مفتي الجمهورية في مؤتمر الوسائل العصرية للخطاب الديني:  وسائل التواصل تطوَّرت وتعددت على مدار التاريخ لتعزيز التفاهم والحوارتجديد الخطاب الديني لابد أن يتم بفهم واستيعاب مستجدات العصر ووسائلهيمكن استخدام وسائل التواصل الحديثة استخدامًا رشيدًا يحقق مقاصد شرعيةالشريعة ضبطت لنا أطر التعامل مع المستجدات التي تدخل في ذلك النطاق

 

قال الدكتور شوقي علام –مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إننا إذا نظرنا نظرة عامة إلى تاريخ البشرية لرأينا كيف تعددت وتنوعت وتطورت وسائل التواصل التي تهدف إلى تعزيز التفاهم والحوار المشترك بين أبناء الإنسانية كلها، وظلت الوسائل التقليدية البوابة الوحيدة لتواصل أبناء الجنس البشري على المستوى الفكري والثقافي، بل وفي كل أشكال التبادل الحضاري المادية والمعنوية، إلى أن تطورت هذه الوسائل والتقنيات تطورًا مذهلًا، وسوف تظل مسيرة الإبداع والتطوير تواصل تقدمها؛ لأن الله تعالى جبل الإنسان على التطوير والإبداع.

وأضاف : لا شك أن هذا التطور والتأثير قد طال المجتمعات الإسلامية على المستوى الاجتماعي والسلوكي والفكري، وغيَّر أنماط الخطاب والتواصل، بما في ذلك أنماط الخطاب الديني؛ لأنه جزء من الخطاب المجتمعي بشكل عام.

جاء ذلك في كلمته التي ألقاها في فعاليات المؤتمر العام الرابع والثلاثين للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الذي تعقده وزارة الأوقاف برعاية كريمة من فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي تحت عنوان: "الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني بين الاستخدام الرشيد والخروج عن الجادة".

وأكد المفتي في كلمته أن المؤسسات المعنية بتجديد الخطاب الديني بجميع مجالاته وحقول العمل فيه على المستوى العلمي والدعوي والإفتائي لا بد أن تسارع إلى فهم واستيعاب مستجدات العصر، ووسائله التي تهدف إلى سرعة التواصل وتبادل المعلومات، وإلا صار الخطاب الديني محصورًا في واقع قد تجاوزه الزمن منذ عقود.  

وتابع: "إننا منذ ظهور تلك التطورات المتلاحقة في أدوات ووسائل التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني نعيش حالة من القلق والاختلاف حول طبيعتها وإشكالياتها وما يمكن أن تنتجه من تأثيرات إيجابية أو سلبية، ما بين رافض ومتخوف من كل أشكال التطور التي ينتجها العقل البشري، أو مؤيد لكل أنماط ذلك التطور حتى وإن تجاوزت الخصوصيات الثقافية والمجتمعية وأثرت على مجال السلوك والأخلاق تأثيرًا سلبيًّا".

وأوضح أننا لا بدَّ أن نفرق بين الاستعمال السيئ الذي يؤثر سلبًا على السلوك البشري، وبين الاستعمال الرشيد الذي يسهم في بناء وعي فكري صحيح وسلوك إنساني رشيد، فوسائل التواصل والفضاء الإلكتروني مهما تطورت لا تعدو من حيث ماهيتها أن تكون طريقة من طرق التفاهم وتبادل المعلومات، يمكن استخدامها استخدامًا رشيدًا في تحقيق أهداف ومقاصد شرعية معتبرة كالدعوة إلى الله على هدًى وبصيرة، ونشر الأفكار التي تعزز الأمن والسلام في المجتمع، وتحصين العقول من الأفكار المنحرفة بكل أشكالها ومظاهرها.

وأكد مفتي الجمهورية أن ديننا الحنيف يدعونا إلى العمل من أجل مشاركة المجتمع الإنساني بكل أدواته ووسائله المشروعة، ويضبط لنا أطر التعامل مع المستجدات التي تدخل في ذلك النطاق، عملًا بالقاعدة الشرعية المعتبرة أن الوسائل تأخذ حكم مقاصدها، إذا لم تكن الوسيلة ممنوعة لذاتها.

وأشار فضيلته في ختام كلمته إلى أن هذا هو ما يفتح باب التعامل مع كل التطورات التي تتعلق بالتقنيات الحديثة، وأساليب الاتصال الذكية، والذكاء الاصطناعي، وغيرها من الوسائل، في إطار تيسير أمور الحياة، وتعزيز سُبل التواصل المشترك بين الناس أفرادًا ومجتمعات، وإيجاد وعي مجتمعي، خصوصًا فيما يتعلق بالجانب الديني الذي ينبغي أن تتنوع فيه طرق التواصل بما يضمن وصول الخطاب الديني والدعوي إلى جميع أبناء المجتمع، وذلك من أجل المحافظة على أحد أهم المقاصد الشرعية، وهو حفظ الدين، الذي لا يتم إلا بوصوله إلى الناس لا تشوبه شائبة ضلال أو انحراف، حتى لا يسبق إلى ذلك من يجعل من الفكر الديني خطرًا يداهم المجتمع ويساهم في تفكيكه، بدلًا من أن يكون رسالة رحمة وسلام وأمن للعالمين.

25d47aca-24b6-44c9-ae4f-908a25ce8447 5176dbb6-4207-4ecb-892d-eeae5887e2cc bc02a80f-4119-4339-9d49-b564ed26873e ef6a5062-09c4-4b8a-92ba-f517cb3d7532

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مفتى الجمهورية وسائل التواصل تجديد الخطاب الديني مفتی الجمهوریة الخطاب الدینی

إقرأ أيضاً:

اتهامات بالتخوين.. ما سبب الغضب من رؤساء إيران السابقين؟

طهران- لم تعد المناظرات المباشرة بين مرشحي الرئاسة جديدة على الإيرانيين، لكن الاتهامات المتبادلة فيها هذه المرة استهدفت الرؤساء السابقين الأحياء منهم والأموات، أكثر من غيرهم، حتى طالب بعض المرشحين بمحاكمة أفراد ممن تولوا السلطة التنفيذية سابقا بتهمة "الخيانة".

وفي إحدى المناظرات التلفزيونية، قال المرشح الرئاسي المحافظ أمير حسين قاضي زاده هاشمي، إن "مصيرين لا ثالث لهما واجها رؤساء حكومات إيران السابقين: إما يستشهدان (في إشارة إلى مصير محمد علي رجائي وإبراهيم رئيسي) أو يلقوا مصيرا مختلفا يتورطون به، ونأمل أن لا نكون من الفئة الثانية"، مستدركا أن المرشد الأعلى الحالي علي خامنئي كان رئيسا للجمهورية.

ومنذ قيام الجمهورية الإسلامية عام 1979 في إيران، مر على البلاد 8 رؤساء محسوبين على التيارين المحافظ والإصلاحي، وقد واجه كل منهم مصيرا مختلفا من العزل أو الاغتيال أو الموت المفاجئ، ورغم أن المنصب ارتقى بأحدهم دون غيره إلى هرم السلطة، لكنه مضى بعدد آخر منهم من السلطة إلى صف المعارضة والمهمشين والمغضوب عليهم سياسيا.

مصير الرؤساء

ويلاحظ أن أول الرؤساء الإيرانيين بعد الثورة، أبو الحسن بني صدر، عزله البرلمان ثم هرب إلى فرنسا، تلاه محمد علي رجائي الذي اغتيل بعد فترة وجيزة من تنصيبه، ثم علي خامنئي الذي اختاره مجلس خبراء القيادة خلفا لمؤسس الجمهورية الإسلامية ومرشدها الأعلى آية الله الخميني بعد وفاته.

وقد يكون الأبرز بين رؤساء الجمهورية الإسلامية -بعد خامنئي- علي أكبر هاشمي رفسنجاني، لكنه تعرض بعد مغادرته القصر الرئاسي إلى شتى الهجمات والانتقادات، حيث سُجن اثنان من أولاده واستبعد من إمامة الجمعة، ورفض مجلس صيانة الدستور عام 2013 صلاحيته لخوض الانتخابات الرئاسية.

الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي هو الآخر واجه أعتى هجمات التخوين على غرار خلفه المحافظ محمود أحمدي نجاد الذي رُفضت أكثر من مرة صلاحيته لخوض الانتخابات الرئاسية بتهمة "الانحراف عن خط الثورة".

وبعد أن رفضت أهلية حسن روحاني الرئيس السابع بعد ثورة 1979 لخوض انتخابات خبراء القيادة عام 2024، تعرض خلفه إبراهيم رئيسي إلى حادث سقوط الطائرة الرئاسية الذي أودى بحياته الشهر الماضي، مما رسم علامات استفهام كبيرة لدى الأوساط الإيرانية عن سبب إقبال السياسيين الكبير على الترشح للرئاسيات رغم العلم بالمصير الذي ينتظر رؤساء البلاد.

سبب الإقبال على الترشح

من ناحيته، يشير الناشط السياسي المحافظ، السفير الإيراني السابق في أستراليا والمكسيك، محمد حسن قديري أبيانه، إلى مقولة "الثورة تأكل أبناءها"، عازيا سبب الغضب على الرؤساء السابقين إلى "السياسات التي أرادوا اتخاذها لحرف الثورة عن مسارها والتمسك بالسلطة، لكنهم فشلوا في تحقيق الهدف بسب حكمة المرشد الأعلى".

وفي حديثه للجزيرة نت، يذكّر أبيانه بالصلاحيات الواسعة التي يتمع بها رئيس الجمهورية في بلاده، مما يجعل من حلاوة البقاء في السلطة هدفا لأغلب الرؤساء يحثهم على اتخاذ بعض الخطوات لتعزيز صلاحياتهم.

وأضاف أن بعض مرشحي الرئاسة يقطعون وعودا غير عملية على أنفسهم خلال حملاتهم الدعائية، وبعد عجزهم عن تنفيذها يقومون بالبحث عن جهة يلقون اللوم عليها كونها شكلت سدا منيعا أمام تطلعاتهم وسياساتهم.

ولدى إشارته إلى أن الجمهورية الإسلامية توفر الدعاية المجانية للمرشحين عبر عشرات المحطات والإذاعات، يتابع المتحدث نفسه أن سبب تسجيل العديد من الناشطين التابعين لتيار سياسي واحد بشكل متزامن يعود للغموض الذي يلف قائمة المرشحين النهائيين التي يصدرها مجلس صيانة الدستور.

في المقابل، يحصر رسول منتجب نيا، الأمين العام لحزب "جمهوريت إيران إسلامي" الإصلاحي، سبب إقبال النشطاء الإصلاحيين على خوض المعترك الرئاسي إلى "شعورهم بالخطر الذي يتهدد الجمهورية الإسلامية وحرصهم على إنقاذ النظام الإسلامي وخدمة الوطن".

منتجب نيا يرى أن التضييق على الرؤساء السابقين يخالف المواثيق الدولية ويعارض المصالح الوطنية (الصحافة الإيرانية) كنز ثمين

وفي حديثه للجزيرة نت، يأسف منتجب نيا للسلوك السيئ الذي تصطدم به النخبة السياسية الإيرانية، لا سيما رؤساء الجمهورية ورؤساء المجلس الوزاري وبعض الوزراء، وحتى رؤساء البرلمان، بعد مغادرتهم المنصب وحرمان البلد من تجاربهم القيمة التي يصفها بأنها كنز ثمين، عازيا السبب إلى التنافس السياسي السلبي في ظل غياب النشاط الحزبي الحقيقي.

واعتبر السياسي الإصلاحي التضييق على الرؤساء السابقين مخالفا للعقل والمنطق والشرع الإسلامي والقوانين والمواثيق الدولية، ناهيك عن أنه يعارض المصالح الوطنية لأن هؤلاء "المغضوب عليهم" يعرفون الداء ولديهم تجاربهم ثمينة لمعالجته، وفق قوله.

وخلص إلى أن تياره السياسي يرفض جميع أشكال التضييق على المسؤولين السابقين ويدعو للاستفادة من تجاربهم لتقديم استشارات للمسؤولين الحاليين، مضيفا أن شعبية هؤلاء تزداد باستمرار لدى الشعب بقدر المضايقات التي يتعرضون لها.

مقالات مشابهة

  • شــرعيّـة الإنـجـاز
  • اتهامات بالتخوين.. ما سبب الغضب من رؤساء إيران السابقين؟
  • عن تهافت تسليح المصطلحات
  • مليار و500 مليون لتجديد واجهات مقر البرلمان المغربي!!
  • ما الإيمان؟ عن غزة وصلاة الاستسقاء في الصيف
  • مفتي الجمهورية: الاحترام والحوار البنَّاء بين الثقافات المختلفة يُثري المجتمع ويعزِّز الهويَّة
  • مفتي الجمهورية: التنوع الثقافي يجب أن يدار بشكل رشيد لتحقيق التنمية الشاملة
  • مفتي الجمهورية بالهيئة الإنجيلية: البعد الفكري والثقافي محرك لأكبر الصراعات في العالم
  • مفتي الجمهورية: التقدم في تقنيات الاتصالات يتيح فرصة للتفاهم الثقافي
  • رئيس الجمهورية: الجزائر حققت تقدما نوعيا في القطاع الصناعي