كيف أخفى مودي عن قادة مجموعة العشرين قتل واضطهاد المسلمين في الهند؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا للكاتبة الهندية رنا أيوب، تحدثت فيه عن سياسات رئيس الوزراء ناريندرا مودي المعادية للمسلمين.
وقالت أيوب إن مودي (الهندوسي المتطرف) يخفي عن قادة قمة العشرين الحاضرين في الهند اليوم، قتل واضطهاد المسلمين على مدار سنوات، إضافة إلى شيطنتهم في الإعلام الرسمي.
وتاليا الترجمة الكاملة للمقال:
على مدار الأشهر القليلة الماضية، امتلأت اللوحات الإعلانية في مختلف أنحاء الهند، وخاصة في العاصمة نيودلهي، بصور رئيس الوزراء ناريندرا مودي؛ حيث ترحب اللافتات بالمندوبين الدوليين إلى قمة مجموعة العشرين مع عبارة “أم الديمقراطية تستضيف مجموعة العشرين”، وعشية القمة، التي تبدأ اليوم السبت، كتب رئيس الوزراء مقالاً يشير فيه إلى تنوع الديمقراطية الهندية، جاء فيه: “بالنسبة للهند، فإن رئاسة مجموعة العشرين ليست مجرد مسعى دبلوماسي رفيع المستوى، وباعتبار الهند أمًا للديمقراطية، ونموذجًا للتنوع، فقد فتحنا أبواب هذه التجربة أمام العالم”.
وخلال العام الماضي، أشاد مودي عبر زيارته الرسمية للولايات المتحدة والتي حظيت بتغطية إعلامية كبيرة ورحلاته الدولية التي كثر الحديث عنها، بما في ذلك اجتماعات مجموعة السبع، بفضائل الديمقراطية، والأمة العلمانية والشاملة، وعظم من قدر المهاتما غاندي في كل فرصة متاحة، لكن هذا التعظيم هو في الواقع واجهة شيطانية، واجهة للحقيقة القبيحة التي تعيشها الهند في الوقت الحاضر من تعرض الأقليات لهجمات لا هوادة فيها.
اسمحوا لي أن أخبركم ببعض ما حدث في الهند هذا العام وحده، ففي 31 تموز/يوليو الماضي، أطلق الشرطي في شرطة السكك الحديدية، تشيتان كومار سينغ، النار على متن قطار مسافات طويلة، مما أدى في البداية إلى مقتل الضابط الأعلى منه رتبة، ثم شرع في قتل ثلاثة ركاب مسلمين، وبعدما إطلق النار عليهم، وقف بجانب جثة تنزف بغزارة مستحضرًا مودي وحليفه القومي الهندوسي، يوغي أديتياناث، في صراخ قال خلاله: “إذا كنت تريد العيش والتصويت في هندوستان [الهند]، فأنا أقول لك، إما مودي أو يوغي، فقط هذين الشخصين”.
قد يبدو الأمر وكأنه انحراف عن الطبيعة بالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بالواقع اليومي في الهند، ولكن بالنسبة للكثيرين، فهو مجرد تعبير مروع عن واقع جديد في بلد أصبحت كراهية المسلمين فيه هي الطريق السهل للفوز بالانتخابات، و اكتساب الشعبية والقبول في مجتمع يعاني من العيش في حالة الضحية المتخيلة.
كانت فورة إطلاق النار التي أصيب بها سينغ، تنفيسًا عن غضبه ضد المسلمين على خلفية مسيرات الكراهية التي نظمتها المنظمات اليمينية المتطرفة في جميع أنحاء البلاد؛ حيث انطلق العنان لرعبه في غضون أيام من قيام رئيس وزراء ولاية آسام الشمالية الشرقية، هيمانتا بيسوا سارما، بإلقاء اللوم على بائعي الخضار المسلمين في التضخم الحادث في الولاية.
وخلال الأسبوع الأول من شهر آب/أغسطس الماضي، وعلى الجانب الآخر من الاستعدادات لمجموعة العشرين، اندلعت أعمال شغب طائفية في منطقة على بعد ساعة من دلهي، حيث قام حشد من الهندوس بإحراق مسجد، وبينما كان المندوبون الأجانب من جميع أنحاء العالم يسافرون إلى الهند للقاء نظرائهم في الفترة التي سبقت قمة مجموعة العشرين، أصدرت المنظمات القومية الهندوسية اليمينية المتطرفة دعوات لمقاطعة اجتماعية واقتصادية للمسلمين في جورجاون، المدينة التابعة لدلهي.
وعندما لا يتم إعدام المسلمين بتهمة تهريب الأبقار أو أكل لحومها، يُتهم المسلمون بشن حرب ضد نظرائهم الهندوس من خلال مؤامرة خيالية تسمى “جهاد الحب“؛ حيث يُتهم الرجال بإغواء النساء الهندوسيات بالزواج ثم التخلي عنهن.
وفي وقت سابق من هذا العام؛ نُظمت العشرات من المسيرات في جميع أنحاء ولاية ماهاراشترا، حضرها قادة من حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتزعمه مودي، للمطالبة بقوانين ضد الزواج بين الأديان، وبينما كنت أتجول في أنحاء المدينة لتغطية هذه المسيرات وتوثيقها، شهدت نفس العداء تجاه المسلمين الذي شهدتُه في ولاية جوجارات في عام 2002، عندما كان مودي رئيس وزراء الولاية وقُتل أكثر من 800 مسلم تحت مراقبته، وشاهدت في المسيرات أطفالًا صغارًا يرفعون لافتات تطالب بالقضاء على الخونة، وإلزام ”العبادلة” بمقامهم، ويطلبون من الشابات الحذر من الفخ الذي نصبه أصحاب اللحى والطواقي.
لا يتعرض المسلمون في الهند للإذلال في الشوارع فحسب، بل يتم شيطنتهم وتشويه سمعتهم على الشاشة الكبيرة أيضًا، وقد أشاد مودي ودافع في مؤتمراته الانتخابية عن فيلمين تم انتقادهما باعتبارهما معاديين بشدة للإسلام، وهما “ملفات كشمير” و”قصة كيرالا“، حتى أن بعض حكومات الولايات أعفت الأفلام من بعض الضرائب الترفيهية.
في ظل الثقافة المشبعة بالصور التي تصور المسلمين على أنهم خونة مناهضون للهند، ليس من المفاجئ أنه بعد يوم واحد من هبوط الهند على سطح القمر، وجدت البلاد نفسها تشاهد معلمة في ولاية أوتار براديش الشمالية تطلب من تلاميذها أن يتناوبوا على صفع طالب مسلم يبلغ من العمر سبع سنوات أمام الفصل، وفي الفيديو الذي انتشر على نطاق واسع، يقف الصبي هناك، يبكي، ينتظر يدًا تواسيه، منعزلًا في غرفة مليئة بالكراهية واللامبالاة.
وفي نهاية المطاف، قامت الشرطة باحتجاز المعلم بتهمة “جرائم غير معترف بها“، والتي لا يمكن أن تؤدي إلى الاعتقال دون مزيد من الإجراءات القضائية، ومن المثير للجدل أن الشرطة المحلية اتهمت أيضًا الصحفي المسلم محمد الزبير بزعم الكشف عن هوية الطفل من خلال مشاركة الفيديو عبر الإنترنت.
ماذا عن المساءلة؟ خلال زيارة مودي للولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام، شارك في أول مؤتمر صحفي مناسب له، وعندما سُئل عن سجل حقوق الإنسان في الهند، لجأ إلى استخدام كلمة “الديمقراطية” أكثر من اثنتي عشرة مرة في إجابته غير المقنعة، وبعد يوم واحد، تمت الإجابة على سؤاله للعالم؛ حيث تعرضت مراسلة صحيفة وول ستريت جورنال التي طرحت السؤال على رئيس الوزراء للهجوم الوحشي على الإنترنت من قبل اليمين الهندي وفضحها بسبب إسلامها، مما أجبر البيت الأبيض على إصدار بيان تضامن مع الصحفية.
يتحدث مودي لغتين: لغة التحدث ببلاغة وشمولية عن غاندي والديمقراطية تحت أنظار العالم؛ ولغة أخرى من الصمت بينما تنحدر بلاده إلى حكم الأغلبية الهندوسية القومية العنيفة، ولقد تابعتُ عن كثب مودي وأسلوبه السياسي على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، والسمة الأكثر لفتاً للانتباه هي ما يمكن أن نطلق عليه فن التغاضي، ولكن ماذا سيحدث الآن بعد أن يسعى مودي إلى جذب أنظار العالم لتهنئة إنجازات بلاده؟
من خلال استضافة الهند لمجموعة العشرين؛ يقدم رئيس الوزراء نفسه على أنه فيشواجورو (زعيم عالمي)، وتصوره القنوات الإخبارية الرئيسية الجبانة في الهند باعتباره الزعيم الوحيد الذي يملك الحل للأزمة الأوكرانية وغيرها من القضايا العالمية ــ دون التشكيك في عجزه عن إصلاح الاضطرابات المدنية في الهند، وفي أسبوع قمة مجموعة العشرين، وفي الوقت الذي تحتاج الهند فيه إلى إبراز نفسها كدولة ديمقراطية تعددية شاملة، تركز المناقشات الآن على إعادة تسميتها “بهارات”، للتحرر من القيود الاستعمارية، لا شك أن الدافع وراء هذه المناقشة هو رغبة اليمين السياسي في استعادة “المجد الهندوسي” للأمة.
إن الدول الأجنبية التي تؤيد حرب العلاقات العامة الخاطفة التي تصف الهند بأنها أكبر ديمقراطية في العالم بسبب المصالح التجارية والجيوإستراتيجية، أو السذاجة الكسولة؛ متواطئة في التدهور المتسارع للقيم الديمقراطية في الهند، وفي الوقت الحالي، تعاني الدولة المضيفة لقمة مجموعة العشرين من واحدة من أكثر الفترات غير الديمقراطية في تاريخها.
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الهندية الهندوسي المسلمين الهند المسلمين الهندوس صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة مجموعة العشرین رئیس الوزراء فی الهند ا مودی
إقرأ أيضاً:
علماء المسلمين: الصمت الدولي على حرب الإباة ضد الفلسطينيين لم يعد مقبولا
دعا الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل عاجل لوضع حد لحرب الإبادة التي تنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر / تشرين الأول من العام الماضي.
وأوضح الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محمد الصلابي في تصريحات خاصة لـ "عربي21"، أن "المجازر التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني لا يمكنها احتمالها بالنظر إلى وحشيتها وبشاعتها".
وقال: "لقد قارب عدد الشهداء نحو الخمسين ألف شهيد وفاق عدد الجرحى والمصابين المائة ألف، ولم يعد في غزة أي مكان آمن يمكن للفلسطينيين اللجوء إليه، وهو أمر لا يمكن تصديقه في عالم تدعو قواه الرئيسية إلى السلام والاستقرار واحترام حقوق الشعوب في تقرير مصيرها".
وأضاف: "ما لا يمكن تصديقه فعلا أن الشعب الفلسطيني الأعزل المحاصر في قطاع غزة منذ نحو عقدين من الزمن، وهو يواجه حرب إبادة للشهر الخامس عشر على التوالي، هو الآن يواجه جوعا قاتلا بسبب نقص الغذاء، وبردا قاتلا بسبب نقص الغطاء، وهذه جرائم أخرى لا يرتكبها الاحتلال وحلفاؤه ممن يمدونه بالمال والسلاح ويقدمون له الغطاء السياسي والقانوني للاستمرار في هذه الحرب فحسب، وإنما أيضا ترتكبها كل الدول العربية والإسلامية التي تقف عاجزة عن إطعام الفلسطينيين ونجدتهم في هذه الأوقات العصيبة".
وحذّر الصلابي من "أن الاستمرار في هذه الحرب العبثية التي لم تحقق غير الخراب والإبادة ورسخت مظالم أقر بها المجتمع الدولي بحق الفلسطينيين، لا يمكن إلا أن يؤدي إلى مزيد من الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة والعالم".
وقال: "لقد تابع العالم كيف انهار نظام بشار الأسد في ساعات قليلة، وأمسى أثرا بعد عين، بينما لا يزال الشعب الفلسطيني على أرضه يقاوم في مظاهر أقرب إلى الكرامات منها إلى العقل، بالنظر إلى الفارق الكبير بين إمكانيات الاحتلال وأعوانه وبين شعب محاصر لا يملك من أدوات المقاومة غير الإرادة والتمسك بالحق في تقرير المصير.. وانهيار نظام الأسد في سوريا هو مثال لانهيار أنظمة إقليمية أخرى إذا لم تبادر من أجل إنهاء الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، وفق سنن الله سبحانه وتعالى في الانتقام ممن له القدرة على حماية الضعفاء ولكنه يتركهم فريسة سهلة للظالمين ".
وأضاف: "لقد كرم الله ابن آدم، وجعل من هدم الكعبة المشرفة أقل شأنا من قتل النفس البشرية، فكيف بنا ونحن نتابع هذا القتل الهمجي لآلاف الأطفال والنساء والرجال الفلسطينيين على مرأى ومسمع العالم كله، حتى لغدا الموت الفلسطيني بالنسبة لنا جزءا من حياتنا اليومية، وهذا أمر خطير للغاية ويناقض كل الشرائع السماوية والقوانين الإنسانية".
وناشد الصلابي قادة العالمين العربي والإسلامي وأحرار العالم إلى تكثيف جهودهم من أجل وضع حد لحرب الإبادة بحق الشعب الفلسطيني، والضغط على العالم من أجل إنصاف الفلسطينيين وتمكينهم من حقهم في تقرير مصيرهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، وفق تعبيره.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، اليوم الخميس، ارتفاع حصيلة حرب الإبادة الإسرائيلية إلى 45 ألفا و399 قتيلا و107 آلاف و940 مصابا، منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وقالت الوزارة، في بيانها الإحصائي اليومي، إن الجيش الإسرائيلي "ارتكب 3 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 38 شهيدا و137 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية".
وأفادت بـ"ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي إلى 45399 شهيدا و107940 مصابا منذ السابع من أكتوبر للعام 2023".
وأشارت الوزارة إلى وجود عدد من الضحايا تحت ركام المنازل المدمرة وفي الطرقات، لافتة إلى عجز طواقم الدفاع المدني والإسعاف عن الوصول إليهم بسبب الاستهداف الإسرائيلي المتكرر لهم.
وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إبادة جماعية في غزة خلّفت إضافة إلى الشهداء والجرحى، ما يزيد عن 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة مذكرتي اعتقال أصدرتهما المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
إقرأ أيضا: كاتس من محور صلاح الدين: سنسيطر على غزة أمنيا وعسكريا.. ما مصير الصفقة؟