قال الفقيه القاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نائب رئيس مجلس الدولة في دراسته بعنوان " الفضاء الإلكتروني ومواجهة التطرف لتصحيح مسار الخطاب الديني من منظور قضائي" التي شارك بها في المؤتمر الدولي الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية بوزارة الأوقاف، أن استغلال الخطاب الديني للفضاء الإلكتروني في السياسة يضلل العقل العام للأمة، وأن ترشيد الفضاء الإلكتروني يحقق الأمن الفكري ويحمي مصالح الوطن، والوعي القومي مطلوب للشباب، ويحدد أسباب التطرف الديني للفضاء الإلكتروني، ولماذا تفضل الجماعات الإرهابية استخدام الفضاء الإلكتروني للشباب.

جاء ذلك في المؤتمر الدولي للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية عن "الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني" تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى وبرئاسة الدكتور مختار جمعة وزير الأوقاف وشارك فيه وزراء الأوقاف فى العديد من البلدان الإسلامية على مستوى العالم، ونخبة من العلماء والمفكرين، وتحدث في المحاور الاَتية:

أولاً: استغلال الخطاب الديني للفضاء الإلكتروني في السياسة يضلل العقل العام للأمة:

وذكر الدكتور خفاجي أن الجماعات الإرهابية تحشد كل طاقاتها في الفضاء الإلكتروني للتأثير على الشباب واستغلالهم للأوضاع الاقتصادية السيئة وارتفاع الأسعار وتصدير الأزمات وإلباسها الثوب الديني المتشدد، وأن استغلال الخطاب الديني في الفضاء الإلكتروني من أجل السياسة خروج عن الاستخدام الطبيعي له، ويضلل العقل العام للأمة، لذا فإن المؤسسات الدينية المصرية وعلى قمتها وزارة الأوقاف تقوم بإحياء الخطاب الديني الرشيد في الفضاء الإلكتروني، وتوظيف وسائل التكنولوجيا لمواجهة الأفكار المتطرفة خاصة التواصل مع الشباب بنقل رسالتهم من المساجد إلى الفضاء الإلكتروني حيث يتواجد الشباب.

ويشير الدكتور خفاجي إلى أنه على سبيل المثال فإن تنظيم الدولة الإسلامية داعش يملك من الوسائل والأدوات على الإنترنت التى يبث خلالها سمومه تجاه الشباب أصحاب المشاكل فيقدم نفسه على أنه البديل لحلها، ومن الضروري الوقوف على كافة الأفكار المتطرفة والخاطئة التي تروّج لها الجماعات الإرهابية بين الشباب، كالخلافة الإسلامية، اعتمادا على أدلة منتزعة من سياقها الطبيعى، فضلاً عما تدعو إليه الجماعات الجهادية الأخرى من استغلال الظروف الاقتصادية لإحداث فوضى وعنف بحجة الظلم ضد المسلمين، مما يترتب عليه من اَثار سيئة تؤدى إلى الإحباط الاجتماعي والتضليل، لذا فالمجتمع بحاجة ماسة إلى منح الشباب الأمل والوعى القومى فى كافة الأمور وعلى قمتها الفهم الصحيح للدين الحنيف.

ثانياً: أسباب التطرف الديني عبر الفضاء الإلكتروني، ولماذا تفضل الجماعات الإرهابية استخدام الفضاء الإلكتروني للشباب؟:

يضيف خفاجي «تعمل الجماعات المتطرفة على احتكار الدين، وهم يركزون على الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية في المناطق الفقيرة والمهمشة، خاصة في الريف والعشوائيات، ستارا لتنفيذ أهدافها السياسية ورفعها شعار «الإسلام هو الحل» لجذب الجماهير إليها، وإقناعها بأن حلول كل المشكلات التي تواجهها تكمن في الدين لجذب التعاطف الشعبي في صفهم».

ويشير أن أسباب التطرف الديني عبر الفضاء الإلكتروني ترجع إلى أسباب عديدة لعل أهمها: الجهل بالدين ويشمل الجهل بالكتاب والسنة، والجهل بمآخذ الأدلة الشرعية وأدوات الاستنباط و التأويل الخاطئ للدين واستغلالها له لمصالحها الخاصة، وعدم المعرفة الصحيحة للأسباب الدينية والفهم الظاهري للنصوص، والافتقاد لمرجعيات دينية موثوق بها، واعتناق فكر ديني متطرف يكفِّر المجتمع كما يكفر الحاكم، استنادا إلى تفسيرات خاطئة للنصوص الدينية من غير علم، خاصة فيما يتعلق بفكرة الحاكمية. ومن ثم يدعون لقتل كل من يخالفهم فى الرأى ويستحلون دمائهم، فهو جهاد يقوم على العنف والإيذاء، لتغيير ما يرونه مخالفا ً لما يعتقدونه من أفكار متطرفة.

وتفضل الجماعات الإرهابية الفضاء الإلكتروني للتأثير على الشباب لنشر أفكارهم ولاستقطاب أتباع جدد، حيث يوجد العديد من الشباب المتذمر ومنعدم الآفاق، أو الشباب العاطل أو الذي يدمن المخدرات، أو الشباب الذي يعاني من مشاكل عائلية أو في حالة ضعف وهو ما تستغله تلك الجماعات و يقدمون أنفسهم كبديل لحل تلك المشكلات فيقعون فريسة في أيدى الجماعات الإرهابية التي تتخذ من العنف طريقاً ومن التشدد نهجاَ لكوادرها وأتباعها.

ثالثاً: سوء استخدام الفضاء الإلكتروني في الخطاب الديني يعجزه عن تحقيق ثلاثة أهداف:

وقال دكتور خفاجي إن سوء استخدام الفضاء الإلكتروني في الخطاب الديني يعجزه عن تحقيق ثلاثة أهداف أساسية: الهدف الأول ضعف تحصين المجتمعات من التطرّف وجرائم فكر العنف، والهدف الثاني عدم مساهمته في تحقيق القواسم المشتركة بين الأديان والمذاهب، والهدف الثالث عجزه عن تقديم صورة إيجابية عن الإسلام، وهذه الأهداف الثلاثة هي المشكلة الحقيقية في الفضاء الإلكتروني بالنسبة للخطاب الديني الأمر الذى يجعله عشوائياً بين الناس متلقى خدمة وسائل الاتصال الأمر الذى يلقى بظلاله الكثيفة على التطرف القائم على الأوهام والخرافات، على خلاف صحيح الدين الحنيف.

ويضيف أن تأثير سوء استخدام الفضاء الإلكتروني للخطاب الديني المتشدد يؤدي إلى التطرف الديني مما يؤثر على التماسك الاجتماعي، فيهدد بذلك أمن الاجتماعي والسلم الاجتماعي داخل المجتمع، بحسبان أن التنظيمات الدينية المتشددة تصدر فتاوى وآراء وأحكام دينية، خاصة مع فتاوى القتل وتكفير الحاكم والمواطنين وما يترتب عنها من استحلال دمهم ومالهم، تحدث بها الفتنة داخل المجتمع، ومن ثم فإن سوء استخدام الفضاء الإلكترونى للخطاب الديني يمثل خطراً على المجتمع وتهديداً حقيقياً لمصالحه العليا.

رابعاً: ترشيد الفضاء الإلكتروني يحقق الأمن الفكري ويحمى المصالح الأساسیة للوطن:

ويذكر إن الاستخدام الرشيد للفضاء الإلكتروني يحقق الأمن الفكري حمایة للمصالح الأساسیة للوطن، حيث یتجسد الأمن الفكري في قدرة الدولة على التصدي لكافة الاتجاھات الفكریة التي من شأنھا التأثیر في ثوابتھا العقائدیة والثقافیة والاجتماعية والفكریة، من خلال مقاومة الفكر الضار الدخیل على الأمة المصرية في نسيحها الواحد، ومواجهة كافة صور الانحراف الفكري المناهض للقيم المجتمعية الأصيلة.

ويختتم خفاجى أنه إذا كان تحقیق الأمن الشامل بمفھومه الواسع یقع على عاتق الأجھزة الأمنیة، فإن مواجهة الأمن الفكري من أھم صور الأمن التى تسهر عليه الجهات الأمنية المعنية بهذا الأمر، وهى تؤدى هذا الدور ليس بمنعزل عن تعاون المجتمع وتشاركها فيه المؤسسات الأخرى كالمؤسسات القضائية والمؤسسات الدينية على اختلاف فروعها، ليتشارك الجميع فى تطبیق الأسالیب العلمیة الحدیثة في إدارة الأزمات الأمنیة الفكرية بحسبان أن الإنحراف الفكري تھدید مباشر و خطیر على الأمن القومي للبلاد.

مجلس الدولة الفرنسي يؤيد قرار حظر العباءة في المدارس

مجلس الدولة يجري مقابلات وظيفة مندوب مساعد دفعة 2022 اليوم

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الخطاب الدينى الفضاء الإلكترونى مجلس الدولة فی الفضاء الإلکترونی الجماعات الإرهابیة الخطاب الدینی للخطاب الدینی الإلکترونی فی

إقرأ أيضاً:

«لغة القرآن».. ملتقى الأوقاف الفكري بمسجد الحسين في الليلة الثالثة عشرة من رمضان

انعقد ملتقى الفكر الإسلامي بمسجد الإمام الحسين -رضي الله عنه- في القاهرة، عقب صلاة التراويح في الليلة الثالثة عشرة من رمضان، تحت عنوان "لغة القرآن في شهر القرآن"، والذي ينظمه المجلس الأعلى للشئون الإسلامية برعاية الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف ورئيس المجلس، وبإشراف الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية.

شهد الملتقى حضورًا كثيفًا وأجواءً إيمانية وعلمية مفعمة بالروحانية، وذلك ضمن جهود وزارة الأوقاف لتعزيز الفكر الوسطي ونشر الوعي الديني خلال الشهر الفضيل. حاضر في اللقاء كلٌّ من  الدكتور حسني التلاوي، وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية سابقًا، والأستاذ الدكتور عبد الكريم جبل، أستاذ اللغة العربية بكلية الآداب جامعة طنطا ووكيل الكلية الأسبق.

الأوقاف تفتتح 31 مسجدًا غدًا الجمعة بينها 17 إحلالا وتجديداالأوقاف تحذّر من النصب الإلكتروني: " خليك واعي وما تقعش في الفخ"

أهمية اللغة العربية ودورها الحضاري
استهل الدكتور عبد الكريم جبل كلمته بتوجيه الشكر للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية على تنظيم هذا الملتقى، مؤكدًا أن اللغة العربية اختُصت بكونها وعاءً لدين الله الخاتم، ما منحها خصائص فريدة تجعلها قادرة على استيعاب معاني القرآن الكريم.

وأوضح أن اللغة العربية من أغزر لغات العالم، حيث تمتلك 12 ألف جذر لغوي، تتولد منها اشتقاقات تصل إلى ربع مليون كلمة، ما يجعلها ذات قدرة تعبيرية استثنائية، فضلًا عن تنوع مخارج أصواتها، ومرونة بنيتها الاشتقاقية التي تتيح توليد معانٍ جديدة مع الحفاظ على الدلالة الأصلية للكلمات.

كما شدد على ضرورة تعزيز مكانة اللغة العربية في المجتمع ووسائل الإعلام، باعتبار ذلك واجبًا دينيًّا وقوميًّا، لافتًا إلى أن الله تكفل بحفظها من خلال حفظه للقرآن الكريم، مصداقًا لقوله تعالى: "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ".

اللغة العربية.. وسيلة لفهم أوامر الله ونواهيه
من جانبه، أشاد الدكتور حسني التلاوي جهود معالي الأستاذ الدكتور أسامة الأزهري في نشر الفكر الإسلامي الوسطي، مشيدًا بحسن اختيار العلماء المشاركين في هذا الملتقى المبارك.

وأكد أن تعلم اللغة العربية عبادة، لأنها الوسيلة التي تمكن المسلم من معرفة الله تعالى وفهم أوامره ونواهيه، موضحًا أن فهم اللغة العربية فرض واجب، إذ لا يمكن إدراك معاني القرآن الكريم والسنة النبوية دون إتقانها.

كما شدد على أن إعجاز القرآن الكريم مرتبط بلغته، داعيًا جميع العاملين في المجال الدعوي إلى الاهتمام بإتقان اللغة العربية، حتى يتمكنوا من إيصال معاني القرآن الكريم والسنة النبوية إلى الناس بدقة ووضوح.

ختام الملتقى بأجواء روحانية
اختُتم الملتقى بفقرة من الابتهالات الدينية قدمها الشيخ يسري معتوق، وسط تفاعل كبير من الحضور وأجواء إيمانية مميزة، عكست روحانية الشهر الفضيل وأهمية اللغة العربية في فهم الدين ونقل تعاليمه.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي وتوظيفه من قبل الجماعات الإرهـ.ابية.. خبير يكشف مخاطر جديدة
  • الخطاب الديني في سلطنة عمان.. تعزيز للتسامح والاعتدال والتقارب
  • جامعة قناة السويس تناقش وعي الشباب بتحديات الأمن القومي في ندوة بكلية الألسن
  • وزراء وبرلمانيون إسرائيليون يطالبون الكونغرس الأميركي بإعلان حق اليهود الديني بالأقصى
  • ندوة لـ«تريندز» في مجلس اللوردات البريطاني: التصدي للتطرف مفتاح الاستقرار العالمي
  • انعقاد فعاليات الملتقى الفكري للواعظات بكفر الشيخ | صور
  • مجلس الأمن السيبراني: احذروا الصفقات الوهمية والاحتيال الإلكتروني
  • «الشباب ومواجهة التحديات الراهنة».. ندوة تثقيفية لمركز إعلام طنطا بالتعاون مع «رياضة الغربية»
  • فعاليات متنوعة في ختام أسبوع الأمن الإلكتروني بجنوب الباطنة
  • «لغة القرآن».. ملتقى الأوقاف الفكري بمسجد الحسين في الليلة الثالثة عشرة من رمضان