السكان والصحة والتنمية.. رؤية للمستقبل
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
أصبحت المشكلة السكانية في الوقت الحاضر محل اهتمام العالم أجمع وفي القلب منها الدولة المصرية خاصة مع التزايد الهائل في معدلات المواليد خلال السنوات الماضية، وهو ما شكل تهديدا كبيرا لجهود الدولة في مجالات التنمية المختلفة، إلى جانب التأثيرات السلبية العديدة التي خلفتها مسألة التزايد السكاني الهائل مما دفع بالدولة الى بذل المزيد من الجهود التوعوية، والصحية، والإعلامية لتجنب مخاطر تلك الزيادة على كافة جوانب التنمية في الدولة المصرية.
ومن المعروف أن المشـكلة السكانية ليست مشكلة تنظيم أسرة فقط، أو محاربة الأمية أو الحد من ظاهرة الزواج المبكر، بل هى مجموعة من المشكلات الاجتماعية، والثقافيـة المتشابكة التـى يجب التصدى لها من خلال وضع الخطط والسياسات السكانية اللازمة لمواجهة تلك المشكلة.
ومن هنا برز اهتمام القيادة السياسية بتلك المشكلة التى تهدد مستقبل الأجيال القادمة، فقد أكد السيد رئيس الجمهورية في مؤتمر السكان والصحة والتنمية بضرورة الاهتمام بدراسة هذه المشكلة خاصة وأن هناك العديد من الدول النامية وصلت إلى نتائج مرضية فى ضبط مستويات الإنجاب، والنمو السكانى فى حين أننا مازالنا دون المستوى المطلوب رغم تشابه الظروف، كما أنه فى إطار السعي المستمر لرفع مستوى معيشة المواطن المصرى تبرز قضية الزيادة السكانية كإحدى القضايا الرئيسية التى لم تحرز التقدم المرجو فى التصدى لها على مدى السنوات الماضية.
وعلى مدار السنوات العشر الماضية سعت الدولة المصرية إلى تدشين استراتيجيات تنموية لمجابهة مشكلة التزايد السكاني المستمر، وذلك من خلال الإهتمام بالجوانب الصحية عبر عدة مبادرات منها مبادرة 100 مليون صحة، ومبادرة أطفال المدارس، ومبادرة صحة المرأة المصرية، إلى جانب الإهتمام بتسليط الضوء إعلاميا على سلبيات التزايد السكاني اللامبرر في ضوء خطط التنمية الإقتصادية، والتي تهددها تلك المعدلات المرتفعة من الزيادة في أعداد السكان.
جملة القول، لابد من التأكيد على قومية المشكلة السكانية وأهمية التزام المخططين والمنفذين، والممارسين واقتناعهم بها، وهذا يقتضى اعتبارها ركناً من المشكلات الحاكمة التى لا يمكن حصرها فى إطار قطاع معين، وإنما تمتد معالجتها لتغطى جميع جوانب الحياة فى المجتمع مع ضرورة التركيز بشكل خاص على تحسين أوضاع المرأة، وتدعيم مشاركتها فى أوجه النشاطات المختلفة، ولا سيما القوى العاملة وهو ما يتم بالفعل على إطار خطط الدولة التنموية، ويقتضى هذا تحركاً على مستويات مختلفة يستهدف تغيير مفاهيم المرأة نحو طبيعة دورها فى الحياة، وتهيئة الظروف البيئية المناسبة لها، مع إعطاء الأولوية المتقدمة فى تخصيص الموارد، والتنفيذ لقضايا البنية الأساسية الاجتماعية كالتعليم، والرعاية الصحية المتكاملة، وتحسين أوضاع المرأة اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً، وحماية البيئة من التدهور، ومحاربـة الفقر، والتفاوت بين مستويات الدخل، وكلها أمور تصطدم بالتزايد الهائل في معدلات النمو السكاني داخل مصر.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الصحة الزيادة السكانية وزارة الصحة السكان المشكلة السكانية قضية السكان رؤية المستقبل
إقرأ أيضاً:
مادة مُشعة قتلت العالمة المصرية مكتشفة النيكل
نجل الدكتورة جرترود: والدتى قدمت الكثير لمصر وتستحق التكريم
كشف المهندس رائد عزمى بدار، نجل عالمة الجيولوجيا المصرية الراحلة الدكتورة جرترود لبيب نسيم، فى تصريحات خاصة لـ«الوفد»، أن والدته تعرضت لإشعاع ذرى أدى إلى وفاتها سريعاً؛ أثناء عملها الميدانى فى اكتشاف المعادن وتحليل طبقات التربة.
وقال «بدار» إن العالمة المصرية خرجت فى رحلة استكشافية سنة 1963؛ لاكتشاف منجم للنحاس جنوب شرق محافظة أسوان، وأثناء تعميق بحثها أصيبت برعشة فى جسدها وإعياء فاكتشفت أنها تعرضت لمادة مُشعة، وتأكدت من ذلك بقياس نسبة الإشعاع فى طبقات التربة فى الموقع من خلال جهاز Geiger counter، وتبيّن تعرضها لمادة Thorium dioxide، وهى مادة أعلى فى نسبة الإشعاع من اليورانيوم.
وأضاف: أصيبت والدتى بمرض السرطان بعد شهرين من تعرضها للإشعاع، وسافرت إلى السويد؛ التى كانت متقدمة فى ذلك الوقت بعلاج الأورام السرطانية، وتحسنت صحتها نسبيًا وعادت إلى مصر، ولكن المرض نشط مرة أخرى فى جسدها لترحل بعد شهرين من عودتها من رحلة العلاج فى الخارج، وفى رثاء الراحلة كتبت الكثير من الدوائر فى مصر ومنها الكاتب الراحل محمد أمين فى مقاله «فكرة» بصحيفة الأخبار.
وُلدت العالمة المصرية جرترود لبيب نسيم بالقاهرة أواخر يوليو 1915، لأب مصرى هو الجيولوجى الدكتور لبيب نسيم، الذى تعود جذوره إلى محافظة سوهاج؛ وأم بريطانية، وتخرجت «جرترود» بدرجة الشرف الثانية فى كلية العلوم قسم الكيمياء والجيولوجيا؛ فى جامعة الملك فؤاد الأول «القاهرة حاليًا» سنة 1939، لتكون الفتاة المصرية الأولى فى مصر والعالم العربى التى تدرس ذلك التخصص العلمى.
وحصلت على الماجستير من جامعة الملك فؤاد، لتكون الفتاة الأولى أيضا التى تحصل على هذه الدرجة العلمية فى مصر، ثم سافرت لندن لتحوز درجة دكتوراه الفلسفة فى الجيولوجيا، وعادت إلى مصر لتنضم إلى والدها الدكتور لبيب نسيم وهو من رواد قطاع التعدين فى مصر، فى العمل الميدانى والرحلات الاستكشافية فى الصحارى والجبال المصرية لاكتشاف المعادن.
وأوضح نجل عالمة الجيولوجيا لـ«الوفد»، أن جده أطلق على والدته اسم «جرترود»؛ لإعجابه بالمستشرقة الإنجليزية Gertrude Bell، التى كانت ترتاد الصحارى والجبال فى العالم العربى فى أوائل القرن العشرين.
وأضاف: سار الأمر كما خطط جدى لابنته، إذ تركت والدتى الحياة المُرفهة فى القاهرة؛ إذ كانت أسرتها أرستقراطية، لترافق جدى فى رحلاته الاستكشافية فى الصحارى والجبال وتقيم فى الخيام وتتحمل الحياة القاسية حبًا فى العلم والاكتشاف، وحققا معًا العديد من الاكتشافات فى قطاع المناجم والمعادن، ومنها اكتشاف مناجم ومعادن فى سيناء وأسوان.
وبيّن «بدار» أنه فى النصف الثانى من أربعينيات القرن الماضى اكتشفت والدته فى إحدى رحلاتها فى أسوان، منجماً لخام النيكل وهو الوحيد الذى تم اكتشافه فى مصر إلى وقتنا هذا، وقال من المعروف أن هذا المعدن استراتيجى ويدخل فى صناعة الأسلحة الثقيلة، وحاز هذا الاكتشاف على اهتمام واسع فى مصر والخارج، إذ تناقلته الصحافة المصرية الناطقة بالعربية والإنجليزية والصحافة الأجنبية.
وتابع: وبسبب أهمية هذا الكشف كرم الملك فاروق الأول والدتى؛ إذ أقام حفل شاى بسراى رأس التين بالإسكندرية، بحضور جدى الدكتور لبيب نسيم، وأهدت والدتى للملك أول سبيكة من خام النيكل، وكان هذا التكريم هو الوحيد الذى حظيت به فى حياتها وبعد وفاتها حتى وقتنا هذا، رغم إساهماتها العلمية الكبيرة فى مجالها لصالح بلدها.
ولم تكتف جرترود لبيب باكتشاف النيكل، فبعد زواجها من الدكتور عزمى بدار، انفصلت عمليًا عن الدكتور لبيب نسيم ـــ والدها، لترافق زوجها فى رحلات إلى الجبال والصحارى المصرية، فاكتشفت فى أسوان نوعا من الجرانيت الرمادى الذى سمى باسمها إلى وقتنا هذا «جرانيت جرتى» نسبة إلى لقبها التى عرفت به، وأيضا مادة الفيرميكيولايت التى تستخدم فى عزل الحرارة المرتفعة، وغيرها.