تقرير: لا تحالف بين هانوي وواشنطن وسط القلق من الصين
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
في الـ 28 من الشهر الماضي، أعلنت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض كارين جان بيير في بيان أن الرئيس الأمريكي جو بايدن سوف يلتقي الرئيس والأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي نجوين فو ترونغ في العاشر من الشهر الجاري، (اليوم الأحد) في هانوي لاستكشاف فرص تشجيع نمو اقتصاد فيتنام؛ من شأنه التركيز على التكنولوجيا والابتكار، وتوسيع الروابط بين "شعبينا" من خلال تبادل الخبرات في قطاع التعليم وبرامج تطوير القوة العاملة، ومكافحة تغير المناخ وتوسيع دائرة السلام والازدهار والاستقرار في المنطقة.
وترى "ثي ماي آنه نجوين" الحاصلة على درجة الماجستير في العلاقات الدولية من جامعة ماساتشوستس بوسطن الأمريكية، أنه من المتوقع أن تشهد رحلة بايدن تحديثاً لشراكة استراتيجية شاملة، تعد المستوى الأعلى في الهيكل الهرمي الدبلوماسي لفيتنام. وفي إطار سلوكيات الصين العدوانية على نحو متزايد في بحر الصين الجنوبي، يعد احتمال تشكيل تحالف أمريكي فيتنامي أمراً محل مناقشات بشكل متزايد.
In my latest analysis for @TheNatlInterest, I argue that despite the potential of an elevated partnership, the likelihood of a strategic US-Vietnam alliance is highly unlikely for two reasons.
The China Challenge May Not Spur a Vietnam-U.S. Alliance https://t.co/dpTOrHqHPb
وأضافت نجوين، في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، أنه يبدو أن هانوي تترك الباب مفتوحاً لتعزيز التعاون الأمني مع الولايات المتحدة، وتابعت أنه رغم أن احتمال إقامة شراكة عالية المستوى بين الولايات المتحدة و فيتنام يتم بلورتها خلال رحلة بايدن، فإن إقامة تحالف استراتيجي أمر غير مرجح بشكل كبير للغاية.
وبصرف النظر عن تمسك فيتنام بسياسة اللاءات الثلاثة (لا تحالفات، ولا قواعد أجنبية على أراضي الوطن، ولا انحياز مع بلد ثانٍ ضد بلد ثالث)، من غير المحتمل بالنسبة للدولتين الدخول في تحالف لسببين؛ أولهما أنه ليس لفيتنام والولايات المتحدة أي مصالح متداخلة في بحر الصين الجنوبي، وثانيهما لدى فيتنام شك متجذر في قرارة نفسها من التطور السلمي للولايات المتحدة.
وربما تدفع إجراءات الصين الأخيرة لتأكيد النفوذ في بحر الصين الجنوبي، فيتنام للنظر في تحالف أكثر قرباً مع قوى خارجية مثل الولايات المتحدة. ويعتقد الكثير من المختصين بالشؤون السياسية أن الوجود الأمريكي في بحر الصين الجنوبي عامل حاسم في موازنة السلوك العدواني الذي تنتهجه الصين.
ومع ذلك، فإنه مسألة ما إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لتشكيل تحالف مع فيتنام ضد الصين لاتزال مثار شك كبير للغاية لأن هانوي نفسها غير متأكدة من الموقف الذي سوف تتخذه في استراتيجية الولايات المتحدة المتعلقة بالصين، وبعبارة أخرى، ما هي التكلفة التي سوف تكون الولايات المتحدة مستعدة لتحملها لمساعدة فيتنام في نزاعات بشأن بحر الصين الجنوبي؟
وفيتنام واحدة من المطالبين الرئيسيين الذين لهم حصص كبيرة في بحر الصين الجنوبي. والهدف الأكثر أهمية في سياسة فيتنام البحرية هو الدفاع عن سيادتها الوطنية ووحدة وسلامة أراضيها، الأمر الذي يعد مهماً بالنسبة لشرعية الحزب الشيوعي الفيتنامي.
وتهدف هانوي على المدى القصير إلى الحفاظ على الوضع الإقليمي الراهن وحماية مياهها لتواصل القيام بالأنشطة الاقتصادية المعتادة مثل التنقيب عن النفط والصيد، وعلى المدى الطويل، تحاول فيتنام استعادة أراضيها المفقودة في بحر الصين الجنوبي. ومن ثم، فإن الأمن والموارد أمران وجوديان بالنسبة لمصالح فيتنام في بحر الصين الجنوبي.
وبينما عززت الولايات المتحدة وجودها البحري في المياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي، للإشارة إلى معارضتها القوية لأنشطة الصين، فإن الولايات المتحدة لم تنشر قواتها لحماية حقوق الأمن والموارد للدول التي لها مطالب في بحر الصين الجنوبي.
تقرير: خريطة #الصين الجديدة تتطلب تحرك الولايات المتحدة https://t.co/Ep8K6kvHG0
— 24.ae (@20fourMedia) September 9, 2023وبدلاً من ذلك، بررت الولايات المتحدة مصالحها فيما يتعلق بدعم الحفاظ على حرية الملاحة من خلال إجراء عمليات حرية الملاحة في تحد لمطالب الصين. فعلى سبيل المثال، نشرت الولايات المتحدة سفنها البحرية وطائرات سلاحها الجوي للقيام بدوريات في مياه الفلبين لحماية حرية الملاحة وحقوق الطيران، ودعت الصين إلى "احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي".
وإذا لم تقم الولايات المتحدة بحماية أمن حلفائها في البحر، فإنها ربما تفقد ثقتهم. ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة لا تتكبد أي خسائر مباشرة لمصالحها الأمنية الحيوية الحقيقية. وبالتالي، فإنه بينما تدفع مخاوف هانوي بشأن الأمن الإقليمي والموارد والشرعية صناع السياسة في هانوي إلى السعي للتحالف مع سياسة الولايات المتحدة، فإن هانوي في حاجة للتفكير ملياً بشأن مدى استعداد الولايات المتحدة للدفاع عن أمن فيتنام.
ويمكن أن تقوض المبالغة في مصالح الولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي سياسة فيتنام البحرية على المدى الطويل. ورغم أن فيتنام والولايات المتحدة تتشاركان في مخاوف كبيرة بشأن طموحات الصين لفرض الهيمنة البحرية في بحر الصين الجنوبي، فإن فيتنام لديها شكوك كبيرة إزاء نوايا الولايات المتحدة فيما يتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان والديانة مما يعرقل احتمال تشكيل تحالف.
وقبل زيارة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لهانوي في الـ 15 من شهر أبريل (نيسان) العام الجاري، أدانت الولايات المتحدة قيام فيتنام بسجن ناشط سياسي ودعت إلى إطلاق سراحه، كما طالبت أيضاً بالإفراج عن نشطاء آخرين في مجال حقوق الإنسان.
وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "فيتنام شريك مهم في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، وأتلك الشراكة لايمكن أن تتحقق بمفهومها الشامل، إلا إذا اتخذت حكومتها خطوات منسقة للوفاء بالتزاماتها وواجباتها بموجب القانون الدولي وتحسين سجلها الخاص بحقوق الإنسان".
ولطالما كان للتحالف بين فيتنام والولايات المتحدة وجهان، وتحتاج هانوي للنظر في هذين الوجهين بتعمق قبل الدخول في تحالف. فمن ناحية، سوف يعزز التحالف القدرات الدفاعية الفيتنامية ضد سلوك الترويع من جانب الصين في بحر الصين الجنوبي. ومن ناحية أخرى، من المحتمل أن يضر التحالف بقدرة الحكومة الفيتنامية على تطبيق سياسات الاعتماد على الذات في مجال الدفاع.
واختتمت نجوين تقريريها بالقول إنه "مع وضع كل هذا في الاعتبار، وبصرف النظر عن القلق المشترك بشأن الصين، فإن من غير المرجح أن تنضم الولايات المتحدة وفيتنام في تحالف بسبب غياب المصالح المتداخلة بين الدولتين في بحر الصين الجنوبي، وشكوك فيتنام المتجذرة في أعماقها بشأن النوايا السياسية الأمريكية".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الصين فيتنام أمريكا فی بحر الصین الجنوبی الولایات المتحدة فی تحالف
إقرأ أيضاً:
تقرير: على أوروبا صياغة دور جديد في الاقتصاد العالمي
في ظل التغيرات المتسارعة التي يشهدها الاقتصاد العالمي، تواجه أوروبا تحديات جديدة تتطلب إعادة صياغة دورها على الساحة الدولية. ومن خلال تعزيز تعاونها الاقتصادي، وتطوير سياساتها المالية والتجارية، تسعى القارة إلى ترسيخ مكانتها كفاعل رئيسي في النظام الاقتصادي العالمي.
وقال المحلل البريطاني كريون بتلر، مدير برنامج الاقتصاد والتمويل العالمي، في المعهد الملكي للشؤون الدولية البريطاني (تشاتام هاوس)، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قام بإعادة تشكيل دور الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي بشكل جذري.
Only Europe can begin to fill the void left by the US’s withdrawal from its post-war global economic leadership role. The EU and UK should make this goal a shared priority. https://t.co/GWB6MQ1NgP
— Chatham House (@ChathamHouse) March 28, 2025وأظهر استعداده لفرض رسوم جمركية كبيرة على معظم التجارة الأمريكية دون التقيد بأي قواعد دولية، وبالاعتماد على أسس قانونية محلية مشكوك فيها. كما وضع التحالفات الأمنية الأساسية للولايات المتحدة موضع شك، وهدد السلامة الإقليمية لحلفاء مقربين، بينما سحب الولايات المتحدة من الجهود العالمية لمكافحة التغير المناخي والأمراض والفقر.
وأضاف بتلر أنه بدلاً من أن تكون الولايات المتحدة قوة لتحقيق الاستقرار الدولي وحل المشكلات، أصبحت الآن مصدراً رئيسياً لعدم اليقين الاقتصادي العالمي، إذ يبدو أن السياسة الأمريكية مدفوعة بمصالح وطنية ضيقة ونهج قائم على المعاملات، دون اعتبار للقيم والمبادئ والقواعد والتحالفات طويلة الأمد.
وحتى الآن، لا يبدو أن ترامب لتوقف عن نهجه في ظل التأثير السلبي لهذه السياسات على التوقعات الاقتصادية للولايات المتحدة، حيث قام مجلس الاحتياط الاتحادي الأمريكي بمراجعة توقعات النمو لعام 2025 وخفضها بمقدار 0.4 نقطة مئوية إلى 1.7%، في حين انخفض مؤشر "ستاندارد آند بورز 500" بنسبة 7% عن ذروته في فبراير (شباط) الماضي.
ويقول بتلر إن الولايات المتحدة قامت في بعض الأوقات، بتغيير القواعد الاقتصادية الدولية أو تجاهلها عندما كان ذلك ملائماً لها في فترات سابقة. لكن طبيعة ومدى التغيير الحالي يتجاوزان أي شيء شهدناه منذ إنشاء نظام بريتون وودز قبل 80 عاماً.
ويرى بتلر أنه يجب على الدول الأخرى أن تخطط على أساس أن التحول في النهج الأمريكي سيكون دائماً، وألا تقتصر استراتيجياتها على إدارة علاقاتها الفردية مع إدارة ترامب في الوقت الحالي.
وأضاف بتلر أنه يمكن لهذه الدول ببساطة، قبول النموذج القائم على "المصلحة الوطنية الضيقة" الذي ينتهجه ترامب، وتقليد السلوك الأمريكي. أو يمكنها السعي للحفاظ على نظام قائم على القواعد، من خلال إيجاد حلول بديلة للتعامل مع تصرفات الولايات المتحدة، غير المترابطة أو المعرقلة بشكل علني.
ويرى بتلر أن انهيار هذا النظام الاقتصادي يشكل تهديداً وجودياً للاتحاد الأوروبي. ولهذا، فإن التكتل لديه مصلحة قوية في الرد على سياسات ترامب من خلال قيادة جهد عالمي للحفاظ على نظام اقتصادي دولي قائم على القيم والمبادئ والقواعد.
وعلاوة على ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي هو الوحيد الذي يتمتع بالحجم الاقتصادي (18% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي من حيث القيمة السوقية مقابل 26% للولايات المتحدة)، والعملات القابلة للتحويل بالكامل والقدرات الاقتصادية والعلمية والكفاءة التنظيمية ونظام الحوكمة القائم على القانون، ومجموعة التحالفات الاقتصادية الدولية اللازمة للقيام بمثل هذا الدور.
ويقول بتلر إنه حتى الآن، اتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات حاسمة في ثلاثة مجالات. أولاً، أعلنت المفوضية الأوروبية عن رد انتقامي قوي ضد الرسوم الجمركية الأمريكية على الصلب والألومنيوم، مع الإبقاء على عرض التفاوض.
وثانياً، تحركت المفوضية بسرعة لطرح مقترحات للتمويل الجماعي للاتحاد الأوروبي اللازم لدعم نظام دفاع أوروبي مستقل عن الولايات المتحدة. وثالثاً، تقوم ألمانيا، صاحبة الاقتصاد الرائد في الاتحاد الأوروبي، برفع قيود الاقتراض الدستورية التي تسمح لها بتمويل 500 مليار يورو من الإنفاق المحلي على البنية التحتية وإنفاق إضافي غير محدد بعد، ولكنه كبير، على الدفاع.
وتشير بعض التوقعات إلى أن هذا قد يرفع معدلات النمو الألماني الضعيفة الحالية، بما يصل إلى 0.5 نقطة مئوية في عام 2026. وكل هذه الخطوات الثلاث تتسق مع مبادرة الحفاظ على النظام الاقتصادي الدولي. لكنها مجرد بداية.
ويرى بتلر أنه ينبغي على الاتحاد الأوروبي الآن اتخاذ خطوات أخرى. أولاً، يجب أن يبدأ في صياغة رؤية لما يجب أن يكون عليه النظام الاقتصادي الدولي الجديد، والدور الذي سيلعبه الاتحاد الأوروبي فيه.
وثانيا، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يعطي الأولوية لتنفيذ التوصيات بشأن تعميق وتوسيع الأسواق المالية الأوروبية ومطابقة ذلك بتنشيط الجهود الرامية إلى تعزيز وضع عملة الاحتياطي العالمي لليورو. وثالثاً، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى بناء الثقة والتعاون مع الدول الأخرى لدعم نظام عالمي جديد.
ولكن الأهم بالنسبة للاتحاد الأوروبي هو علاقته مع المملكة المتحدة، سواء على أسس اقتصادية أو لأن المملكة المتحدة تشترك، أكثر من أي اقتصاد رئيسي آخر، في نفس المصلحة الأساسية في الحفاظ على نظام اقتصادي دولي قائم على القواعد ودور قيادي معزز لأوروبا محددة على نطاق واسع داخله.