هل يعود المعسكر الإصلاحي إلى السياسة في إيران؟
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
هل يعود المعسكر الإصلاحي إلى السياسة في إيران؟
مع توقف المفاوضات النووية وعودة الاضطرابات الداخلية، تحتاج البلاد لإعادة التوازن لنظامها السياسي لكن السياسات في إيران متقلبة ومتغيراتها سريعة.
تكتيكات جبهة "بايداري" تهدد نفوذها فرغم فوائد الاستحواذ على السلطة فإن له أضرار، أولها إمكانية الإطاحة بهم وتقديمهم كمسؤول أول وأخير عن فشل الدولة.
يُظهر الأصوليون ردود فعل عنيفة تجاه ظهور شخصيات إصلاحية ومعتدلة مؤخرا، على رأسها الرئيس السابق حسن روحاني في حين تعصف بالمعسكر الأصولي انقسامات واسعة.
يأمل الإصلاحيون في الاستفادة من السخط الشعبي تجاه الأصوليين وحكومتهم في العودة إلى المسرح السياسي، بموازاة خطط وتكتيكات المعسكر الأصولي لمنع عودة الإصلاحيين.
تحاول جبهة "بايداري" (استقرار الثورة) التجمع الأكثر يمينية داخل المعسكر الأصولي، إحكام السيطرة على السلطة وإقصاء الحلفاء المحسوبين على رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف.
بعض القوى الإصلاحية لا يرى فائدة من المشاركة في أي انتخابات مقبلة، بل يعتبر مشاركة الإصلاحيين في العملية الانتخابية محاولة للحفاظ على النظام الحالي على حساب مصداقيتهم.
* * *
أثارت شخصيات إصلاحية بارزة في إيران موجات من الجدل في الآونة الأخيرة، ما فتح الباب أمام تكهنات تفيد بعودة محتملة للمعسكر الإصلاحي للمشاركة مرة أخرى في العملية السياسية، وذلك بعد إقصاء دام أربع سنوات منذ الانتخابات البرلمانية لعام 2020 والانتخابات الرئاسية لعام 2021.
بعد اختفاء سياسي ملحوظ، عاد الرئيس المعتدل السابق، حسن روحاني (2013-2021) إلى الواجهة من جديد بعد ظهوره في عدة لقاءات مع مسؤولي حكومته السابقة، وبرزت تصريحات روحاني المنتقدة لحكومة الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، التصريحات تركت بعض الانطباعات برغبة روحاني في عودة سياسية محتملة.
يضاف لذلك انتقادات الرئيس الأسبق الإصلاحي محمد خاتمي (1997- 2005) لطريقة تعامل الحكومة الإيرانية مع العصيان المدني ضد قانون الحجاب الإلزامي منذ وفاة الشابة مهسا أميني في منتصف سبتمبر/آيلول من العام الماضي.
وسائل الاعلام الإيرانية المحافظة سارعت إلى مهاجمة تجمع الإصلاحيين، زاعمة رغبتهم في استغلال فرصة الاحتجاجات الأخيرة التي عمت البلاد للعودة إلى السلطة مجددًا.
صحيح أن المعسكر الإصلاحي يعاني منذ سنوات طويلة من أزمات، صحيحٌ أيضا أنه فقد جزءً كبيرًا من قاعدته الجماهيرية، إلا أنه لا يمكن إنكار أن الاحتجاجات واسعة النطاق التي عمت أغلب المدن الإيرانية (سبتمبر/آيلول 2022) وحالة التمرد والعصيان ضد القوانين الاجتماعية، كذلك اتساع رقعة السخط والغضب بين الإيرانيين، قد شجعت التيار الإصلاحي على الظهور والعودة إلى المناداة بضرورة إجراء إصلاحات وازنة لضمان استمرار الجمهورية الإسلامية في إيران.
الانتخابات البرلمانية القادمة
في الانتخابات البرلمانية لعام 2020، استبعد مجلس صيانة الدستور، وهو الهيئة المكلفة بفحص أهلية المرشحين، أغلب المرشحين من المعسكر الإصلاحي، شمل ذلك نوابًا في البرلمان.
تكرر الأمر في الانتخابات الرئاسية لعام 2021، حيث تم استبعاد كافة المرشحين الإصلاحيين وحتى المعتدلين المقربين من السلطة أمثال علي لاريجاني، رئيس مجلس النواب السابق ومستشار القائد الأعلى للثورة آية الله علي خامنئي.
وقتئذ، أطلق الإصلاحيون والمعتدلون في إيران على خطة الأصوليين للاستحواذ على السلطة: عمليات تطهير كبرى.
لكن مع اندلاع الاحتجاجات وتطور مطالبها للإطاحة بنظام الجمهورية الإسلامية، وجد الإصلاحيون والمعتدلون أن فشل حكومة رئيسي في معالجة المظالم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية نقطة انطلاق لهم من جديد.
خاصة بعد انتشار تقارير عن لقاء جمع بين نجل القائد الأعلى للثورة، مجتبى خامنئي، وفائزة رفسنجاني إبنة الرئيس الراحل علي أكبر هاشمي رفسنجاني، كما لجأ سكرتير المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني السابق، الجنرال علي شمخاني إلى بعض الشخصيات الإصلاحية البارزة للبحث عن حلول لوقف الاحتجاجات.
في الأسابيع الأخيرة، تحدثت رموز من المعسكر الإصلاحي عن الشروط التي يجب توافرها في الانتخابات البرلمانية المقبلة من أجل ضمان مشاركة الإصلاحيين.
على سبيل المثال، قال السياسي الإصلاحي المخضرم سعيد حجاريان في إحدى المقابلات الصحفية، إن هناك شروطاً يجب أن تراعيها الحكومة لضمان مشاركة الإصلاحيين في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وعلى رأسها عدم إقصاء أي مرشح إصلاحي، كذلك عدم توقف الضغوط الساعية إلى فرض أسماء معينة لا تتمتع بالتأثير السياسي المقبول في الانتخابات.
وهو ما حدث في الانتخابات الرئاسية لعام 2021 حين تعرض المعسكر الإصلاحي لضغوط من أجل دعم كلٍ من المحافظ السابق للبنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي، والسياسي الإصلاحي محسن مهر علي زاده.
يعتقد سياسيون إصلاحيون أن تنفيذ شروطهم وضمان وجودهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة من الممكن أن يشجع الناس على الذهاب إلى صناديق الاقتراع بعد تسجيل انخفاض هائل في أعداد المشاركين، سواء في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية السابقة التي سجلت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الجمهورية الاسلامية عند 48.4 في المئة.
يجدر القول أن الشروط التي تحدث عنها السيد حجاريان، سبق وأن تقدم بها الإصلاحيون سابقًا في عام 2019 قبل الانتخابات البرلمانية الماضية. كان الإصلاحيون يعولون حينها على أن احتجاجات نوفمبر/ تشرين الثاني 2019 بسبب زيادة أسعار الوقود، سوف تضغط على الأصوليين وتجبرهم على تشجيع مشاركة الإصلاحيين في الانتخابات، لكن هذا لم يحدث، اليوم، يسيطر الأصوليون على الأجهزة الثلاثة للسلطة، وهو ما كان يريده خامنئي بحديثه المتكرر عن توحيد صوت السلطة في الكثير من المناسبات.
هناك من القوى الإصلاحية في إيران من يرى أن لا فائدة من المشاركة في أي انتخابات مقبلة، بل يصف البعض مشاركة المؤيدين للإصلاح في العملية الانتخابية أنها بمثابة محاولة للحفاظ على النظام الحالي وأنها تأتي على حساب مصداقيتهم.
وهذا ما تحدثت عنه فائزة رفسنجاني في رسالة من محبسها، إذ حثت الإصلاحيين على عدم المشاركة في الحفاظ على هذا النظام، على حد تعبيرها.
ترى السيدة رفسنجاني أن النظام الإيراني لم يعترف في أي يوم من الأيام بوجود الإصلاحيين، بل أنه يستغل وجودهم في إظهار نفسه بمظهر النظام الديمقراطي الذي يشرف على انتخابات حرة وتنافسية. ولذلك، تتبنى فائزة رفسنجاني خيار مقاطعة الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلتين.
على أي حال، لا يزال الإصلاحيون غير متأكدين من رغبة المؤسسة السياسية “بيت القائد الأعلى” في عودتهم إلى الواجهة مرة أخرى، ولن يتأكدوا من ذلك إلا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة في انتظار قرارات مجلس صيانة الدستور التي ستكون الرسالة الواضحة والقاطعة.
الأصوليون: منافسة مصطنعة
يُظهر الأصوليون من خلال وسائل الإعلام التابعة لهم وتصريحات الشخصيات البارزة من داخل المعسكر، ردود فعل عنيفة تجاه الظهور الأخير والمتكرر لعدد من الشخصيات الإصلاحية والمعتدلة، وعلى رأسها الرئيس السابق حسن روحاني. رغم ذلك، تعصف بالمعسكر الأصولي انقسامات واسعة النطاق.
تحاول جبهة "بايداري" أو "استقرار الثورة"، وهي التجمع الأكثر يمينية داخل المعسكر الأصولي، إحكام السيطرة على السلطة وإقصاء الحلفاء من أمثال المحسوبين على رئيس البرلمان الحالي محمد باقر قاليباف.
وشرعت جبهة "بايداري" في إنشاء تحالفات جديدة للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة باعتبارها جماعات مُنافسة، هذه المُنافسة المُصطنعة من المفترض أن تضمن إقصاء الإصلاحيين والجماعات الأصولية الأخرى وأن تمنعهم من الاستيلاء على أي مؤسسة من مؤسسات السلطة.
في ذات الوقت، يمكن القول أن التكتيكات التي تعتمدها جبهة "بايداري" تهدد نفوذها، فكما أن للاستحواذ على السلطة فوائد فإن لديه العديد من الأضرار، في مقدمتها إمكانية الإطاحة بهم من السلطة بسهولة وتقديمهم كمسؤول أول وأخير عن فشل سياسات الدولة.
وهو ما ما يحدث فعلاً مع حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي وضعفها في حل العديد من المشاكل الداخلية، وهو ما اضطر بعض أنصاره ومؤيديه إلى انتقاده والتنديد بفشل حكومته.
وسط هذا الجدل، وإذ تأمل قوى الإصلاح السياسي في الاستفادة من السخط الشعبي تجاه المعسكر الأصولي وحكومته المتشددة في العودة إلى المسرح السياسي، بالتوازي مع خطط وتكتيكات المعسكر الأصولي لمنع أن يحقق الإصلاحيون أمانيهم.
لا يمكن الجزم بأن بيت القائد سيسمح بعودة روحاني ورفاقه إلى الحياة السياسية من جديد، صحيحٌ أن الدوافع أمام خامنئي كثيرة مع توقف المفاوضات النووية مع أمريكا ودول الغرب وعودة الاضطرابات الداخلية، ما يعني حاجة البلاد إلى إعادة التوازن إلى نظامها السياسي، لكن وكما عودتنا السياسة الإيرانية، السياسات في إيران متقلبة والمتغيرات تتحرك بسرعة.
*شيماء علي كاتبة ومترجمة
المصدر | البيت الخليجي للدراسات والنشرالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران الغرب الإصلاحي الأصولي الاحتجاجات الاضطرابات الداخلية المحادثات النووية إعادة التوازن الانتخابات البرلمانية على السلطة مشارکة فی فی إیران وهو ما
إقرأ أيضاً:
المنتخب الألماني يعيد ضبط البوصلة ويركز على كرة القدم عوضا عن السياسة
يسعى المنتخب الألماني لكرة القدم إلى التركيز على أدائه الرياضي بعيداً عن السياسة وشؤونها، فقد أكد المدرب يوليان ناغلسمان أن على اللاعبين التفرغ للمباريات وترك القضايا السياسية جانباً.
اعلانوقد صرح ناغلسمان لإحدى المحطات التلفزيونية بأن تجربتهم في قطر أثبتت أن التدخلات السياسية يمكن أن تضر بأداء الفريق. وقال: "لقد تعلمنا جميعاً من تلك التجربة، وعلينا أن نركز على ما نجيده وهو كرة القدم".
وخلال مونديال قطر، واجه المنتخب الألماني انتقادات واسعة بسبب احتجاجاته السياسية، حيث رفض بعض المشجعين مشاهدة البطولة واعترض اللاعبون على بعض القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان.
وأضاف قائد المنتخب جوشوا كيميش أن "ليس من مهمتنا التعبير عن مواقف سياسية"، مؤكداً ضرورة التركيز على اللعب والأداء الرياضي.
وبالتزامن مع ذلك، يستعد الاتحاد الدولي لكرة القدم لتأكيد استضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034، رغم انتقادات بعض المنظمات الحقوقية.
اللاعب الألماني فيليكس نميتشا يحتفل بعد تسجيله هدفا ضدّ المجر في ملعب بوشكاش أرينا في بودابست، الثلاثاء 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2024.Denes Erdos /APيشار إلى أنّ المنتخب الألماني حقق تحولًا نوعيًا خلال العام الجاري، متجاوزًا الإخفاقات السابقة واستعدادًا لاستحقاقات كأس العالم 2026.
وقد سجل 10 انتصارات في 15 مباراة عام 2024، مقارنة بثلاثة انتصارات فقط في 2023.
ورغم الخسارة الوحيدة أمام إسبانيا في ربع نهائي يورو 2024، فإن الفريق أظهر تطورًا ملحوظًا.
فيما برز لاعبان شابان هما فلوريان فيرتز وجمال موسيالا باعتبارهما نجمين مستقبليين للمنتخب، حيث سجل فيرتز 6 أهداف وموسيالا 5 أهداف.
ومع اعتزال أسماء كبيرة مثل نوير وكروس وغوندوغان ومولر، يتطلع المنتخب الألماني للمنافسة بجيل جديد واعد في كأس العالم المقبل.
المصادر الإضافية • أب
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية كأس العالم 2022: عودة غوتسه إلى المنتخب الألماني وبلجيكا تستدعي لوكاكو رغم الإصابة كيف تجاوب الألمان مع اعتزال أوزيل المنتخب الألماني؟ انتقادات كبيرة للاعبي المنتخب الألماني أوزيل وغوندوغان بسبب لقائهما بإردوغان السياسة الأوروبيةألمانيارياضةاعلاناخترنا لك يعرض الآن Next مباشر. الحرب بيومها الـ411: استمرار القتل في غزة ومصرع 36 في قصف إسرائيلي على تدمر ونعيم قاسم يهدد تل أبيب يعرض الآن Next مصادر: الرئيس الروسي منفتح على نقاش وقف إطلاق النار مع ترامب.. ولكنه يصر على مبادئه تجاه كييف يعرض الآن Next "مؤامرة التسميم": الكشف عن تفاصيل خطة اغتيال الرئيس البرازيلي لولا يعرض الآن Next البيتكوين يتخطى حاجز 94 ألف دولار لأول مرة في تاريخه يعرض الآن Next تذكروني كشخص جيد من مايوركا.. الأسطورة رافاييل نادال يودع الملاعب الترابية ويطوي سنينًا من الأمجاد اعلانالاكثر قراءة حدث "هام" في منطقة الأناضول.. العثور على قلادة مرسوم عليها صورة النبي سليمان أسعار زيت الزيتون ستنخفض إلى النصف في الأسواق العالمية هوكستين من بيروت: وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل في متناول اليد اليابان ترفع السن القانوني لممارسة الجنس من 13 إلى 16 عاما حب وجنس في فيلم" لوف" اعلانLoaderSearchابحث مفاتيح اليومكوب 29روسياإسرائيلفولوديمير زيلينسكيفلاديمير بوتينفرنساالحرب في أوكرانيا غزةدونالد ترامبحماية البيئةحركة حماسطوارئالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesJob offers from AmplyAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactPress officeWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2024