يؤكد مختصون أن العراق بحاجة إلى زراعة أكثر من 11 مليار شجرة، في وقت لا تصل مساحاته الخضراء الرسمية “الغابات” إلى نسبة 2 في المائة، فيما تبلغ المساحات المعرّضة للتدهور بسبب زيادة التصحر وتجريف البساتين نحو 59 في المائة.

ويرى مختصون أن إعادة إحياء وتأهيل الغابات وزراعة المساحات بهذه الأعداد من الأشجار خلال السنوات المقبلة يمكن أن يُعيد جزءاً من الهواء النقي إلى الأجواء العراقية، بعد تلوّثها بالنفايات الضارة من العوادم والمصانع وغيرها.

ويحتل العراق المرتبة الثانية بأكثر دول العالم تلوثاً، فيما جاءت العاصمة بغداد بالمرتبة 13 من بين المدن العالمية خلال عام 2022، وذلك وفق مسح عالمي سنوي أجرته شركة سويسرية لتصنيع أجهزة تنقية الهواء.

وينبّه المختصون على ضرورة وضع خطط جديدة تختلف عن العقود الماضي بسبب دخول العراق مرحلة الخطر العالمي نتيجة الاحتباس الحراري والتغير المناخي الذي يؤثر بدوره على نمو بعض الأشجار.

ويضرب التغير المناخي العراق بقوة خلال الأعوام القليلة الماضية وبصورة غير معهودة، حيث يعد خامس الدول الأكثر تضرراً من التغيرات المناخية العالمية وفق وزارة البيئة العراقية والأمم المتحدة.

ويفقد العراق سنوياً 100 ألف دونم (الدونم 1000م مربع)، جراء التصحر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50 في المائة وفق تصريحات رسمية.

أسباب تقلّص مساحات الغابات

تقلّصت مساحات أشجار الغابات سواء في العراق بشكل عام أو في مدينة الموصل بشكل خاص لأسباب كثيرة، منها الحروب والحرائق، فضلاً عن القطع الجائر وتحويل الأراضي من زراعية إلى سكنية، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وهبوب الرياح القوية المحمّلة بالأتربة والغبار، ما أثر سلباً على الظروف الجوية وحياة الناس في البلاد.

هذا ما أفاد به أستاذ الفاكهة المستديمة الخضرة في كلية الزراعة والغابات بجامعة الموصل، الدكتور أياد هاني العلاف.

ويتابع، “ما يستدعي الاهتمام بعملية التشجير، وزيادة الغطاء النباتي أو ما يُعرف بـ(الحزام الأخضر)، من خلال زيادة المساحات الخضراء داخل المدن والمناطق السكنية، عن طريق غرس العديد من الأشجار الغاباتية والبستنية ضمن خطة زراعية واضحة تتناسب مع المكان جغرافياً ومناخياً”.

الأمر الذي يتطلب، بحسب مختصين، اختيار أشجار وفق نوعيات معيّنة، قادرة على تحمل ظروف البلاد الحالية، وفي الوقت نفسه تنمو على القليل من الماء، وبهذه الطريقة يمكن تكوين غابات جديدة من خلال الاعتماد على هذه الأشجار.

اختيار الأشجار

يؤكد مدير مؤسسة “مثابرون للخير”، أنس الطائي، أن “الاحتباس الحراري والتغير المناخي أثر على نمو بعض الأشجار، خاصة في الصيف التي تصل درجات الحرارة إلى 50 مئوية، ما سبب بموت الكثير من الأشجار”.

ويبيّن الطائي  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “الأشجار التي أثبتت قدرتها على تحمل هذه التغيرات هي أشجار أوكالبتوس والبيزيا والزونيا والنبق والكازورينا والغاف، كما أنها تتحمل العطش لكن في مراحل ما بعد النمو تصل أحياناً إلى 4 سنوات”.

ومن الأشجار التي تتلائم مع الظروف البيئية والمناخية للعراق خاصة في ظل ارتفاع درجات الحرارة، هي أشجار الأكاسيا، وشوك الشام، ولسان الطير، والكازورينا، والسبحبح، والروبينيا، وواشنطونيا، والأوكالبتوس، والسرو، والصنوبر والثويا، وكذلك أشجار فاكهة مثل الزيتون والنبق، أو ما تُعرف بـ(السدر)، بحسب مختصين.

إعادة إحياء غابات الموصل

وبناءً على ذلك، وضعت مديرية زراعة نينوى، منذ سنتين، خططاً استراتيجية لمعالجة مشاكل التشجير والغابات ولإعادة إحياء الغابات الاصطناعية، وفق مدير زراعة نينوى، د.ربيع يوسف، من خلال اختيار أشجار ملائمة لأجواء محافظة نينوى مثل الأوكالبتوس والصنوبريات.

ويضيف يوسف  في حديث صحفي اطلعت عليه “تقدم” ، أن “نسبة إحياء الغابات في نينوى تجاوز 70 في المائة، وغالباً ما تُزرع أشجار الأوكالبتوس المقاومة للحرارة والبرودة، وكذلك من أجل استثمارها في مجالات عدة، منها جودة عسل الأوكالبتوس الذي يد أفضل أنواع العسل في العالم”.

وعن غابات نينوى، يوضح، أن “غابة سنجار التي هي عبارة عن ما يقارب من 50 دونم، سيتم إحياؤها بالكامل خلال الأيام القليلة المقبلة، والعمل مستمر لإعادة إحياء غابة البعاج بنحو ألف دونم كغابات صناعية ومناطق خضراء، فضلاً عن زراعة أشجار الفستق الحلبي في منطقة القوش، والنخيل في منطقة المحلبية”.

التشجير وفوائده البيئية

يؤكد مختصون، أن زراعة هذه المناطق بالأشجار ستعمل على تحسين جودة الهواء والتربة ويمنع انجرافها، وفي الوقت نفسه تكون أشبه بمصدات للمدن من العواصف الغبارية وهبوب الرياح القوية، كما أنها تساعد على تخفيض درجات الحرارة وامتصاص الملوّثات.

ومن فوائد التشجير أيضاً، تعزيز السياحة البيئية ما يوفر فرص عمل للشباب في هذه المناطق، بالإضافة إلى تحسين الصحة العامة والترفيه والترويح عن النفس، وكذلك الحماية من الأشعة فوق البنفسجية وتقليل حدة الضوضاء والشعور بالاكتئاب.

ومن أهمية الأشجار الغاباتية، أنها تعمل على سحب غاز ثنائي أكسيد الكربون من الهواء وتخزينه في داخل أعضاء الأشجار، وتقوم بالمقابل بإطلاق غاز الأكسجين، ما يعمل على حفظ التوازن بين الغازات في الهواء، وفق المختصين.

ولهذه الفوائد، يدعو المختصون الحكومة العراقية ووزارة الزراعة والدوائر المعنية إلى الاهتمام بعمليات التشجير وزيادة مساحات الأشجار الغاباتية لإعادة إحياء الغابات الموجودة، فضلاً عن دعم المبادرات الأهلية وعدم الاعتماد على الغابات القديمة.

بل العمل على تكوين غابات جديدة وزراعتها بأشجار ملائمة لظروف البلاد الحالية، وفق ما قاله عضو “مرصد العراق الأخضر” المختص بالبيئة، عمر عبد اللطيف.

المصدر: وكالة تقدم الاخبارية

كلمات دلالية: درجات الحرارة من الأشجار فی المائة

إقرأ أيضاً:

تل أبيب في مواجهة اللهيب.. حصيلة خسائر إسرائيل من حرائق الغابات

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أعلنت هيئة الإطفاء والإنقاذ الإسرائيلية، اليوم الخميس، أنها تمكنت من السيطرة على سلسلة من الحرائق الضخمة التي اندلعت منذ يوم الأربعاء في منطقة بيت شيمش الواقعة غرب مدينة القدس. 

ووفقاً لما نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل، فقد التهمت الحرائق ما يقارب 7 كيلومترات مربعة من الغابات، ما أثار حالة استنفار قصوى لدى الجهات الرسمية.

وشاركت في جهود إخماد النيران أكثر من 100 فرقة إطفاء مدعومة بـ 8 طائرات مخصصة لإخماد الحرائق ومروحية واحدة، في واحدة من أكبر عمليات الإطفاء التي شهدتها البلاد خلال السنوات الأخيرة. وبالرغم من أن فرق الإنقاذ تمكنت من السيطرة على الحرائق، إلا أن سرعة انتشار اللهب، التي وصلت إلى 8 أمتار في الثانية، دفعت السلطات إلى تفعيل خطة طوارئ موسعة لمنع وصول الحرائق إلى المناطق السكنية.

وأوضحت الهيئة أن أطقم الإطفاء واصلت عملها طوال الليل لمنع تسلل النيران إلى التجمعات السكنية المحاذية. كما تم الإعلان عن إعادة فتح جميع الطرق التي أُغلقت خلال الأزمة، وعادت الحياة تدريجياً إلى البلدات المتضررة.
 

الإصابات البشرية والجهود الميدانية

رغم ضخامة الحريق، لم تُسجل إصابات في صفوف المدنيين، غير أن ثلاثة من رجال الإطفاء تعرضوا لإصابات نتيجة استنشاق الدخان، وأُصيبت شرطية بجروح متوسطة خلال عمليات الإجلاء والمساندة.
وفي الوقت نفسه، لم تكشف التحقيقات الأولية عن وجود شبهات جنائية أو أدلة على أن الحرائق اندلعت بفعل فاعل، إلا أن السلطات أكدت أنها ستبقى في حالة استعداد قصوى تحسباً لاحتمال اندلاع حرائق جديدة خلال فصل الصيف، خاصة مع استمرار موجات الحر.


إخلاء بلدات وتوقف حركة القطارات

تزامناً مع تصاعد ألسنة اللهب، أقدمت السلطات على إجلاء سكان عدد من البلدات في وسط إسرائيل، من بينها إشتاؤول وبيت مئير ومسيلات تسيون، التي تقع بين مدينتي القدس وتل أبيب. كما قامت الشرطة بإغلاق الطريق السريع رقم 38، وهو أحد الشرايين المرورية الأساسية المؤدية إلى القدس، ما تسبب في ارتباك مروري كبير.
أظهرت مشاهد متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي حشوداً من المواطنين وهم يغادرون سيراً على الأقدام الطرق المحيطة بمنطقة رحوفوت وسط سحب كثيفة من الدخان.


تدخل حكومي وتنسيق أمني

في ظل تفاقم الوضع، عقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعاً طارئاً لتقييم الموقف في مركز قيادة مكافحة الحرائق، بحضور مفوض الشرطة دانيال ليفي ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين شاركا في الاجتماع عبر الهاتف من الولايات المتحدة.
وأعلن نتنياهو أن إسرائيل بصدد دراسة إمكانية طلب مساعدات خارجية، مشيراً إلى فتح قنوات اتصال مع دول مثل اليونان للمساعدة في احتواء الأزمة في حال تصاعدت الأمور.
 

تعبئة عامة واستنفار كامل

وفي مؤشر على خطورة الوضع، أعلنت الشرطة الإسرائيلية حالة التعبئة العامة لجميع قوات الإطفاء في البلاد. وتم توجيه عناصر الشرطة للاستعداد لحلول الظلام، ومواصلة العمل على الطرق السريعة وفي التجمعات السكانية باستخدام المنظومة الجوية للشرطة وأنظمة المراقبة الحديثة.

وقالت صحيفة "معاريف" العبرية إن مفوض الشرطة أعطى أوامر واضحة بتكثيف العمليات الجوية والبرية لمنع اتساع رقعة النيران. كما أفادت هيئة الإطفاء بأن 11 طائرة و100 طاقم لا يزالون منتشرين في منطقة إشتاؤول وجبال القدس لمواصلة عمليات الإخماد.

إلى ذلك، شاركت وحدات من الجيش الإسرائيلي في عمليات الإطفاء، خاصة في المناطق الواقعة بين القدس وتل أبيب، التي تضررت بشدة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والرياح الجافة، ما ساهم في تسريع انتشار الحرائق.

مقالات مشابهة

  • مصرع مُسنة في أخميم بسوهاج بعد سقوط شجرة عليها
  • جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تطلق خطة استباقية لمواجهة حرائق الغابات صيف 2025
  • تل أبيب في مواجهة اللهيب.. حصيلة خسائر إسرائيل من حرائق الغابات
  • تدشين توزيع وزراعة شتلات السدر في القطاع الشرقي لمحافظة صنعاء
  • صنعاء.. تدشين زراعة 11 ألف شتلة من أشجار السدر في الحيمة الداخلية
  • تدشين زراعة 11 ألف شتلة من أشجار السدر في الحيمة الداخلية
  • سوق العراق يتداول أسهماً بأكثر من 11 مليار دينار خلال اسبوع
  • شباب الأهلي في طريق «التاسع» بـ «رباعية»
  • مسير في السودة بعمران دعماً لفلسطين وتأكيد الجهوزية لمواجهة العدوان
  • رئيس زراعة النواب يعلن بدء صرف مليار جنيه من مستحقات مزارعى القطن