أحلام تتكسر على مرافئ مصيرة
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
وأنا أتفقد أفق البحر الممتد نحو منطقة شنة بولاية محوت، شاهدت معاناة المواطنين والزائرين لولاية مصيرة العريقة بتاريخها ومآثرها البحرية وهم يقفون على مرفأ السفن والعبارات في الولاية كي ينتقلوا إلى الجانب الآخر للذهاب والتنقل إلى ولايات السلطنة وقضاء حوائجهم، ومع الزحام السائد على تلك العبارات المتهالكة أو عبر "العبارات الوطنية" التي تأخذك أنت وسيارتك وأسرتك بمبلغ يتضاعف مرتين أو ثلاث مرات عن العبارات العامة.
ومع المعاناة وساعات الانتظار الطويلة فلا حيلة لديك إلا استيعابها وصبرك عليها وانتظار تحركها في أمر غريب عجيب، لذلك لا أعرف سبب تأخير وتأجيل إقامة جسر يخدم أبناء الولاية، وقد مضى على مسيرة التطوير في بلادنا أكثر من نصف قرن دون إقامة ذلك الطريق الحيوي عبر البحر ليربط هذه الولاية الغالية من سلطنتنا الحبيبة بباقي ولايات ومحافظات السلطنة.
الطريق البحري بين شنة وولاية مصيرة بات أمرًا ملحًا وإذا تحقق على أرض الواقع فله مردود اجتماعي واقتصادي على عُمان والولاية من حيث انتعاش السياحة في جزيرة ذات طبيعة خلابة وخيرات بحرية متنوعة وبيئة آسرةً لكل من يزورها، وأهم من ذلك كله خدمة للمواطنين والمقيمين القاطنين على ثراها العزيز واضطرارهم لتواصلهم مع ولايات السلطنة الحبيبة بسهولة ويسر وتخفيف الأعباء الملقاة على عاتقهم بسبب رسوم النقل البحري والتي تشكل عبئًا كبيرًا عليهم نتيجة ارتفاع أسعار جميع المواد التي يحتاجها أبناء الولاية؛ فارتفعت مع النقل البحري أسعار تشييد المباني والمواد الغذائية والأعلاف والكماليات وجميع المستلزمات الأخرى التي يحتاجها القاطنون في الولاية أضف إلى ذلك قلة توافرها بسبب ظروف النقل وارتفاع أسعاره.
أحلام تتكسر مع أمواج البحر على صخور شواطئ مصيرة وسراب بقيعة بوعود سابقة تبخرت مع آمال المواطنين وحياة تحيط بها المياه من كل جانب، ولا سبيل للخروج سوى انتظار العبارات ودفع الرسوم المفروضة من حركة تلك العبارات والسفن يوميًا، والمجبر على كل من يخرج أو يدخل الولاية على دفعها، أضف إلى ذلك توقف حركة وسائل النقل ليلًا.
مرضى ومراجعون وأصحاب حاجة كلهم يضطرون لارتياد البحر في سبيل ذلك مع أن هندسة الجسور والطرق البحرية باتت اليوم أكثر تطورًا في الظل النهضة العلمية في العالم في مختلف المجالات، ولا شك أن إنشاء هذا الجسر البحري سيعود بالنفع على السلطنة والمواطنين والمقيمين والزائرين والسائحين في الولاية، وسيُنعش حركة التنمية والاقتصاد والسياحة وتجارة الأسماك والصيد البحري الذي تشتهر به ولاية مصيرة مع تخفيف معاناة أبناء الولاية والمقيمين والزائرين لها وزيادة التواصل الاجتماعي بين أهالي الولاية وأهاليهم في المحافظات الأخرى وسهولة التنقل من وإلى الجزيرة.
نأمل إيجاد الحلول لتخفيف المعاناة عن أبناء ولاية مصيرة وتحقيق الحلم الذي طال انتظاره في وجود طريق بحري إلى ولايتهم؛ لينعموا بما تنعم به ولايات السلطنة وأسوةً بجميع الولايات من خلال سهولة الوصول إليها بطرق حديثة تُنفذ وفق أعلى المواصفات العالمية ومع الرؤية السديدة لعام 2040 ونهضة عمان المتجددة الطامحة لجعل سلطنة عمان بلدًا يُشار إليه بالبنان وجب لزامًا علي أن أبادر للتذكير وحث الخطى نحو هذا المشروع الحيوي المهم.
الأمل بإذن الله في إقامة المشروع قادم والإسراع في تنفيذه بات أمرًا ملحًا؛ حيث يجب اتخاذ خطوات وثابة لتحقيقه سريعًا.
نداء أرفعه إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله- وإلى كل الجهات المعنية بالأمر، من أجل تخفيف المعاناة عن كاهل أبناء ولاية مصيرة في تنقلاتهم وتحقيق آمالهم في إقامة هذا المشروع الحيوي، وجعل جزيرة مصيرة الحالمة لؤلؤةً لبحر عمان بفضل موقعها السياحي وتضاريسها وبيئتها البحرية البكر واحتوائها على أجود أنواع الأسماك؛ فمصيرة تستحق الأفضل بإذن الله وعسى القادم أجمل.
حفظ الله عُمان وسلطانها وشعبها وحقق الخير كله لها وأهلها وجعلها بلدًا آمنًا مطمئنًا بإذن الله.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
"من غلاكم احتفلنا معاكم"
د. أحمد أبوخلبة الحضري
مع كل عام يطل علينا العيد الوطني لسلطنة عُمان، تتجدد مشاعر الفخر والحب لهذا الوطن العظيم، ويترسخ في نفوسنا الانتماء لهذه الأرض الطيبة التي تحتضن تاريخًا حافلًا بالأمجاد والتراث، ويمتد أثرها ليُعانق الحاضر برؤية طموحة تضيء المستقبل. إنَّ هذه المناسبة ليست مجرد ذكرى في تقويم العام؛ بل هي عيد للوطن يُعبر عن عمق العلاقة بين العُمانيين وأرضهم وقيادتهم الحكيمة.
العيد الوطني في عُمان هو مناسبة نتوقف فيها لنتأمل إنجازات هذا الوطن الكبير، ونُعبر عن امتناننا للقائد المؤسس، السلطان قابوس بن سعيد- طيب الله ثراه- الذي أسس دعائم النهضة الحديثة، ورسم معالم مستقبل مشرق لعُمان، جعل منها واحة للاستقرار والتنمية. واليوم، تحت قيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم- حفظه الله ورعاه- تسير عُمان بخطى واثقة نحو مستقبل أكثر إشراقًا وازدهارًا، مستمدة رؤيتها من تاريخها المجيد ومن طموحات أبناء هذا الشعب الأبي.
لقد حققت عُمان، على مر العقود، قفزات نوعية في شتى المجالات؛ فمنذ بداية النهضة الحديثة، استثمرت الحكومة في التعليم والبنية التحتية والصحة، لتحقق مستويات متقدمة من التنمية البشرية، ولترفع من جودة حياة مواطنيها. التعليم كان ولا يزال في مقدمة أولويات السلطنة، حيث توسعت مؤسسات التعليم العالي، وتم تأهيل الكوادر العُمانية بمستويات عالمية، ما أسهم في تكوين جيل من الشباب المؤهل القادر على العطاء والبناء.
وشهدت السلطنة طفرة في مجالات الاقتصاد والصناعة والسياحة، فقد تم تطوير موانئ استراتيجية، مثل ميناء صلالة وميناء صحار، لتعزيز مكانة عُمان كمركز للتجارة العالمية. في السياحة، تم إبراز جمال الطبيعة العُمانية وتاريخها العريق، ما جعل من السلطنة وجهة سياحية جذابة بفضل تميزها بتنوع بيئاتها وجمال شواطئها وجبالها وأسواقها التراثية.
وتحت قيادة جلالة السلطان هيثم بن طارق، تواصل السلطنة مسيرة التطور والنماء، وقد أطلقت رؤية عُمان 2040 كخارطة طريق لبناء مستقبل زاهر ومستدام. هذه الرؤية تضع في مقدمة أولوياتها تطوير الاقتصاد وتنويعه، والاستثمار في القدرات الوطنية، وتطوير القطاعات غير النفطية مثل الصناعة والسياحة والزراعة، إضافة إلى تعزيز الابتكار والبحث العلمي لتكون عُمان قادرة على التنافس في الاقتصاد العالمي.
رؤية عُمان 2040 تركز كذلك على التنمية البشرية؛ حيث تهدف إلى تمكين الشباب العُماني، وإعدادهم ليكونوا قيادات المستقبل، وإتاحة الفرص لهم للمساهمة الفعالة في مسيرة التقدم والبناء. إنها رؤية طموحة تعكس طموحات الشعب العُماني، وتؤكد على التزام الحكومة بمواصلة مسيرة التنمية والنهضة.
العيد الوطني الـ54 المجيد، ليس مجرد مناسبة للاحتفال، بل هو وقت لاستذكار الوحدة الوطنية والترابط القوي بين أبناء السلطنة، فهو يعزز شعور الانتماء ويجسد الروح الوطنية التي تجمع كل عُماني تحت راية واحدة. من الشمال إلى الجنوب، من جبال الحجر إلى سهول ظفار، ومن كل وادٍ وساحل، يحتفل العُمانيون سويًا بالعيد الوطني، يتغنون بحبهم لعُمان ويعبرون عن ولائهم لوطنهم وقائدهم.
ومن منطلق الحب والولاء وتقدير المكانة الأخويه، يُطلق كل مقيم على أرض هذا الوطن، عبارات الاحتفاء مع إخوانهم العُمانيين، وهذا العام تحت شعار "من غلاكم احتفلنا معاكم" عبارة تجسد التعايش بين الجميع وحبهم لبعضهم وارتباطهم بالسلطنة؛ إذ إنها تعبير صادق عن الفخر بهذا الوطن الذي يجمعنا جميعًا، ويعزز فينا الأمل والتفاؤل بمستقبل مشرق. في هذه المناسبة العزيزة، نعاهد عُمان أن نكون عوامل مساعدة ضمن سواعد البناء والتنمية، وأن نحافظ على مكتسباتها، وأن نكون أوفياء لتاريخها وتراثها.
في يوم العيد الوطني، يتفائل الجميع بمستقبل مشرق لعُماننا الحبيبة، ونستلهم من هذه المناسبة العزيمة على المضي قدمًا في سبيل رفعة الوطن وعزته. حفظ الله عُمان وأدام عليها الأمن والأمان، ووفق قيادتها الرشيدة لكل ما فيه خير وصلاح هذا الوطن العزيز.
كل عام وعُماننا الغالية بخير، وكل عُماني يحتفل بفخر بانتمائه لهذا الوطن الكريم، ونقول من غلاكم احتفلنا معاكم، ومعًا نحو العلياء لعُمان الخير والأمن والأمان.