بمجرد أن تطئ قدم أي شخص قرية هرية رزنة التابعة لمركز الزقازيق، يجد تمثالا يجسد الزعيم أحمد عرابي ممتطيا حصانا، وشاهرا سيفه، في وسط ميدان، ليمتزج عبق التاريخ بأجواء القرية الهادئة التي تبعد نحو 3 كيلو مترات فقط عن مدينة الزقازيق.

في شارع جانبي على جانبيه منازل مشيدة بالطوب اللبن والسقف من الأخشاب، يوجد في نهايته منزل من الطوب اللبن يتكون من طابقين وعليه لوحة تحمل اسم الزعيم، تشير إلى أن المكان هو منزل عائلته الذي وُلد وتربى داخله، وأنشأه والد أحمد عرابي الذي كان أحد مشايخ قرية هرية رزنة، وذلك أوائل القرن التاسع عشر الميلادي في الفترة من 1805 حتى 1848، خلال حكم الوالي محمد علي، وفقا لإدارة التراث الحضاري بديوان عام محافظة الشرقية.

ويتوسط المنزل باب خشبي قديم يؤدي إلى مدخل المنزل المخطط على مساحة شبه مستطيلة، تتوسطه صالة على جانبيها من ناحية اليسار غرفة بداخلها مقاعد مستطيلة «مساطب»، يجلس داخلها موظفون تابعون لهيئة الآثار المختصين بالإشراف على المنزل.

وبجوارها غرفة أخرى، وعلى اليمين غرفة بداخلها فرن فلاحي يعلوه مصطبة، وينتهي ممر المنزل إلى فناء مكشوف، حيث يوجد حجرة الحمام والسلم المؤدي إلى الطابق العلوي والمكون من حجرة واحدة وأمامها مساحة فضاء.

منزل الزعيم عرابي 

وقال محمد زين، أحد أهالي القرية، ومقيم بجوار منزل عرابي، إن منزل الزعيم بنفس الهيئة، ويعلو الباب قطعة خشب تحتوي على رموز يتم معالجتها إذا تعرضت إلى أي تلفيات مع الحفاظ على نفس هيئتها.

وأشار إلى أن المنزل يتكون من الغرفة التي يجلس بداخلها الموظفون، وتحتوي على مكتب ودولاب ومساطب، وبجوارها غرفة فارغة وفي الجهة اليمني غرفة بداخلها الفرن، مضيفا أنه تم ترميم المنزل اخر مرة قبل 25 عاما وكان حينها عمره 12 عاما، وشارك مع أهالي الشارع في مساعدة العمال وتقديم الشاي والمشروبات لهم. مضيفا: «نفخر بالقائدي المصري العظيم أحمد عرابي، ونفخر أننا من أبناء قريته».

وقالت الدكتورة نرمين عوض الله مديرة إدارة التراث الحضاري بديوان عام محافظة الشرقية، إن الإدارة بالتعاون مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، وضعت لوحة متطورة باسم الزعيم أحمد عرابي على منزله بقرية هرية رزنة، وذلك تنفيذا لمبادرة «عاش هنا»، والتي أطلقتها وزارة الثقافة للحفاظ على الهوية المصرية.

مواقف عرابي السياسية 

وأوضحت، أن اللوحة تحتوي على نبذة عن حياته والحقبة التاريخية التي عاش فيها، وتتضمن أهم المواقف السياسية التاريخية للزعيم أحمد عرابي الذي ولد فيه 31 مارس 1841، وذلك من خلال استخدام الـتطبيق QR.

وأشار محمد السيد، أحد أهالي قرية هرية رزنة، إلى أن المنزل كان مزارا للطلاب خلال الرحلات المدرسية، والتي استمرت لسنوات طويلة، قبل أن تتوقف، مشيرا إلى أن هذه الرحلات كانت تنظم لزيارة متحف أحمد عرابي والمنزل معا، ولكن منذ إغلاق المتحف ونقل المتعلقات التي كانت توجد داخله إلى متحف آخر توقفت الرحلات الطلابية، والمنزل مغلق معظم الوقت عدا ساعات العمل في الصباح التي يحضر فيها فيها موظفين أو ثلاثة ثم يغادرون.

متحف الزعيم أحمد عرابي 

ويوضح الرجل الخمسيني، أن متحف الزعيم أحمد عرابي الذي يقع على مساحة كبيرة في مدخل القرية تحول إلى ما يشبه الخرابة، لافتا إلى أن عدد من المسؤولين، زاروا المنزل وتم إدراجه ضمن المناطق الأثرية التي تحتاج إلى تطوير، كما زاروا المتحف ووعدوا ببحث تطويره واعادة افتتاحه ولكن هذا لم يحدث.

وفي أحد الشوارع التي تتوسط القرية يقع مسجد علي مساحة شاسعة، مدون عليه «مسجد أحمد عرابي»، وهي فكرة تبادرت إلى اذهان الأهالي لإحياء ذكرى الزعيم.

ويقول محمد العوضي، أحد أهالي قرية هرية رزنة، كان يوجد مسجد قديم باسم مسجد أحمد عرابي، أنشأه والد الزعيم الراحل عام 1841، وفي عام 1954 تم ترميم المسجد، إلا أن حال المسجد تدهور بمرور السنوات، وفكر الأهالي في إحلاله وتجديده، وقاموا بضم قطعه أرض خالية أمام المسجد وتم ضمها لأرض المسجد القديم، لتصل إجمالي مساحة المسجد إلى 1200 متر.

مسجد الزعيم أحمد عرابي 

ولفت إلى أنه تم إنشاء المسجد بالتبرعات الذاتية من الأهالي، وتم تصميمه على غرار المسجد النبوي، مشيرا إلى أن التكلفة تجاوزت 10 ملايين جنيه، وبدأ البناء عام 2016 واستغرق الإنشاء نحو 3 سنوات.

وأضاف، أُلحق بالمسجد جمعية خيرية ومركز طبي يقدم خدمات طبية للأهالي بأسعار مخفضة، كما تصرف أدوية بالمجان لغير القادرين، لتخفيف الأعباء عن البسطاء، وذلك بإشراف مديرية التضامن الاجتماعي.

وأشار إبراهيم محمد، إلى أنهم يتناقلون حكاية الزعيم أحمد عرابي من جيل إلى جيل، مشيرا إلى أنهم يشعرون بالفخر كونهم ينتمون إلى قرية الزعيم الراحل الذي وقف في وجه الخديوي توفيق مطالبا بالحرية والكرامة وجلاء الإنجليز آنذاك. مضيفا أن اطلاق اسم أحمد عرابي على المسجد جعل اسم يتردد على الألسنة ليلا ونهارا.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: احمد عرابي أحمد عرابي الشرقية إلى أن

إقرأ أيضاً:

“سأتزوج من الحور العين”.. حكاية رحيل شاب أحزنت قرية بأكملها

في قرية صغيرة، حيث يعرف الجميع بعضهم البعض، وحيث تمر الأيام هادئة بين صلاة الفجر وأذان المغرب، لم يكن أحد يتخيل أن الصدمة ستأتيهم من حيث لا يتوقعون، هناك، في قرية بمم بمركز تلا بمحافظة المنوفية، رحل أحمد الفخراني فجأة، تاركًا وراءه فراغًا لم يكن بالحسبان، شابٌ في مقتبل العمر، حافظ لكتاب الله، طيب القلب، لم يشتكِ مرضًا، لم يظهر عليه وهنٌ أو ضعف، فقط أغمض عينيه ورحل، كأنما كان على موعد مع قدره المحتوم.

لم يكن أحمد الفخراني شابًا عاديًا، بل كان ممن يُشار إليهم بالبنان، شابٌ هادئ الطبع، لا يُعرف عنه إلا كل خير، كان يعيش وحيدًا، لكنه لم يكن وحيد القلب، فرفاقه من الأطفال الذين كان يعلمهم القرآن، وزملاؤه في البريد المصري حيث يعمل، وأهل قريته، كلهم كانوا جزءًا من عالمه، لم يكن بحاجة إلى الكثير ليكون سعيدًا، فابتسامته الراضية كانت تكفيه، وإيمانه كان دليله.

كان الجميع يسأله: “متى تتزوج يا أحمد؟” فيرد بثقة وسكينة: “سأتزوج من الحور العين”، لم يكن يقولها كمزحة، بل كأنها حقيقة يؤمن بها، كأن قلبه كان معلقًا بشيء آخر، بحياة أخرى، كأن روحه كانت تهمس له بأن رحيله قريب.

في ذلك الصباح، لم يرد أحمد على اتصالات أصدقائه، لم يخرج كعادته، لم يظهر على مقعده المعتاد في المسجد، ولم يسمع صوته الأطفال الذين كانوا ينتظرونه لحصتهم اليومية من دروس القرآن، طرقوا بابه، لم يجب، وحين دخلوه، كان قد غادر بصمت.

الخبر كان كالصاعقة، لم يكن أحمد يعاني من أي مرض، لم يشتكِ يومًا من تعب، لكن الموت لا ينتظر إذنًا من أحد، فجأة، تحولت القرية إلى جنازة ممتدة، صدمة انتشرت كالنار في الهشيم، وجوه مصدومة، دموع تسيل، وكلمات لا تكتمل.

حين حملوه إلى المسجد الكبير للصلاة عليه، لم يكن هناك موضع لقدم، كان الجميع هناك، من عرفه ومن لم يعرفه، من تأثر بحياته، ومن سمع عن رحيله، كانت جنازته أشبه بمشهد مهيب، لم يكن مجرد توديع، بل كان تأبينًا لشاب رحل تاركًا أثرًا طيبًا في كل قلب.

كبر الإمام للصلاة عليه، وارتفعت الأيدي بالدعاء، ثم بدأ المشيعون في طريقهم إلى المقبرة، خطوات بطيئة، وجوه دامعة لكنها تدعو له بالرحمة.

لم يكن أحمد الفخراني مجرد اسم يُضاف إلى سجل الراحلين، كان قصة لم تكتمل، وحلمًا توقف في منتصف الطريق، لكنه لم يذهب دون أن يترك بصمته.

اليوم، حين يمر أهل القرية أمام منزله، تتوقف خطواتهم لحظة، وحين يُسأل الأطفال عن أستاذهم في القرآن، تتغير نبرات أصواتهم، وحين يجلس شاب مع أصدقائه ويُسأل عن الزواج، ربما يتذكر كلمات أحمد، وربما تخرج منه الجملة ذاتها دون وعي: “سأتزوج من الحور العين”.

رحل أحمد، لكن ذكراه لم ترحل، وروحه لم تغادرهم بعد، فهي لا تزال حاضرة في كل صلاة يرددها طفل تعلم على يديه، وفي كل آية تُتلى بصوت هادئ، وفي كل قلب أحبه وبكاه، وسيظل اسمه منقوشًا في ذاكرة قريته، كواحد من أنقاها، وأكثرها إخلاصًا.

صدى البلد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الحمض النووي يكشف سر “دموع الدم” التي يذرفها تمثال السيدة العذراء
  • “سأتزوج من الحور العين”.. حكاية رحيل شاب أحزنت قرية بأكملها
  • إمام يعثر على جمجمة طفل داخل مسجد
  • افتتاح مسجد «ميراث الأنبياء» بضاحية السيوح في الشارقة
  • افتتاح مسجد رشاد عثمان بمدينة النوبارية الجديدة
  • افتتاح 6 مساجد بحدائق أكتوبر والعياط وكرداسة
  • محافظ الجيزة: افتتاح 6 مساجد بحدائق أكتوبر والعياط وكرداسة بعد تجديدها وصيانتها
  • علي هامش افتتاح مسجد الدكتور محمود بكري.. مصطفى بكري يشيد بمواقف شقيقه الوطنية ويدعو للالتفاف خلف القيادة السياسية
  • أحمد بكري مشاركا في افتتاح مسجد الدكتور محمود بكري: أعمال الخير لن تتوقف (فيديو)
  • افتتاح 80 مسجدًا جديدًا اليوم الجمعة.. «الأوقاف» تُعلن خريطة المحافظات