المروية التاريخية وانتهاك المدلسين
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
أناشد الجمعيات والاتحادات التاريخية المتخصصة على الصعيد الوطني والخليجي والعربي، ومن ورائها المؤسسات التاريخية الرسمية، لأن تقوم بعملها في توضيح الحقيقة التاريخية والرد على كل الافتراءات التي يتقوَّل بها المدعون والمتفذلكون بجهل، الراغبون في الظهور ونيل قسط من الشهرة، انطلاقا من مدلول المثل: «خالف تعرف».
على أن آخرين من ورائهم، هم أشد بأسا وأكثر سوءا، وما أراهم إلا مدسوسين بيننا، يتسمّون بأسمائنا، ويكتبون بلغتنا، ويتحدثون بلهجتنا، من أجل تمرير معلومات تحقق هدفين رئيسيين: ثانيهما، تمرير المعلومة التوراتية في ثنايا حديثهم باعتبارها المروية التاريخية الصحيحة، وجعلها منصة يتم الاعتماد عليها لفهم الواقع التاريخي؛ أما أولاهما، فيكمن في زعزعة وعينا بموروثنا التاريخي، والتشكيك بكل معارفنا القائمة، حتى لا تظل لنا منصة نستند عليها؛ وهو المراد عمله خدمة للمشروع الصهيوني الكبير.
ابتدأت الحكاية مع كتاب «التوراة جاءت من جزيرة العرب» الصادر عام 1985م لكمال الصليبي، الذي ادعى فيه مرجعية اليهود لجنوب غرب الجزيرة العربية، ابتداء من منطقة الباحة وحتى منطقة نجران في الجنوب الغربي للمملكة العربية السعودية، مبتدعا منهجا جديدا لا أساس له وهو التشابه اللفظي بين أسماء الأماكن الواردة في التوراة ومواضعها في المواقع الجغرافية التي نظر فيها، وهو منهج غير علمي، كما قام على اعتساف الألفاظ ليخلق منها حالة التشابه والتطابق التي يريد؛ وفي كل فقد انبرى باحثون للرد عليه، لكن أبحاثهم لم تلق اهتماما إعلاميا لغاية في نفس يعقوب.
ثم جاء كتاب أحمد داوود المسمى «العرب والساميون والعبرانيون وبنو إسرائيل واليهود» الصادر عام 1991م ليؤسس لفكرة مرجعية بني إسرائيل العرقية للعرب، إذ هم أبناء يعقوب وأحفاد إبراهيم الجد الجامع لذرية إسحاق والذي منه إسماعيل. مع تمريره لفكرة أن بني إسرائيل الذين هم أبناء يعقوب غير اليهود، وأن يهود اليوم ليسوا من ذرية الأسباط بأي حال من الأحوال، وإنما هم منتمون للديانة فقط. والعجيب أنه تناسى بأن الديانة اليهودية مغلقة ويتم اعتناقها بالوراثة، وبالتالي فليست ديانة تبشيرية أسوة بالمسيحية والإسلام. وعليه فليس لتفريقه بين بني إسرائيل وذريتهم وجه مقبول تاريخيا.
ومع تسيد القنوات الإعلامية وانتشار مقاطع اليوتيوب ظهر علينا فاضل الربيعي ليكمل ترهات من سبقه، وليطرح عددا منها مما لا يقبله عاقل عارف، وللأسف فقد تلقفها الرويبضة وساروا بها وكأنها حقيقة متفق عليها، ليصبح فاضل الربيعي نجم الفضائيات بأقاويله المبثوثة التي يقف منها العارف حيرانا متعجبا.
فمثلا يقول في أحد لقاءاته: بأنه لا يوجد أي أثر يؤكد وجود قريش في الحجاز، لكن هناك عشرات الأدلة تؤكد وجودها في حضرموت؛ ثم ومن باب ذر الرماد في العيون يعمد إلى الاستشهاد بكتاب المؤرخ جواد علي «المفصل في تاريخ العرب» الذي ذكر اسم قريش في حضرموت؛ في الوقت الذي يعلم العارفون بأن اسم قريش في مكة قد جاء من معناه اللغوي وهو الجمع والكسب، فيقال تقرَّش القوم: أي تجمَّعوا، وفلان يتقرَّش المال: أي يجمعه؛ وأن هذا الاسم لم يكن لأحد من بني إسماعيل في مكة أو غيرهم، وأنه لقب ظهر في عهد قصي بن كلاب× لأنه جمع بني قومه على رحلتي الشتاء والصيف فسمي بالمُجمع، ويقال إن النظر بن كنانة أو حفيده فهر بن مالك بن النظر هو أول من تلقب بقريش.
وبالتالي فلا علاقة نسبا لقريش مكة بقريش حضرموت أو غيرها من القرشيات المبثوثة على امتداد جبال السراة.
على أن ترهاته لا تتوقف عند ذلك بل يهذر بقوله: إن النص السبئي يؤكد قيام إبراهيم مع الكاهن سمعي (الذي هو إسماعيل من وجهة نظره) بوضع الأحجار في معبد ألمقه في اليمن، وهو ما أشار له النص القرآني بزعمه، وبالتالي فالكعبة المشرفة وُضع أساسها في معبد ألمقه باليمن، ثم أعيد بناؤها بمكة مع انتقال بطن من قريش الحضرمية إلى الحجاز كما يزعم.
ويستمر في خزعبلاته فيقول وبعد أن ذكر أسماء لعلماء غربيين ذرا للرماد: إن الأسماء الحاكمة في الجزيرة هم من اليمن، فالعمالقة هم أرحب، وبني إسماعيل هم المعروفون في ضواحي صنعاء بالإسماعيلية، علما بأنه لا توجد قبيلة بهذا الاسم قديما وحديثا؛ ويصل به الأمر ليقول إن المسيحية قد بدأت من اليمن استنادا إلى عبادة اليمنيين قبل الميلاد بقرون كثيرة للثالوث الكوكبي، وهو الأساس للثالوث المسيحي، لاسيما وأن الطقس العبادي لليمنيين قد ارتكز على عبادة الأب والابن وهذا جوهر المسيحية بقوله.
أخيرا، ليت الأمر متوقف على الربيعي وأمثاله، بل هو ممتد بما طرحه محمد منصور في كتابه «التوراة الحجازية» والذي سبق نشر مقال حوله في هذه الصحيفة. والأسوأ أن نرى من بني جلدتنا من يتبنى هذه الأقاويل الكاذبة بجهل ودون وعي. وهي الكارثة الأكبر التي تستوجب تدخلا رسميا لوقف الاختراق الصهيوني الحاصل، والله المستعان.
*صحيفة مكة
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
إسماعيل الليثي وقصة وجعه بفقدان ابنه رضا: ابن عمري اللي راح
في لقاء مؤثر مع الإعلامي عمرو الليثي ببرنامج “واحد من الناس” على قناة الحياة، كشف المطرب إسماعيل الليثي عن كواليس وفاة نجله الوحيد رضا، الذي رحل عن عالمنا في سبتمبر الماضي إثر حادث أليم.
أوضح إسماعيل أن ابنه كان يمثل كل شيء في حياته، قائلًا: “رضا كان ابني وصديقي وأخي، وأسميته على اسم والدي الراحل كان شقيًا وحنونًا ويحب الخير للجميع”.
وأضاف أن الحادث وقع بينما كان رضا يقيم مع جدته في إمبابة، حيث سقط من الطابق العاشر، مما أصابه بصدمة شديدة، خاصة بعد رؤيته وهو يبتسم كأنه يطمئنه.
وأشار الليثي إلى أن يوم الحادث كان قد قام بدفع مصاريف مدرسة رضا دون أن يعلم بوفاته، ليتلقى الخبر المأساوي لاحقًا من أحد أصدقائه. وأكد أنه ما زال يعيش صدمة الفقد، ويتردد باستمرار على قبر ابنه ليقرأ له الفاتحة ويتحدث معه.
كما تحدث إسماعيل عن أغنيته “ابن عمري”، التي أهداها لذكرى ابنه الراحل، مشيرًا إلى أن رضا كان وش الخير عليه في حياته. وفيما يتعلق بحياته الشخصية، نفى شائعات انفصاله عن زوجته بعد أزمة حضورها حفل زفاف شقيقتها، مؤكدًا أن الأمر تم تضخيمه على مواقع التواصل واختتم إسماعيل حديثه بالتأكيد على حنينه لابنه، متمنيًا اللقاء به مجددًا في الجنة.
ونستعرض المزيد من التفاصيل من خلال الفيديو جراف التالي.