«بناء الرواية.. دراسات في الراوي والنوع».. أحدث إصدارات هيئة الكتاب
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، كتاب «بناء الرواية.. دراسات في الراوي والنوع»، وهو من تأليف الدكتور عايدي علي جمعة.
دراسة 5 روايات شهيرة في كتاب بناء الروايةيقع الكتاب في 5 فصول، جاء الفصل الأول منه تحت عنوان: «الرَّاوِي العليم في رواية الحرام»، وهي رواية شهيرة للروائي المصري يوسف إدريس دخلتُ إلى عالمها من خلال الكشف عن تقنية الراوي فيها، وكان التوقف أمام الراوي يحمل قناعة بأهميته الكبيرة في الأعمال الروائية خاصة؛ لأنه لا توجد رواية بغير راو يرويها.
كان الراوي العليم الذي يمسك بكل خيوط السَّرد هو النَّسَق المعتمد في رواية الحرام ليوسف إدريس، فتوقفتُ أمام طبيعته ووظائفه وما بَنَّه في سرده من دلالات تتفاعل بوضوح مع السياق الاجتماعي الذي أُنتج الرواية فيه.
وجاء الفصل الثاني بعنوان «الراوي المشارك في واحة الغروب»، للروائي المصري بهاء طاهر، وحصلت على جائزة البوكر في نسختها العربية الأولى، وتمتلك رواية واحة الغروب تميّزا واضحًا في تقنية الراوي، حيث خرجت على النسق التقليدي المهيمن في استغلال هذه التقنية.
كان هناك الراوي الرجل والراوي المرأة والراوي المصري والراوي الأجنبي والراوي الحقيقة والراوي الشبح والراوي المتحضر والراوي البدوي، ولكن كانت المراوحة السردية الكبرى بين راويين فقط الراوي الرجل متمثلاً في محمود الذي ينتمي إلى مصر، والراوي/ المرأة متمثلا في كاثرين زوجته الأوروبية.
وفي الفصل الثالث، رُصدت تقنيةً ذات أهمية بالغة في الرواية الحديثة وهي تقنية تيار الوعي، وهي تقنية لها تعلّقها الكبير بتقنية الراوي، وتوقفت الدراسة أمام روايتين معاصرتين؛ الرواية الأولى هي رواية «تاج الهدهد» للروائي المصري ناصر عراق، والرواية الثانية هي رواية بياض ساخن للروائية المصرية سهير المصادفة.
وجاء الفصل الرابع تحت عنوان أمام العرش وتداخل الأنواع والتداخل بين الأنواع يظهر من خلال التعامل الخاص مع تقنية الراوي من أيضًا، وأمام العرش رواية شهيرة للأديب المصري العالمي نجيب محفوظ الذي حصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1988.
والفصل الخامس والأخير فإنه يذهب بعملية التداخل بين الأنواع إلى درجة أبعد كثيرًا، حيث يتم كسر مركزية النوع نفسه، وهذا الفصل جاء بعنوان کسر مركزية النوع في رواية كل من عليها خان، وهي رواية للأديب المصري السيد حافظ وقد بدا في هذه الرواية كسر مركزية النوع، وذلك من خلال التعددية النوعية، فهناك الرواية والمسرحية والقصة القصيرة جدا، وهناك النقل المسرحى للحكاية المركزية في هذه الرواية، وهناك القصائد القصيرة جدًّا التي جاءت عَرَضًا في الرواية، كما أن جانب السيرة الذاتية لا نعدمه في هذه الرواية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: هيئة الكتاب الهيئة العامة للكتاب الثقافة
إقرأ أيضاً:
الرواية.. بين الانتصار للحقوق وإملاءات الجوائز
لا تزال الساحة الثقافـية بين ضفتي المتوسط مشغولة بقضية الكاتب الفرنسي الجنسية الجزائري الأصل كمال داود، الحائز مؤخرا على جائزة «غونكور» الفرنسية، التي لا تتجاوز قيمتها المالية أكثر من عشرة يورو، ولكن للجائزة قيمة معنوية تمنح الرواية الفائزة شهرة واسعة فـي البلدان ذات الثقافة الفرنكوفونية، التي تُعد هذه الجائزة إحدى قواها الناعمة والمغرية للكُتّاب بلغة فولتير، مع أن هذه الجوائز تُخضِع الأدب القادم من العالم الثالث لمواصفات وشروط الذائقة الأوروبية والفرنسية على وجه التحديد، كما ذكر ذلك الكاتب الفرنسي جان ــ لو أمسيل فـي كتابه «اختلاق الساحل» الذي راجعه الكاتب بابا ولد حرمه ونشره فـي الموقع الإلكتروني لمركز الجزيرة للدراسات. ويرى الكاتب بأن ذلك الإبداع يستجيب «لشروط وهياكل مسبقة شيدتها فرنسا عبر شبكات تعاونها المتمثل فـي المراكز الثقافـية ووسائل الإعلام والجوائز الأدبية ودور النشر التي تخصص حيزاً كبيراً من جهودها لما يبدعه كتاب ومثقفون ومفكرون ذوو علاقات وطيدة مع النخب الثقافـية والعلمية فـي باريس». وقد عنون الكاتب الفصل الثاني من الكتاب « توطين المثقف الناطق بالفرنسية فـي الساحل» حيث ذكر المؤلف بأن « فرنسا تقتات ثقافـيا على إبداعات وطاقات أبناء القارة السمراء الطافحة بالوعود والحياة» ويتطرق المؤلف إلى تتبع خيوط الروايات الحائزة على الجوائز الأدبية وخاصة جائزة «غونكور» المهتمة بالأعمال المناهضة «للإسلاموية أو الرُهاب من الإسلام وما تخلفه هذه الأعمال من صدى، وما يُـذرف من دموع فـي أرجاء فرنسا حسرة وأسى على مصائر شخوصها من ضحايا الأبوية و«الإسلاموية» والتطرف المناقض للقيم الإفريقية «الأصيلة السمحاء».
هكذا إذن يُقيّم المثقف الأوروبي للجوائز الأدبية التي تمنحها الدول الاستعمارية لمستوطناتها القديمة، ويذُكرنا ذلك بالمثل الإنجليزي القائل «من يدفع للزمار يختار اللحن». فالجوائز الأدبية التي تُمنح الشُهرة للعمل الأدبي، قد تؤثر على المواضيع التي يتناولها الأدب ويُتهم كتابها بالسعي إلى الشهرة على حساب القيم الوطنية والنيل من مكانة الدولة، مع العلم بأن الكتابة التي تدين العنف وتفضحه وتعريه هي كتابة مرحب بها، نظرا لأن وظيفة الأدب ليست المؤانسة والإمتاع، وإنما وسيلة من وسائل الانتصار للمظلوم ورفع الضيم عنه، ولكن للأسف يتم أحيانا توظيف الكتابة لأجندة سياسية قذرة تُستغل وتتحول إلى وسائل ابتزاز وضغط على بعض الدول، وهذا أحد أسباب الجدال «حسب رأيي» حول رواية حوريات، التي منحها محكمو الجائزة ستة أصوات من أصل عشرة للجنة التحكيم.
وبصرف النظر عن مواقف الكاتب كمال داود من القضية الفلسطينية وغيرها من القضايا، فإنه لا يجوز محاكمة الكُتاب على أفكارهم شريطة ألا تتحول الكتابة إلى كآبة يتضرر منها آخرون كحال الشابة الجزائرية سعادة عربان (30 عاما) التي أفشت طبيبتها النفسية أسرارها لزوجها الكاتب كمال داوود وحكت الرواية قصتها الحقيقية، فأصبحت سعادة ضحية مرتين. مع التأكيد على أننا لم نكن لنعرف مأساة سعادة لولا رواية حوريات، كما لم نتعرف على مقتل الشاعرة الأفغانية ناديا انجومان التي قتلها زوجها عام 2005، لولا رواية حجر الصبر للكاتب الأفغاني عتيق رحيمي، الذي كشف المعاناة التي تتعرض لها المرأة فـي أفغانستان تحت حكم سلطات قامعة لكل حق فـي الحرية. وهنا تكمن سلطة الكتابة وسطوتها فـي التأثير على الرأي العام، وهنا لا بأس أن تتحول الرواية إلى ساحة جدال.
أما بخصوص الجوائز الثقافـية الغربية فتُعد المأساة الفلسطينية محكا لها وللفاعلين الثقافـيين من كتاب وإعلاميين وأكاديميين، فإما الانتصار للعدالة الإنسانية أو الخضوع لأهواء اللوبيات الداعمة للكيان الصهيوني، والتي تمارس نفوذها فـي المؤسسات الثقافـية الغربية، وهنا نستذكر ونُذكّر بحادثة الكاتبة والروائية الفلسطينية عدنية شبلي التي ألغى معرض فرانكفورت للكتاب حفل منحها جائزة «ليبراتور»، بسبب أحداث السابع من أكتوبر. لذلك لا ننتظر من المحكمين لجائزة «غونكور» تتويج أي عمل أدبي يتناول القصص الإنسانية للإبادة الجماعية فـي فلسطين وجنوب لبنان، وغيرها من قصص ضحايا الحروب التي مارسها الغرب حديثا فـي المنطقة العربية.