بعد صعوبة اقتراض تونس من الخارج.. مقترح التمويل المباشر يثير مخاوف اقتصادية
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يساعد البلاد في حلحلة أزمتها الاقتصادية، يقترح الرئيس التونسي، قيس سعيّد، أن يمول البنك المركزي ميزانية الدولة بشكل مباشر.
والجمعة، قال سعيّد إنه يجب مراجعة القوانين للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر من خلال شراء سندات حكومية، وهي خطوة حذر منها محافظ البنك ذاته خلال وقت سابق.
وخلال خلال زيارة للبنك المركزي، قال سعيّد إنه يجب التفرقة بين الدور النقدي للبنك في مواجهة التضخم ودوره في تمويل الميزانية، مضيفا أن البنك المركزي مؤسسة عامة وليس مستقلا عن الدولة.
وقال أستاذ الاقتصاد العضو السابق بمجلس إدارة البنك المركزي التونسي، فتحي النوري، لموقع قناة "الحرة" إن هذا "المقترح مطروح منذ سنتين".
الرئيس التونسي يقترح تمويل البنك المركزي للميزانية بشكل مباشر قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، الجمعة، إنه تجب مراجعة القوانين للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر من خلال شراء سندات حكومية، وهي خطوة كان محافظ البنك قد حذر منها في وقت سابق.ومع ذلك، يشير النوري إلى أن الاقتراح الذي تبناه رئيس البلاد حاليا بعد طرحه سابقا في البرلمان، لا يوفر معلومات تفصيلية حول كيفية تنفيذه.
وتعيش تونس أزمة اقتصادية حادة، حيث يتعرضت لعدة مشاكل منذ الثورة التي أطاحت بنظام، زين العابدين بن علي، خلال الربيع العربي لعام 2011.
وبحسب رويترز، فإن أغلب ديون تونس داخلية، لكن أقساط القروض الأجنبية تستحق خلال وقت لاحق من العام الجاري. وقالت وكالات تصنيف ائتماني إن البلاد قد تتخلف عن سداد ديونها.
ماذا يعني التمويل المباشر؟ويشرح أستاذ الاقتصاد بجامعة قرطاج، رضا الشكندالي، تمويل البنك المركزي للخزينة العامة قائلا إن ذلك يعني إقراض الدولة بشكل مباشر وبعيدا عن الوسطاء.
في حديثه لموقع قناة "الحرة"، أشار الشكندالي إلى أن قانون البنك المركزي لعام 2016 اشترط على الدولة الاقتراض عبر وسطاء تتمثل في البنوك المحلية التجارية.
وأضاف أن "هذه البنوك تحقق أرباحا كبيرة ولا يستفيد المواطن التونسي الذي يدفع أقساطا بفوائد كبيرة ولا حتى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تستفيد مما يجعلها لا تتشجع على الاستثمار، وبالتالي كل ذلك يؤدي إلى عجز موازنات الدولة مما يدفعها للاقتراض".
هل باتت تونس على حافة الإفلاس ؟ قاربت نسبة ديون تونس من ناتجها المحلي حوالي 80 في المئة، وفي وقت تزيد الضغوط على ميزانية لارتفاع المصاريف أمام محدودية موراد الحكومة، تضاعفت المخاوف من "إفلاس الدولة".وقال الشكندالي إن الفكرة "لا يمكن قبولها اقتصاديا إلا بتوفر شروط معينة لتتم"، بما في ذلك أن "يوجه الاقتراض إلى غايات إنتاجية بدلا من الغايات الاستهلاكية"، بالإضافة إلى أن يكون المبلغ محددا في قيمته.
وشدد على أهمية تطبيق تلك الشروط قبل تمويل البنك المركزي لخزينة الدولة بشكل مباشر حتى لا يحدث هناك أزمة في نظام النقد التونسي يعصف بالنظام وتؤول الأمور إلى ما آلت إليه في لبنان"، بحسب وصفه.
مخاطر على الاقتصادويعتقد الشكندالي أن "هناك تقريبا توافق تام بين الخبراء بأن السياسة النقدية لدى البنك المركزي عقيمة ولم تفلح في محاربة التضخم المالي المرتفع بصورة كبيرة جدا".
كما أن هناك توافقا سياسيا بعد أن وجدوا صعوبة اقتراض الدولة من الخارج بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كما ذكر الشكندالي.
والعام الماضي، توصلت تونس إلى اتفاق مبدئي للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي يناهز ملياري دولار.
لكن المحادثات تعثرت منذ ذلك الحين بسبب الإصلاحات التي طالب بها الصندوق، لا سيما بالنسبة إلى الشركات التي تديرها الدولة وإلغاء الدعم الحكومي عن المنتجات الأساسية.
وفي وقت سابق من هذا العام، قال الرئيس التونسي إنه لن يقبل "إملاءات" وأشار إلى أن خفض الدعم قد يؤدي إلى احتجاجات.
بعد تخفيض تصنيفها الائتماني.. "معضلة اقتصادية" في تونس والحل "سياسي" أثار تخفيض التصنيف الائتماني لتونس، مخاوف من "عدم قدرة البلاد على سداد التزاماتها الخارجية"، بينما يوضح خبراء لموقع "الحرة" الحلول التي يمكن للبلاد من خلالها "الابتعاد عن شبح التخلف عن السداد".وفي الشهر الماضي، قرر البنك الدولي تعليق إطار الشراكة مع تونس بعد تزايد الاعتداءات على مهاجرين أفارقة في البلاد في أعقاب خطاب ندّد فيه الرئيس سعيّد بـ "جحافل المهاجرين غير النظاميين".
وقرار تعليق برنامج الشراكة مع تونس "حتى إشعار آخر" يعني عمليا تجميد أي تمويل جديد للبلاد الغارقة في أزمة مالية خطيرة، مما قد يدفع للاقتراض الداخلي لدولة مدانة بـ 80 بالمئة من قيمة ناتجها المحلي.
وفي عام 2020، حذر محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، من أن اعتزام الحكومة مطالبة البنك بشراء سندات الخزانة ينطوي على مخاطر حقيقية على الاقتصاد تتضمن تفاقم الضغوط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.
"مخيف ومضر"وفي هذا الإطار، قال النوري إن المعارضين لهذا المقترح هم من أصحاب السياسات الاقتصادية التقليدية الذين يرفضون ذلك نظرا للتضخم المرتفع في البلاد والذي يضيف المشاكل للاقتصاد.
ويرى منتقدو الاقتراح أن محاولة تعديل قانون 2016 ستهدد استقلال البنك، وأشاروا إلى احتمال تدخل الدولة بشكل أكبر في السياسات النقدية، خاصة في ضوء العجز المالي المتزايد وندرة الموارد المالية، وصعوبة الاقتراض من الخارج. لكن النوري قال إن "مفهوم الاستقلالية خاطئ لدى كثير من التونسيين لدرجة أنه يردد حتى بات شعارا".
وقال إن "استقلالية البنك المركزي تكمن في طريقة آلياته للحد من التضخم؟ وفق القانون.. ليس دوره أن يخلق الثروة" للدولة.
وأردف: "محافظ البنك مستشار للحكومة وفقا لقانون 2016 ويتعامل بشكل مستمر مع الحكومة.. من يتحدث عن الاستقلالية كأنه يتحدث عن مؤسسة أجنبية".
ومع ذلك، شدد النوري على ضرورة تطبيق آليات أخرى لجذب النقد بالاعتماد على الذات وتوفير مناخ للاستثمار، بالإضافة إلى جملة مقترحات يمكن تطبيقها دون البحث عن الديون.
وقال إنه يجب الاتجاه التدريجي لتخفيض الديون على اعتبار أن "التدين المستدام مخيف ومضر بالاقتصاد".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الرئیس التونسی البنک المرکزی الدولة بشکل محافظ البنک بشکل مباشر إلى أن
إقرأ أيضاً:
مدبولي: الحكومة تحرص على تعظيم دور القطاع الخاص مُنظما للأسواق بشكل أكبر
قال الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إن الحكومة تحرص على تعظيم دور القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني، كمُنظم للأسواق بشكل أكبر، في حين تتواجد الدولة في بعض القطاعات الاستراتيجية التي تتمسك الدول بدور واضح ومحدد فيها، مع تمكين أكبر للقطاع الخاص في القطاعات الأخرى.
وأشار رئيس الوزراء خلال لقائه بعدد من المستثمرين إلى أن الدولة مستمرة في وضع الرؤى والسياسات وطرح المبادرات ولكنها تدرك أنه ما زالت هناك تحديات إدارية على الأرض، مُؤكداً أنه يحرص على لقاء المستثمرين، والتنسيق مع نائب رئيس الوزراء للتنمية الصناعية، وزير الصناعة والنقل، ووزير الاستثمار والتجارة الخارجية، للتحرك بشكل فاعل في مختلف الملفات.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي أنه بالرغم من مدى صعوبة الظروف والأوضاع المحيطة، فإن الدولة مُستمرة في تنفيذ برنامجها الاقتصادي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، لافتاً إلى إعلان الصندوق إتمام المراجعة الرابعة للبرنامج الاقتصادي للحكومة المصرية، والتأكيد على مضي الحكومة المصرية في تنفيذ البرنامج، مُعتبراً أن ذلك يُمثل رسالة ثقة كبيرة ومصداقية لكل ما تقوم به الدولة المصرية في الأسواق الداخلية والخارجية.
وأكد رئيس الوزراء، أن الفترة المقبلة تفرض علينا سرعة أكبر في التحرك في مختلف الملفات، وتمكين أكثر للقطاع الخاص، لافتاً إلى أن الدولة وإن كانت تهتم بقدوم القطاع الخاص من الخارج وجذب استثمارات أجنبية، إلا أن لديها ثقة كبيرة جداً في القطاع الخاص الوطني، الذي يساند الدولة في جهودها، وتحرص على أن يكون هو الأكبر والأضخم والأكثر قدرة على التوسع والاستثمار داخل مصر، فهو الأساس في عملية التنمية.
كما أكد رئيس الوزراء، أن هذا اللقاء مع المستثمرين محوره الشأن العام، وهدفه الاستماع إلى تصوراتهم ورؤاهم حول الإجراءات التي يمكن للدولة أن تتخذها للتحرك في مختلف القطاعات خلال العام القادم 2025، وكذا على المدى المتوسط خلال الأعوام الثلاثة أو الخمسة المُقبلة، لافتاً إلى أن التغيرات التي تحدث في العالم لا تسمح برفاهية وضع خطط لفترات طويلة، حيث تفرض حالة من عدم اليقين أو الوضوح، داعياً المستثمرين لطرح رؤاهم وأفكارهم.