اعتادت المرأة أن يتغيب الزوج عن البيت لعدة أسابيع لأسباب تتعلق بطبيعة عمله ومهامه في المدينة فهو «مهمُ»، كثير السفر والمناوبات والمشاركات الخارجية في الاجتماعات والدورات، إضافة إلى أعمال كان يتحدث عنها تُسند إليه بين الحين والآخر «لا أحد يعلم طبيعتها» إلا الله سبحانه وتعالى.
الذي يعرفه حق المعرفة لن يساوره أدنى شك في أنه كان يمُثل دور الرجل المشغول بإتقان وأنه مُقترن هناك بامرأة أُخرى، فقد كان حريصًا على سرية زواجه الثاني بكل ما أوتي من قوة.
عندما يغيب عن المنزل كان يُتبع غيابه بتواصل هاتفي مرئي مُكثف مع الأسرة، بدءًا بالزوجة وحتى أصغر طفل.. كان يُوثّق بالصور الأمكنة التي يزورها ولا يتردد في توظيف ما لم يرسله لهم منها مرة أُخرى عند الحاجة لتأكيد تواجده بمكان في الحقيقة «لا يتواجد فيه» حرصًا على عدم جلب الانتباه أو الشك.
كان محظوظًا بما يكفي لإخفاء حقيقة زيجته الثانية، فاستمر زمنًا طويلًا قبل أن يُكتشف أمره بتسرب خبر زواجه السري «من حيث لا يدري» في إحدى المجموعات النسائية التي تجمع نساء البلدة ممن يقطُن المدينة.
في عالم «الواتس أب» تلقفت النساء الخبر بكثير من الصدمة وربما الشماتة أو التعاطف مع الزوجة الأولى، فانتشر كالنار في الهشيم مُلقيات باللوم على الزوج الغادر داعيات عليه بالخسران والثُبور لأنه، كغيره من الرجال، لا أمان لهم ولا عهد ولا ذمة، مُردّدات عبارات قريبة من المثل المصري «يا مأمن للرجال يا مأمن للميه في الغربال» وأي غربال كأنه الزوج في تقديرهن وهو بحسب وصفهن لم يحفظ ودًا ولم يلزم عهدًا ولم يراع عِشرة ولا مودة .
في مجموعات «الواتس أب» عدّدت الصديقات والجارات وزميلات العمل ومن ليس لهن صفة إلا المعرفة السطحية مناقب «الزوجة المنكوبة» وصفاتها و«كراماتها» مع شيء من العتب حول كيف سمحت «فاكة الحلق» هذه لأُخرى غريبة لم تراعِ الله في «سِكنتها» واستقرار زواجها بل غررت بزوجها واختطفته في غمضة عين موجهات سهام النقد للزوج الناكر للجميل الذي «كفر بنعمة الزوجة الصالحة الرؤوم» التي وهبه الله إياها «وهو لا يستحقها»!!.
جاءت الصديقات والجارات والشامتات والقريبات على كل مثالب الزوج ما ظهر منها وما بطن، حد تأليف القصص ونسجها من الخيال مُلقيات باللوم على المرأة الطيبة التي رفضت «يا لحماقتها» الانتقال إلى المدينة بحجة أن ذلك سيبعدها عن والديها وعن رفضها فكرة السكن بالإيجار هناك ولو كان بصورة مؤقتة.
تداولت النساء القصة في المجالس وتجمعات القهوة والمدارس وأماكن العمل لأسابيع وأخذت تفسيرات متعددة وطرح البعض الحلول الممكنة للمُشكلة التي لم تخطر على بال أحد عبر الاتصال المباشر بصاحبة الشأن المُغرر بها أو بالزيارة التي تُعد حينها بمثابة التعزية على الحادث الجلل الذي «لا صار ولا حصل».
النساء المقربات قدمن رؤى زاجرة تؤدب الزوج «اللّعّاب» سعيًا لإخراج صاحبتهن مما هي فيه، فدفعن بها للخروج من دائرة الهدوء و«برودة الطبع» التي ظلت سنوات طويلة تعيش في إطارها إلى أُخرى مغايرة عندما طلبن منها «إظهار الوجه الآخر» الشرِس، فشرعت هي في ذلك دون تفكير وتعقل قد يمنع حدوث كارثة.
مضت وحيدة دون وعي في طريق المناكفات والمطالبات واختلاق المشاكل، فتوصلت أخيرًا إلى قرار الطلاق لتبدأ رحلة الشتات التي لن تنتهي وعندما بحثت عن إحداهن لم تجد أحدًا، إذ اختفى الجميع ونأى بنفسه وتوارى بحجة «ما من حقنا نتدخل في حياتهم» و«مالنا ومال خلق الله».
لم تستوعب إلا متأخرة بأنهم كانوا قد أفسدوا عليها حياتها قبل بلوغ هذه المرحلة عندما لم يكونوا ناصحين حقيقيين.. إنها أساءت التقدير بعدم الاستماع إلى صوت العقل وبالجلوس إلى الجميع عدا من كان يجب أن تستمع إليه بحرص.. نسيت وهي في قمة انفعالها أن توصد الباب في وجه من لا يحق له دخول عالمها الخاص.. أن العاطفة عادة لا تقدم إلا حلولًا سقيمة ومبتسرة.
آخر نقطة..
ليس من العيب أن تكون حسن النية، إنما العيب أن تجرك نيتك الحسنة إلى اقتراف أفعال لا تليق بك كشخص نبيل كريم النفس، في عالم مُسمم بالنوايا السيئة والشك والارتياب.
عمر العبري كاتب عماني
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
عقوبة الزوجة أشد من الزوج في جريمة الزنـ ا .. تعرف علي السبب
يتساءل الكثيرون عن عقوبة الزنا في القانون المصري ونستعرض لكم خلال النقاط الآتية العقوبة التي نصت عليها .
نصت المادة 277 من القانون على أنه المرأة المتزوجة التي ثبت زناها يحكم عليها بالحبس مدة لا تزيد على سنتين لكن لزوجها أن يوقف تنفيذ هذا الحكم برضائه معاشرتها له كما كانت
وتعاقب الزوجة بجريمة الزنا سواء تم هذا الفعل بداخل مسكن الزوجية أو خارج مسكن الزوجية كما أن العقوبة التي تواجه الزانية أشد من عقوبة الزوج الزانى لأن عقوبتها الحبس لمدة سنتين بينما الزوج الزانى يعاقب بالحبس لمدة 6 أشهر