بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يساعد البلاد في حلحلة أزمتها الاقتصادية، يقترح الرئيس التونسي، قيس سعيّد، أن يمول البنك المركزي ميزانية الدولة بشكل مباشر.

والجمعة، قال سعيّد إنه يجب مراجعة القوانين للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر من خلال شراء سندات حكومية، وهي خطوة حذر منها محافظ البنك ذاته خلال وقت سابق.

وخلال خلال زيارة للبنك المركزي، قال سعيّد إنه يجب التفرقة بين الدور النقدي للبنك في مواجهة التضخم ودوره في تمويل الميزانية، مضيفا أن البنك المركزي مؤسسة عامة وليس مستقلا عن الدولة.

وقال أستاذ الاقتصاد العضو السابق بمجلس إدارة البنك المركزي التونسي، فتحي النوري، لموقع قناة "الحرة" إن هذا "المقترح مطروح منذ سنتين".

الرئيس التونسي يقترح تمويل البنك المركزي للميزانية بشكل مباشر قال الرئيس التونسي، قيس سعيد، الجمعة، إنه تجب مراجعة القوانين للسماح للبنك المركزي بتمويل الميزانية بشكل مباشر من خلال شراء سندات حكومية، وهي خطوة كان محافظ البنك قد حذر منها في وقت سابق.

ومع ذلك، يشير النوري إلى أن الاقتراح الذي تبناه رئيس البلاد حاليا بعد طرحه سابقا في البرلمان، لا يوفر معلومات تفصيلية حول كيفية تنفيذه.

وتعيش تونس أزمة اقتصادية حادة، حيث يتعرضت لعدة مشاكل منذ الثورة التي أطاحت بنظام، زين العابدين بن علي، خلال الربيع العربي لعام 2011.

وبحسب رويترز، فإن أغلب ديون تونس داخلية، لكن أقساط القروض الأجنبية تستحق خلال وقت لاحق من العام الجاري. وقالت وكالات تصنيف ائتماني إن البلاد قد تتخلف عن سداد ديونها.

ماذا يعني التمويل المباشر؟

ويشرح أستاذ الاقتصاد بجامعة قرطاج، رضا الشكندالي، تمويل البنك المركزي للخزينة العامة قائلا إن ذلك يعني إقراض الدولة بشكل مباشر وبعيدا عن الوسطاء.

في حديثه لموقع قناة "الحرة"، أشار الشكندالي إلى أن قانون البنك المركزي لعام 2016 اشترط على الدولة الاقتراض عبر وسطاء تتمثل في البنوك المحلية التجارية.

وأضاف أن "هذه البنوك تحقق أرباحا كبيرة ولا يستفيد المواطن التونسي الذي يدفع أقساطا بفوائد كبيرة ولا حتى المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تستفيد مما يجعلها لا تتشجع على الاستثمار، وبالتالي كل ذلك يؤدي إلى عجز موازنات الدولة مما يدفعها للاقتراض".

هل باتت تونس على حافة الإفلاس ؟ قاربت نسبة ديون تونس من ناتجها المحلي حوالي 80 في المئة، وفي وقت تزيد الضغوط على ميزانية لارتفاع المصاريف أمام محدودية موراد الحكومة، تضاعفت المخاوف من "إفلاس الدولة".

وقال الشكندالي إن الفكرة "لا يمكن قبولها اقتصاديا إلا بتوفر شروط معينة لتتم"، بما في ذلك أن "يوجه الاقتراض إلى غايات إنتاجية بدلا من الغايات الاستهلاكية"، بالإضافة إلى أن يكون المبلغ محددا في قيمته.

وشدد على أهمية تطبيق تلك الشروط قبل تمويل البنك المركزي لخزينة الدولة بشكل مباشر حتى لا يحدث هناك أزمة في نظام النقد التونسي يعصف بالنظام وتؤول الأمور إلى ما آلت إليه في لبنان"، بحسب وصفه.

مخاطر على الاقتصاد

ويعتقد الشكندالي أن "هناك تقريبا توافق تام بين الخبراء بأن السياسة النقدية لدى البنك المركزي عقيمة ولم تفلح في محاربة التضخم المالي المرتفع بصورة كبيرة جدا".

كما أن هناك توافقا سياسيا بعد أن وجدوا صعوبة اقتراض الدولة من الخارج بعد تعثر المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كما ذكر الشكندالي.

والعام الماضي، توصلت تونس إلى اتفاق مبدئي للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي يناهز ملياري دولار. 

لكن المحادثات تعثرت منذ ذلك الحين بسبب الإصلاحات التي طالب بها الصندوق، لا سيما بالنسبة إلى الشركات التي تديرها الدولة وإلغاء الدعم الحكومي عن المنتجات الأساسية.

وفي وقت سابق من هذا العام، قال الرئيس التونسي إنه لن يقبل "إملاءات" وأشار إلى أن خفض الدعم قد يؤدي إلى احتجاجات.

بعد تخفيض تصنيفها الائتماني.. "معضلة اقتصادية" في تونس والحل "سياسي" أثار تخفيض التصنيف الائتماني لتونس، مخاوف من "عدم قدرة البلاد على سداد التزاماتها الخارجية"، بينما يوضح خبراء لموقع "الحرة" الحلول التي يمكن للبلاد من خلالها "الابتعاد عن شبح التخلف عن السداد".

وفي الشهر الماضي، قرر البنك الدولي تعليق إطار الشراكة مع تونس بعد تزايد الاعتداءات على مهاجرين أفارقة في البلاد في أعقاب خطاب ندّد فيه الرئيس سعيّد بـ "جحافل المهاجرين غير النظاميين".

وقرار تعليق برنامج الشراكة مع تونس "حتى إشعار آخر" يعني عمليا تجميد أي تمويل جديد للبلاد الغارقة في أزمة مالية خطيرة، مما قد يدفع للاقتراض الداخلي لدولة مدانة بـ 80 بالمئة من قيمة ناتجها المحلي.

وفي عام 2020، حذر محافظ البنك المركزي التونسي، مروان العباسي، من أن اعتزام الحكومة مطالبة البنك بشراء سندات الخزانة ينطوي على مخاطر حقيقية على الاقتصاد تتضمن تفاقم الضغوط على السيولة وارتفاع التضخم وانخفاض قيمة العملة التونسية.

"مخيف ومضر"

وفي هذا الإطار، قال النوري إن المعارضين لهذا المقترح هم من أصحاب السياسات الاقتصادية التقليدية الذين يرفضون ذلك نظرا للتضخم المرتفع في البلاد والذي يضيف المشاكل للاقتصاد.

ويرى منتقدو الاقتراح أن محاولة تعديل قانون 2016 ستهدد استقلال البنك، وأشاروا إلى احتمال تدخل الدولة بشكل أكبر في السياسات النقدية، خاصة في ضوء العجز المالي المتزايد وندرة الموارد المالية، وصعوبة الاقتراض من الخارج. لكن النوري قال إن "مفهوم الاستقلالية خاطئ لدى كثير من التونسيين لدرجة أنه يردد حتى بات شعارا".

وقال إن "استقلالية البنك المركزي تكمن في طريقة آلياته للحد من التضخم؟ وفق القانون.. ليس دوره أن يخلق الثروة" للدولة.

وأردف: "محافظ البنك مستشار للحكومة وفقا لقانون 2016 ويتعامل بشكل مستمر مع الحكومة.. من يتحدث عن الاستقلالية كأنه يتحدث عن مؤسسة أجنبية".

ومع ذلك، شدد النوري على ضرورة تطبيق آليات أخرى لجذب النقد بالاعتماد على الذات وتوفير مناخ للاستثمار، بالإضافة إلى جملة مقترحات يمكن تطبيقها دون البحث عن الديون.

وقال إنه يجب الاتجاه التدريجي لتخفيض الديون على اعتبار أن "التدين المستدام مخيف ومضر بالاقتصاد".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الرئیس التونسی البنک المرکزی الدولة بشکل محافظ البنک بشکل مباشر إلى أن

إقرأ أيضاً:

عوائد اقتصادية.. مشروع الغابات الشجرية ضمن رؤية الدولة لحماية البيئة ويعزز الدخل القومي

 تولى الدولة ملف الغابات الشجرية والتشجير اهتماماً خاصاً؛ للاستفادة منها كـ«منقى طبيعى للهواء»، ولقدرتها على امتصاص الغازات الضارة، وإنتاج الأكسجين، إلى جانب استغلال العوائد الاقتصادية الناتجة عنها، من خلال تصدير الأخشاب والزيوت الصادرة عن الأشجار والنباتات العطرية والزيتية، حيث تصدر الحكومة قرارات مهمة بشأن تخصيص قطع أراضى الدولة لزراعة الغابات الشجرية من حين لآخر داخل المحافظات.

  رئيس «الإرشاد الزراعى»: «منقّى طبيعى للهواء» لقدرتها على امتصاص الغازات الضارة ويمكن استغلالها فى تصدير الأخشاب والزيوت

وقال الدكتور علاء عزوز، رئيس قطاع الإرشاد الزراعى، إن إنشاء الغابات الشجرية فى مصر مشروع قومى ضمن رؤية الدولة لحماية البيئة من التلوث، مؤكداً أن المشروع يستهدف التخلُّص الآمن لمياه الصرف الصحى على مستوى الجمهورية واستغلالها فى إنتاج هذه الغابات بزراعة الأشجار الخشبية المختلفة بها؛ للاستفادة من مياه الصرف الصحى المعالجة، بالإضافة إلى الحد من التلوث الناجم عن الغازات الضارة، ومنها غاز ثانى أكسيد الكربون.

وأوضح «عزوز»، لـ«الوطن»، أن هناك عدداً كبيراً من الأهداف الرئيسية وراء اهتمام الدولة خلال السنوات الأخيرة بملف زراعة الغابات الشجرية، وتتمثل فى إنشاء الغابات الشجرية التى تروى بمياه الصرف الصحى المعالج لإعادة استخدام تلك المياه لزراعة وإنتاج الأشجار الخشبية طبقاً للكود المصرى، بالإضافة إلى حماية البيئة من التلوث، من خلال التوسع فى تشجير المدن والقرى الرئيسية المجاورة للمحطات المعالجة.

وأضاف: «الغابات الشجرية تفتح المجال لخلق فرص عمل جديدة للشباب، والإسهام فى القضاء على مشكلة البطالة، وخلق الاستقرار داخل المجتمع، بجانب دورها الرئيسى فى ترشيد استهلاك المياه العذبة، وتحسين مناخ المنطقة، وهى عامل رئيسى لجذب الطيور المهاجرة النادرة، وأخيراً استغلال الأراضى الهامشية». وأشار إلى أن هناك 31 غابة شجرية تابعة لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى داخل 15 محافظة، وهى: «الجيزة - بنى سويف - أسيوط - سوهاج - قنا - الأقصر - البحر الأحمر - أسوان - الدقهلية - الإسماعيلية - البحيرة - مرسى مطروح - شمال سيناء - جنوب سيناء - الوادى الجديد».

وأوضح رئيس قطاع الإرشاد الزراعى أن هناك عائداً اقتصادياً يعود من زراعة الغابات الشجرية، إذ تتيح زراعتها إنتاج وتوفير الأخشاب، والعمل على سد الفجوة الناتجة عن نقص الأخشاب الطبيعية المحلية، والحد من الاستيراد وتوفير العملة الصعبة، بالإضافة إلى إنشاء المسطحات الخضراء داخل المدن الرئيسية، واعتماد المسطحات الخضراء داخل المدن الجديدة، إلى جانب تعظيم الدخل القومى بما تضيفه زراعة هذه الأشجار الخشبية من قيمة اقتصادية.

كما أشار «عزوز» إلى العائد البيئى الناتج عن زراعة الغابات الشجرية فى مصر، حيث يسهم فى الاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحى المعالجة، التى لا تُستخدم إلا فى رى الأشجار الخشبية أو المنتجة للوقود الحيوى، والعمل على الحد من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، بالإضافة إلى الارتقاء بمنظومة التنوع الحيوى، والترويج لإنشاء السياحة البيئية بتنظيم زيارات سياحية على كل من المحورين المحلى والدولى.

وأكد أن هناك عائداً اجتماعياً يعود من خلال زراعة الغابات والأشجار، والتى تشمل توفير فرص عمل للشباب فى المجتمعات والقرى المتاخمة لمواقع تلك الغابات، من خلال الإسهام فى الأنشطة الاقتصادية لمنتجات الغابات من الأخشاب والزيوت والمنتج الثانوى من الراتنجات والفينولات، علاوة على رفع مستوى المعيشة للسكان المحليين بالمناطق المجاورة لمواقع الغابات بالمناطق الصحراوية، والذى يحد من التكدس السكانى بمناطق الوادى والدلتا.

ونوه رئيس قطاع الإرشاد الزراعى بأن خطة زراعة الغابات الشجرية تستهدف إنشاء مصدات للرياح فى المدن الجديدة، وتقليل استيراد الأخشاب، وتوفير العملة الصعبة، وتثبيت الكثبان الرملية فى المناطق الصحراوية، بالإضافة إلى التخفيف من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، مشيراً إلى خطة رفع كفاءة الغابات الشجرية، حيث جرى العمل على تزويد غابات سرابيوم بالإسماعيلية، والغردقة بالبحر الأحمر، وجمصة بالدقهلية.

كما أشار «عزوز» إلى أنه مع التزايد المستمر لكميات مياه الصرف الصحى، التى يتم معالجتها، وتوالى إنشاء محطات المعالجة فى سائر أنحاء الجمهورية خلال سنوات الخطة، جاء الاهتمام بزراعة مزيد من الغابات الشجرية والأحزمة الخضراء حول الطريق الدائرى للقاهرة الكبرى ومع الطرق المتقاطعة وحول المدن الصناعية والجديدة، حيث إن البرنامج الوطنى للاستخدام الآمن لمياه الصرف الصحى المعالجة فى زراعة الغابات الشجرية يؤدى إلى حل المشكلة البيئية لتراكم مياه الصرف الصحى، ويسهم فى تقليل حدة تلوث الهواء والتربة كأحد عناصر تلطيف وتحسين المناخ.

مقالات مشابهة

  • المال مقابل المغادرة.. مقترح قانون يفتح ملف هجرة الكفاءات في تونس
  • بهجت العبيدي: بيان البنك المركزي يؤكد الدور الحيوي للمصريين بالخارج في الاقتصاد المصري
  • 100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام تحويلات الخارج
  • البنك المركزي: 20.8 مليار دولار حجم تحويلات المصريين من الخارج في 9 أشهر
  • عاجل| البنك المركزي: تحويلات العاملين بالخارج تصل إلى 20.8 مليار دولار بنهاية سبتمبر الماضي
  • تصاعد الحرب في أوكرانيا: هجوم صاروخي روسي يثير مخاوف عالمية
  • عوائد اقتصادية.. مشروع الغابات الشجرية ضمن رؤية الدولة لحماية البيئة ويعزز الدخل القومي
  • أكثر من (894)مليون دولار مبيعات البنك المركزي لمصارف الفساد خلال الأيام الثلاثة الماضية
  • الخراز: تأخير إعلان نتائج الانتخابات البلدية يثير مخاوف من التزوير
  • البنك المركزي العراقي 77 عاما في مسيرة التحديات والاصلاحات