باريس وبرلين.. خلافات تثير المخاوف من شقاق أوروبي
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
تظهر فرنسا وألمانيا بصورة متزايدة خلافاتهما حول مسائل مختلفة، من الطاقة إلى قواعد الميزانية مروراً بالدفاع، ما يهدد بحصول شقاق في أوروبا، في وقت تتراكم التحديات على الساحة الدولية.
وإضافة إلى التباعد بين المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أصبحت الملفات الرئيسية "ساحات مواجهة إيديولوجية" بين البلدين، حسبما يرى الأمين العام للجنة دراسات العلاقات الفرنسية الألمانية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إريك-أندريه مارتان.في برلين، تؤكد الأوساط الدبلوماسية أنه رغم الاختلاف في وجهات النظر، تتفق دائماً الدولتان على الأمور الأساسية، باعتبار أن التقدّم في أوروبا مستحيل في غياب "المحرّك" الفرنسي الألماني.
"#سكاي_شيلد" يٌفاقم الخلافات بين #فرنسا وألمانيا https://t.co/uyun3yC7wa
— 24.ae (@20fourMedia) June 19, 2023وتشدّد باريس أيضاً على الرغبة المشتركة في التغلب على الصعوبات، بحيث تشير وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ونظيرتها الألمانية آنالينا بيربوك إلى أنهما على اتصال دائم.
وقالت بيربوك الجمعة لصحيفة: "ويست فرانس" الفرنسية "من المعروف أن ألمانيا وفرنسا أفضل صديقتَين في العالم، لكننا نتشاجر أحياناً مثل زوجَين مسنَّين"، متحدثة عن الإصلاح الصعب لسوق الكهرباء الأوروبية.
وفي خلفية خلافاتهما أيضاً معركة حول النووي الذي تعتبره فرنسا أولوية لإمدادات الكهرباء، في حين أغلقت ألمانيا محطتها النووية الأخيرة في أبريل (نيسان).
وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك: "لسنا متفقين على شيء".
النبرة مماثلة في باريس حيث تتحدث الأوساط الدبلوماسية عن "مناقشات صعبة" حول الطاقة وإصلاحات قواعد الميزانية وعن الرغبة في أن تكون برلين أكثر "تعاوناً".
وبدأت الخلافات تصبح بنيوية، بحيث "بدأنا نشهد تحوّلاً في التصورات والتحليلات والأولويات على كلّ الصعد تقريباً"، بحسب مدير المعهد الفرنسي الألماني في لودفيعسبرغ فرانك باسنر. "فرنسا نسخة أفضل من ألمانيا" يغذّي ركود الاقتصاد الألماني والشكوك الألمانية المتزايدة حول قدرة البلد على التعافي، هذه التباينات في المواقف.
وعنونت أسبوعية "دير شبيغل" الألمانية أخيراً، بنبرة مستفزّة إلى حد ما، "فرنسا هي نسخة أفضل من ألمانيا".
وقال باسنر: "نعود إلى مواقف يفكر فيها كلٌّ بنفسه أولاً، وينسون أن الحلول لا يمكن أن تكون إلّا على الصعيد الأوروبي".
غير أن أوروبا تواجه سلسلة من حالات الطوارئ أبرزها ضمان أمنها منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتسريع تحوّلها البيئي وزيادة قدرتها التنافسية في مواجهة الصين والولايات المتحدة.
ولا يزال مشروع دبابة المستقبل الفرنسي الألماني، الذي يُفترض أن يكتمل بين عامَي 2035 و2040 ليحلّ مكان دبابات "لوكلير" الفرنسية ودبابات "ليوبارد 2" الألمانية، يكافح للاستمرار.
رغم تأكيد وزيرَي الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس والفرنسي سيباستيان لوكورنو في منتصف يوليو (تموز) رغبتهما في تقدّم المشروع، وفيما سيبحثان هذه المسألة في اجتماع في فرنسا في 22 سبتمبر (أيلول)، أشارت الصحافة الألمانية هذا الأسبوع إلى إنشاء اتحاد صناعي يمكن أن يتنافس مع مشروع دبابة المستقبل.
وسيضمّ هذا الاتحاد شركات ألمانية وسويدية وإيطالية وإسبانية. ولن تشارك فرنسا إلّا عبر مجموعة "نكستر" الفرنسية في شركة "كي إن دي إس" الفرنسية الألمانية.
واعتبر إريك-أندريه مارتان أن "العلاقات الفرنسية الألمانية تقف عند نقطة تحوّل"، متسائلًا عن قدرة البلدَين على "الاستجابة للتحديات".
وقال "إنهما بلدان يملك كلّ منهما نماذج عمل ومصالح متباينة، يتواجهان ويشكّلان قطبين متضادّين على المستوى الأوروبي، ما يساهم في تفتيت أوروبا من خلال إيجاد أغلبيات ظرفية".
رئيسة وزراء #فرنسا تزور #ألمانيا لتخفيف التوتر بين البلدين
https://t.co/KTrgdRgqkB
ولفت إلى ظهور مجموعتَين من الدول، أولاها هي مجموعة دول البنلوكس "التي تشعر ببعض الأسف للتعثر الأوروبي"، والأخرى تضمّ دولاً مثل بولندا التي ترى في ذلك "فرصة لدفع بيادقها من خلال القيام بنشاط دبلوماسي أقوى".
بعد نحو عامين من وصول أولاف شولتس إلى المستشارية، لم ينسج بعد مع ماكرون علاقة قرب شبيهة بالتي كانت تجمع الرؤساء الفرنسيين السابقين بالمستشارين الألمان السابقين.
وتأمل باريس أن يجتمعا مجدداً في بداية أكتوبر (تشرين الأول) في هامبورغ لتسوية خلافاتهما بطريقة "منفتحة" في جو "غير رسمي".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني ألمانيا فرنسا
إقرأ أيضاً:
برج إيفل يرتدي الحجاب.. حملة إعلانية تثير غضب سياسيين فرنسيين
أثار إعلان ترويجي لعلامة الأزياء الهولندية المحتشمة "مرّاشي" موجة من الجدل في فرنسا بعدما ظهر فيه برج إيفل وهو مغطى بحجاب إسلامي، في خطوة رمزية لدعم حرية ارتداء الحجاب.
الإعلان الذي نُشر على حساب العلامة التجارية في إنستغرام جاء مصحوبا بتعليق "رُصدت: برج إيفل مرتديا أزياء مرّاشي، ما شاء الله! يبدو أنه انضم للتو إلى مجتمع الأزياء المحتشمة".
ورغم أن الإعلان كان جزءا من حملة تسويقية، فإنه أثار ردود فعل غاضبة بين السياسيين الفرنسيين، الذين اعتبروه استفزازيا ويتعارض مع القيم الفرنسية، في حين اعتبره آخرون إبداعيا ويعكس النقاش الدائر حول الحريات الدينية في فرنسا.
View this post on InstagramA post shared by MERRACHI (@merrachi)
انتقادات من سياسيين فرنسيينالفيديو أثار استياء العديد من السياسيين الفرنسيين، حيث وصفته النائبة عن حزب التجمع الوطني اليميني ليزيت بوليت بأنه "إساءة للقيم الفرنسية والتراث الديمقراطي"، مشيرة إلى أنه محاولة لاستغلال أحد أبرز رموز فرنسا في الترويج لأجندات دينية. وعلّقت عبر منصة "إكس" قائلة "أمر غير مقبول! لقد اختطفت علامة مرّاشي برج إيفل، رمز فرنسا، وغطته بحجاب إسلامي في إعلان استفزازي".
???????? INACCEPTABLE !
La Tour Eiffel, symbole de la France, détournée par la marque Merrachi qui la couvre d’un voile islamique dans une publicité provocatrice.
???? Une instrumentalisation idéologique et commerciale qui heurte nos valeurs républicaines et notre patrimoine. pic.twitter.com/A6GgVkWRPU
— Lisette Pollet ????????️Ⓜ️ ???????? (@LisettePollet) March 11, 2025
إعلانمن جانبه، صعّد الخبير الاقتصادي الفرنسي فيليب مورير من حدة الجدل، حيث طالب بإغلاق متاجر "مرّاشي" في فرنسا وحجب موقعها الإلكتروني، معتبرا أن الإعلان يشكل استفزازا لمبادئ الجمهورية العلمانية.
La marque Merrachi pose un voile islamique sur la Tour Eiffel.
✅Il faut être implacable: interdire les magasins de cette marque et couper l’accès à leur site de vente internet en France.
Se faire respecter.
On attend la réaction de @BrunoRetailleau et de son gouvernement pic.twitter.com/qkF34HkoFh
— Philippe Murer ???????? (@PhilippeMurer) March 11, 2025
في المقابل، أشاد بعض مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي بالإعلان، معتبرينه حملة تسويقية ذكية تسلط الضوء على حق المرأة المسلمة في اختيار ملابسها، خاصة في بلد يُعرف بتشدده تجاه الرموز الدينية في الأماكن العامة.
فرنسا والحجاب.. جدل قديم يتجددلم يكن هذا الجدل الأول من نوعه في فرنسا، حيث تمتلك البلاد تاريخا طويلا من القوانين المقيدة لارتداء الرموز الدينية في الأماكن العامة، خصوصا الحجاب الإسلامي. فقد أصدرت عام 2004 قانونا يحظر ارتداء الرموز الدينية البارزة، بما في ذلك الحجاب، داخل المدارس الحكومية في إطار تعزيز مبدأ العلمانية.
وفي عام 2010، شدّدت الحكومة القيود من خلال حظر تغطية الوجه بالكامل في الأماكن العامة، وهو قانون شمل النقاب والبرقع إلى جانب الأقنعة والخوذات، وتم تأييده لاحقا من قبل المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان عام 2014.
وفي السنوات الأخيرة، تصاعدت هذه القيود مع حظر العباءات والحجاب في المدارس الحكومية، حيث أكد وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو أنه يعمل على منع ارتداء الحجاب حتى من قبل المرافقات المدرسيات خلال الرحلات الدراسية بحجة أن هذه الرحلات تعد امتدادا للبيئة التعليمية التي يُطبق فيها قانون حظر الرموز الدينية.
إعلان