مراكش- "لن نعود إلى بيتنا، قد ينهار في أي لحظة، والوضع مرعب"، ليلة بيضاء أخرى تعيشها سلمى في شوارع مراكش الحمراء بصحبة عائلتها التي نزحت منذ مساء الجمعة 8 سبتمبر/أيلول الجاري بعد الزلزال الذي هز إقليم الحوز (جنوب المغرب) إلى إحدى الحدائق المجاورة لساحة جامع الفنا التاريخية.

هنا، لا تُسمع إلا أصوات سيارات الإسعاف ولا يتحدث المواطنون إلا عن أخبار الزلزال الذي قض مضجعهم بغتة، وقضى مغاربة وأجانب يومهم الأول وسط الساحات والحدائق، وعاشوا ليلة مرعبة ملتحفين السماء ومفترشين بطانياتهم خوفا من سقوط البنايات، والتحقت بهم أفواج أخرى مع حلول مساء أمس، لقضاء ليلة أخرى من القلق والترقب.

لم تعد مراكش تلك المدينة الشهيرة التي اعتاد العالم على فرحها، إذ تحولت الساحات في ليلة وضحاها من وجهة للاستجمام إلى ملجأ لخائفين يبحثون فيها عن ملاذ آمن للنجاة من كارثة تتربص بمنازلهم التي يراها عدد منهم آيلة للسقوط، فيما ينتظر آخرون استقرار الوضع والتأكد من سلامة مساكنهم.

الساحات تحولت في ليلة وضحاها من وجهة للاستجمام إلى ملجأ لخائفين يبحثون عن ملاذ آمن من الزلزال (الجزيرة) ليلة كئيبة

غابت البسمة المعتادة من على ملامح ساحة جامع الفنا القلب النابض لمدينة مراكش، وباستثناء بضع واشمات للحناء غاب عنها في مساء أول ليلة بعد الزلزال أفراد عائلتها التاريخية من رواة الحكايات الشعبية والبهلوانيين ومروضي الأفاعي ولم يعودوا إليها منذ تركوها عند ساعة الهلع الليلة الماضية.

لاحظنا نوعا من الهدوء يعم هذه الساحة الشعبية على غير عادة الصخب الجماهيري الذي كان لا يتوقف هنا لساعات متأخرة من الليل، وفجأة يكسر صوت ناي أطلسي قادم من زاوية محتشمة في جنبات جامع الفنا الهدوء.

يقول محمد شيخ خميسني مهموما للجزيرة نت "أديت صلاة العشاء قبل قليل، ولدى عودتي داعب مسمعي صوته العذب وسط هذا الحزن وأتيت إليه، إنه صديقي محمد، تواسيني أنغامه بعد ما حل بجبالنا في الأطلس".

ويؤكد المارون من الساحة أن الأجواء قبل الساعة الحادية عشرة مساء الجمعة الماضي ليست هي نفسها هذه الليلة، معتبرين أن غياب الفنانين و"فرجتهم" (عروضهم) المعتادة في الجامع هو حداد على مأساة الأمس وأرواح شهدائها.

صومعة مسجد الكتبية بمدخل ساحة جامع الفنا في مدينة مراكش تنتصب شامخة (الجزيرة) تشرد وجوع

تتوسد الشابة هبة قدم أمها فاتحة حاسوبها وتقول بابتسامة حزينة للجزيرة نت "نجحت حديثا في امتحان البكالوريا، والآن أقوم بالتحضير لامتحان مدرسة عليا، أُبلغت هذا الأسبوع بنجاحي في الانتقاء الأولي للولوج إليها".

أما عمتها وبعد حديثها عما عاشته من رعب في ساعات الزلزال الأولى فتؤكد للجزيرة نت "نتضور جوعا منذ ليلة الأمس، وجبة غدائنا اليوم كانت خبزا يابسا".

وبين من يدرس حتى يحقق بداية دراسية جيدة ومن يلعب حتى لا يشعر بمرور ليلة أخرى من القلق ومن هو نائم يتطلع إلى صباح هادئ توحدت هموم الناس وقلوبهم قلقا على منازل تركوها خلفهم مرابطين في شوارع عاصمة المرابطين.

أمام صومعة الكتبية توجد بناية تاريخية صمدت أزيد من 900 عام وسط المدينة قبل أن تتحرك لحظة الزلزال يمنة ويسرة لتستقر دون وقوع أضرار جسيمة، ووقف شابان يعدان فراش أسرتهما لقضاء ليلة أخرى تحت سماء المدينة الدافئة.

يقول أبو يونس "كنا مجتمعين أسرة مبتهجة في البيت، عشنا هلعا بشعورنا بالأرض وهي تتحرك بقوة، وحولتنا المأساة في وقت قصير إلى أسرة خائفة خارج البيت، بتنا الليلة الأولى في الشارع، وهذه ليلتنا الثانية هنا، لا ندري إلى متى يستمر هذا الوضع".

غلاء الأسعار والشائعات التي تبث الهلع وسط السكان فاقمت معاناة النازحين إلى الشوارع (الجزيرة) "نريد خياما ومأوى"

وطالب المتحدث بتوفير ملاجئ أو خيام في الساحات القريبة لسكان مراكش الذين يسكنون منازل آيلة للسقوط والأحياء الشعبية التي تضررت من الزلزال، مؤكدا أن منزله تعرض لشقوق "مريبة" أفقدته وأسرته المكونة من تسعة أفراد شعور الثقة والأمان للعودة إليه.

بدورها، تطالب الفتاة العشرينية نهيلة -التي تنام برفقة أسرتها في إحدى حدائق مراكش- السلطات بالاهتمام العاجل بأسرتها الفقيرة التي تقطن في منازل صغيرة ورديئة وباتت اليوم دون مأوى، مؤكدة وجود عائلات عدة مشردة لا تتوفر على مياه الشرب أو وجبة عشاء ليلة.

وتضيف نهيلة للجزيرة نت "لا نستطيع العودة إلى المنزل بعد الآن، كل شيء تضرر"، والأمر ذاته بالنسبة لسلمى وأفراد أسرتها الذين سقط سطح منزلهم وتشققت جدرانه، وهي تطالب السلطات بإصلاح مساكنهم.

يذكر أن الديوان الملكي المغربي أعلن مساء أمس السبت "التكفل الفوري بالأشخاص دون مأوى جراء الزلزال" واستحداث "لجنة وزارية لوضع برنامج عاجل لإعادة تأهيل وإعمار المنازل المدمرة"، معلنا حدادا وطنيا لمدة 3 أيام وتنكيس الأعلام الوطنية.

وإلى جانب تخوف عدد من مواطني مدينة مراكش من عدم الاستفادة من المساعدات الإنسانية المرصودة للمناطق الأكثر تضررا من الزلزال رصدت الجزيرة نت غياب الخبز في عدد كبير من المخابز والدكاكين في أول يوم بعد ليلة الزلزال، مما فاقم معاناة النازحين إلى الشوارع، فضلا عن غلاء الأسعار والشائعات التي تبث الهلع وسط السكان.

وأعلن المغرب ارتفاع عدد ضحايا زلزال الحوز إلى أكثر من ألفي وفاة وأكثر من ألفي إصابة حتى مساء أمس السبت، مسجلا 1293 وفاة في إقليم الحوز، و452 في تارودانت و191 في شيشاوة و41 في ورزازات، إضافة إلى 15 وفاة في مدينة مراكش، فيما توزعت بقية أرقام الوفيات بين أزيلال وأغادير والدار البيضاء الكبرى واليوسفية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: جامع الفنا للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب جزر ماريانا الشمالية

ضرب زلزال بقوة 5.6 درجة على مقياس ريختر، اليوم سواحل جزر "ماريانا" الشمالية، غرب المحيط الهادئ.

وحددت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، مركز الزلزال على عمق 42 كيلومترا وعلى بعد 163 كم شمال جزيرة أغريهان، إحدى جزر ماريانا الشمالية.

أخبار ذات صلة زلزالان قويان يهزان كوبا هزة أرضية بقوة 4.7 درجة تضرب جزر تونغا

ولم ترد أنباء حتى الآن عن وقوع خسائر بشرية أو مادية جراء الزلزال.

يذكر أن جزر ماريانا الشمالية تقع بين مجموعة من الجزر، حيث تحدها اليابان من جهة الشمال، وجزر هاواي من الشرق، وإقليم غوام من الجنوب، وأخيرا تحدها الفلبين من جهة الغرب.

 

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • اجتماع موسع برئاسة والي جهة مراكش-آسفي لإطلاق مشاريع تطوير حي كليز
  • "حزب الله": استهدفنا للمرة الثانية قاعدة "الكرياه" مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية بصواريخ باليستية
  • والي الجزيرة يشدد علي ضرورة رصد الخلايا النائمة التي تتعاون مع المليشيا المتمردة
  • بطاقة بريدية من مراكش: العام الثقافي قطر-المغرب 2024
  • أمستردام تعلن حالة الطوارئ خوفا من تجدد أعمال الشغب.. ليلة أخرى مرعبة
  • بيع شاهين بمبلغ 62 ألف ريال في الليلة الـ 20 لمزاد نادي الصقور السعودي 2024
  • مواعيد مباريات اليوم الإثنين 11-11-2024 في دوري الدرجة الثانية المصري وتصفيات كأس أمم إفريقيا
  • زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب جزر ماريانا الشمالية
  • ملخص أحداث الحلقة الثانية من مسلسل "رقم سري" لـ ياسمين رئيس
  • منتخب مصر 2008 يواجه المغرب الليلة بتصفيات شمال إفريقيا