الـ20: أميركا تواجه «الحرير الصيني» بمشروع كبير للبنية التحتية فـي الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
«الإفريقي» ينضم للمجموعة
نيودلهي ـ وكالات: تدفع الولايات المتحدة، على هامش قمَّة مجموعة العشرين، باتجاه مشروع طموح من شأنه أن يربط الهند وأوروبا من خلال خطوط السكك الحديد والنقل البحري عبر الشرق الأوسط، فيما يُعدُّ مواجهة لـ«طرق الحرير» الصينية الجديدة.
وتمَّ التوقيع على اتفاق مبدئي في نيودلهي، بين الولايات المتحدة والسعودية والإمارات والاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين في مجموعة العشرين، حسبما أفاد صحفيون من قبل نائب مستشار الأمن القومي الأميركي جون فاينر.
وقال فاينر إنَّ الاتفاق يهدف إلى البحث «في (مشروع) للنقل البحري والسكك الحديد سيسمح بتدفُّق التجارة والطاقة والبيانات من هنا في الهند عبر الشرق الأوسط وصولًا إلى أوروبا»، مضيفًا أنَّ «هذا أتى نتيجة أشهر من الدبلوماسية الحذرة… ضِمْن الأطر الثنائية والمتعدِّدة الأطراف».
كذلك، يعتزم الرئيس الأميركي الاستفادة من المساحة الشاغرة التي تركها الرئيس الصيني شي جينبينج، في ظلِّ عدم توجُّهه لحضور قمَّة العشرين في نيودلهي، شأنه في ذلك شأن نظيره الروسي فلاديمير بوتين. وفي هذا الإطار، يريد بايدن أن يُظهر أنَّه «يستعد مع بلدان مجموعة العشرين الأخرى لتحقيق نتائج حقيقية»، على حدِّ تعبير جون فاينر.
من جهته، قال مايكل كوجلمان الخبير في شؤون جنوب آسيا في مركز ويلسون في واشنطن عبر منصَّة «إكس» (تويتر سابقًا)، إنَّه «إذا تحقَّق ذلك، فإنَّه سيغيِّر قواعد اللعبة عبر تعزيز الروابط بين الهند والشرق الأوسط»، مضيفًا أنَّ ذلك «يهدف إلى مواجهة مبادرة الحزام والطريق».
إلى ذلك أصبح الاتحاد الإفريقي رسميًّا عضوًا في مجموعة العشرين بدعوة من رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.
وقال مودي في كلمته الافتتاحية «بموافقة الجميع، أطلب من رئيس الاتحاد الإفريقي أن يأخذ مكانه كعضو دائم في مجموعة العشرين». وقد انتقل رئيس الاتحاد الإفريقي بعد ذلك للجلوس إلى جانب قادة دول مجموعة العشرين.
وقال مودي «بموافقتكم جميعًا، أودُّ أن أدعو رئيس الاتحاد الإفريقي إلى تبوؤ مقعده كعضو دائم في مجموعة العشرين».
وإثر ذلك، توجَّه رئيس جزر القمر غزالي عثماني، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، إلى مودي وعانقه.
ومن المتوقع أن تعزز هذه الخطوة الدَّوْر الذي تؤدِّيه دول الجنوب العالمي، وكانت مثابة طموح لرئيس الوزراء الهندي.
وحتى الآن، فإنَّ التكتل الإقليمي الوحيد العضو في مجموعة العشرين هو الاتحاد الأوروبي والذي يمثله في قمَّة نيودلهي رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية أوروسولا فون دير لاين.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: فی مجموعة العشرین الاتحاد الإفریقی ة العشرین
إقرأ أيضاً:
ترامب وحقبة الشرق الأوسط الجديد
تتردد شائعات حول انسحاب الولايات المتحدة من سوريا منذ سنوات في أجندة الرأي العام الدولي. وفي فبراير الماضي، كشفت تقارير استخباراتية أن واشنطن تعمل هذه المرة على تسريع العملية بشكل جاد. ورغم أن الانسحاب يتم بشكل تدريجي بحجة مخاوف أمنية تتعلق بقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، إلا أن السبب الحقيقي مرتبط مباشرة بالمخاطر والضغوط التي يمارسها الكيان الصهيوني واللوبي اليهودي في أمريكا. فالكيان الصهيوني يخشى من التزام قسد بالاتفاقيات مع حكومة دمشق، ويشعر بقلق بالغ من تزايد نفوذ تركيا، التي تُعتبر الفاعل الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار في سوريا.
أما الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان على دراية بالخطط القذرة، فقد كان مصمما على عدم الانجراف لهذه اللعبة. فاللوبي الصهيوني يسعى إلى تحريك مسلحي «داعش» والميليشيات الشيعية، وتنظيم وحدات حماية الشعب (YPG) والأقليات الدرزية، أو العلوية في المنطقة، لتحويل سوريا إلى «لبنان جديدة»، ثم جر القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) إلى هذه الفوضى. لكن يبدو أن إدارة ترامب تقاوم هذا السيناريو بقوة.
حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع
فعندما أراد ترامب الانسحاب من سوريا في 2019 خلال ولايته الرئاسية الأولى، تمت إعاقة هذه الخطوة من قبل المحافظين الجدد الموالين للكيان الصهيوني، واللوبي اليهودي المؤثرين في الدولة العميقة الأمريكية. وشملت الضغوط على ترامب حججا عدة مفادها، أن الانسحاب سيعود بالنفع على إيران وروسيا، ويعرض أمن الكيان الصهيوني للخطر، بالإضافة إلى مخاطر تدخل تركيا، ضد أي «دولة إرهاب» قد تقام في المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب. في ذلك الوقت، لم يكن ترامب يتمتع بالقوة الكافية لمواجهة هذه الضغوط، فلم يستطع تنفيذ استراتيجية الانسحاب، لكن اليوم، اختفت معظم المبررات التي حالت دون الانسحاب، فقد تم احتواء تهديد «داعش»، وأقامت تركيا توازنا جديدا على الأرض عبر عملياتها العسكرية، كما أصبحت مكاسب إيران وروسيا في سوريا قابلة للتوقع، ولم يتبق سوى عامل واحد، وهو استراتيجيات الكيان الصهيوني المعطلة. حتى الآن، تشكلت خطة «الخروج من سوريا» لصالح ترامب سياسيا داخليا وخارجيا، وقد أضعف ترامب بشكل كبير نفوذ المحافظين الجدد، واللوبي الصهيوني مقارنة بفترته الأولى. كما أن مطالب الكيان الصهيوني المفرطة، يتم تحييدها بفضل الدور المتوازن الذي يلعبه الرئيس أردوغان.
وهكذا، حصل ترامب على الفرصة لتنفيذ خطته الاستراتيجية للانسحاب ليس كـ»تراجع»، بل كإعادة تموضع تتماشى مع الاستراتيجية العالمية الجديدة للولايات المتحدة. لأن «الاستراتيجية الكبرى» لأمريكا تغيرت: فالشرق الأوسط والكيان الصهيوني فقدا أهميتهما السابقة. يعتمد ترامب في سياسة الشرق الأوسط للعصر الجديد على نهج متعدد الأقطاب، لا يقتصر على الكيان الصهيوني فقط، بل يشمل دولا مثل تركيا والسعودية وقطر والإمارات ومصر وحتى إيران. وهذا النهج يمثل مؤشرا واضحا على تراجع تأثير اللوبي اليهودي، الذي ظل يوجه السياسة الخارجية الأمريكية لسنوات طويلة. وإلا، لكانت الولايات المتحدة قد تخلت عن فكرة الانسحاب من سوريا، وعززت وجودها على الأرض لصالح الكيان الصهيوني، ما كان سيؤدي إلى تقسيم البلاد وتفتيتها إلى خمس دويلات فيدرالية على الأقل. لكن ترامب، خلال الاجتماع الذي عُقد في البيت الأبيض في 7 أبريل بحضور رئيس وزراء الكيان الصهيوني نتنياهو، أعلن للعالم أجمع أن تركيا والرئيس أردوغان هما فقط الطرفان المعتمدان في سوريا. كانت هذه الرسالة الواضحة بمثابة رسم لحدود للكيان الصهيوني واللوبي الصهيوني في أمريكا.
ينبغي عدم الاستهانة بخطوات ترامب، ليس فقط في ما يتعلق بالانسحاب من سوريا، بل أيضا في تحسين العلاقات مع إيران بالتنسيق مع تركيا وروسيا. هذه الخطوات حاسمة، وقد تم اتخاذها، رغم الضغوط الشديدة من اللوبي اليهودي الذي لا يزال مؤثرا في السياسة الأمريكية. ولهذا السبب، يتعرض ترامب اليوم لانتقادات حادة من الأوساط الصهيونية والمحافظين الجدد، سواء داخل أمريكا أو خارجها.
المصدر: القدس العربي