قمة العشرين تتخطى خلافاتها بشأن الحرب في أوكرانيا
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
تمكّنت قمة العشرين من تجاوز الخلافات بين أعضائها بشأن المسألة الأوكرانية، والتوصل لصيغة ترضي جميع الأطراف في البيان الختامي للقمة.
وأعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي أن زعماء مجموعة العشرين تجاوزوا خلافاتهم بشأن الحرب على أوكرانيا، وهي القضية التي كانت تهدد بعدم صدور بيان مشترك في نهايتها.
فقد أدان قادة مجموعة العشرين "استخدام القوة" في أوكرانيا لتحقيق مكاسب ميدانية، لكن دون ذكر روسيا تحديدا، على خلاف ما صدر بإعلان قمة بالي في 2022.
ونصت الفقرة أن "على كل الدول الامتناع عن التهديد باستخدام القوة، أو استخدامها لتحقيق مكاسب ميدانية ضد وحدة الأراضي والسيادة السياسية لأي بلد"، وذلك بموجب ميثاق الأمم المتحدة.
دعم ياباني
في سياق متصل وفي زيارة تهدف لإظهار دعم اليابان لأوكرانيا، فقد زار وزير الخارجية الياباني يوشيماسا هاياشي العاصمة كييف، والتقى نظيره الأوكراني دميترو كوليبا، اليوم السبت.
وهذه هي أول زيارة يقوم بها وزير الخارجية الياباني إلى أوكرانيا، منذ الحرب على أوكرانيا في 2022.
ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا تسابق العديد من المسؤولين -خاصة الغربيين- لزيارة كييف لإظهار الدعم لها.
ويسعى هاياشي لابلاغ كييف بخطة طوكيو لعقد مؤتمر للترويج لإعادة بناء أوكرانيا اقتصاديا بداية العام المقبل، ويرافقه ممثلون عن شركات يابانية.
يذكر أن رئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا قام بزيارة مفاجئة لكييف في مارس/آذار الماضي.
وكانت اليابان قد تعهدت بتقديم منحة لأوكرانيا بقيمة 470 مليون دولار لدعم قطاع الطاقة، فضلا عن 30 مليون دولار لتزويد أوكرانيا بمعدات غير فتاكة، من خلال صندوق تابع لحلف شمال الأطلسي (ناتو).
واتخذت طوكيو خطوات نادرا ما تتخذها هذه الدولة، إذ أرسلت تجهيزات دفاعية، وعرضت استقبال أشخاص يفرون من النزاع.
ولم تقدم اليابان دعما عسكريا؛ لأن دستورها المعتمد بعد الحرب العالمية الثانية، يحصر قدرتها العسكرية بإجراءات دفاعية فقط.
تقدم أوكراني
ميدانيا، قالت الاستخبارات البريطانية، إن القوات الروسية تواجه تقييدا على إثر التقدم العسكري الأوكراني في الجنوب.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية في تحديثها الاستخباراتي اليومي، أن القوات الأوكرانية "تقدمت إلى الخط الدفاعي الروسي متعدد المراحل شرق بلدة روبوتين".
وكانت روبوتين الواقعة بمنطقة زاباروجيا بجنوب البلاد، مسرحا لقتال كثيف في الأسابيع الأخيرة.
وتكمن أهمية السيطرة على روبوتين بأنها ستتسبب بقطع طرق الإمدادات الروسية، بسد الجسر البري بين روسيا وشبه جزيرة القرم.
وذكرت الوزارة في حسابها على منصة أكس (تويتر سابقا)، أن روسيا أعادت نشر القوات من مناطق الجبهة الأخرى، لتحل محل الوحدات المتدهورة حول روبوتين.
ومن المرجح أن "عمليات إعادة النشر تلك تقيد قدرة روسيا على تنفيذ عمليات هجومية بمفردها، على طول مناطق أخرى بخط الجبهة".
وأضافت الوزارة "حافظت القوات الأوكرانية -أيضا- على الضغط على المواقع الروسية إلى جنوب باخموت"، مشيرة إلى الجبهة الشرقية من الهجوم المضاد في منطقة دونيتسك.
ورغم إعلان أوكرانيا أنها تحرز تقدما في هجومها المضاد الذي بدأ في شهر يوليو/تموز الماضي، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -يوم الاثنين الماضي-، إن الهجوم أخفق حتى الآن.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
"فورين بوليسي": اقتصاد الحرب في روسيا "قنبلة موقوتة" تهدد أوروبا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الوضع الحقيقي لاقتصاد الحرب في روسيا أصبح حاليا أكثر أهمية من أي وقت مضى، خاصة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لفترة رئاسية ثانية،وقناعة بعض مستشاريه بأن أوكرانيا يجب أن ترضى بالسلام بأي وسيلة ضرورية "لوقف القتال"؛ انطلاقا من فرضية أن روسيا لديها القدرة على إدامة الحرب لسنوات عديدة قادمة.
ورأت المجلة الأمريكية أن المرونة الواضحة للاقتصاد الروسي حيرت العديد من الاستراتيجيين الذين توقعوا أن تؤدي العقوبات الغربية إلى شل جهود موسكو الحربية ضد أوكرانيا، معتبرة أن الفضل في هذه المرونة يعود إلى استمرار روسيا في تصدير كميات هائلة من النفط والغاز والسلع الأخرى نتيجة للتهرب من العقوبات والثغرات ذات الصلة، إلى جانب الإدارة الذكية للاقتصاد الكلي لاسيما من جانب محافظ البنك المركزي الروسي؛ مما مكن الكرملين من الحفاظ على النظام المالي الروسي في وضع صحي نسبيا.
وللوهلة الأولى، تبدو الأرقام قوية بشكل مدهش. ففي عام 2023، نما الناتج المحلي الإجمالي الروسي بنسبة 3.6% وسط توقعات بأن يرتفع بنسبة 3.9% في عام 2024. وانخفض معدل البطالة من حوالي 4.4% قبل الحرب إلى 2.4% في سبتمبر الماضي.
ووسعت موسكو حجم قواتها المسلحة وإنتاجها الدفاعي، لتضيف أكثر من 500 ألف عامل إلى صناعة الدفاع، وحوالي 180 ألفا إلى القوات المسلحة، وآلاف أخرى إلى المنظمات شبه العسكرية والعسكرية الخاصة. كما ضاعفت روسيا من إنتاجها من قذائف المدفعية إلى 3 ملايين سنويا، مع التوسع في تصنيع الطائرات بدون طيار والقنابل الانزلاقية (هي قنابل يتم إطلاقها إلى الغلاف الجوي العلوي بنفس طريقة إطلاق الصواريخ، لكن بعد ذلك تنفصل عنها مركبة انزلاقية فائقة السرعة تحلق على ارتفاع أقل وبسرعة أكبر باتجاه الهدف؛ مما يجعل من الصعب رصدها. وتستخدم هذه التقنية في الصواريخ فرط الصوتية).
وأشارت المجلة إلى أنه رغم هذه الإنجازات، إلا أن اقتصاد الحرب في روسيا يتجه نحو طريق مسدود، حيث لا يستطيع الكرملين توسيع الإنتاج بسرعة كافية لاستبدال الأسلحة بالمعدل الذي يتم فقدها فيه في ساحة المعركة. وفي مرحلة ما في النصف الثاني من عام 2025، ستواجه روسيا -وفقا للمجلة الأمريكية- نقصا حادا في عدة فئات من الأسلحة.
ودللت "فورين بوليسي" على ما ساقته بالإشارة إلى أن روسيا تستهلك أسلحة بمعدلات أسرع بكثير من قدرتها على إنتاجها، فقد أحصى الباحثون خسارة موسكو ما لا يقل عن 4955 مركبة قتالية للمشاة منذ بداية الحرب، أي بمعدل 155 مركبة شهريا، في حين يمكن لشركات الدفاع الروسية إنتاج ما يقدر بنحو 200 مركبة سنويا، أي حوالي 17 مركبة شهريا فقط. وعلى نحو مماثل، فإن الإنتاج الموسع لروسيا الذي يبلغ ثلاثة ملايين قذيفة مدفعية سنويا يتضاءل مقارنة بالتقديرات المختلفة للاستهلاك الحالي على الجبهة، والذي بلغ 12 مليون طلقة أطلقتها القوات الروسية في عام 2022.
ولفتت المجلة إلى أن موعد وصول روسيا إلى نهاية الطريق بالنسبة لوفرة الأسلحة المطلوبة ليس معروفا، وإن كان الكرملين ليس أمامه الكثير للقيام به لتجنب ذلك اليوم، مؤكدة في الوقت نفسه أنه من عجيب المفارقات أن نفس العوامل التي تجتمع لتقييد قدرة روسيا على شن الحرب هي نفسها التي تؤشر على أنها لا تستطيع أيضا تحقيق السلام بسهولة.
وأوضحت "فورين بوليسي" أن الأداء الاقتصادي لروسيا الذي يتميز بانخفاض معدلات البطالة (نتيجة التشغيل والانتاج الهائل في القطاعات العسكرية) وارتفاع الأجور (لجذب العمال للعمل في هذه القطاعات) هو نتاج للمذهب الكينزي (نظرية تقوم على أهمية الاقتصاد المختلط)، بمعنى أن الإنفاق العسكري الهائل، الذي لا يمكن تحمله في الأمد البعيد، يعزز بشكل مصطنع فرص العمل والنمو.
ومع قفزة الإنفاق الدفاعي الروسي رسميا إلى 7% من الناتج المحلي الإجمالي، وسط توقعات بأن يستهلك أكثر من 41% من ميزانية الدولة في العام المقبل، فإن محاولة تقليص هذه النفقات الدفاعية الضخمة من شأنه أن يؤدي حتما إلى تباطؤ اقتصادي. كما أنه إذا خفض الكرملين أعداد القوات المسلحة، فسوف يجد عددا كبيرا من المحاربين القدامى المصابين بصدمات نفسية، والعاملين في مجال الدفاع ممن يتقاضون أجورا مرتفعة، زائدين عن الحاجة، ما يهدد بحالة من عدم الاستقرار السياسي.
ونبهت المجلة في هذا الصدد إلى أن حجم الركود الروسي بعد الحرب سيكون أسوأ كثيرا لأن الاقتصاد المدني في روسيا، وخاصة الشركات الصغيرة ومتوسطة الحجم، انكمش حاليا بالفعل بسبب الحرب.
لذا، يواجه قادة روسيا مجموعة غير مرغوبة من المعضلات، من بينها: أن روسيا لا تستطيع الاستمرار في خوض الحرب الحالية بعد أواخر عام 2025، عندما تبدأ في نفاد أنظمة الأسلحة الرئيسية. وفي نفس الوقت، فإن إبرام اتفاق سلام من شأنه أيضا إثارة مجموعة مختلفة من المشاكل.
وبينت المجلة أن الكرملين سيكون عليه الاختيار بين ثلاثة خيارات غير مستساغة. يتمثل الأول في أنه إذا قلصت روسيا حجم القوات المسلحة والصناعات الدفاعية، فسوف يؤدي ذلك إلى إشعال شرارة الركود الذي قد يهدد النظام نفسه. بينما يتمثل الثاني في أنه، إذا حافظ صناع السياسات الروس على مستويات عالية من الإنفاق الدفاعي والجيش المتضخم في زمن السلم، فسوف يخنق ذلك الاقتصاد الروسي، ويزاحم الصناعة المدنية، ويخنق بالتالي النمو، وهو الخيار الذي سيتجنبه القادة الروس، الذين شهدوا بأنفسهم انهيار الاتحاد السوفييتي وسقوطه لأسباب اقتصادية مماثلة.
أما الاختيار الثالث المتاح والأكثر إغراء على الأرجح، فيتمثل في استخدام موسكو القوات العسكرية الضخمة والتلويح بالغزو (لدول مجاورة) والتهديد به؛ للحصول على الموارد الاقتصادية اللازمة لدعم هذه القوات، ودفع تكاليف الجيش. وهناك العديد من السوابق والأمثلة التاريخية، ومنها: الإمبراطور الفرنسي نابليون بونابرت في عام 1803، حينما أنهى 14 شهرا من السلام في أوروبا لأنه لم يكن بوسعه أن يتحمل تكاليف تمويل جيشه، ولم يقبل في الوقت نفسه بفكرة تسريح هذا الجيش.
وشددت "فورين بوليسي" على أن هناك بعض الدروس المهمة التي يمكن استخلاصها من وضع اقتصاد الحرب الروسي حاليا، وهي: أن الاقتصاد الروسي لا يستطيع أن يستمر إلى ما لا نهاية في حربه ضد أوكرانيا، وسوف تحكم الاختناقات العمالية والإنتاجية على روسيا بالهزيمة طالما استمر حلفاء أوكرانيا في دعم كييف بعد النصف الثاني من عام 2025.
كما أن وقف القتال على نطاق واسع في أوكرانيا لن يؤدي إلى إنهاء مشاكل الغرب مع روسيا، خاصة وأن القطاع العسكري الضخم في روسيا يحفز الكرملين على استخدام الجيش للحصول على أموال وامتيازات من الدول المجاورة، وإلا فإن البدائل (تسريح القوات، وإحداث ركود اقتصادي، أو تمويل صناعة عسكرية ودفاعية متخمة إلى أجل غير مسمى) تشكل تهديدات وجودية لنظام الرئيس فلاديمير بوتين نفسه.
وأخيرا، وبغض النظر عن الطريقة التي ستنهي بها روسيا حربها الحالية، فإن الحقائق الاقتصادية وحدها كفيلة بخلق أنماط جديدة من انعدام الأمن بالنسبة لأوروبا؛ مما يتطلب من صناع السياسات بعيدي النظر أن يركزوا على الحلول والبدائل للتخفيف من حدة هذه التهديدات المستقبلية.