؤها استشهد، لكنها استشهد. استشهد فلان أي طلب للشهادة، فشهد للإيمان الذي يؤمن به.

وأرتبط الاضطهاد بالمسيحية وهو يسير معها جنبا إلي جنب، وأحيانًا يصل إلي النهاية وهو ما نقول عنه الاستشهاد، وأول اضطهاد تعرض له المسيحيون كان من اليهودية حيثما ولد المسيح وانتشرت المسيحية، فاضطهد اليهود تلاميذ وأتباع المسيح بالقتل والتعذيب أو بالوشاية وإثارة الجماهير أو بالمقاومة الفكرية، بعدها دخلت المسيحية الناشئة في صراع طويل مع الوثنية متمثلة في الإمبراطورية الرومانية حيث أستمر ذلك لقرون إلى أن جاء الملك قسطنطين، وتغير بعدها مجرى تاريخ المسيحية.

ويقول القمص بطرس بطرس بسطوروس، وكيل عام مطرانية دمياط وكفر الشيخ والبرارى، وأستاذ علم الوعظ لـ"البوابة": «إن قصة الاستشهاد بدأت علي الصليب ثم امتدت الي حياة القديسين واولاد الله في كل جيل، ودائماً شخص المسيح هو المقصود بالعذاب في شخص الشهداء ولذلك نقول أن الله هو المحتمل للعذاب وليس الشهيد والقدرة علي الاحتمال هي قدره الله علي احتمال الألم ومن هنا نفهم كيف كانت المعونة الالهية تسندهم.»

وأكمل قائلاً: «ونحن نحب الشهداء ونكرمهم ونضعهم في مرتبة أعلي من كل مراتب القديسين لأجل ثباتهم في الايمان الي أن نالوا اكليل الشهادة، وهؤلاء الشهداء كان قد أحبهم المسيح حتى الموت ولذلك هم أيضاً أحبوه الي الموت ولم يحبوا حياتهم من اجل محبتهم للسيد فليس الاستشهاد موضوع تهور أو اندفاع بل هو حب واشتياق إلى الله والأبدية، قلوب عشقت الله فسارت وراءه؛ ولذلك عندما اتي الاستشهاد كان لسان حالهم ( لي اشتهاء ان انطلق واكون مع المسيح ذاك افضل جداّ ..في ٢٣:١)»


وتابع قائلاً: «والحلو أنهم كانوا فرحين وبلا تذمر أو خوف لأنهم حسبوا أنفسهم غير مستحقين أن يهانوا من اجل اسمه، وتحول الالم الي شركة معه (أن كنا نتألم معه فسوف نتمجد أيضاً معه .. رو ١٧:٨)، المهم كيف نستفيد من سير الشهداء، أولاً نحن لا نبكي علي الشهيد في يوم ذكراه إنما نعيد له لأنه نال الاكاليل ودخل الفردوس في يوم استشهاده، ونفرح لأن علي دمائهم تأسست الكنيسة ( دماء الشهداء بذار الايمان ) ونتعلم منهم كيف نثبت علي الايمان وكيف نستهين بالألآم وكيف لا نخاف الموت وكيف عاشوا في سلام واطمئنان رغم قسوة الألم.»


وأختتم القمص بطرس قائلاً: «والاستشهاد في مفهومه الروحي هو الانتصار على الشيطان الذي يقاوم عمل الله فينا فنستطيع نحن ان نعيش الشهادة في كل حرب ننتصر فيها عليه، ونستطيع ان نعيش الشهادة إن كان فينا المحبة نحو الله والناس، ونستطيع أن نعيش الشهادة إذا كنا نحتمل كل الم في هذه الحياة ونحمل الصليب بفرح شاعرين ان الآلام هذا الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا، ليكن لنا قوة الشهداء وكل عام وأنتم بخير.»
 

في صفحات البوابالقمص بطرس بطرس بسطوروس

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عيد الشهداء النيروز دقلديانوس

إقرأ أيضاً:

الأنبا عمانوئيل يترأس قداس ذكرى مرور عشرين عامًا لانتقال الأب بطرس بحجازة

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

ترأس الأنبا عمانوئيل عياد، مطران إيبارشية طيبة للأقباط الكاثوليك، قداس ذكرى مرور عشرين عامًا لانتقال الأب بطرس، من رعية الشهيد العظيم مار جرجس، بحجازة.

وحرص مطران إيبارشية طيبة للأقباط الكاثوليك على مشاركة رهبان إخوة يسوع الصغار، ورعية الشّهيد العظيم مار جرجس، بحجارة، تذكار مرور عشرين عامًا على الانتقال السماوي للراحل الأب بطرس.

وفي كلمة العظة، تكلم راعي الإيبارشية عن الدّور العظيم والقوي والفعال، الذي يقوم به رهبان إخوة يسوع، حيث أن الإخوة بمثل حياتهم وحضورهم، يقدمون رسالة كبيرة.

وقال الأنبا عمانوئيل: كان في الماضي الأب بطرس، والأخ فرنسوا منارة للمنطقة في العديد من المجالات، وعلى الرّغم من مرور عشرين عامًا على انتقال الأب بطرس إلا أنه باقي ذكراه في قلوب وعقول كل شخص، تقابل أو تعامل معه.

شارك في الصلاة الأب ماركو ناجي، وكيل عام المطرانية، والأب ملاك ناجي، راعي الكنيسة، والأب ميشيل، من إخوة يسوع الصغار، والأب سامر الفرنسيسكاني، وهو احد أبناء الرّعية، وبعض رهبان أخوة يسوع.

حضر أيضًا هاني صابونجي، المدير التنفيذي لجمعية الصّعيد للتّربية والتّنمية، ورشدي صبحي، مدير مكتب الجمعية بالأقصر، وعماد زكير، مدير مدرسة الجمعية، بحجارة، ومدير مدرسة الجمعية بجراجوس، والعديد من أبناء الرّعية، والمحبين لإخوة يسوع الصغار.

مقالات مشابهة

  • الكنيسة القبطية تنفي وفاة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة
  • الشهداء فى الذاكرة.. الشهيد مصطفى الخطيب استشهد داخل المسجد
  • قديسو شهر مارس.. نماذج خالدة في تاريخ الكنيسة القبطية
  • الشهداء فى الذاكرة.. محمد أحمد ثابت استشهد عقب صلاته الفجر
  • عون وباسيل في حارة حريك وحزب الله يلاقيهما في الكنيسة: تفاهم جديد في بداياته
  • الكنيسة القبطية تحتفل باليوبيل الذهبي لرهبنة الأنبا كيرلس آڤا مينا بحضور البابا تواضروس
  • رئيس جامعة بورسعيد يستقبل وفدًا من الكنيسة القبطية للتهنئة بحلول عيد الفطر
  • عبد المسيح: لإصلاح شامل وجذري في أجهزة الرقابة كافة
  • محافظ القاهرة يستقبل وفود بيت العائلة والكنيسة الأرثوذكسية للتهنئة بعيد الفطر
  • الأنبا عمانوئيل يترأس قداس ذكرى مرور عشرين عامًا لانتقال الأب بطرس بحجازة