وقائع صادمة.. ما هي الإجراءات الحكومية بعد اتهام مسؤولين كبار بالفساد في العراق؟
تاريخ النشر: 10th, September 2023 GMT
شفق نيوز/ تعهّد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بوضع القضاء على الفساد على رأس أولوياته عند تسلمه منصبه أواخر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وبدأت الحرب على الفساد بين الملاحقة وإصدار مذكرات القبض وحجز الأموال، الا أن هذه المعالجات "انحصرت ضمن نطاق ضيق لا يُطال رؤوس الفساد"، وفق مراقبين، فيما كشفت جهات مختصة بمكافحة الفساد، ما يحصل بعد اتهام مسؤولين كبار في الحكومة بالفساد.
وتعلن هيئة النزاهة الاتحادية، وهي هيئة شبه مستقلة خاضعة لرقابة مجلس النواب ومكلفة بمكافحة الفساد، كل شهر عن صدور عشرات أوامر القبض والاستقدام بحق عدد من كبار المسؤولين وذوي الدرجات العليا، متوعدة بمواصلة الحرب على الفساد والمفسدين، واصفة المعركة بأنها مصيرية.
عزم حكومي
ويؤكد المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء، هشام الركابي، أن "الحكومة مستمرة في ملاحقة الفاسدين واسترداد الأموال، وهذه من أولويات عملها وضمن برنامجها الحكومي"، لافتاً خلال حديثه لوكالة شفق نيوز إلى "اعتقال الكثير من المسؤولين الفاسدين في محافظات مختلفة، وهناك متابعة لملفات الفساد بالتنسيق مع هيئة النزاهة ومجلس القضاء الأعلى".
وتعطي هيئة النزاهة، "قضايا كبار الفاسدين وما يُعنى بقضايا الدرجات الخاصة الأولوية ضمن دوائرها التحقيقية لتنفيذ أوامر القبض والاستقدام بحقهم، وهو ما يظهر في الحصيلة الشهرية التي عادة ما تتجاوز 30 متهماً من الدرجات الخاصة بدرجة مدير عام، ووزير، ووكيل وزير، وسفراء، ونواب حاليين وسابقين"، وفق رئيس مؤسسة النهرين لدعم الشفافية والنزاهة، محمد الربيعي.
وينوّه الربيعي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "إعداد ملف استرداد المتهمين الهاربين إلى خارج البلاد يستغرق عدة شهور، بسبب الإجراءات القانونية والمخاطبات الدولية بهذا الخصوص"، مبيناً أن "أوامر القبض بحق الفاسدين ليس فيها تمييز سواء كان مسؤول أو مواطن".
يشار إلى أن السوداني لم يضع مكافحة الفساد على رأس أولويات برنامجه الحكومي فحسب، بل أعلن عن تشكيل "الهيئة العليا لمكافحة الفساد"، ويحاول استرداد الأموال المسروقة، إضافة إلى التنسيق مع المنظمات الدولية المعنية بمكافحة الفساد، كالأمم المتحدة والبنك الدولي والشرطة الدولية (الإنتربول) وعدد من الدول من أجل تطوير قدرات العراق ومؤسساته المعنية بالقضاء على الفساد.
لكن في المقابل، يستغرب رئيس مركز"رصد" للدراسات السياسية والاستراتيجية، د.محمد غصوب يونس، رغم امتلاك العراق عدة جهات رقابية منها الرقابة المالية، وهيئة النزاهة، ولجنة النزاهة النيابية، والمحاكم التي تتابع هذه القضايا، لكن لحد الآن، "لم تستطع هذه الجهات أن تشير إلى الشخصيات الكبيرة التي تقود عمليات الفساد".
نوعان من الفساد
ويُفصّل يونس خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أنواع الفساد بالقول: "هناك نوعان من الفساد، الأول فساد غير مشرعن وغير محمي، وهو ما يقوم به بعض البسطاء من السارقين واللصوص، أما النوع الثاني فهو فساد مشرعن ومحمي من قوى سياسية، كما حصل في (سرقة القرن)، وقضية نور زهير، وهيثم الجبوري".
وكانت الحكومة العراقية أصدرت، في وقت سابق، أوامر قبض دولية شملت عدداً من المسؤولين السابقين المقيمين خارج العراق، في إطار ما يعرف باسم "سرقة القرن"، التي تجاوزت 2.5 مليار دولار، سُرقت من "الأمانات الضريبية" بعمليات سحب نقدي غير مشروعة خلال عامي 2021 و2022.
تدخل سياسي
بدوره يقول عضو لجنة النزاهة النيابية، النائب عبدالرحيم الشمري، إن "ملفات الفاسدين الكبار لم تُفتح حتى الآن"، مبيناً أن "جهات سياسية دائماً ما تتدخل في عمل لجنة النزاهة، ويضيع حق المال العام"، كاشفاً أن "الفاسدين الكبار هم أغلبهم سياسيون كبار، أو من يسندهم من السياسيين الكبار".
ويُقدم الشمري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، وقائع عن تدخل الجهات السياسية بالقول، "قبل فترة تمت استضافة أو استقدام أحد المسؤولين الكبار في وزارة النفط، وأوصت لجنة النزاهة بأن هذا الرجل عليه على الأقل التنحي عن منصبه، نظراً لعدم القدرة على فعل شيء له، لأن وراءه مسؤولين كبار".
ويتابع: "وكذلك في قضية مدير شركة توزيع المنتجات النفطية، إذ تم استدعاؤه من قبل اللجنة لغرض الاستيضاح، لكنه ادعى المرض، ولم يأتِ حتى الآن، لأن وراءه جهة وكتلة كبيرة، وكذلك تم فتح ملف الوقف السني لكن تدخل فيه سياسيون كبار من السنة، وهناك ملف كبير في وزارة النفط وتدخل سياسيون شيعة فيه، وفي وزارة الكهرباء أيضاً، وكذلك في مسألة الاستثمار والمحافظين وغيرها الكثير"، لافتاً إلى أن "لجنة النزاهة أحياناً تلجأ إلى الإعلام لمنع تدخل هؤلاء السياسيين".
المصدر: شفق نيوز
كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير عاشوراء شهر تموز مندلي مكافحة الفساد في العراق هيئة النزاهة الاتحادية حكومة محمد شياع السوداني لجنة النزاهة هیئة النزاهة على الفساد
إقرأ أيضاً:
الكهرباء تبحث خطة الصيف ولا توفرها في الشتاء!.. عقود الفساد تبتلع الـ 41 مليار دولار
بغداد اليوم - بغداد
خطة "طموحة" يعلن عنها وزير الكهرباء، زياد علي فاضل، قوامها انشاء محطة ثانوية وتأهيل 900 مغذيا، وهذا "يندرج ضمن استعدادات الصيف المقبل في بغداد"، تقول وزارة الكهرباء.
بيان للمكتب الإعلامي للوزارة تلقته "بغداد اليوم" يقول إن "وزير الكهرباء، التقى أمس الاثنين، رئيس مجلس محافظة بغداد عمار القيسي، لمناقشة ما تحتاجه العاصمة بغداد بملف الكهرباء، وتعزيز التعاون المشترك بين الوزارة والحكومة المحلية، وتقديم الدعم والاسناد وتذليل التحديات التي تعيق تطور ملف الكهرباء في بغداد".
وأشار الوزير وفق البيان، "للدور المهم الذي تمثله الحكومات المحلية من حيث الدور التشريعي للمجلس، والتنفيذي المحافظين، وأنهم الذراع الأساسي مع الوزارات المكملة لعمل الحكومة المركزية، ولابد من العمل كفريق واحد لتكون المخرجات حقيقية تقدم على نحو خدمي لمواطني بغداد واستحقاقهم".
البيان ذكر، أنه "جرى خلال اللقاء تسليط الضوء على أبرز المشكلات التي تواجه قطاع الكهرباء في بغداد، كتحديات الغاز والوقود وتأثير توقفه على محطات الانتاج وحصة العاصمة، كما تم الحديث عن أهمية صيانة شبكات التوزيع، وإيجاد حلول فعّالة لتقليل انقطاعات التيار الكهربائي، بظل ازدياد الطلب على الطاقة".
وأوضح الوزير: "أننا عملنا بخطط طارئة على معالجة الاختناقات خلال الفترة الماضية، واكملنا الان احالات وتوقيع مشاريع المرحلة الثانية، لنشرع بتنفيذ ونصب ( 74 محطة ثانوية، وتأهيل 900 مغذي جهد 33/11، ومعالجة اختناقات شبكات التوزيع، لتكون ضمن استعدادات الخطة الصيفية المقبلة ومواجهة الأحمال".
الوزير يريد، بحسب البيان، "تنفيذ التحول الذكي بمناطق مختارة من جانبي الكرخ والرصافة للسيطرة على الضياعات وتنظيم الاستهلاك والعشوائيات والمناطق الزراعية، بشبكات نظامية".
ووفقا للبيان، فقد "أعرب رئيس مجلس محافظة بغداد عن تأمينه للجهود الكبيرة التي تبذلها الوزارة"، مضيفا: "نحن على استعداد تام لدعم الوزارة ومشاريعها من خلال خطط تنمية الأقاليم" مشيراً الى، أن "تحسين خدمة الكهرباء يمثل أولوية قصوى للمجلس، لما لها من تأثير مباشر على تطوير القطاعات الأخرى، كالصحة والتعليم والاقتصاد وغيرها".
الأجندات الحزبية والفساد بالوزارة
وبعد كل ما ذُكر، يبدو أن وزارة الكهرباء ووزيرها زياد علي فاضل، نسوا أو تناسوا أن العاصمة بغداد والمحافظات العراقية كافة- باستثناء محافظات إقليم كردستان- تعاني من انقطاع مستمر، تقريبا، للطاقة الكهربائية رغم أن الفصل شتاء، ولا حمولات أو استهلاكا للكهرباء إذا ما تمت المقارنة مع فصل الصيف الذي تلامس درجات الحرارة فيه الـ 50 مئوية.
وعلى أي حال، فإن وزارة الكهرباء، وفق مراقبين، يعتريها الفساد منذ أكثر من 20 عاما، بدلالة الملفات "المؤجلة" في القضاء وهيئة النزاهة. ملفات مغلقة بإرادة سياسية وأجندات حزبية بفاعل خارجي.
وهنا، يقول المحلل السياسي عدنان التميمي، إن دولا واحزابا مستفيدة من أزمة الكهرباء في العراق، فيما يشير الى أن محاولات استثمار الغاز يجري تعطيله في ظروف غامضة.
وأكد التميمي في تصريح لـ"بغداد اليوم"، السبت (14 كانون الأول 2024)، أن "الدولة العراقية انفقت بعد 2003 وحتى يومنا هذا مبالغ طائلة لتحسين ملف الكهرباء لكن النتائج كانت مخيبة للآمال في ظل أزمات متجددة مع ذروة كل موسم، صيفا وشتاءً بسبب اعتماد المنظومة على استيراد الغاز والطاقة معا وانفاق مليارات الدولارات من ميزانيتها".
وأضاف، أن "دولا واحزابا مستفيدة من أزمة الكهرباء في العراق وأي محاولة تمضي باتجاه الحل تصطدم بالفيتو، لدرجة أنه حتى محاولات استثمار الغاز يجري تعطيله في كل مرة وبظروف غامضة".
وأشار الى أن "الفساد في وزارة الكهرباء موجود والقضايا الموجودة في هيئة النزاهة على مدى أكثر من 20 سنة تؤكد بأن احزابا وقوى كثيرة متورطة بصفقات مشبوهة استنزفت خزينة البلاد".
التميمي قال أيضا، إن "أي وزير يأتي الى رأس هرم الوزارة لن يحقق شيئا في ظل مشاكل متراكمة تبدأ من توفير الطاقة والهدر الكبير في الاستهلاك وصولا الى استفادة اطراف كثيرة من صفقات كثيرة".
عقود الفساد تبتلع الـ41 مليار دولار
ملفات فساد كبيرة في وزارة الكهرباء، وما تزال هي السبب الرئيس في تدمير قطاع الكهرباء في العراق، واستمرار وجود الكثير من مافيات المفسدين المسيطرة على الوزارة، وتعد أزمة الكهرباء هي واحدة من أبرز الأزمات التي شهدتها البلاد منذ الغزو الأميركي عام 2003، ولم تتمكن من تجاوزها، على الرغم من إنفاق نحو 41 مليار دولار في هذا القطاع، وفقا لتقارير رسمية.
من ناحيته، علق الكاتب والمحلل السياسي أحمد الخضر، يوم السبت (14 كانون الأول 2024)، حول استمرار أزمة الكهرباء في العراق خلال فصلي الصيف والشتاء، والفشل بإدارة هذا الملف.
وقال الخضر في حديث لـ "بغداد اليوم" إن "هذا الملف ليس جديدا، وفشل وزارة الكهرباء في توفير الحد الأدنى من الكهرباء للمواطنين، وبالرغم من تصريحات رئيس الوزراء ووزير الكهرباء، إلا أن لا كهرباء كافية في العراق".
وأضاف، أنه "اعتقد أن الخلل الحقيقي يكمن في إدارة وزارة الكهرباء نفسها، حيث أن الوزارة مازالت متأثرة بالتحزب السياسي ولاحظنا أن هناك شكاوى من عدة محافظين في الوسط والجنوب قدمت من قبلهم في المحاكم ضد وزير الكهرباء، حيث اتهم بالتلاعب بحصص المحافظات من التجهيز الكهربائي حيث وصلت محافظاتهم إلى 6 ساعات تجهيز باليوم الواحد مقابل محافظات 16 ساعة تجهيز".
وأشار إلى أن "هذا يعطينا انطباعا أن هناك خللا اداريا، بالإضافة إلى الخلل القيادي الذي لم يقدم خططا بديلة لحد الان، لإيجاد مصادر أخرى غير الغاز الإيراني الذي يعاني من عقوبات أمريكية يؤدي بين فترة وأخرى لنقص في تجهيزه".
وسجلت ساعات تجهيز الكهرباء انخفاضا كبيرا في بغداد والمحافظات مع الهبوط الحاد بدرجات الحرارة وبدء موسم الشتاء وبالتزامن مع توقف تصدير الغاز الإيراني إلى العراق.
وشكا مواطنون من قلة ساعات إمداد الطاقة من شبكة منظومة الكهرباء، فيما طالبوا الوزارة بإيجاد حلول جدية لهذه الأزمة، ووضع حد للفساد وهدر المليارات على العقود السنوية والمحطات التي يتجاوز عددها الـ 36 محطة في بغداد فقط.