لجريدة عمان:
2024-10-01@21:53:32 GMT

ازدهار الاتجار بالبشر بسبب الإفلات من العقاب

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

ترجمة: أحمد شافعي -

بعد مرور أكثر من مائتي عام على إلغاء تجارة العبيد الدولية رسميا، تظل الحقيقة الشنيعة هي أن بيع النفس البشرية لم يشهد رواجا كالذي يشهده اليوم. إذ تزدهر أعمال المجرمين المنخرطين في الاتجار بالبشر، وفي العمالة القسرية، وفي العبودية الحديثة، ليس فقط في عموم آسيا وأفريقيا والأمريكيتين، ولكن في قارة أوربا نفسها، بل إنها تعبر القنال الإنجليزي إلى بريطانيا أيضا.

في كل يوم، يدفع المهربون باليائسين من الرجال والنساء والأطفال إلى جحيم العبودية الحديثة لمعرفتهم بأن جريمتهم هذه توشك ألا تكبدهم أي عقاب. ولا يجب أن يكون للمجرمين الذين يتاجرون في البشر ملاذ، ولكن الزج بالمستغلين المجرمين وراء القضبان يبقى أمرا بعيد الاحتمال. في الوقت الذي يعيش فيه 50 مليونا من البشر في ربقة العبودية الحديثة لم يحاكم غير 15159 من تجار البشر في عام 2022، لم يجر التصديق بأحكام الإدانة إلا على 5577 بمعدل إدانة واحدة لقاء كل 8965 ضحية.

بوسع قمة زعماء مجموعة العشرين التي تقام في نيودلهي أن تنتهز هذه الفرصة لضمان ألا يتلاشى من المشهد هدف الأمم المتحدة بالقضاء على العبودية الحديثة بحلول عام 2030. ولقد كتبت إلى مضيف القمة ناريندرا مودي رئيس وزراء الهند طالبا منه أن يضع على جدول أعمال مجموعة العشرين الفشل الذريع لأي حكومة في أي مكان بالعالم في إنهاء تجارة العبيد. ولكي نضع حجم هذه الصناعة في سياق، يكفي أن نعلم أن إجمالي أرباحها ـ التي لا تقل بأي حال عن كونها أموالا ملوثة بالدم ـ يربو على خمسة عشر مليار دولار أمريكي سنويا.

وتتدنى إدانات تجار البشر إلى حد أنه لم تسجل في الأمريكيتين كلها من كندا والولايات المتحدة إلى الأرجنتين والبرازيل إلا 265 إدانة في العام الماضي. ويقر مؤشر العبودية العالمي للمملكة المتحدة بأنها أشد صرامة تجاه العبودية الحديثة، ولكن في حين تم تحديد قرابة ثلاثة وعشرين ألف ضحية محتملة في بريطانيا ما بين عامي 2017 و2019، لم تصدر الأحكام إلا على أربعة وستين مذنبا بسبب جرائم العبودية الحديثة والاتجار بالبشر بموجب قانون العبودية الحديثة. فلا عجب أن يشعر التجار ـ الذين تعبر قواربهم القنال الإنجليزي ـ أنهم يعملون في ظل حصانة آمنين من العقاب.

ومما يكلل بمزيد من العار هذا المعدل سافر الانخفاض أن العبودية الحديثة ـ وهي الجريمة الأشد شناعة وهمجية بين الجرائم ـ تحط من كرامة ثمانية وعشرين مليونا من الرجال والنساء من خلال العمل القسري والظروف المعيشية المهينة، وتتسبب في خراب بطول العمر لاثنين وعشرين مليونا من الفتيات والنساء ممن يرغمن على الزواج بغير إرادة منهن.

إن حجم الاستعباد البشري الحديث يعني أننا جميعا خاسرون. فالاتجار بالبشر مثلما قال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة «تكتيك إرهابي» ومورد مهم لتمويل الإرهابيين.

غير أن محاكمات العبودية تشهد انخفاضا. في عام 2015، أجريت تسعة عشر ألف محاكمة في العالم، وبحلول عام 2022 قل الرقم بقرابة أربعة آلاف. ومثلما قالت رئيس الوزراء السابقة تيريزا ماي لمجلس العموم في يوليو، فإن قانون الهجرة غير الشرعية سوف يسهم عما قريب في ارتفاع منذر بالخطر للعبودية البشرية. فلم يعد القانون يوجب على السلطات تحديد هويات ضحايا العبودية الحديثة قبل إرجاعهم إلى بلادهم الأصلية كما أنه يعجز عن توفير ما يلزم من دعم وحماية لتمكين الضحايا من تقديم الأدلة التي تفضح مستغليهم، فتقل بذلك احتمالية التحقيق مع التجار. ونتيجة لذلك، فإن ضحية الاتجار بالبشر التي تصل إلى المملكة المتحدة وقد تعرضت للاغتصاب، أو تعرضت أسرتها لتهديد، قد تتعرض للرفض.

وإبلاغ السلطات حاليا بجرائم العبودية منخفض إلى حد أن العام الماضي لم يشهد تحديد هويات إلا لمائة وخمسة عشر ألف ضحية في العالم كله، وأغلب هؤلاء الضحايا هربوا بأنفسهم من التجار وأبلغوا السلطات بأنفسهم، بدلا من أن تنقذهم قوات تنفيذ القانون. ولكن غير بعيد من حيث يعيش أي واحد منا، ثمة من ضحايا الاتجار بالبشر ولد أو فتاة، رجل أو امرأة، يعملون خدما في المنازل، أو في غسيل السيارات أو عمال تجميع. وأكثرنا يشتري سلعا، منها علامات تجارية كبرى، مما ينطوي تصنيعها على اتجار بالبشر أو عمل قسري.

لقد أكدت منظمات دينية بقيادة منتدى مجموعة العشرين العابر للأديان «الحاجة الملحة» لأن تقوم دول مجموعة العشرين - التي تمثل أكثر من 75٪ من التجارة العالمية - بالتصدي لجرائم كثيرا ما تكون خفية وعلى مرأى من الجميع. وسوف يلزم عمل منسق من مجموعة العشرين لإصلاح سلاسل التوريد العالمية والقضاء على حالة الرضا عن الذات لدى صناعات الملابس والإلكترونيات وغيرها من العلامات التجارية المعروفة التي تتعمد أن تتجاهل تجارة العبيد. ويجب أن يتضمن هذا العمل دعوة لتطبيق قوانين العمل اللازمة على مستوى العالم لتوجب على الشركات مراقبة مخاطر العبودية في سلاسل التوريد الخاصة بها والإبلاغ عنها. حتى الآن، تبنت بلاد مثل النرويج وفرنسا وألمانيا هذه القوانين، ويحسب لتيريزا ماي أنها تقوم بتشكيل لجنة عالمية معنية بالعبودية الحديثة والاتجار بالبشر ويرجح أن تدافع عن توسيع نطاق هذه التشريعات في جميع أنحاء العالم.

لقد حدث في عام 2016 حينما صاغت الأمم المتحدة أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 أن حثَّ البابا فرانسيس بلاد العالم كله على مساعدة المستعبدين ومحاكمة المتاجرين بالبشر. وأعقبت ذلك 7 سنوات عجاف، لم يتحقق خلالها تقدم يذكر. والآن، ولم يبق إلا سبع سنوات فقط لتحقيق هدف عام 2030، يتعين على مجموعة العشرين أن تبدأ في الارتقاء إلى مستوى زعمها بأنها المنتدى الاقتصادي الأول في العالم ــ فتكثف عملها من أجل القضاء على تجارة العبيد الحديثة.

جوردن براون مبعوث الأمم المتحدة للتعليم العالمي وكان رئيس وزراء المملكة المتحدة من عام 2007 إلى عام 2010

عن صحيفة الجارديان البريطانية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتجار بالبشر

إقرأ أيضاً:

عزت زين: المسرح فى ازدهار ولكنه يحتاج للدعاية

تكريمى بالمهرجان القومى للمسرح تكريم للثقافة الجماهيرية والمسرح المدرسى المواهب لا تولد فى القاهرة فقط ويجب البحث عنها فى الأقاليم 

 

حامل راية الدفاع عن المسرح المدرسى والثقافة الجماهيرية، أحد عشاق المسرح بلا منازع، مسيرته الفنية والمسرحية تمتد لخمسين عاماً من العطاء الفنى، الفنان القدير عزت زين، عشق المسرح منذ الصغر، ترك عمله حباً فى المسرح، لم يترك مسرحاً فى الفيوم، إلا وعمل به بداية من المسرح المدرسى أو مسرح الأندية أو مسارح مراكز الشباب، مرورًا بعروض الثقافة الجماهيرية، التى جرى اعتماده فيها كمخرج عام ١٩٨٤، ليخرج منذ ذلك التاريخ قرابة 40 مسرحية، تتنوع بين المسرح المصرى والعربى، أسس فرقة مسرح جامعة الفيوم، التى شارك من خلالها فى الكثير من المهرجانات. 

شارك فى سبعة أعمال مسرحية كمحترف من أبرزها « قواعد العشق الأربعون» ومسرحية «مش روميو وجوليت»، فضلًا عن مشاركته فى العديد من الأعمال السينمائية والتليفزيونية، كان آخرها مسلسل «رحيل» و«الحشاشين» و«بيت الرفاعى» والعديد من الأعمال الأخرى. 

«الوفد» التقت الفنان عزت زين، الذى تحدث معنا عن المسرح والثقافة الجماهيرية والمسرح المدرسى، ومسيرته الفنية. 

فى البداية قال الفنان عزت زين، إن المسرح فى الوقت الحالى بدأ يزدهر من جديد، وهناك إنتاج لأعمال كثيرة فى المسرح، ولكنّ هناك أعمالاً تحتاج إلى دعاية قوية لجذب الجمهور إليها، مضيفاً أن هناك أعمالاً رائعة نكتشفها فقط فى المهرجانات المسرحية، نتيجة لعدم قدرتهم على عمل دعاية للعرض، مؤكداً أن الدولة تسعى بكل الطرق لتوفير كل احتياجات المسرح فى إطار الميزانيات المتاحة، مضيفاً أن الحركة المسرحية مليئة بالعديد من الفنانين البارعين والكتاب والمخرجين الواعدين. 

وأوضح أنه على الدولة الاهتمام بالمسرح المدرسى والثقافة الجماهيرية، مؤكدًا أن عدم الاعتناء بالمسرح الإقليمى كارثة، موضحاً أن المؤسسات الثقافية يوجد بها استعلاء على المسرح المدرسى، وهناك أشخاص يدعون أنهم حريصون على المسرح المدرسى، ويهتمون به، ولكن فى الحقيقة هم يحتقرونه، ودائمًا ما يتم وصف أى عمل سيئ بأنه «مسرح مدرسى»، لكن الحقيقة هناك قامات كبيرة سواء فى المسرح المدرسى أو فى الثقافة الجماهيرية، ولم يُلق الضوء عليهم بما يستحقون، كما أن المواهب لا تولد فى القاهرة فقط، ولكن المواهب تظهر فى كل المحافظات من وجه قبلى إلى كل وجه بحرى، وإذا كانت هناك أزمة فأزمتنا الحقيقية فى المسرح هى عدم الاعتناء بالمسرح المدرسى. 

وطالب الجهات المعنية والمسؤولة عن المسرح بالاهتمام بجمهور الأقاليم، لكون جمهور القاهرة لديهم منافذ ثقافية كثيرة مثل المسرح القومى ومسارح عديدة، بينما شباب وجماهير الأقاليم ليس أمامهم أماكن ثقافية مثل الموجودة بالقاهرة، لافتاً أن قصر الثقافة فى الفيوم مغلق منذ سنتين، وأن غالبية الفنانين عندما تأتى لهم فرصة للخروج من الأقاليم، يرحبون بشكل قوى، ولكنه حدث معه العكس، وتمسك بالعمل فى مسرح الأقاليم بالفيوم، وممثلو الأقاليم لن يتكرروا.

وأوضح أنه من عشاق المسرح المدرسى والثقافة الجماهيرية، لافتاً أنه فى البداية عمل فى شركة مصر للشرق الأوسط، ووجد أن العمل بها حمل كبير والعمل فى القطاع الخاص يأخذ كل طاقته، ودائماً كان قراره على الأسس التى تقربه أو تبعده عن المسرح من عدمه، مضيفاً أن مسرح الثقافة الجماهيرية مظلة فنانى الأقاليم منذ قرابة ٦٠ عامًا، وعاصر فترة من فترات ازدهار المسرح المصرى، وتعاقب عليه كبار المسرحيين، تخطيطًا أو متابعة أو إخراجًا مسرحيًا، وعرف أسماء مثل سعد الدين وهبة ومحمد سالم وحمدى غيث وكرم مطاوع وسعد أردش وحسن عبدالسلام وعبدالرحمن الشافعى، وغيرهم الكثير.

كما حدث توسع فى تكوين الفرق المسرحية، ومدها بالمخرجين وميزانيات الإنتاج، وكان وراء كل ذلك السعى لتحقيق مبدأ العدالة الثقافية، والإيمان بدور الثقافة والفن فى بناء وتنمية الإنسان، لكن الصورة الآن ومنذ سنوات طويلة غير ذلك، فى مسرح الثقافة الجماهيرية يتقلص وينحصر تأثيره، وهو مستمر فقط بحكم ماضيه، مضيفاً أن هذا المسرح فى حاجة إلى اهتمام حقيقى بدوره، واكتشاف وتنمية المواهب التى تولد فى الأقاليم. 

وأكد أنه مؤمن بضرورة الانتساب إلى حركة مسرحية جادة ومؤثرة فى مصر، وبأن القاهرة ليست كل مصر، والأقاليم يجب ألا تكون على الهامش ومحرومة من الخدمة الثقافية والفنية، وإلا أصبحت أكبر خطر على العاصمة.

وعن تجربة المشاركة فى عرض «مش روميو وجولييت»، أكد أنه سعيد جداً، لمشاركة نجم كبير ومطرب عظيم مثل على الحجار، ونجوم مثل رانيا فريد شوقى، ومحمد عادل، والمخرج العظيم عصام السيد، ومشاركة مواهب عديدة فى العمل، لافتاً أن المسرحية تتوافر فيها كل عناصر الجذب، لذا أعتبر نفسه محظوظًا بالمشاركة فيها. 

ووصف تكريمه بالمهرجان القومى للمسرح المصرى فى دورته السابعة عشرة، حدثاً لن يتكرر، مضيفاً أن تكريمه هو تكريم للثقافة الجماهيرية وللمسرح المدرسى الذى يعتز بهم، واصفاً التكريم هو تقدير لرحلته التى تمتد لخمسين عامًا، فى المسرح، طالبًا وإخصائيًا للمسرح، وفى مسارح مراكز الشباب والأندية والثقافة الجماهيرية، وممثلًا ومخرجًا. 

وأوضح أن أكثر أعماله التى يعتز بها هى «قواعد العشق الأربعين» لكون شخصيته كانت ثرية وعاش مع الشخصية لمدة طويلة.

 

 

مقالات مشابهة

  • حزب صوت الشعب يدعو للتعامل بنزاهة مع ملف الاتجار بالبشر
  • عزت زين: المسرح فى ازدهار ولكنه يحتاج للدعاية
  • جحيم الجنة الموعودة.. الهجرة غير الشرعية باب الاتجار بالبشر وسماسرة الأحلام المستحيلة
  • أغلى أنواع الأرز في العالم.. أسراره وفوائده التي ستدهشك!
  • ما السر وراء ازدهار اقتصاد الحرب في روسيا؟
  • نفاد تذاكر مباراة النشامى وكوريا الجنوبية
  • إسرائيل المنبوذة دوليا .. خبراء يحذرون : تجاهل القرارت والإفلات من العقاب يمس هيبة الأمم المتحدة
  • هل رفضت روسيا انضمام تركيا إلى مجموعة البريكس؟
  • البنتاغون: الولايات المتحدة تخطط لتعزيز الدعم الجوي في الشرق الأوسط
  • الصناعة البحرية ترفع مستوى التهديد للسفن التي ترسو في الموانئ الإسرائيلية بسبب الحوثيين