لجريدة عمان:
2024-06-27@12:06:25 GMT

الاستفادة من دروس كوفيد 19 للعمل المناخي

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

الربيع الفضي - لقد شهد شهر يوليو الماضي أعلى درجات حرارة على الإطلاق، وهذا أمر خطير. يشهد العالم الآن ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي، وتستمر تكاليفها في التصاعد. وقد أشارت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية مؤخرًا إلى أن «الأحداث المتطرفة المتعلقة بالطقس والمناخ والمياه تسببت في 11778 كارثة تم الإبلاغ عنها بين عامي 1970 و2021، مع ما يزيد قليلا عن مليوني حالة وفاة وخسائر اقتصادية بقيمة 4.

3 تريليون دولار أمريكي».

وعلى غرار الجائحة، يؤثر تغير المناخ على الجميع، في جميع أنحاء العالم. فقد تم مؤخرا إخلاء عاصمة منطقة الأقاليم الشمالية الغربية يلونايف في كندا بعد أن اجتاحت مئات حرائق الغابات المنطقة، في حين تواجه الولايات المتحدة عودة ظهور الأمراض المعدية التي ينقلها البعوض مثل الملاريا، وفيروس غرب النيل، وحمى الضنك. وفي أجزاء من آسيا، تسببت الأمطار الموسمية الغزيرة في حدوث فيضانات وتدمير سبل العيش. وفي ملاوي، أدت عاصفتان مدمرتان إلى تفاقم تفشي وباء الكوليرا الذي طال أمده والذي أودى بحياة أكثر من 1600 شخص. والقائمة طويلة.

لكن التأثيرات ليست موزعة بالتساوي: تواجه البلدان النامية تسعة من كل عشرة وفيات و60% من الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الأزمات المناخية والطقس المتطرف. لقد شاهدت بنفسي التأثير المدمر للانهيارات الأرضية في نانكا، مسقط رأسي في جنوب شرق نيجيريا. وعلى مر السنين، أدت الزيادة في تآكل الأخاديد إلى تدمير المنازل والأراضي الزراعية، وساهمت في زيادة انعدام الأمن الغذائي.

تُذكرنا العواقب الوخيمة لتغير المناخ بجائحة كوفيد 19، التي أودت بحياة أكثر من ستة ملايين شخص، ودمرت الشركات وسبل العيش، وساهمت في انهيار الاقتصاد العالمي. في الواقع، تحمل الاستجابة العالمية لمرض فيروس كورونا (كوفيد 19) - الذي أصبح الآن مشكلة صحية مستمرة، وليس حالة طوارئ - دروسًا مهمة في الحد من ظاهرة الانحباس الحراري العالمي.

بداية، يُشكل تغير المناخ ما تُسميه منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العامة ذات الاهتمام الدولي (PHEIC)، وينبغي التعامل معه على هذا النحو. من المؤكد أن الاحترار العالمي يتوافق مع تعريف منظمة الصحة العالمية النموذجي لحالة الطوارئ الصحية العامة ذات الاهتمام الدولي: «وهو حدث استثنائي مُصمم ليشكل خطراً على الصحة العامة للدول الأخرى من خلال الانتشار الدولي للمرض ويُحتمل أن يتطلب استجابة دولية مُنسقة». ومع ذلك، تُعد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، بدلا من منظمة الصحة العالمية، في وضع أفضل لقيادة هذه المهمة، لأنها تزود الحكومات بالفعل بالمعلومات العلمية اللازمة لتطوير السياسات المناخية.

ثانيا، يتعين على بلدان الجنوب العالمي أن تتولى دوراً قيادياً أكبر في التعامل مع المناخ. على سبيل المثال، كان النقص في تمثيل قادة الصحة الأفارقة في بناء مرفق الوصول العالمي للقاحات المضادة لفيروس كوفيد 19 (كوفاكس) بمثابة انتكاسة كبيرة في الاستجابة العالمية للجائحة. وقد أنشأ التحالف العالمي للقاحات والتحصين «جافي»، بالتعاون مع تحالف ابتكارات التأهب للأوبئة ومنظمة الصحة العالمية، مبادرة كوفاكس لضمان الوصول العادل إلى لقاحات كوفيد 19، لكن المبادرة -التي صيغت بعقلية استعمارية- فشلت في تحقيق هذا المثل الأعلى.

لقد ارتكب الفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ الخطأ نفسه، حيث أن نسبة ضئيلة فقط من مؤلفي تقاريره هم من أفريقيا. وكما أكدتُ في مكان آخر، يجب أن يكون القادة من أفريقيا، التي تتحمل عبئاً غير متناسب من التأثيرات المترتبة على تغير المناخ وتُسهم بأقل قدر في الانبعاثات العالمية التي تقوده، في قلب عمليات صنع القرار.

ثالثا، على الحكومات اتخاذ خطوات لمكافحة المعلومات الخاطئة والمُضللة. لقد انتشرت الأخبار والشائعات الكاذبة خلال الجائحة، ما أدى إلى وباء المعلومات (انتشار معلومات مغلوطة) - فائض من المعلومات المشروعة والمُضللة على حد سواء. ومع وجود ما يقرب من 5 مليارات مستخدم في جميع أنحاء العالم، عملت منصات شبكات التواصل الاجتماعي على تسريع انتشار الادعاءات المزيفة حول فيروس كوفيد 19. ومع ذلك، يمكن لصُناع السياسات والأكاديميين أيضًا استخدام هذه المنصات لتوضيح الحقائق ووضع الأمور في نصابها الصحيح.

ولتوعية عامة الناس بشأن تغير المناخ، وعواقبه، وكيفية بناء عالم أكثر مراعاة للبيئة، ينبغي للمزيد من العلماء وغيرهم من الخبراء نشر مقالاتهم على منصات شبكات التواصل الاجتماعي والتواصل مع مستخدمين آخرين. ومما يثير القلق أن ما يقرب من نصف المستخدمين الذين ينشرون تغريدات على موقع تويتر بانتظام حول ظاهرة الاحتباس الحراري والتنوع البيولوجي، قد توقفوا عن القيام بذلك بعد ستة أشهر من استحواذ إيلون ماسك على موقع تويتر، الذي يسمى الآن «إكس»، مما خلق مساحة أكبر لتفشي المعلومات الكاذبة والمُزيفة.

رابعا، ينبغي لجميع البلدان أن تدفع نصيبها العادل في جهود الاستجابة العالمية. خلال الجائحة، تم تشجيع البلدان الغنية على توفير التمويل لمساعدة البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في الوصول إلى اللقاحات والاختبارات والأدوية الخاصة بفيروس كورونا، مع تحقيق نتائج متباينة.

وعلى نحو مماثل، تتحمل الدول الغنية مسؤولية أخلاقية لتقديم المساعدات الخاصة بالمناخ إلى الدول الفقيرة، وذلك نظراً لانبعاثاتها التاريخية. في العام الماضي، اتخذ مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 27) خطوة مهمة في هذا الاتجاه من خلال إنشاء صندوق الخسائر والأضرار للدول النامية التي تواجه آثار الاحترار العالمي. ولكن على الرغم من أن هذا الإجراء الذي يستحق الثناء، على البلدان الضعيفة أيضًا تحسين التسيير ومكافحة الفساد للحد من آثار تغير المناخ. على سبيل المثال، يتم تهريب ما قيمته 9 مليارات دولار من الذهب إلى خارج نيجيريا سنويًا. وكان بإمكان الحكومة استثمار تلك الإيرادات المفقودة في المشاريع البيئية، مثل منع الانهيارات الأرضية في نانكا.

وأخيرا، يكون تخزين الموارد عديم الجدوى عند معالجة الأزمات ذات النطاق العالمي حقا. خلال جائحة فيروس كوفيد 19، تسببت العديد من البلدان في الشمال العالمي في تفاقم عدم المساواة من خلال تخزين معدات الحماية الشخصية، والاختبارات، واللقاحات، والعلاجات، والتشبث بتدابير حماية الملكية الفكرية. ومع ذلك، فإن الأمراض المعدية لا تحترم الحدود؛ وكذلك بالنسبة لتغير المناخ. تُعاني كل دولة في العالم من عواقبه المدمرة، ولو بأشكال متعددة.

يتطلب التصدي لتغير المناخ رؤية وفهم المجتمع العالمي بوصفه كيان واحد. لدى قبيلتي في نيجيريا، الإجبو، عبارة تؤكد على أهمية العمل الجماعي: Ìgwèbụ̀íké. وهذا يعني «نحن أقوى معًا عندما نكون متحدين». لقد أظهرت جائحة كوفيد 19 ضرورة وجود نموذج عادل للحوكمة العالمية إذا أردنا أن يكون لدينا أمل في توريث كوكب صحي وسليم للأجيال القادمة.

إيفيني إم نسوفور زميل أول للأصوات الجديدة في معهد آسبن، وزميل أتلانتيك عالمي للعدالة الصحية في جامعة جورج واشنطن.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الصحة العالمیة لتغیر المناخ تغیر المناخ کوفید 19

إقرأ أيضاً:

40 % من الصوماليين بحاجة لمساعدات إنسانية بفعل اضطرابات السياسة وصدمات المناخ

دينا محمود (مقديشو، لندن)
مشهد قاتم رسمته بيانات أممية حديثة، بشأن الوضع الإنساني المتردي في الصومال، على وقع استمرار التوترات السياسية والانعدام الكبير للأمن في أراضيه، وما يترتب على ذلك من أزمات اقتصادية ومعيشية، تفاقم منها الصدمات المناخية التي يتعرض لها هذا البلد، بما تشمله من موجات جفاف شديدة الوطأة وفيضانات مفاجئة ومدمرة.
وكشفت البيانات، التي أُعِدَت بعد نهاية الربع الأول من العام الجاري، النقاب عن أن هذه المجموعات المتضافرة من الأزمات، تجعل ما يشارف 6.9 مليون صومالي، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية، وهو ما يزيد على 39% من سكان البلاد، البالغ عددهم نحو 17.6 مليون نسمة.
وبحسب البيانات، التي تضمنها تقرير نشرته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، يعاني قرابة 4.3 مليون شخص في الصومال من الانعدام الحاد للأمن الغذائي، وذلك في وقت لا تزال فيه معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة مرتفعة، إلى حد أنها طالت خلال الصيف الماضي، ما يقرب من مليونيْ طفل.
ووفقا للتقرير، الذي نُشِرَ على موقع «ريليف ويب» الإلكتروني التابع للأمم المتحدة، يواصل معدل النزوح الداخلي ارتفاعه في الصومال، جراء التأثيرات الكارثية للتغير المناخي والأزمات السياسية والأمنية سواء بسواء، ما قاد إلى أن يبلغ إجمالي عدد النازحين هناك، ما يقرب من 3.86 مليون شخص.
ومنذ مطلع العام الجاري، وصل عدد النازحين في الصومال، إلى ما يُقَدَّر بـ 140 ألف شخص، نزح 52 ألفاً تقريبا منهم في شهر إبريل الماضي وحده، وفقا للمفوضية الأممية.
وعلى رأس الأسباب التي حدت بهؤلاء الأشخاص للسير على درب النزوح، الفيضانات التي ضربت أنحاء مختلفة من الصومال على مدار الشهور القليلة الماضية، ونزح جراءها 63% ممن تركوا ديارهم في إبريل، بجانب الاضطرابات الأمنية، التي أفضت لأن يترك 27% من إجمالي النازحين خلال ذلك الشهر، قراهم وبلداتهم متوجهين إلى مناطق صومالية أخرى.
كان إقليم جوبا السفلى، الواقع في جنوبي الصومال والمطل على المحيط الهندي، مسرحاً للجانب الأكبر من حالات النزوح، إذ شهدت تلك المنطقة الثرية بالموارد الطبيعية، تسجيل 63% من حركة النازحين، ممن كان الغذاء والماء والمأوى، في مقدمة احتياجاتهم.
وتحذر الوكالات الإغاثية الدولية والمحلية، من أن النساء والأطفال، يشكلون 80% على الأقل من إجمالي النازحين في الصومال، وذلك في وقت تشير فيه البيانات، إلى أن تلك الشريحة المجتمعية تحديدا، تواجه مخاطر متزايدة تهدد حياة أفرادها، أو تجعلهم عرضة لانتهاكات جسيمة.
وسبق أن أشارت تقديرات دولية، إلى أن نحو نصف النازحين في الصومال منذ يناير 2021، اضطروا للجوء إلى هذا الخيار، بفعل موجة الجفاف غير المسبوقة المتواصلة هناك بفعل عدة مواسم متتالية من شُح الأمطار. كما تحذر وكالات إنسانية تابعة للأمم المتحدة، من أن المشكلات الأمنية، خاصة في المناطق الصومالية الخاضعة لسيطرة تنظيمات إرهابية، لا تزال تعرقل إيصال الدعم الإغاثي، لملايين من المحتاجين إليه.
في الوقت ذاته، تتفاقم التهديدات التي تواجه مواطني الصومال واللاجئين إلى هذا البلد، على ضوء أزمة الميزانية التي تعاني منها منظمات الإغاثة العاملة هناك. 
فبحسب التقرير الأخير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ثمة حاجة لقرابة 177 مليون دولار أميركي لتمويل الأنشطة الإنسانية في الصومال، خلال العام الجاري. 
ولكن التقرير يشير إلى أن ما تم توفيره من هذا المبلغ حتى الآن، لم يتجاوز 11% منه.

أخبار ذات صلة مباحثات حول هيكلة البعثة الأممية في الصومال الإمارات تساهم بـ 25 مليون دولار لبرنامج الأغذية العالمي في السودان

مقالات مشابهة

  • الدنمارك تفرض ضريبة كربون على الأبقار لمكافحة أزمة المناخ العالمية
  • الإمارات تقدم 8 ملايين دولار أمريكي لمنظمة الصحة العالمية لدعم الجهود الإنسانية في السودان
  • الإمارات تقدم 8 ملايين دولار لـ«الصحة العالمية» لدعم الجهود الإنسانية في السودان
  • إسرائيل متوترة داخليا.. وتعالج مشكلتها بدماء الأبرياء في غزة
  • «الاتحادية للضرائب» تحصل على شهادة «أفضل مكان للعمل»
  • «الصحة العالمية»: الأوضاع في غزة مروعة ويجب وقف إطلاق النار فورًا
  • ظهور مرضين فتاكين في إسبانيا.. و«الصحة العالمية» تدرجهما ضمن قائمة الأخطر
  • موجات الحر غير المسبوقة ترفع الطلب العالمي على الطاقة لمستويات قياسية
  • 40 % من الصوماليين بحاجة لمساعدات إنسانية بفعل اضطرابات السياسة وصدمات المناخ
  • نظام نقدي واقتصادي يليق بالقرن الحادي والعشرين