الجزيرة:
2025-04-01@06:08:40 GMT

هل فشل الإسلاميون وانتهى زمن الإسلام السياسي؟

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

هل فشل الإسلاميون وانتهى زمن الإسلام السياسي؟

(1)

سؤال يتكرر: هل أخفق الإسلاميون وانهار مشروعهم؟ ربما هذا ما يتمناه خصومهم، ويُستدرج للتصريح به إسلاميون غاضبون من تنظيماتهم، أو تنظيمات غاضبة منهم. وهناك إسلاميون وغير إسلاميين متربصون ينتظرون انقلابا أو تزويرا في الانتخابات ليصرخوا "ألم نقلها لكم!"، معتبرين أن نقمتهم على تنظيماتهم أو إبعادهم ديمقراطيا عن المسؤولية؛ هما المشكلة الكبرى، وأن زمن صعود نجم التنظيمات والأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية سياسيا هو سبب ذلك، وأن التاريخ قد "انتقم لهم وأنصفهم" بالتراجع الانتخابي لأحزابهم.

إن منطق التداول في السلطة، هو من أجمل ما أنتج الفكر السياسي الحديث. ومن ضمن مستلزمات هذا المنطق هو الاعتراف بالفائز ديمقراطيا وتهنئته

(2)

يخطئ من يحكم على عقيدة أو فكرة أو مشروع إصلاحي بالإخفاق بسبب عدم استجابة مجتمع معين له أو مواجهته من قبل خصوم الإصلاح، وحتى إذا كان ذلك من الغالبية المطلقة في ذلك المجتمع. ولو كان ذلك صحيحا، لاعتبرنا عددا من الأنبياء والمصلحين الكبار في التاريخ فاشلين. والحقيقة هي أن كثيرا من الأنبياء قد قُتلوا، وكثيرا من المصلحين ابتُلوا وواجهوا المعارضة والإعراض من قومهم.

وفي الحياة السياسية المعاصرة، التي تقوم على منطق التداول السياسي والآليات الديمقراطية، فإن انحسار تنظيم أو حزب سياسي لا يعني بالضرورة هزيمة الفكرة أو المشروع الفكري والسياسي الذي يمثله. إنه منطق التداول في السلطة، وهو من أجمل ما أنتج الفكر السياسي الحديث. ومن ضمن مستلزمات هذا المنطق هو الاعتراف بالفائز ديمقراطيا وتهنئته.

وينطبق هذا، بطبيعة الحال، في الحالات التي تقوم فيها العملية الديمقراطية بنزاهة وشفافية، بدون تدخل من قوى خارجية تسعى للتحكم في العملية نفسها، وليس في الحالات التي تخترق فيها قواعد هذه العملية.

(3)

في بعض الأحيان، قد تصبح مسارات العمل السياسي محدودة وصعبة، وذلك قد يعود لهشاشة التجربة الديمقراطية في بلد معين. الأحزاب والدول قد تتبع منطق التداول السياسي، حيث تشهد فترات من الصعود وأخرى من الهبوط، ومع ذلك، العقيدة والفكر لا يتغيران. عندما نرجع إلى فكر ابن خلدون، نجد أن الاستبصار الديني هو ما يلعب دورا مركزيا في بناء الشرعية الاجتماعية، وعلى أساس هذه الشرعية، تبدأ دورة جديدة من الإصلاح، أو تقام دولة جديدة، بالمفهوم الخلدوني للدولة.

(4)

الذين يتحدثون عمّا يطلقون عليه "فشل الإسلام السياسي" بناءً على التراجع الانتخابي، رغم نجاحه في تجارب أخرى كتركيا، يمكن تقسيمهم إلى فريقين:

الفريق الأول لا يؤمن بالمشاركة السياسية ولا بالنضال من داخل المؤسسات. هؤلاء قد يقولون بصمت "لقد أخبرناكم من قبل أن هذا الطريق مغلق، والصراخ فيه كصراخ في الصحراء".

الثغرة الكبيرة في منطق هؤلاء هي أنهم لا يفهمون حقا رسالة المصلح ودوره. فدور المصلح يتمثل في إقامة الحجة وإبراء الذمة، بالإضافة إلى السعي للإصلاح وفق المقدور. منطق هؤلاء مُوجَّه نحو السياسة بشكل أكبر حتى من المنطق الذي يتبعه السياسيون أنفسهم. وهو يتعارض مع منطق الأنبياء وحملة الرسالة، الذين يركزون على تبليغ الرسالة وإقامة الحجة وإبراء الذمة.

في الواقع، هؤلاء يتفقون مع خصوم الحركات الإسلامية، الذين يشعرون بالتهديد بسبب منافسة الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية ودخولها الميدان السياسي. وهؤلاء الخصوم يتمنون لو أن هذه الحركات ظلت مشغولة فقط بالنقاشات الكلامية حول قضايا تاريخية قد تم الفصل فيها من قبل.

أما الفريق الثاني من النقاد، وهم السياسيون العلمانيون، فرفضهم ليس فقط لمشروع سياسي معين. قضيتهم الحقيقية هي مع منهج كامل للعمل، الذي يستمد مفاهيمه وأهدافه من المرجعية الإسلامية. (5)

في مجال العمل السياسي، قد تكون هناك فترات من الصعوبات والتحديات، سواءً كانت ناتجة عن أسباب داخلية أو خارجية. ورغم هذا التذبذب، فإن العقيدة والفكرة تظل قائمة. وهنا يأتي دور مفهوم الاستبصار الديني كما عبر عنه ابن خلدون، الذي يكون له الدور في تأسيس شرعية اجتماعية تقوم على أسسها دولة جديدة أو حضارة متجددة.

العصبية، والقبيلة، وأشكال التنظيم والشرعية الاجتماعية، كلها لا تُمكّن من بناء حضارة أو أمة إذا كانت بدون فكرة أو عقيدة. الدول والتنظيمات تتجدد بتجدد الأفكار والهمة النضالية، وتفقد قوتها عندما يضعف تجديد الفكر والهمة.

وكلما ضعفت الإرادة والصمود، تكون الهزيمة قريبة. فالخوف، كما قال جمال الدين الأفغاني، هو فكرة تعترض الذهن والنفس، مما يؤدي إلى هزيمة محتملة. والتنظيمات التي يقودها قادة غير ثابتين فكريا ومهزومون نفسيا هي التي تكون على أعتاب الهزيمة.

إن الإصلاح هو نتيجة لهمة وإرادة قوية، والمصلح يسعى لتحقيق الإصلاح باستطاعته، معتمدا على الله ومتوكلا عليه.

(6)

وأخيرا وليس آخرا، يبدو أن للقضية وجها آخر، ألا وهو الفقر في الثقافة الديمقراطية التي تقوم على الإقرار بنتائج العملية الانتخابية والاعتراف بالهزيمة، هذا إذا كانت العملية الانتخابية ديمقراطية وسليمة. ومن الأولى اعتبار تحديات المشاركة السياسية في الأوضاع غير الديمقراطية أو في الأوضاع التي تتسم بالهشاشة الديمقراطية، وتقدير التصرف السياسي الملائم لهذه الأوضاع المتهاشة. ففي هذه الحال، تسهم المشاركة السياسية في إبراز عيوب الوضع السياسي، ويصبح من الأولويات النضال من أجل دمقرطة الحياة السياسية. وهذا الطريق شاق وطويل ويحتاج إلى وعي تاريخي ووضوح في نظرية العمل.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

أسوشيتد برس: العملية الأميركية ضد الحوثيين في عهد ترمب أكثر شمولا

ذكرت وكالة أسوشيتد برس أن العملية الأميركية الجديدة ضد جماعة أنصار الله "الحوثيين" باليمن في عهد الرئيس دونالد ترمب تبدو "أكثر شمولاً" من تلك التي كانت في عهد سلفه جو بايدن.

وأضافت الوكالة أن واشنطن انتقلت من استهداف مواقع إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة فقط إلى استهداف كبار المسؤولين وإسقاط القنابل في المدن.

وذكرت أسوشيتد برس أن الجيش الأميركي نقل ما لا يقل عن أربع قاذفات بعيدة المدى إلى قاعدة دييغو غارسيا في المحيط الهندي فيما تتجنب استخدام قواعد حلفائها في الشرق الأوسط.

وأوضحت الوكالة أن صور أقمار صناعية أظهرت مهبط طائرات قبالة سواحل جزيرة ميون وسط باب المندب يبدو جاهزًا لاستقبال الطائرات.

هجمات مكثفة

وأكدت القيادة الوسطى الأميركية أمس الجمعة أن قواتها هاجمت مواقع لأنصار الله في اليمن، في حين ذكرت وسائل إعلام تابعة للجماعة أن الولايات المتحدة شنت 72 غارة على صنعاء ومدن يمنية أخرى خلال 24 ساعة.

ومنذ نحو أسبوعين، تشنّ الولايات المتحدة، ضربات جوية كثيفة ضد الحوثيين استكمالا لحملة أطلقتها العام الماضي تستهدف الجماعة اليمنية ردا على هجماتها على إسرائيل وسفن تابعة لها في البحر الأحمر.

وأعلنت واشنطن في 15 مارس/آذار الجاري عن عملية عسكرية ضد الحوثيين لوقف هجماتهم على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، الممر البحري الحيوي للتجارة العالمية.

إعلان

وأفادت واشنطن أنها قتلت عددا من كبار المسؤولين الحوثيين، بينما أعلنت الجماعة أن الغارات الأميركية أودت بحياة عشرات المدنيين.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن في 15 مارس/آذار الجاري أنه أمر جيش بلاده بشن "هجوم كبير" ضد جماعة الحوثي في اليمن، قبل أن يهدد بـ"القضاء على الحوثيين تماما".

بينما ردت الجماعة بتأكيد أن تهديد ترامب "لن يثنيها عن مواصلة مناصرة غزة"، حيث استأنفت منذ أيام قصف مواقع داخل إسرائيل وسفن في البحر الأحمر متوجهة إليها بالتزامن مع استئناف تل أبيب منذ 18 مارس/آذار الجاري حرب الإبادة على القطاع.

مقالات مشابهة

  • لا توجد حاكورة دون جنجويد، فحالة الجنجويد في أصلها حالة متسقة مع منطق الحاكورة
  • عاجل. لوبان تنتقد الحكم الصادر بحقها وتصفه بأنه"قرار سياسي" و"يوم كارثي على الديمقراطية"
  • برلمانية تكشف أبرز الرسائل التي أطلقتها القوي السياسية والشعبية حفاظاً علي أمننا القومي
  • أونروا: 50 ألف نازح فلسطيني منذ بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في مخيم جنين
  • ترتفع الحرارة فيهرعون للبنادق.. كيف نفهم منطق حروب الساحل الأفريقي؟
  • الجيش الإسرائيلي يوسع نطاق العملية البرية في رفح
  • أسوشيتد برس: العملية الأميركية ضد الحوثيين في عهد ترمب أكثر شمولا
  • كتاب إسرائيليون: يا للعار.. حارسة الديمقراطية الإسرائيلية تفخر بانتهاك القانون الدولي
  • الكونغو الديمقراطية: اتفاق بين حركة 23 مارس ومجموعة سادك بشأن إجلاء القوة الإقليمية التابعة للمجموعة
  • القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟