حول التغيرات الوطنية المنتظرة قبل العام 2024
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
اعتدنا أن تكُونَ الشهور الأربعة (9-12) من الفترة الزمنيَّة التي يتمُّ فيها تشكيل مجلس عُمان مليئة بالإشاعات ووجهات نظر الرأي العامِّ حَوْلَ تغيُّرات وطنيَّة قادمة، خصوصًا تلك التي تعيد تشكيل مجلس الوزراء وغيره من مؤسَّسات وأجهزة الدوَلة، تحديدًا ما يقَدِّم مِنْها خدمات عامَّة للمواطنين أو حتى يتداخل في أنشطته ومسؤوليَّاته الرسميَّة مع تلك الخدمات والمصالح الشَّعبيَّة والوطنيَّة.
الرأي العامُّ، وفي هذه الفترة الزمنيَّة، يبدأ بإعادة تقييم ذهني للعديد من القيادات السِّياسيَّة (الوزراء) والقيادات التنفيذيَّة (الوكلاء والرؤساء التنفيذيِّين) وفق اعتبارات ومعايير معيَّنة لسْنَا في صدد التطرُّق إليها في هذا الطرح، ولكن ما يهمُّ هو أنَّ للمُجتمع رأيًا ووجهة نظر تتناقل عَبْرَ الشارع ووسائل الإعلام والاتِّصال، خصوصًا وسائل التواصل الاجتماعي، وهو أمْرٌ إيجابي وصحِّي، خصوصًا في جانب تمكين وعي المُجتمع والمشاركة السِّياسيَّة حيال مختلف القضايا والمصالح الوطنيَّة.
في الجانب الآخر تُسهم الآراء المُجتمعيَّة، خصوصًا ما يُنشر مِنْها عَبْرَ المنابر الإعلاميَّة، بالإضافة إلى آليَّات التقييم الرسميَّة وعلى رأسها اللجنة الخاصَّة التي تتبع جلالة السُّلطان (أعزَّه الله) كما هي موضحة في المادَّة (65) من النظام الأساسي للدَّولة رقم (6/2021) تساعد على إعادة النظر في شأن التمديد لهذا المسؤول أو ذاك أو عدم ذلك، وأقول إنَّ من المُهمِّ للغاية أخذ رأي المُجتمع بعَيْنِ الاعتبار ويتمُّ ذلك عَبْرَ ما ينقل إلى المؤسَّسة المعنيَّة عَبْرَ الجهات والشخصيَّات الموثوقة، خصوصًا أنَّ القيادات المطلوبة في الفترة القادمة، وبالإضافة إلى قدرتها على القيادة والتغيير، فهي أيضًا يجِبُ أن تنالَ ثقة المُجتمع وإلَّا فإنَّ اختيار الشخصيَّات التي لا يثق بها المُجتمع سيؤثِّر في ثقة المُجتمع في الحكومة.
«تلك الأهمِّية والمكانة التي يتمتع بها المسؤول مرهونة بإدراك الشخص الذي يحتلُّ موقع المسؤوليَّة أنَّه موظف يتولَّى خدمة النَّاس، وأنَّ ذلك هو مبرِّر احتلاله لموقعه… صحيح أنَّه لا يُمكِن للمرء أن يصنعَ معجزة، ولكنَّ مسؤولي البلاد ملزمون بأن يستوعبوا أوجاع العباد والبلاد، فيما لو كان هنالك تفاوت طبقي أو غلاء في الأسعار، أو البطالة، أو إذا كان مستوى الإنتاج منخفضًا، ولا بُدَّ للشَّعب أن يعيَ ذلك أيضًا. ولكنَّ الفَرق بَيْنَهم وبَيْنَ مَن هو في موقع المسؤوليَّة، أنَّ هذا الأخير ينبغي أن يعرفَ جذور المشاكل ويبذلَ جهده لحلِّها، مع أخذ رأي المُجتمع ووجهات نظره بعَيْنِ الاعتبار».
من المؤكَّد أنَّ هناك اعتبارات سياسيَّة وإداريَّة عديدة في اختيار القيادات العُليا التي ستقُودُ دفَّة التنمية في هذا الوطن الكريم وفق رؤية سلطنة عُمان 2040، معايير مهنيَّة وأخرى شخصيَّة، ولكن ما يجِبُ أن يوضعَ في الاعتبار ورغم الأهمِّية القصوى للمعايير السابقة بكُلِّ تأكيد فإنَّ امتلاك الشخصيَّة المختارة لاعتبارات نَفْسيَّة ومُجتمعيَّة مُهمٌّ كذلك، خصوصًا تلك القدرة على زراعة الأمل والثقة في المُجتمع، القدرة على التواصل والاتِّصال مع الرأي العامِّ، بالإضافة إلى جانب مُهمٍّ آخر، وهو امتلاك القدرة على التفكير والتخطيط الاستراتيجي؛ لأنَّ هذه القيادات ستتحمَّل مسؤوليَّة توجيه الدفَّة وليس التجديف في القارب الإداري، والتوجيه يختلف عن التجديف في قارب الحكومة.
مع الوقت يزداد وعي المُجتمع وثقافته ومعارفه السِّياسيَّة والإداريَّة، تزداد إمكاناته على النَّقد والتقييم مع توسُّع الشريحة المتعلِّمة والانفتاح على بقيَّة المُجتمعات والثقافات، الأمْرُ الذي يجِبُ أن يقابله هذا ـ إن لَمْ يكُنْ من الملزم أن يتجاوزَه ـ ارتفاع الوعي والفكر والإمكانات الشخصيَّة لدى المسؤول الذي يقع عليه الاختيار، وأن توضعَ تلك الأسباب والاعتبارات محلَّ اعتبار عِند الاختيار، خصوصًا أنَّ وطننا العزيز مُقبلٌ خلال السنوات القادمة ـ حاله كحال بقيَّة الدوَل والمُجتمعات ـ على تغييرات عديدة ومختلفة في الذهنيَّة والسلوك المُجتمعي من جهة، بالإضافة إلى التحوُّلات الحاصلة في البيئة الوطنيَّة والدوليَّة، سواء في الجانب السِّياسي أو الاقتصادي أو الأمني أو غير ذلك.
كلمة أخيرة: المُجتمع ينتظر شخصيَّات لها قَبول مُجتمعي، قادرة على توطيد ثقة المُجتمع بمؤسَّسات الدَّولة، شخصيَّات تزرع الأمل في النفوس عَبْرَ أعمالها وتصريحاتها، شخصيَّات تصنع القرار من الميدان ومن عقبات وتحدِّيات المُجتمع، وليس ممَّا يُنقل لها أو يُقال لها فقط، شخصيَّات يجدها المُجتمع في السرَّاء قَبل الأزمات، شخصيَّات فتحت أبوابها ونوافذها للشمس والهواء النَّقي وليس تلك التي أخذت المنصب وجاهةً فأغلقت أبوابها ونوافذها أمام النَّاس.
محمد بن سعيد الفطيسي
باحث في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية
رئيس تحرير مجلة السياسي – المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية
azzammohd@hotmail.com
MSHD999 @
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الم جتمع خصوص ا من الم
إقرأ أيضاً:
الانتخابات الأمريكية 2024.. أبرز الولايات التي يتفوق فيها ترامب على هاريس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حقّق المرشح الجمهوري دونالد ترامب فوزًا في ولايات وست فرجينيا وكنتاكي وإنديانا، وفقًا للنتائج الأولية للانتخابات الرئاسية الأمريكية، كما أظهرت المؤشرات تقدمه في ولايات كارولينا الجنوبية وجورجيا وفلوريدا وأوهايو.
ويأتي هذا التقدم في ولايات تعد ذات أهمية حيوية بالنسبة للحزب الجمهوري، مما يمنح ترامب دفعة قوية نحو تأمين الأصوات اللازمة للفوز بالمجمع الانتخابي.
وتتمتع هذه الولايات بتأثير كبير في الانتخابات، حيث تمثل قاعدة جمهورية تقليدية يهيمن فيها الحزب الجمهوري، خاصة في مناطق الجنوب الأميركي، التي لطالما شكلت دعمًا مستمرًا للمرشحين الجمهوريين. فولاية وست فرجينيا، على سبيل المثال، تعتبر واحدة من أكثر الولايات ولاءً للحزب الجمهوري في السنوات الأخيرة، بينما كانت كنتاكي وإنديانا داعمتين ثابتتين لترامب خلال انتخابات 2016 و2020.
وفي كارولينا الجنوبية وجورجيا، يتطلع ترامب للحفاظ على تقدمه الحالي. وتعد جورجيا ولاية متأرجحة تزن 16 صوتًا في المجمع الانتخابي، وهي ولاية رئيسية في هذا السباق. وعلى الرغم من فوز جو بايدن بها في انتخابات 2020، إلا أن جورجيا تتأرجح عادةً بين الحزبين وفقًا للتغيرات الديموغرافية والسياسية في كل دورة انتخابية.
ويعوّل ترامب في هذه الولايات الجنوبية على دعم قاعدته من الناخبين المحافظين، الذين يبرز بينهم الاهتمام بقضايا الاقتصاد والهجرة والأمن.
ويعتمد النظام الانتخابي الأميركي على المجمع الانتخابي، حيث يحتاج المرشح إلى الفوز بـ270 صوتًا من أصل 538 في المجمع الانتخابي للوصول إلى البيت الأبيض. وتخصص معظم الولايات جميع أصواتها للمرشح الفائز في التصويت الشعبي للولاية، باستثناء ولايتي مين ونبراسكا اللتين توزعان الأصوات الانتخابية بنسب التصويت.
وتأتي هذه النتائج الأولية في ظل أجواء انتخابية محتدمة، حيث تشهد الانتخابات الأمريكية إقبالًا قياسيًا مع تصويت الملايين عبر البريد أو بالحضور الشخصي. ويشغل الاقتصاد وحقوق المرأة والهجرة مركز الصدارة في القضايا المؤثرة على خيارات الناخبين، حيث أسهم التضخم وتكاليف المعيشة المرتفعة في زيادة قلق الناخبين من الوضع الاقتصادي.
ومع تقدم ترامب في هذه الولايات الجنوبية، تظل ولايات مثل بنسلفانيا، ميشيغان، وفلوريدا محورية في تحديد مسار السباق.
ويتوقع أن تؤدي الولايات المتأرجحة دورًا حاسمًا في تحديد الفائز، خاصة في ظل التقارب بين المرشحين في استطلاعات الرأي، مما يجعل السباق إلى البيت الأبيض في هذا العام واحدًا من أكثر السباقات تنافسًا في التاريخ الأميركي الحديث.