أولاد "السندويك"
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
بدر بن خميس الظفري
حكى لي صاحبي يومًا أن أباه كلفه مرة أن "يطلع" النخلة لكي "يخرف" الرطب ليُغطي حاجة العائلة من هذه الفاكهة الصحية المُرتبطة بالثقافة الغذائية العمانية، إلا أنَّ صاحبي وبعد صموده لدقائق في قمة النخلة، بدأت أعراض التأفف تتصبب من فمه وآهات التذمر تتقاطر من شفته، وعندما أحس أنَّ رجليه بدأتا ترقصان وترجفان سأل أباه أن ينزل من النخلة لأنه لا يستطيع أن يكمل "الخرافة"، فرفع "الشيبة" رأسه ناظرًا إلى ابنه الشاب وهزَّ رأسه المتحسر على ما يسمع وقالها بغضب: "هيه هيه.
لم أستطع أن أتمالك نفسي فضحكت على تلك العبارة واستوطنت ذاكرتي ولم تُغادرها، بل وأصبحت أرددها في كل محطة أرى فيها موقفاً يُبين تخلف قدرات شبابنا الجسدية عمَّا كانت عليه زمن الآباء والأجداد، ولعلكم قد سمعتم- كما أسمع دائمًا- شكوى كبار السن من الرجال والنساء من ضعف حالة أبنائهم وبناتهم الجسدية، وكثيرا ما يروون لنا قصص التحسر على أيامهم الخوالي وكيف كان الواحد منهم يحمل الأوزان الثقيلة من (جرابات السح) أو (جواني العيش) أو (الدعون) أو (جوس النخل) ولسان حالهم يقول: ألا ليت الشباب يعود يومًا.. فأخبره بما فعل المشيب.
والحقيقة التي قد نتفق عليها جميعًا أن (السندويك) هو سبب من الأسباب التي أدت إلى الواقع الصحي للشباب اليوم، ولكنه ليس هو السبب الوحيد، فهناك العديد من الأسباب التي اصطلح على تسميتها اليوم بـ(العادات الصحية) وهذه قد توصف بأنها سليمة أو سيئة، ودعنا نتتبع عاداتنا الصحية بتسلسل زمني يبدأ من منابع الطفولة حتى الشباب.
إنَّ الدراسات الطبية والبحوث العلمية تتزاحم لتنشر في الدوريات والمجلات إثباتات تؤكد أن الرضاعة الطبيعية من ثدي الأم خلال السنتين الأوليين من الطفولة هو الغذاء الصحي الوحيد الذي يعوض الطفل عن كل العناصر الغذائية التي يحتاجها في هذه المرحلة، ولا تقتصر الفائدة على الغذاء فحسب؛ بل إن علماء النفس يؤكدون أنَّ إرضاع الطفل عن طريق الثدي له آثار نفسية بالغة الإيجابية على شخصيته عندما يكبر، وأن كثيرا من الاضطرابات النفسية التي قد تظهر في شخصية الشاب أو الفتاة يعود إلى عدم تلقيه رعاية كافية خلال فترة الرضاعة، وقرآننا الكريم مازال ينفخ في آذان الأمهات منذ أربعة عشر قرنًا "وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ"، وبالرغم من كل هذه الصرخات فإننا نجد قارورة الحليب الاصطناعي تلتصق بفم الرضيع لا تُغادره، ونجد الأم الحنون تصعر خدها لتلك النداءات المُتزاحمة، مدعية أنها لا تجد وقتًا لإرضاع طفلها.
وفي مرحلة مُتقدمة يبدأ الطفل عادات غذائية سيئة وذلك بالإدمان على الشراء من (الدكان)، (الآيسكريم والمينو والعلوك والتشكليت والكافي)!! كلها مسميات مألوفة لأغذية دكانية يتلَّهف عليها أطفالنا وبضوء أخضر من والديهم، بدعوى تدليل الطفل ومنحه ما يُريد وعدم حرمانه من المصروف اليومي، كل ذلك على حساب الغذاء الصحي الذي يُعد في المنزل ولا يلتفت إليه الطفل لأنَّ معدته الصغيرة قد امتلأت بما يطفئ شبعه ويفقر صحته وقوته (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته) !!
وعندما يشتد العود ويبلغ الطفل مرحلة الشباب، تبدأ المغريات الرجولية تتراقص بين عينيه، فسيجارة وشيشة لا معنى للرجولة بدونهما، وإن لم يتوفر هذان المصدران فأخوهما (البوري) يوفي غرضهما، والسيجارة الإلكترونية تفرض نفسها بديلا لكل منهما، ولن أكلف نفسي في تبيان دمار الغزو الدخاني (السجائري والشيشي والبوري) على صحة الجسم، فيكفي أن تقرأ ذلك الإعلان الصغير والخطير المكتوب على صندوق سيجار ملقى على جنبات الطريق: "تحذير صحي: التدخين سبب رئيسي لسرطان وأمراض الرئة وأمراض القلب والشرايين"، ولقد تفكرت طويلا محاولاً أن أجد للمدخن عذرا يتحجج به عند ربه الذي قال: (ويحل لهم الطيبات ويُحرم عليهم الخبائث) فلم أجد، فمال يُهدر، وصحة تُدمر، وجمال يُحتقرُ، ومُجتمع يهرُبُ من المُدخن ويزفر !!
والسندويك عادة لا يؤكلُ وحيدا، فلا بُد من وجود سائل يسهلُ وصوله حتى يصل إلى مصنع هضم الغذاء، والمشروبُ عادة لا يربو نفعًا عن المأكول، فمشروبٌ غازيٌ فواحٌ أخضر أو أسود أو أصفر يُعطي شاربه طعم المزمزة والنعنشة التي تروج لها شاشاتنا المصغرة، وليس هذا فحسب بل هناك حجم للطفل الصغير وآخر للشاب الكبير وعبوة عائلية ضخمة تستدعى بعد وجبة غداء أو عشاء وفير (فثلثٌ لطعامه وثلثٌ لشرابه وثلثٌ لِنَفَسِهِ) !!
ودعني لا أغفل هنا عن (الداغوص) و(المايونيز) و(الكاتشب)، فهذه المُكملات السندويكية لا بُد أن تكون حاضرة على مائدة السندويك لكي تقضي على بعض الفوائد الفقيرة للسندويك، فالخلطةُ البيضاء والحمراء تتفاعلُ مع بعضها البعض لتعطي طعما رائعا لا يعرفه إلا أولاد السندويك!
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
سلامة الغذاء تكثف حملاتها التفتيشية على المنشآت الغذائية في المحافظات
أعلنت الهئية القومية لسلامة الغذاء برئاسة الدكتور طارق الهوبي عن تنفيذ سلسلة من الحملات التفتيشية الموسعة على المنشآت الغذائية في العديد من المحافظات خلال الأسبوعين الماضيين، حيث تم تنفيذ 15 حملة تفتيشية في محافظة الغربية، حيث تم المرور على 100 منشأة غذائية، وأسفرت الحملة عن ضبط نصف طن من زيت الطعام منتهي الصلاحية، و15 ألف عبوة حلوى مجهولة المصدر، بالإضافة إلى 300 كجم من الرنجة غير الصالحة للاستهلاك الآدمي.
وفي محافظة الدقهلية، نفذت الهيئة 23 حملة تفتيشية، وتم خلالها إعدام 178 كجم من المواد الغذائية الفاسدة. كما تم المرور على 113 منشأة غذائية في مراكز مختلفة بالمحافظة مثل ميت غمر والسنبلاوين والمنصورة.
وأظهرت الحملات التفتيشية في سوهاج ضبط كميات من المواد المنتهية الصلاحية في 8 حملات تفتيشية على 27 منشأة غذائية، مع التنبيه على المنشآت غير المسجلة بضرورة استكمال إجراءات التراخيص.
وفي محافظة أسوان، تم تنفيذ 4 حملات تفتيشية على 21 منشأة غذائية، حيث تم توعية أصحاب المنشآت بأهمية الالتزام باشتراطات سلامة الغذاء وضرورة التسجيل بالهيئة القومية لسلامة الغذاء.
وتستمر الهيئة في تنفيذ هذه الحملات بشكل دوري لضمان سلامة المنتجات الغذائية المعروضة في الأسواق، وتعزيز الوعي العام بأهمية اتباع معايير سلامة الغذاء لحماية صحة المستهلكين.
البطاطس تتصدر قائمة الخضراوات المصدرة
أعلنت الهيئة القومية لسلامة الغذاء في تقريرها الأسبوعي الـ12 لعام 2025 عن زيادة ملحوظة في صادرات الأغذية المصرية، حيث تم تصدير نحو 250 ألف طن من المنتجات الغذائية إلى 185 دولة حول العالم في الفترة من 22 مارس إلى 4 أبريل.
وتمثل هذه الصادرات شحنة هامة من الخضراوات والفواكه والمنتجات الزراعية، التي تسهم في تعزيز مكانة مصر كمصدر رئيسي للأغذية في الأسواق الدولية.
وتصدرت البطاطس قائمة الخضراوات المصدرة بـ40 ألف طن، تليها الخضراوات المجمدة بـ10 آلاف طن والفاصوليا بأنواعها بـ8 آلاف طن.
وفيما يتعلق بالفواكه، تصدرت الموالح بـ60 ألف طن، تليها الفراولة بـ18 ألف طن، ثم فواكه أخرى بإجمالي 5 آلاف طن.
وساهمت 1530 شركة مصرية في هذه الصادرات، مما يعكس تنوع المنتجات المصرية وجودتها العالية.
كما مثّلت السعودية أكبر الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية، تليها هولندا وليبيا وروسيا.
وأظهر التقرير أيضًا أن ميناء سفاجا كان الأكثر نشاطًا في تصدير المواد الغذائية بواقع 900 رسالة غذائية، يليه ميناء الإسكندرية بـ820 رسالة، ثم ميناء دمياط بـ710 رسائل.
وقد أصدرت الهيئة 1100 شهادة صحية جديدة خلال هذه الفترة، في إطار النظام الجديد الذي بدأ تطبيقه مع بداية عام 2025، مما يعزز قدرة مصر على الحفاظ على مستوى عالٍ من الجودة والالتزام بالمعايير الدولية.