ماذا الذي تبحث عنه إسرائيل في ليبيا؟
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
ماذا الذي تبحث عنه إسرائيل في ليبيا؟
في نوفمبر 2021 زار صدام، نجل حفتر، إسرائيل بهدف طلب المساعدة العسكرية للقوات التي يقودها والده.
تم اللقاء بتنسيق مسبق مع "الدوائر السياسية العليا" في طرابلس ولم يكن ناتجًا عن مبادرة شخصية من المنقوش.
تسعى إسرائيل لتوظيف اتصالاتها مع الأطراف الليبية لمنع إيران من الحصول على موطئ قدم في ليبيا بشكل يهدد مصالح تل أبيب.
سارع كوهين إلى الكشف عن اللقاء بدون التنسيق مع الليبيين من أجل التدليل على تحقيق حكومته إنجازات على الصعيد الخارجي.
ثمةإرث من العلاقات السرية تربط إسرائيل بحكومة خليفة حفتر شرق ليبيا، وبمستوى أقل مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
تحاول إسرائيل توظيف علاقاتها بليبيا للتخلص من اتفاق ترسيم الحدود المائية التي توصلت إليه حكومة "الوفاق الوطني" برئاسة فايز السراج مع تركيا.
اتفاق ترسيم الحدود البحرية التركية الليبية منح تركيا مساحة من المياه كان مقررا أن يمر عبرها أنبوب الغاز الذي كان سينقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
* * *
أثارت الكشوفات التي قدمها وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، حول اللقاء الذي جرى في روما الأسبوع الماضي بينه وبين وزيرة الخارجية الليبية، نجلاء المنقوش، وبمشاركة وزير الخارجية الإيطالي، إنطونيو تاجاني، ردود فعل غاضبة من قبل الجمهور في ليبيا. هذا الغضب دفع رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، إلى اتخاذ قرار بإقالة المنقوش من منصبها.
وفي المقابل، فقد وجهت المعارضة ووسائل الإعلام الإسرائيلية انتقادات شديدة لكوهين الذي سارع إلى الكشف عن اللقاء بدون التنسيق مع الليبيين من أجل التدليل على تحقيق حكومته إنجازات على الصعيد الخارجي.
وقد بررت المحافل الرسمية الإسرائيلية ذلك بأن اللقاء الثلاثي تم بتنسيق مسبق مع "الدوائر السياسية العليا" في طرابلس وأنه لم يكن ناتجًا عن مبادرة شخصية من المنقوش. وفي هذا السياق، نقلت صحيفة "هآرتس" في عددها الصادر اليوم، الثلاثاء، عن تلك المحافل قولها إن اللقاء بين كوهين والمنقوش كان من المفترض أن يكون مجرد حلقة في مسار يهدف، مستقبلاً، إلى التطبيع الكامل بين الطرفين.
ورغم الردة الغاضبة التي اندلعت في ليبيا عقب الإعلان عن اللقاء بين المنقوش وكوهين، تبين وجود إرث من العلاقات السرية التي كانت تربط إسرائيل بالحكومة التي تدير منطقة شرق ليبيا، والتابعة لخليفة حفتر، وبمستوى أقل مع حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
تاريخ العلاقات الليبية الإسرائيلية
بعد إسقاط نظام حكم القذافي، سعت إسرائيل إلى الاتصال بالحكومتين اللتين تتنافسان على تمثيل الليبيين، في بنغازي، وحكومة طرابلس التي تحظى بالدعم الدولي.
وقد عملت إسرائيل على إدارة الاتصالات مع فرقاء الساحة الليبية عبر 3 قنوات رئيسة، وهي:
- القناة التي دشنها رفائيل لوزون رئيس "اتحاد يهود ليبيا".
- القناة التي دشنها مجلس الأمن القومي في ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أثناء ترؤسه الحكومة السابقة.
- القناة التي أدارها جهاز الموساد.
وحسب ما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، فقد نظم لوزون في يونيو/حزيران 2017 لقاءً، في جزيرة رودس اليونانية، بين وفدين من إسرائيل وليبيا. وضم الوفد الإسرائيلي:
غيلا غملئيل، التي كانت تشغل منصب وزيرة المساواة الاجتماعية وتشغل حاليًا منصب وزيرة الاستخبارات، وزير الاتصالات أيوب قر، نائب رئيس الكنيست يحئيل بار، يوف توف ساميا الذي كان قائدًا للمنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال. وغملئيل وساميا ولدا لعائلتين هاجرتا من ليبيا.
ورأس الوفد الليبي وزير الإعلام والثقافة في حكومة الشرق الليبي عمر القويري.
وحسب ما نقلته "يديعوت أحرونوت"، فقد تحدث أحد أعضاء وفد حكومة الشرق الليبي خلال اللقاء عن "حق اليهود الليبيين بالعودة إلى ليبيا والحصول على تعويضات عن الممتلكات التي خسروها". وكما ذكر موقع "تايمز أوف إسرائيل"، فقد بارك رئيس "حكومة الإنقاذ" في طرابلس في ذلك الوقت خليفة الغويل اللقاء في رسالة بعث بها إلى المجتمعين.
أما على صعيد قناة الاتصال التي أدارها "مجلس الأمن القومي" الإسرائيلي، فقد أشرف عليها رونين ليفي، الضابط السابق في جهاز المخابرات الداخلية "الشاباك"، والذي يشغل حاليًا منصب وكيل الخارجية. وحسب الصحيفة، فقد لعب سفير إسرائيل الحالي في ألمانيا رون فراوشر، الذي كان وكيلا للخارجية السابق أيضًا، دورًا مهمًا في بناء شبكة علاقات سرية مع الأطراف الليبية.
وقد كان من الواضح أنه حتى تشكيل حكومة وحدة الوطنية بزعامة عبد الحميد الدبيبة، تركزت الجهود الإسرائيلية على الاتصال برجل الشرق الليبي القوي خليفة حفتر. فقد كشفت صحيفة "هآرتس" في نوفمبر/تشرين الأول 2021 أن صدام (نجل حفتر) زار إسرائيل بهدف طلب المساعدة العسكرية للقوات التي يقودها والده. وأشار تقرير لصحيفة "معاريف" الإسرائيلية إلى أن حفتر يرتبط بعلاقة وثيقة بجهاز الموساد، المسؤول عن إدارة العمليات الاستخبارية الإسرائيلية في الخارج.
وتدل تسريبات الصحافة الإسرائيلية -بعد الكشف عن لقاء كوهين المنقوش- أن إسرائيل عبر جهاز الموساد أجرت اتصالات مباشرة مع أطراف في حكومة عبد الحميد الدبيبة، وهو ما مهد الطريق للقاء الأخير بين كوهين والمنقوش.
ومما يدلل على الاتصالات، بين الموساد وحكومة الدبيبة، حقيقة أن قناة التلفزة "كان" التابعة لسلطة البث الإسرائيلية كشفت مساء الأحد الماضي أن قيادة "الموساد" غاضبة جدا من كشف كوهين خبر لقائه بالمنقوش، على اعتبار أن هذا الكشف يمكن أن يؤثر على مستقبل العلاقات بين الجهاز وحكومة طرابلس.
ولكن إسرائيل التي تبدي حاليا حرصا على فتح قنوات اتصال مع الأطراف الليبية، عملت في الماضي عسكريا واستخباريا بشكل سري داخل ليبيا. فحسب ما ذكرته "هآرتس" في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، فقد نفذ جهاز الموساد وشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان" ووحدة الكوماندوز البحري، المعروفة بـ "القوة 13" في ثمانينيات القرن الماضي عمليات سرية في عمق الأراضي الليبية لجمع المعلومات الاستخبارية، عبر زرع أجهزة تنصت، ونفذت مهام تهدف إلى إحباط عمليات كان تخطط لها جماعات فلسطينية وجدت على الأراضي الليبية وحظت بدعم النظام السابق.
المصالح الإسرائيلية في ليبيا
تهدف إسرائيل إلى تحقيق جملة من الأهداف الإستراتيجية والأمنية من خلال فتح قنوات الاتصال مع الفرقاء في الساحة الليبية. وإن أكثر ما أثار القلق في الدوائر الأمنية والعسكرية الإسرائيلية هو حقيقة أن ليبيا تحولت بعد سقوط نظام القذافي إلى مصدر رئيسي لتزويد حركات المقاومة في قطاع غزة بالسلاح، حيث كان يتم تهريب السلاح من ليبيا إلى مصر ومن ثم إلى قطاع غزة عبر سيناء. وحسب "هآرتس"، فقد طلبت إسرائيل من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي العمل على وقف تهريب السلاح الليبي إلى قطاع غزة.
في الوقت ذاته، تحاول إسرائيل توظيف علاقاتها بليبيا من أجل التخلص من اتفاق ترسيم الحدود المائية التي توصلت إليه حكومة "الوفاق الوطني" برئاسة فايز السراج مع تركيا. ويرجع ذلك إلى أن هذا الاتفاق منح تركيا مساحة من المياه كان من المقرر أن يمر عبرها أنبوب الغاز الذي كان سينقل الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا.
وقد خلص عيران ليرمان، الذي شغل في السابق منصب نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي ويشغل حالياً منصب نائب رئيس "معهد يروشليم للإستراتيجية والأمن" -في دراسة أعدها قبل عام ونصف العام- إلى استنتاج مفاده أنه يتوجب على إسرائيل توظيف علاقاتها مع الأطراف الليبية من أجل الدفع نحو التخلص من اتفاق تقسيم المياه الاقتصادية مع تركيا، لأن هذا الاتفاق يجعل تصدير الغاز الإسرائيلي إلى أوروبا تحت رحمة أنقرة.
وحسب ليرمان، فإن إسرائيل مطالبة أيضاً بتوظيف اتصالاتها مع الأطراف الليبية لمحاولة منع إيران من الحصول على موطئ قدم في ليبيا بشكل يمكن أن يهدد مصالح تل أبيب. ووفقًا لليرمان، فإن كلا من حفتر والدبيبة معنيان بعلاقات مع إسرائيل انطلاقاً من افتراض مفاده أن الطريق إلى واشنطن يمر بتل أبيب.
ولكن من الواضح أنه، رغم سيل التسريبات حول الاتصالات السرية بين إسرائيل والفرقاء في الساحة الليبية، ليس بوسع تل أبيب تراكم الإنجازات على هذا الصعيد دون مساعدة من أطراف دولية وإقليمية أخرى، وذلك على اعتبار أن محدودية الموارد التي تحوزها إسرائيل تقلل من قدرتها على التأثير إستراتيجيًا في الساحة الليبية. فإسرائيل تعتمد بشكل أساسي على النفوذ الأميركي والأوروبي، وبشكل خاص الإيطالي، بالإضافة إلى ثقل أطراف عربية، مثل مصر والإمارات.
*د. صالح النعامي كاتب في الشأن الإسرائيلي
المصدر | الجزيرة نتالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: ليبيا إسرائيل إيلي كوهين نجلاء المنقوش اليهود الليبيين حكومة الإنقاذ خليفة حفتر عبد الحمید الدبیبة الساحة اللیبیة جهاز الموساد فی لیبیا الذی کان من أجل
إقرأ أيضاً:
بعد الغارات الإسرائيلية.. ماذا تعرف عن مطار المزة العسكري في دمشق؟
تعرض مطار المزة العسكري بدمشق، أحد أهم المنشآت العسكرية السورية، إلى سلسلة غارات جوية إسرائيلية دمرت عشرات المروحيات والمقاتلات الحربية. وتقع المنشأة جنوب غرب العاصمة، وهي معروفة بكونها قاعدة أساسية للعمليات العسكرية والاستخباراتية للجيش السوري.
استهداف مطار المزة العسكريكان المطار يُدار من قبل قوات النخبة التابعة للحرس الجمهوري والمخابرات الجوية، لم يقتصر دوره على العمليات العسكرية، بل استخدم كمركز لاحتجاز المعارضين السياسيين وإجراء التحقيقات الأمنية.
كان مطار المزة أيضًا مطارًا خاصًا لعائلة الأسد وكبار المسؤولين في النظام.
مطار المزة العسكري
يقع مطار المزة العسكري في الجهة الجنوبية الغربية من العاصمة السورية دمشق.
يتميز بموقعه الاستراتيجي على مشارف المدينة، ما جعله أحد أهم المنشآت العسكرية السورية.
أنشأ الفرنسيون هذا المطار خلال فترة انتدابهم على سوريا، وكان يعد المطار الرئيسي لدمشق قبل إنشاء مطار دمشق الدولي.
تم تأسيس مطار المزة كمرفق عسكري استراتيجي يضم مدرجات مخصصة لطائرات النقل العسكري والمروحيات، إلى جانب أنظمة دفاع جوي متقدمة، مثل منظومات “إس-200” و”أوسا”.
كما استُخدم المطار لنقل الإمدادات العسكرية إلى وحدات الجيش السوري المنتشرة في المناطق الساخنة، لا سيما خلال الحرب الأهلية.
يُعتقد أنه كان مركزًا لاحتجاز والتحقيق مع المعارضين السياسيين، إضافة إلى استخدامه كمطار خاص لعائلة الأسد.
تعرض مؤخرًا لقصف عنيف أدى إلى تدمير مروحيات وأنظمة دفاع جوي داخله، مما أخرجه من الخدمة بشكل شبه كامل.
يُذكر أن مطار المزة العسكري كان رمزًا للنفوذ العسكري السوري في دمشق، ومع تدميره الأخير، أُضعفت البنية العسكرية المحيطة بالعاصمة بشكل كبير.
قصف مواقع الحرس الجمهوري
امتد القصف ليشمل مقرات الفرقة الرابعة والفرقة 105 التابعة للحرس الجمهوري، مع استهداف مواقع حيوية غرب دمشق.
وأدى استهداف أنظمة الدفاع الجوي داخل المطار إلى خروجها عن الخدمة تمامًا، ما يزيد من ضعف النظام السوري في مواجهة ضربات جوية مستقبلية.
دمار واسع النطاقوثّقت الصور الدمار الكبير الذي خلفته الغارات، حيث أظهرت احتراق عشرات المروحيات والمقاتلات بشكل كامل.
بينما استمرت الطائرات الإسرائيلية بالتحليق في أجواء دمشق، مستهدفة مواقع أخرى قرب مقر الفوج 105.