دمشق-سانا

خلال البحث في أرشيف روّاد الفن السوري نجد الكثير من الأسماء اللامعة التي أسست البدايات وأرست قواعد المهنة، معبدة بمواهبها المتعددة الطريق أمام الأجيال اللاحقة، ومظهر الحكيم أحد هؤلاء الذين شكلوا نقطة تحول في تاريخ الدراما السورية بأنواعها عبر تجربته الفنية الحافلة التي شملت التأليف والإنتاج والإخراج.

ولِدَ الحكيم في العاصمة دمشق (حي العمارة 19 أيار 1942) لأسرة متوسطة الحال، وتنقّل بين عدة محافظات سورية بسبب عمل والده، ثم سافر إلى عدة بلدان عربية وأجنبية، وبدأ الفن في عمر مبكر من خلال مشاركته في المسرح المدرسي كممثل، وانتقل للإذاعة والتلفزيون والسينما، وهنا ظهرت موهبته بأن يطّوع الفنان نفسه للعمل بوسائل مختلفة والتي تتطلب مهارات متنوعة، وخاصة أن الحكيم ليس ممثلاً فحسب بل أراد أن يعمل كمؤلف ومخرج ومنتج أيضاً، معتمداً بذلك على إمكانياته المتعددة.

الشمولية لم تشتته بل جعلته يعطي كل نوع حقه، وهذا ما كان يصرح به في مقابلاته الإعلامية بأنه لديه القدرة على فصل نفسه والتفكير بالمهمة التي بين يديه.

وقف كممثل على خشبة المسرح أول مرة في الصف الرابع الابتدائي، وتوالت مسيرته لاحقاً، وبحسب تصريحاته الدائمة فهو يفتخر بمسرحية “شعب لن يموت” التي كانت في بداية عمله برفقة الفنانين المخضرمين طلحت حمدي، وسليم كلاس، ويوسف حنا، وناديا الصايغ، والتي تتحدث عن شعب فلسطين المحتلة ومأساته وهمومه، كما امتهن التأليف والإخراج للمسرح، ومن بين ما قدم مسرحية كوميدية بعنوان “دبر راسك”.

وفي مجال التلفزيون، كان الإنتاج الفني للحكيم غزيراً ما بين القصة والسيناريو والحوار والتمثيل والإخراج والإنتاج ومن بينها (ابتسامة على شفاه جافة 1993، وسباق للزواج 2000، وأيام اللولو بجزأيه 2000_2001)، كما أسس شركة الحكيم للإنتاج والتوزيع الفني وأول عمل لها سهرة المهر 1991، والقائمة تطول بالكثير من الأعمال الأخرى المفعمة بالمهمات المميزة.

وبدأ بالسينما في السادسة عشرة بالعمل إلى جانب صبري عياد، ونزار شرابي والعديد من القدامى، وقدم العديد من الأعمال يعتبر (فيلم عودة حميدو 1971) أقربها لقلبه.

وعَمِلَ في الإذاعة كممثل وكاتب ومخرج في دائرة التمثيليات الإذاعية، ولأنه يعشق الاختلاف كان يبحث عن إخراج غير المألوف الذي يستصعب البعض إخراجه (كتقديم الخرساء للمستمع في التمثيلية الصوتية، والعجوز الأحدب، وكل الشخصيات المربكة في ظل عدم توفر الصورة)، حتى أنه يفضل استخدام الأدوات الحقيقية لإصدار الأصوات بدلاً من المؤثرات الصوتية الإلكترونية

الجاهزة، وذلك لتعطي توليفة حقيقية بين الممثل وبينها، وأول عمل له (برنامج الريف الإذاعي) مع راشد الزعبي ومحمد شاهين، ورحلة متألقة بالأعمال المهمة أشهرها “حكم العدالة”.

وفي مجال الصحافة والإعلام، عمل مديراً لمحطة فضائية في لبنان، وأيضاً عمل مقدم برامج في لبنان وسورية منها (أنا والطبيعة، لوين رايحين)، وكتب مواد في عدة صحف بالبلدين، ومحاضراً في الإخراج.

وفي لجان التحكيم اختير محكماً للأعمال الدرامية بالمؤتمر الإسلامي الأول في إيران، وعضو لجان التحكيم في مهرجان القاهرة التاسع للإذاعة والتلفزيون عام 2003، وحصد العديد من الجوائز المحلية والعربية والعالمية ومنها عن فيلم كفر قاسم، والجائزة البرونزية عن برنامج زينة الدنيا للأطفال، والجائزة الذهبية الأوروبية للجودة والنوعية 2004 بالإضافة لتكريمات عديدة في لبنان ومصر وتونس والبحرين وأمريكا وكندا وفرنسا.

يذكر أن مظهر الحكيم درس علم النفس لما له أهمية كبيرة في الفن كترجمة للأحاسيس، وتزوج من الفنانة الراحلة إنعام الصالح، وبناته أماني ونسرين اللتان سارتا على درب أبيهما في عالم الفن والإعلام، ومسيرته الحافلة أغنت أرشيف الدراما السورية ووصلت لأكثر من 50 عملاً في التمثيل، و27 عملاً سينمائيا بين سورية ولبنان و15 في الإخراج، و10 في التأليف والإنتاج.

الياس ابو جراب

المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء

إقرأ أيضاً:

الحكيم يقترح تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد

1 مارس، 2025

بغداد/المسلة: اقترح رئيس تحالف قوى الدولة الوطنية، عمار الحكيم، تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد، يقوده المجتمع المدني”.

وقال الحكيم في الملتقى الاستراتيجي لمنظمات المجتمع المدني، ان “منظمات المجتمع المدني ليست مجرد مؤسسات خيرية أو خدمية، بل هي ركيزة أساسية في بناء الدولة العصرية وترسيخ الديمقراطية وتعزيز التنمية المستدامة.

وأضاف انه “وفي ظل التحديات التي تواجه العراق اليوم، أصبح دور هذه المنظمات أكثر أهمية من أي وقت مضى، حيث تتطلب المرحلة شراكة حقيقية بين الدولة والمجتمع المدني لتحقيق الإصلاح، وتحفيز التنمية، وتعزيز السلم المجتمعي.

وتابع الحكيم انه ” وانطلاقًا من هذه الرؤية، أطرح أمامكم مجموعة من النقاط الجوهرية التي نرى أنها تشكل إطارًا عمليًا لتعزيز دور منظمات المجتمع المدني وجعلها أكثر تأثيرًا واستدامة:

أولاً: مؤسسة العلاقة بين منظمات المجتمع المدني والدولة

لا يمكن تحقيق الإصلاح المجتمعي والمؤسساتي دون علاقة استراتيجية بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني. نحتاج إلى *قانون عصري متكامل ينظم هذه العلاقة، ويحافظ على استقلالية المنظمات، ويضمن لها آليات تمويل شفافة، ويتيح لها المشاركة في صناعة السياسات العامة وتنفيذ برامج التنمية المستدامة بالشراكة مع الدولة، وفق رؤية واضحة تحقق التوازن بين استقلال المنظمات ودعمها

ثانياً: إنشاء المجلس الوطني الاستشاري لمنظمات المجتمع المدني
في ظل الحاجة إلى توحيد الجهود وتعزيز التنسيق بين منظمات المجتمع المدني، نقترح إنشاء مجلس وطني استشاري لمنظمات المجتمع المدني، يكون هيئة مستقلة غير حكومية تمثل المنظمات العاملة في مختلف القطاعات

الحكيم: هذا المجلس لا يمنح التراخيص ولا يمارس الرقابة، بل يعمل كمنصة لتنسيق الجهود، وتقديم التوصيات للحكومة، وتوحيد الرؤى، وتمكين دور المنظمات في صناعة القرار، كما يسهم في اقتراح الإصلاحات التشريعية، وإصدار تقارير دورية عن واقع المجتمع المدني، وتطوير مدونات السلوك ومعايير الشفافية، بالتعاون مع دائرة منظمات المجتمع المدني التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء، لضمان تكامل الأدوار بدلاً من التعارض.

ثالثاً: صندوق وطني لدعم وتمويل المشاريع التنموية
تطوير صندوق وطني لدعم وتمويل منظمات المجتمع المدني يدار بشفافية عالية، ويمول المشاريع التنموية والاجتماعية والثقافية التي تخدم الأولويات الوطنية. يتم تخصيص نسبة من الموازنة العامة لهذا الصندوق، إضافة إلى تعزيز شراكات مع القطاع الخاص لدعم التمويل المستدام، وتشجيع التنافس الإيجابي بين المنظمات لتقديم أفضل المبادرات وأكثرها تأثيراً.

رابعاً: دور منظمات المجتمع المدني في تعزيز السلم المجتمعي
في ظل التحديات التي تهدد النسيج الاجتماعي العراقي، تقع على منظمات المجتمع المدني مسؤولية قيادة مشاريع تعزز الهوية الوطنية الجامعة، وبناء جسور الثقة، ونشر ثقافة التعايش والتسامح. لا يمكن بناء عراق قوي دون مجتمعات متماسكة، والتجربة أثبتت أن المبادرات المجتمعية الناجحة قادرة على احتواء الأزمات وتقليل الفجوات الاجتماعية والمذهبية والقومية

خامساً: الحاضنات المجتمعية وتمكين الشباب
الشباب العراقي ثروة وطنية هائلة تحتاج إلى استثمار منظم. لذا، فإننا ندعو إلى إنشاء حاضنات مجتمعية متخصصة توفر برامج تأهيل وتدريب للشباب، تزوّدهم بالمهارات المطلوبة لسوق العمل، وتساعدهم على دخول ميادين ريادة الأعمال، والابتكار، والمشاريع التنموية، مما يقلل البطالة ويمنع هجرة الكفاءات العراقية

سادساً: شبكات التخصص كبديل عن العمل الفردي
الانتقال من العمل الفردي إلى شبكات تخصصية ضرورة لتنظيم القطاع المدني. نحتاج إلى تشكيل شبكات متخصصة تجمع المنظمات العاملة في مجالات مثل الصحة، والتعليم، والبيئة، وحقوق الإنسان، والمرأة…، مما يعزز التراكم المعرفي، ويسمح بتقديم مبادرات أكثر عمقاً وتأثيراً، ويمنح المجتمع المدني صوتاً أقوى عند مخاطبة صناع القرار

سابعاً: المرصد الوطني لمكافحة الفساد، فالفساد خطر يهدد بنية الدولة وثقة المواطنين بالمؤسسات، ومنظمات المجتمع المدني يجب أن تلعب دورها كمراقب مستقل

واقترح الحكيم “تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد، يقوده المجتمع المدني، ويعمل على رصد الانتهاكات، وتحليل البيانات، وتقديم تقارير دورية، واقتراح سياسات إصلاحية. هذا المرصد سيكون شريكاً إستراتيجياً مع الجهات الرقابية لتعزيز النزاهة والشفافية”.

ثامناً: مساهمة المنظمات المدنية في إعادة الإعمار والتنمية المستدامة
إعادة إعمار العراق تحتاج إلى مشاركة جميع الفاعلين، ومنظمات المجتمع المدني قادرة على لعب دور رئيسي في مشاريع الإعمار والتنمية المستدامة، خاصة في المناطق المحررة والمناطق الأكثر تضرراً. من المهم تطوير نماذج مبتكرة تستفيد من الخبرات الدولية، وتعتمد مقاربات اقتصادية، واجتماعية وبيئية متكاملة لتحقيق إعادة إعمار مستدامة

تاسعاً: دبلوماسية المجتمع المدني لتعزيز مكانة العراق دولياً
منظمات المجتمع المدني يمكن أن تكون قوة ناعمة فاعلة في تحسين صورة العراق عالميًا، عبر ممارسة “الدبلوماسية الشعبية”

عاشراً: بناء ثقافة المواطنة الفاعلة
ترسيخ قيم المواطنة يجب أن يكون مشروعاً مجتمعياً شاملاً، لا مجرد شعارات. منظمات المجتمع المدني مدعوة لتطوير برامج توعوية وتثقيفية تعزز ثقافة المشاركة والمسؤولية، وتنمي الحس النقدي والتفكير الإبداعي لدى الأفراد، مما يخلق جيلاً قادراً على صناعة التغيير الإيجابي، بدلًا من انتظار حدوثه

الحادي عشر: دور التكنولوجيا في دعم المجتمع المدني
نحن في عصر الثورة الرقمية، ومنظمات المجتمع المدني مطالبة بالاستفادة من التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تطوير منصات تفاعلية، وأنظمة رصد إلكترونية، وتطبيقات مبتكرة لمراقبة الأداء الحكومي، وتعزيز الشفافية، وتمكين المواطنين من المشاركة الفعالة في اتخاذ القرار، مما يرفع مستوى الوعي والمساءلة الاجتماعية.

الثاني عشر: استحداث برامج الحماية الاجتماعية من خلال المجتمع المدني*
الأزمات الاقتصادية تتطلب حلاً مجتمعياً مشتركاً، لذا يجب أن تساهم منظمات المجتمع المدني في تصميم برامج حماية اجتماعية تشمل الفئات الهشة، وتوفر حلولاً عملية لمكافحة الفقر، ودعم المرأة، وتمكين الفئات المهمّشة، بالتعاون مع الدولة والقطاع الخاص، وبما يضمن استدامة هذه البرامج

وفي الختام قال الحكيم إن منظمات المجتمع المدني العراقي أمام فرصة تاريخية لتثبت أنها ليست مجرد كيانات داعمة، بل شريك أساسي في صنع المستقبل. هذه المنظمات تمثل الرئة التي يتنفس بها المجتمع، وهي النبض الحي الذي ينقل هموم الشعب وتطلعاته، ويحولها إلى مشاريع ومبادرات ملموسة تساهم في بناء عراق قوي، موحد، ومستقل ومستقر ومزدهر

وتابع ” نحن هنا اليوم لنؤكد التزامنا المشترك بالعمل معًا، حكومةً وشعبًا ومنظمات، من أجل وطنٍ يستحقه العراقيون، ومستقبل يليق بعراقة العراق وحضارته”.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • الرئيس اللبناني: أتطلع إلى المحادثات التي سأجريها مع الأمير محمد بن سلمان
  • تدهور حافلة ركاب في السلط
  • لحظة اندلاع حريق في حافلة مدرسية بأوهايو.. فيديو
  • «اليو سيسه» يبدأ رحلته التدريبية لعودة تمثيل المنتخب الوطني
  • «أليو سيسيه» يبدأ رحلته التدريبية لإقناع المحترفين لعودة تمثيل المنتخب الوطني
  • إصابات إثر انقلاب حافلة عسكرية في منطقة العيص
  • قريبا في شوارع بيروت.. ليرة باص أول حافلة كهربائية في لبنان تعمل على الطاقة الشمسية (صور)
  • لمزارعي الزيتون.. 9 توصيات هامة يجب مراعاتها لزيادة الإنتاجية
  • الحكيم يقترح تأسيس مرصد وطني لمكافحة الفساد
  • أجهزة شاومي التي ستفتقد تحديث HyperOS 2.1.. هل موبايلك بينهم؟