يمن مونيتور/إفتخار عبده

صادف يوم أمس الجمعة، الثامن  من سبتمبر اليوم العالمي لمحو الأمية، ويحتفل العالم بهذه المناسبة بعدما قضى على أمية القراءة  والكتابة واتجه للقضاء على أمية التكنولوجيا،  في الوقت الذي تشهد فيه الأمية في اليمن اتساعًا كبيرًا ونموًا متسارعًا لدى مختلف الفئات العمرية.

وقد ألقت الحرب الدائرة في اليمن منذ أكثر من ثمان سنوات تداعياتها المأساوية على مختلف القطاعات بما في ذلك  العملية التعليمية؛ فقد أدت الحرب إلى تسرب عشرات الآلاف من التلاميذ من آلاف المدارس لأسباب متعددة منها  هدم المدارس واتخاذ بعضها ثكنات عسكرية لدى الأطراف المتصارعة، وكذلك عدم قدرتهم على التعليم ودفع تكاليفه، أو للانخراط في سوق العمل ليعينوا أسرهم.

وبحسب تقرير اليونسكو لعام  (2021) فقد تم تدمير قرابة ( 2500) مدرسة، وتوقف حوالي (1.9) مليون طالب وطالبة عن الذهاب للمدرسة، وتوقف صرف المرتبات لقرابة (200.000) من المعلمين والإداريين منذ عام 2016، وما نتج عن ذلك من ارتفاع في معدلات التسرب من (980.000) طالب وطالبة عام 2014م إلى أكثر من (3) مليون طالب وطالبة  عام( 2021).

وتعد شريحة المعلمين من  أكبر فئات الوظيفة في اليمن؛ إذْ  يتجاوز عددهم 242 ألف معلم ومعلمة، يعيش حوالي 70% منهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وهذه الفئة هي الأشد تضررا؛ إذ إنها حرمت من مرتباتها  لقرابة  سبع سنوات متتالية، باستثناء مبالغ زهيدة يتم صرفها في مناسبات محددة.

ويعيش حوالي 30% من المعلمين  في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية، ويتقاضون مرتباتهم بشكل شبه منتظم، إلا أن هبوط العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، كان سببًا في  ضعف رواتبهم حتى أنه أصبح الحد الأعلى لراتب المعلم اليمني لا يتجاوز 80 دولارا وهذا ما انعكس سلبًا على حياتهم وحياة أسرهم.

وأدى العزوف عن التعليم من قبل الكثير من الطلاب إلى اتساع رقعة الأمية في البلاد، فلم يعد الأمر مقتصرًا على كبار السن من الذين لم تسمح لهم ظروفهم في الماضي بالالتحاق بالتعليم، لكن الأمية اليوم أصبحت تلتهم شبابًا وفتية في عمر الزهور.

بهذا الشأن يقول عبد الواسع الفاتكي( تربوي ومحلل سياسي)”  كانت نسبة الأمية في اليمن قبل الحرب من أعلى النسب في الشرق الأوسط إذ كانت تتراوح ما بين خمسين في المائة إلى ستين في المائة، ومنذ انقلاب المليشيات الحوثية وإشعالها الحرب التي تدخل عامها التاسع تعرض قطاع التعليم لضربات متتالية أدختله في دائرة الموت السريري وتعطل جهاز محو الأمية عن القيام بدوره”.

وأضاف الفاتكي لـ” يمن مونيتور” تشير التقارير المهتمة بالشأن التعليمي وبرامج الطفولة إلى أن أكثر من مليوني طفل خارج أسوار المدارس وأكثر من مليون ونصف طالب وطالبة غادروا فصول الدراسة في وقت مبكر  حتى دون  الحصول على شهادة التعليم الأساسي”.

وأردف” الظروف الاقتصادية الصعبة دفعت مئات الآلاف من الناشئين للاتجاه لسوق العمل لمساعدة أنفسهم وأسرهم بدلا من الاتجاه لمقاعد الدراسة والبعض من استقطبته المليشيات الحوثية لجبهات القتال تحت وطأة الحاجة”.

عمليةٌ تعليمية مشلولة

وأشار إلى أن” انقطاع رواتب المعلمين أسهم في إفراغ القطاع التعليمي من الكادر التدريسي ما جعل العملية التعليمية مشلولة إن لم تكن منعدمة؛ إذْ  اضطر المعلمون للبحث عن فرص عمل لهم والعمل بمهن أخرى توفر لهم على الأقل ما يقيم أودهم وأود أسرهم أو الهجرة خارج الوطن”.

وبيّن الفاتكي في حديثه لـ”يمن مونيتور” أن” جهاز محو الأمية كإدارة تابعة لوزارة التربية والتعليم لم يعد يعمل كما كان سابقا، فقد بات بعد الحرب يعمل بنسبة 10٪  مقارنة بما كان قبل الحرب  نتيجة ضآلة ميزانيته التشغيلية كما أن مراكز محو الأمية التى تتلقى دعما من بعض المنظمات أصبحت في حكم الراكدة جراء غياب متابعتها والرقابة عليها”.

ارتفاع نسبة الأمية كارثة تهدد مستقبل اليمن

ولفت إلى أن” ارتفاع نسبة الأمية في اليمن كارثة تهدد مستقبل اليمن وتنذر بخروجه من دائرة العصر،  جهل وتخلف ينتشر أفقيًا ورأسيًا عنوانه مؤشرات ارتفاع الأمية ففي الوقت الذي تخلصت فيه كثير من دول العالم من أمية القراءة والكتابة واتجهت لمحو أمية التكنولوجيا توسعت دائرة الأمية في اليمن وسجلت أرقاما قياسية تكاد تجعل اليمن في رأس قائمة الدول الأكثر أمية”.

 

 

في السياق ذاته تقول نبيلة عبده(  معلمة في مركزٍ  لمحو الأمية في مديرية سامع-  محافظة تعز)إن:” جهاز تعليم محو الأمية توقف  في الأرياف عام 2014م؛ بسبب اندلاع الحرب، كما توقف إصدار الكتب الخاصة بمحو الأمية  في المديرية”.

وأضافت” عملتُ في هذا المجال منذ عام 2010م حتى نشوب الحرب وقد كانت تلك الفترة مزدهرة بالنسبة للكثير من القرى، إذ تخرج الكثير من المقبلين على مراكز محو الأمية،  وقد تخرج على يدي  مايقارب مائة طالبة، يتراوح أعمارهن بين العشرين إلى الأربعين سنة”.

وتابعت” حاولنا  إعادة العمل في عامي( 2017م و2018م)لكن الحظ لم يحالفنا  بسبب عدم توفر كتب لتعليم الكبار، وقلة الاهتمام من قبل المختصين بمحو الأمية؛ ومنذ ذلك الوقت والمراكز  متوقفة عن العمل إلى أجل غير مسمى”.

وأشارت إلى أنه” لا يوجد اهتمام ولا متابعة  من قبل جهاز محو الأمية لتعليم الكبار نفسه، خاصة مع تدهور الأوضاع في البلاد”.

وأردفت” التعليم في اليمن بات متدهورًا جدًا؛ إذ  أصبح الكثير من الأهالي يهتمون فقط بتوفير لقمة العيش لأسرهم فقط لا غير”.

ولفتت إلى أن” ملايين الأطفال محرومون من الالتحاق بالعملية التعليمية، وأصبحوا يعملون في الأجر اليومي في أسواق العمل، ناهيك عن كبار السن”.

ظروف الحرب القاسية، وغلاء المعيشة السبب الأبرز في عزوف الكثير من الطلاب عن التعليم، ومغادرة المدرسة بوقت مبكر، من الصفوف الأولى “الابتدائية”.

محمد خالد ( 15عاما)  يسكن في مدينة تعز ويعمل بائعا متجولًا  بالليمون، ترك تعليمة وهو  في الصف الثالث الابتدائي ليذهب للعمل معللًا أن الظروف القاسية التي جاءت بها الحرب  هي من أجبرته على التوقف عن التعليم.

يقول محمد لـ”يمن مونيتور” حياة أسرتي عندي أهم من التعليم بكثير، ولن أستطيع أن أذهب إلى المدرسة وأسرتي لا تجد ما تأكله”.

وأضاف” تركت المدرسة قبل عدة سنوات، بدأت حينها ببيع المناديل، ثم جمعت لي مبلغًا من المال اشتريت به عربة صغيرة، أشتري كل  يوم سلة  من الليمون أقوم بتقسيمها إلى أكياس صغيرة فئة ألف أو فئة خمسمائة أبيع منها ما أستطيع والذي  يتبقى أشتري عليه لليوم الثاني”.

وأردف” الآن أستطيع فقط أن أكتب اسمي واسم أبي وعائلتي،  وأقرأ ببطء الكلمات الصغيرة فقط، ليست قراءتي  كما يقرأ من هم بعمري الآن، أشعر بالحزن على نفسي عندما أرى مستواي هذا لكني لست الوحيد، فهناك الكثير ممن هم أكبر مني وهم لا يجيدون القراءة ولا الكتابة، ولا يعرفون ذلك أبدًا، هذا ما أواسي به نفسي”.

وتابع” في الحقيقة كل صباح عندما يخرج   من هم في عمري من الجيران إلى المدرسة وأنا أخرج للسوق، أحزن كثيرًا لذلك، لكني مجبر على أن أساعد أبي الذي يعمل بالأجر اليومي ولا يجد عملا في الكثير من الأيام”.

وواصل”  إذا  انتهت الحرب سنعود للمدرسة ونحن فرحون؛  لأنه حينها ستتوفر فرص العمل للآباء وستخف أسعار المستلزمات الدراسية على ما هي عليه الآن، نحن نتمنى ذلك كثيرًا فقد سئمنا من هذا الوضع المليء بالأتعاب”.

بدوره يقول الصحفي رهيب هائل إن: ” الأمية اتسعت رقعتها في اليمن خلال سنوات الحرب بشكل كبير خاصة مع دمار العديد من  المدارس الحكومية وعدم توفر مراكز تعليمية  وعزوف ملايين الأطفال عن الالتحاق بالتعليم”.

وأضاف” أذكر أنه في السابق،  خلال الفترة من2011م حتى عام 2013م كانت توجد مراكز تعليمية تطوعية للكبار وللشباب  الذين لم تسعفهم الظروف الالتحاق في التعليم، ولعبت خلال تلك الفترة دورا مهما حقًا”.

وتابع” الحرب أججت وضع العملية التعليمية ودمرت العديد من المدارس والمراكز التعليمية وأصبح الكثير من المواطنيين يعزفون عن التعليم،ويذهبون إلى سوق العمل بشكل كبير”.

أبناء النازحين ضحايا الأمية

 

وأشار إلى أن”  الثمان السنوات الماضية كانت كفيلة في إنتاج أجيال غير متعلمة لا تستطيع القراءة والكتابة، خصوصا فئة النازحين الذين يتنقلون من مكان إلى آخر ولا يجدون فرصة لتعليم أطفالهم، فيصبح أولادهم ضحايا الأمية إلا القليل منهم”.

وأكد بأن” الأوضاع غير المستقرة في البلاد هي التي خلفت كمًا  هائلًا  من الشباب والأطفال وكبار السن من الذين لا يستطعوا القراءة والكتابة”.

ولفت إلى أن” المنظمات العالمية” اليونيسف” حذرت في عام  2021م أن هناك   مما  يقارب من مليوني طفل لم يستطيعوا الالتحاق بالعملية التعليمية وفي عام 2022م” حذرت المنظمة نفسها من ارتفاع العدد إلى ستة ملايين”.

وواصل حديثة” لايوجد اهتمام في العملية التعليمية من قبل الأهالي، خاصة مع تدهور الأوضاع الاقتصادية والتي أجبرت الكثير من الأسر على تقديم أطفالهم وشبابهم إلى الجبهات أو إلى سوق العمل بغرض توفير مقومات العيش، وهذا الأمر سيزيد من رقعة الجهل والتخلف مستقبلًا وبشكل مخيف”.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: التعليم اليمن محو الأمية العملیة التعلیمیة طالب وطالبة یمن مونیتور محو الأمیة عن التعلیم الکثیر من إلى أن من قبل

إقرأ أيضاً:

من هو الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الجديد في مصر؟ (بروفايل)

أدى الدكتور محمد عبداللطيف اليمين الدستورية أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، كوزير جديد للتربية والتعليم والتعليم الفني، خلفًا للدكتور رضا حجازي. 

يُعد هذا التعيين خطوة جديدة في مسيرة التعليم بمصر، إذ يحمل عبداللطيف خلفية تعليمية وإدارية متميزة.

السيرة الذاتية للدكتور محمد عبداللطيف

وُلد الدكتور محمد عبداللطيف في القاهرة في يونيو 1972. وهو نجل السيدة نرمين إسماعيل وحفيد المشير الراحل أحمد إسماعيل، قائد حرب أكتوبر 1973.

 

تميز عبداللطيف بروح العصامية والعمل الجاد منذ صغره، حيث سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية في سن الثالثة عشرة لاستكمال دراسته.

مسيرته التعليمية

بدأ عبداللطيف حياته المهنية بأعمال بسيطة حيث عمل كبائع جرائد ونادل في المطاعم خلال فترة دراسته الجامعية، وذلك لتمويل تعليمه بنفسه. 

حصل على ماجستير في تطوير التعليم من جامعة لورانس بالولايات المتحدة عام 2012، ثم تابع تحصيله العلمي بحصوله على دكتوراه من جامعة كارديف سيتي بالولايات المتحدة.

خبراته المهنية

قبل توليه منصب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، شغل عبداللطيف عدة مناصب هامة في مجال التعليم، من بينها:

- عضو مجلس إدارة شركة فيوتشر إنترناشيونال: شركة تعمل في مجال التعليم، حيث ساهم في وضع استراتيجيات تطويرية.
 
- المدير التنفيذي لمجموعة مدارس نرمين إسماعيل: تولى إدارة هذه المجموعة التعليمية، مشرفًا على تطوير العملية التعليمية ومتابعة أداء المدارس.

- عضو منتدب لشركة أدڤنست إديوكيشن: عمل على معادلة شهادات المدارس الأمريكية لتتوافق مع النظام التعليمي المصري.

مساهماته في تطوير التعليم

تميز الدكتور محمد عبداللطيف بمشاركته النشطة في الأنشطة الطلابية والإشراف على تطوير مناهج الدبلومة الأمريكية لتتناسب مع الثقافة المصرية. كان له دور بارز في تعزيز التعاون بين المؤسسات التعليمية الأمريكية والمصرية، بما يساهم في تحسين جودة التعليم في مصر.

رؤيته وأهدافه كوزير للتربية والتعليم

مع توليه منصب وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، من المتوقع أن يركز الدكتور محمد عبداللطيف على عدد من القضايا الأساسية:

تطوير المناهج: مواصلة تحديث المناهج التعليمية لتلبية احتياجات العصر الحديث وتعزيز التفكير النقدي والإبداعي لدى الطلاب.

تدريب المعلمين: العمل على تحسين مستوى تدريب المعلمين وتأهيلهم بأحدث الأساليب التعليمية والتكنولوجية.

البنية التحتية التعليمية: تحسين وتطوير البنية التحتية للمدارس لتوفير بيئة تعليمية مناسبة وآمنة للطلاب.

الاهتمام بالأنشطة الطلابية: تعزيز الأنشطة الطلابية التي تساهم في تنمية مهارات الطلاب وقدراتهم الشخصية والاجتماعية.

التعاون الدولي: تعزيز التعاون مع المؤسسات التعليمية الدولية للاستفادة من التجارب والخبرات العالمية في تطوير التعليم.

التحديات والفرص

سيواجه الدكتور عبداللطيف عددًا من التحديات في منصبه الجديد، من بينها تحسين جودة التعليم في المناطق الريفية والنائية، والحد من التكدس الطلابي في الفصول، وتعزيز التعليم الفني والتقني بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل.

 

التشكيل الوزاري الجديد

 

مقالات مشابهة

  • قف للمعلم.. بل قف من غش فليس منا
  • نهج متطوِّر في "القبول الموحد"
  • إنسانية تصنع الفارق وتنشر الأمل
  • نائب بالشيوخ: شراكة المدارس والقطاع الخاص في التعليم الفني والتكنولوجي ناجحة بكل المقاييس
  • وزير التعليم: سنعمل على تنمية وتطوير مهارات المعلمين
  • المقريف: العملية التعليمية لا زالت تحتاج الكثير للارتقاء بها.. ولن نظلم أي طالب
  • من هو الدكتور محمد عبداللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الجديد في مصر؟ (بروفايل)
  • “حرمات منتهكة” نساء اليمن بين صوت الجلاد وصوت الضحايا .. تقرير شامل
  • «3 حالات غش».. التعليم تستعرض تقرير اليوم السادس لامتحانات الثانوية العامة 2024
  • التشكيل الحكومي المرتقب.. تحسين الخدمات التعليمية على رأس الأولويات