من الوثائقيَّات التي استمتعتُ بها كثيرًا فيلم «الحاكي» الوثائقي، الذي وصلني من الصَّديق الأستاذ الدكتور حارث عبود، الإعلامي والباحث الذي عمل طويلًا في المجال الإذاعي. يبدأ الوثائقي بصوت البلبل الذي يذكِّر العراقيين بافتتاح إذاعة بغداد في ساعات الصباح الأولى من كُلِّ يوم، ويعلن الدكتور حارث عبود بصوته المتميز افتتاح الإذاعة من قلب بغداد، ثمَّ يظهر الصوت الشَّجي الذي يستمع إليه جمهور الحاكي الواسع، صوت فيروز في أبهى نغمات وأجمل الكلمات حتى أصبحت جزءًا من صباحات العراقيين على مدى عقود.
اختيار موفَّق لعنوان «الحاكي» الذي يعني الراديو، وطالما استخدم العرب مفردة مذياع، لكنَّ الحاكي يبدو أقرب إلى المعنى، الذي ينطوي عليه عالَم الإذاعة ويُعدُّ من المفردات المستحدثة في اللغة العربيَّة وفي لغات العالَم الأخرى، إذ كان هذا الاختراع أحد اختراعات القرن العشرين، وشهد تطوُّرًا ملحوظًا في النصف الثاني من القرن الماضي (القرن العشرين) حتى تحقَّقت قفزات هائلة مع دخول التقنيَّات الحديثة.
في مفتتح الوثائقي يقول الدكتور حارث عبود، إنَّ مُدُن العراق وناسَه يغوصون في أعماق التاريخ، وإنَّ مجالس المثقَّفين تتواصل في انعقادات لا تنتهي. يقول الدكتور عبود (حياة العراقيين منذ الأزل على ضفاف أنهارهم)، وفي عشرينيَّات القرن العشرين بدأت الصحف العراقيَّة تروِّج وتتحدَّث عن صندوق أسود اسمه (الراديو)، وأنَّ مَن يتنعَّم بامتلاك هذا الصندوق سيستمع للأخبار التي تحدُث في العالَم ويستمع إلى الموسيقى والغناء وغير ذلك الكثير.
يشير إلى معلومة تاريخيَّة بذِكْره أنَّ أجهزة (الراديو) في تلك الفترة لَمْ تكُنْ بمتناول العراقيِّين، لكنَّها تنتشر في معسكرات الانتداب البريطاني في العراق. وأوَّل نشاط للراديو في العراق كان في بعض المقاهي البغداديَّة، حيث ظهر (الراديو) اللاسلكي في صيغته البدائيَّة. وكان مقهى الباروديَّة في منطقة الفضل برصافة بغداد، أوَّل مَن أنشأ راديو، حيث يتمُّ افتتاح البثِّ بآياتٍ من القرآن الكريم ويؤرَّخ لذلك في العام 1933.
في حين كانت أوَّل تجربة رسميَّة للبثِّ الإذاعي في العام 1932. وبثَّت الإذاعة في بدايتها خِطابًا للملك فيصل الأوَّل ومحاضرات للراحل نجيب الريحاني وقصيدة للشاعر جميل صدقي الزهاوي وبعض الأغاني العراقيَّة والعربيَّة.
بدأت محاولات تأسيس الإذاعة في ظروف غاية في الصعوبة في ذلك الوقت، وكانت تبثُّ لساعتيْنِ ثمَّ تتوقف، واقتصرت على بعض مناطق بغداد وليس كُلَّها.
بعد إذاعة الزهور الخاصَّة بالملك الشَّاب غازي انطلقت إذاعة بغداد في الأوَّل من يوليو ـ تموز 1936.
ويطوف بنا هذا الوثائقي الأخَّاذ في عوالم بثِّ «الحاكي»، الذي يزخر بالمعلومات ويتوقف في أهمِّ محطَّات البثِّ الإذاعي في العراق.
وليد الزبيدي
كاتب عراقي
wzbidy@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
خلال 2025.. ترقب حذر للواقع الاقتصادي والمالي في العراق
بغداد اليوم - بغداد
أكد المختص في الشأن الاقتصادي أحمد التميمي، اليوم الأحد (22 كانون الأول 2024)، أن العراق مقبل على وضع حذر لواقعه الاقتصادي والمالي خلال العام 2025.
وقال التميمي، لـ"بغداد اليوم"، إن: "التوقعات والمعطيات تؤكد أن العراق مقبل على احداث ساخنة في بداية السنة الجديدة، وهذه الاحداث ستكون لها تداعيات وانعكاسات على واقع البلاد المالي والاقتصادي، خاصة مع قرب تسلم الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض، والخشية من فرض بعض العقوبات والتشديد المالي على العراق من اجل الحد من تهريب الدولار وكذلك الحد من الدور الإيراني عبر تلك الضغوطات الاقتصادية".
وأضاف، أن "هناك حذرا شديدا لواقع العراق المالي والاقتصادي مع بداية السنة الجديدة، خاصة وان الوضع الاقتصادي العراقي يتأثر بشكل كبير بأي حدث أمني أو سياسي، ولهذا الكل يرتقب الأيام المقبلة، وهذا الامر دفع الى تراجع عمليات بيع وشراء العقارات والاغراض الثمينة الأخرى، خشية من أي هزة اقتصادية ومالية مرتقبة".
وكانت اللجنة المالية النيابية، قد أكدت الإثنين الماضي، أن الأوضاع في سوريا لا تؤثر على الاقتصاد العراقي أو على سعر صرف الدولار في السوق المحلية" مشيرة الى، أن "الحكومة والبنك المركزي اتخذا عدة إجراءات مهمة لمواجهة التحديات الأمنية والاقتصادية في البلاد، خصوصاً في ظل الأوضاع المتدهورة في سوريا".