على الرغم من أنَّ حالات الحرائق بكُلِّ أنواعها في سلطنة عُمان قَدْ شهدت انخفاضًا في السنوات الماضية، حيث تراجعت في عام 2019 وبلغت (3864) حالة، وفي عام 2020م (3409) حالة بانخفاض بلغ (455) حالة، وبنسبة 12%.؛ إلَّا أنَّها بدأت في الارتفاع في عام 2021 حيث بلغ إجمالي الحرائق فيه (4057) حالة، واستمرَّ الارتفاع في إجمالي حالات الحرائق في 2022 حيث بلغ 4186 حالة في مختلف محافظات سلطنة عُمان، مسجِّلةً بذلك ارتفاعًا بـ(129) حالة وبنسبة 3% مقارنة بعام 2021م.

ومن حيث مجالات الحرائق فقَدْ توزَّعت على حرائق المنشآت السكنيَّة (1345) حالة، وحرائق المَرْكبات (917) حالة، وحرائق المخلَّفات الزراعيَّة والمزارع (408) حالة، وحرائق المنشآت الصناعيَّة (41) حالة؛ وأمَّا من حيث توزيع هذه الحرائق على محافظات سلطنة عُمان فقَدْ تصدرت محافظة مسقط القائمة بعدد حالات بلغت (1307) حالة، تليها محافظة شمال الباطنة بـ(949) حالة، في حين كانت محافظة الوسطى أقلَّ المحافظات في عدد الحرائق بواقع (38) حالة.
ومع ما قَدْ يُثار من تساؤل حَوْلَ ما تظهره المؤشِّرات من تصدُّر المنشآت السكنيَّة لأعداد حالات الحرائق، وأنَّ المنشآت الصناعيَّة الأقلَّ في أعداد الحرائق، فإنَّ الإجابة عن ذلك في ظلِّ الإحصائيَّات المشار إليها، يرجع إلى أنَّ حديثنا عن المناطق الصناعيَّة في حدودها المكانيَّة والجغرافيَّة التي تضمم في المنشآت الصناعيَّة والتجاريَّة، والسكنيَّة ممثَّلة في مساكن العمَّال الثابتة وغير الثابتة والتي قَدْ يقطنها الآلاف من العمَّال الوافدين أو غيرهم المشتغلين في هذه المناطق، حيث يتزاحم فيها العدد الكبير من العمَّال، وفي مناطق قَدْ لا تراعي درجات الأمان والسَّلامة والنَّظافة أحيانًا لوجود هذه التراكمات بشكلٍ يومي، والاستخدام غير المتقن للأجهزة الكهربائيَّة وأجهزة الطبخ، أو عدم تقيُّد القائمين على هذه المنشآت والمباني باشتراطات الأمن والسَّلامة ـ رغم جهود المؤسَّسات المعنيَّة في الأمْرِ ـ من حيث توافر طفايات الحريق وجرس الإنذار وكاشف الدخان وأجهزة الاستشعار عن بُعد للكشف عن حالات الخلل في توصيلات الكهرباء أو تسريب للغاز، والتساهل وعدم المبالاة من الأيدي الوافدة أحيانًا، في اتباع إجراءات السَّلامة العامَّة من الحرائق، سواء على مستوى الأفراد العاملين في المناطق الصناعيَّة، وضعف مستوى الصيانة والمتابعة الدَّوريَّة لها، الأمْرُ الذي يترتب عليه حدوث هذه الحرائق.
وبالتَّالي التوقُّعات باتِّساع حالات الحرائق في ظلِّ عدم كفاية البيانات الدقيقة والعميقة التي يُمكِن استقراؤها من خلال المتغيِّرات التي تشخِّص هذه الحالات، بالإضافة إلى مشكلات تخطيطيَّة وتنظيميَّة في المناطق الصناعيَّة القديمة، ذلك أنَّ الصناعيَّات القديمة ما زالت تعاني من العديد من التحدِّيات والمشكلات، على عكس المناطق الصناعيَّة الجديدة التي تمَّت فيها مراجعة الكثير من الأمور المرتبطة بأنظمة الأمن والسَّلامة، وانسيابيَّة الحركة، والمخارج والمداخل، وأجهزة الكشف عن الدخان، وتوصيلات الغاز والمولدات الكهربائيَّة وغيرها من الأمور، وهذا يُمكِن إسقاطه على محافظة مسقط التي شهدت أكثر الحرائق، والتي قَدْ يكُونُ المُبرِّر فيها وجود هذه الصناعيَّات القديمة، مِثل صناعيَّات المعبيلة وصناعيَّة الوادي الكبير وغيرها، بَيْنَما قَدْ يقلُّ عدد الحرائق في منطقة سندان الصناعيَّة نظرًا لفرص التنظيم والتخطيط وفق مواصفات عالميَّة تراعي توافر اشتراطات الأمن والسَّلامة التي تتميز بها وتبنِّي أدوات حديثة في معالجة المخلَّفات الصناعيَّة وإبعادها عن أماكن الخطر أو اشتراط وجودها وفق إجراءات أكثر التزامًا بتوفيرها من قِبل المستخدمين لها من الأفراد والشركات والمؤسَّسات، هذا الأمْرُ قَدْ ينطبق أيضًا على المنطقة الاقتصاديَّة الخاصَّة بالدقم، إذ إنَّ محافظة الوسطى حسب ما تشير إليها الإحصائيَّات أقلُّ المحافظات تعرُّضًا لهذه الحرائق رغم أنَّها تضمُّ أضخم وأكبر منطقة اقتصاديَّة في سلطنة عُمان، وتحوي على موانئ ومنشآت اقتصاديَّة وصناعيَّة كبيرة جدًّا. ولعلَّ ذلك يرجع إلى فضل التنظيم والتخطيط ومعايير الأمن والسَّلامة وغيرها من الاعتبارات التي تمَّ الأخذ بها في تأسيس هذه المنطقة الاقتصاديَّة لضمان استقطاب المستثمرين العالَميِّين وتوفير بيئة أعمال جاذبة.
إنَّ الحدَّ من انتشار حوادث الحرائق عامَّة وحرائق الصناعيَّات والمنشآت الصناعيَّة خاصَّة يؤكِّد أنَّ الرهان الأكبر اليوم في الثقافة الوقائيَّة، وترسيخ قواعد وأُسس التعامل مع الأجهزة الكهربائيَّة وغيرها ذات الصِّلة بالحرائق، والتقيُّد باشتراطات الأمن والسَّلامة التي تتنوع بحسب طبيعة هذه المنشآت والظروف التي تؤدِّي إلى اشتعال الحرائق فيها، وهي جميعها تشترك في موجِّهات ومرتكزات واضحة، من حيث توفير وتبنِّي مبادرات توعويَّة وإعلاميَّة تتشارك فيها كُلُّ قِطاعات الدولة المعنيَّة بما يضْمن مساعدة الفرد والمُجتمع والمؤسَّسات والمُجتمع الوظيفي والعمَّال على اتِّخاذ تدابير وقائيَّة وإجراءات احترافيَّة للحدِّ من الحرائق، وأن توجَّه برامج الإخلاء وغيرها إلى طلبة المدارس، والعمَّال في المصانع، وأولياء الأمور والأُسر في المنازل، وبيئات العمل، والشركات وغيرها، وضمان التوسُّع في هذه البرامج التوعويَّة والتثقيفيَّة وعَبْرَ توظيف الوسائط الإعلاميَّة ومنصَّات التواصل الاجتماعي، والتنويع في البرامج المرئيَّة والمسموعة والمقروءة، ووسائط التيك توك واليوتيوب وبرامج المحاكاة التي تقدِّم صورة متكاملة تتيح لمختلف فئات المُجتمع التعلُّم مِنها في آليَّة التصرُّف مع الحرائق.
ومع الإشادة بالجهود التي تقوم بها هيئة الدفاع المدني والإسعاف على المستوى المركزي والقيادات الجغرافيَّة بالمحافظات وجهود شُرطة عُمان السُّلطانيَّة والجهات المعنيَّة المساندة، التي لَنْ تألوَ جهدًا في التعامل مع حالات الحرائق بكُلِّ مهنيَّة واحترافيَّة، إلَّا أنَّنا نؤكِّد أنَّ التوسُّع الحاصل في الصناعيَّات والمنشآت الصناعيَّة والتجاريَّة وسكنات العمَّال، وانتشار المناطق الصناعيَّة في مختلف ولايات سلطنة عُمان ـ الأمْرُ الذي يُمكِن أن يتَّخذَ كمبرّر لارتفاع الحرائق ـ يُلقي اليوم بمسؤوليَّاته على الجميع ـ أفرادًا ومؤسَّسات ومُجتمعًا ـ بكُلِّ شرائحه في الوقوف على التجاوزات الحاصلة في هذا الشَّأن والتي كانت سببًا في حدوث حالات الحرائق، بوضع التعليمات الواردة من الهيئة والاشتراطات محلَّ تقدير واهتمام ومتابعة وتنفيذ لها في واقع الممارسة، بما يؤكِّد في الوقت نَفْسِه أهمِّية اتِّخاذ التدابير الوقائيَّة والعلاجيَّة في رفع مستوى الثقافة الوقائيَّة والجاهزيَّة المؤسَّسيَّة في التعامل مع الحرائق، سواء على مستوى الوعي المُجتمعي وترسيخ مهارات الإخلاء والتعامل مع الحرائق واستخدام طفايات الحريق، وغيرها ممَّا يُعزِّز وعي المُجتمع بمخاطر الحرائق وتداعياتها السلبيَّة على حياة الأرواح والممتلكات، ومع تنوُّع الخيارات والبدائل التي يُمكِن الإشارة إليها، سواء ما يتعلَّق بالفرد من حيث تعليمه وتدريبه وصقل مهاراته، أو المنشأة من حيث عمليَّات التخزين والتنظيم والمتابعة، أو المبنى الصناعي أو التجاري أو السكني والتزامه بمعايير الحماية المَدنيَّة، واستخدام الأدوات ذات الجودة المناسبة والعالية التي تحافظ على درجة استخدام هذه الأدوات، مع مراقبة التجاوزات الحاصلة في توصيلات الكهرباء وزيادة الأثقال والأحمال على الكهرباء أو عدم التصرُّف الصحيح والآمن مع المخلَّفات الصناعيَّة وغيرها ممَّا يصعب حصره أو استقصاؤه.
أخيرًا ومع تعدُّد الحلول وتنوُّع الخيارات للحدِّ من الحرائق في المناطق الصناعيَّة، والتي ـ أشرنا سلفًا إلى بعضها ـ نختم مقالنا بمقترحَيْنِ في الحدِّ من حرائق المناطق الصناعيَّة في محافظة مسقط، وهما:
ـ أهمِّية إعادة تقييم وجود المناطق الصناعيَّة القديمة في ظلِّ وضعها الحالي، وهنا أشير بوضوح إلى صناعيَّة المعبيلة وصناعيَّة الوادي الكبير في محافظة مسقط مع الاستفادة من الاستراتيجيَّة العمرانيَّة، والتي تعاني اليوم بسبب غياب التخطيط السَّليم لها، وتنوُّع الأنشطة التجاريَّة والصناعيَّة التي تضمُّها، وكثرة الأيدي العاملة الوافدة بها، والتي قَدْ لا تستوعبها المباني الداخليَّة في هذه الصناعيَّات، يطرح اليوم البحث عن خيار التطوير وإعادة التأهيل لهذه الصناعيَّات، ورفع درجة الأمن والسَّلامة فيها، وضمان الحدِّ من مسبِّبات الحرائق عَبْرَ ضبط الممارسات وتقنين السلوك العمَّالي والحدِّ من سكنات العمَّال غير الثابتة، أو كذلك تقديم خدمة توصيل أنابيب الغاز للمناطق الصناعيَّة بما يضْمَن اختفاء عبوَّات الغاز الحاليَّة ـ التي باتت مصدرًا رئيسًا للحرائق ـ وهذا الأمْرُ سيكُونُ له آثاره الإيجابيَّة في تعزيز توجُّه سلطنة عُمان نَحْوَ الحياد الصفري الكربوني، والحدِّ من انبعاثات الغازات والروائح نتيجة المخلَّفات الخطرة، والتي باتت تعانيها المناطق السكنيَّة المحيطة بها، بحيث يأخذ تطوير الصناعيَّات بأفضل الممارسات العالَميَّة في هذا المجال للوصول إلى بيئات صناعيَّة ذكيَّة تستفيد من توظيف التقنية، وهذا من شأنه أيضًا إعادة توزيع الأنشطة الصناعيَّة والتجاريَّة بحسب تقسيمات معيَّنة تراعي تجانس هذه الأنشطة في تقديم خدماتها للجمهور، كما تراعي انسيابيَّة الحركة المروريَّة والتوسُّع في المداخل والمخارج، وإجراءات الإخلاء ونقاط التجمُّعات، وتبنِّي مُجمَّعات إسكان العمَّال خارج الصناعيَّات وتوفير حافلات نقل عامَّة مجهَّزة لإيصالهم إلى المنطقة الصناعيَّة في فترتَي الصباح والمساء.
ـ تعزيزًا للجهود النوعيَّة لشُرطة عُمان السُّلطانيَّة في التوسُّع في خدمات مراكز الدفاع المَدني بالولايات في إطار تعزيز كفاءة القيادات الجغرافيَّة، فإنَّنا نؤكِّد من خلال مقالنا على أهمِّية العمل نَحْوَ إيجاد مركز متكامل للدفاع المدني في المنطقة الصناعيَّة بالمعبيلة وغلا الصناعيَّة والوادي الكبير وغيرها من المناطق الصناعيَّة النشطة والمستحدثة، مزوَّدًا بكافَّة الوسائل والأدوات التي تتيح له التعامل مع طبيعة الحرائق الحاصلة في المنطقة الصناعيَّة، كما يمتلك أدوات رقميَّة حديثة في الاستشعار عن بُعد حَوْلَ وجود حرائق أو تسريب للغاز، وله الصلاحيَّات الكافية بالتنسيق مع الجهات ذات الصِّلة في التعامل مع الممارسات غير السليمة فيما يتعلق بعدم تقيُّد القائمين على المصانع والمراكز التجاريَّة والعمَّال في سكناتهم باشتراطات الأمن والسَّلامة، وعَبْرَ عمليَّات التفتيش الدَّوريَّة والتعامل مع البلاغات العاجلة وغيرها من الأمور ذات الصِّلة، هذا الأمْرُ من شأنه أن يسرِّعَ في عمليَّات الإسعاف والإطفاء والاستجابة الفوريَّة من قِبل مركز الدفاع المدني في ظلِّ الاختناقات المروريَّة الحاصلة في الطُّرق المؤدِّية إلى الصناعيَّات، الأمْرُ الذي قَدْ يؤخِّر من فرص استجابة فِرق الإطفاء في الوقت المناسب.

د.رجب بن علي العويسي
Rajab.2020@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: المناطق الصناعی المنشآت الصناعی محافظة مسقط التعامل مع الحاصلة فی الحرائق فی وغیرها من ة وغیرها الم جتمع الأم ر من حیث ة التی

إقرأ أيضاً:

تحركات مكثفة لوزير الدفاع مع سفراء عرب وأجانب تزامنا مع تطورات عسكرية في اليمن ما الدلالات؟ (تحليل)

تكثفت لقاءات وزير الدفاع في الحكومة اليمنية الفريق الركن محسن الداعري مؤخرا، بشكل لافت، وتمثل ذلك في سلسلة لقاءات أجراها مع سفراء عرب وأجانب، وصلت إلى نحو عشرة لقاءات، خلال أقل من شهر، أغلبها في العاصمة السعودية الرياض، والتي نجملها في البيانات المختصرة نهاية هذه المادة.

 

خلفيات المشهد

 

وبدا واضحا كثافة هذه اللقاءات في الوقت الذي يشهد فيه اليمن تطورات عديدة، أبرزها الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن، مستهدفة السفن المحسوبة على إسرائيل، أو المتجهة إلى موانئها، على خلفية الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ نحو عام.

 

وسبق للوزير الداعري إجراء ذات اللقاءات قبل أشهر، مع بدء الحملة العسكرية الجوية للولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا في اليمن ضد جماعة الحوثي، لكنها تعود الآن من جديد، في ظل استمرار تلك الهجمات، ودخول إسرائيل المعركة في اليمن منذ يوليو الماضي، وشنها هجومين منفصلين على ميناء الحديدة.

 

تتزامن هذه اللقاءات مع بدء الاهتمام الخارجي بالحكومة اليمنية، والذي ينبع من تعقيدات العلاقة مع جماعة الحوثي، التي أظهرت مؤخرا تحشيدا عسكريا لافتا، من خلال هجماتها البحرية والجوية، وتمسكها بالخيار العسكري، وهو ما أدى لتعثر خيار السلام، ودفع بالخيار العسكري إلى الواجهة.

 

اقرأ أيضا: ما انعكاس اغتيال حسن نصر الله على اليمن ودلالات عودة هجمات إسرائيل؟

 

كما يأتي مع ملامح الإخفاق للقوات الخارجية – الأمريكية والبريطانية – في الحد من هجمات الحوثيين، وإضعاف قدراتهم، وانحصار عملياتهم العسكرية على استهداف مواقع الحوثيين بعمليات جوية، ولم تتمكن من وقف هجماتهم، بشكل كلي، بل واصل الحوثيون عملياتهم من وقت لآخر.

 

ترافق هذا أيضا مع خطاب لمجلس القيادة الرئاسي على المستوى المحلي والخارجي للمطالبة بدعم القوات التابعة له لحسم المعركة مع الحوثيين، معتبرا أن العمليات الجوية وحدها لا تكفي، وأن الدعم المقدم للجيش التابع له من شأنه التعجيل بحسم المعركة.

 

طبيعة الدول

 

تشير لقاءات وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري مع السفراء العرب والأجانب المنشورة في الإعلام الرسمي، إلى العديد من جوانب الاهتمام والقضايا المطروحة للنقاش.

 

فمن حيث طبيعة تلك الدول تبدو اللقاءات مرتبطة بأبرز الدول المتصلة بالتطورات الراهنة في اليمن، خاصة في الجانب العسكري البحري، كلقاءاته مع سفراء الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، والهند، والصين، وروسيا، وهي الدول التي لها حضور عسكري في البحر الأحمر وخليج عدن.

 

وهناك أيضا دول التقى الداعري مسؤولين فيها، وترتبط باليمن من ناحية التعاون الأقرب، والملفات المفتوحة منذ سنوات، كالسعودية، والإمارات وسلطنة عمان، وهي الدول المتصلة بشكل رئيس في ملف اليمن منذ أكثر من عقد، سواء ملفات الحرب أو السلام.

 

ملفات المباحثات

 

ومن خلال العودة لما كشفه الإعلام الرسمي التابع للحكومة اليمنية عن الملفات التي جرى مناقشتها مع كل سفير، تتضح العديد من القضايا بين الجانبين، وتتباين من دولة لأخرى، لكنها في مجملها لا تخف وجود اهتمام ملفت بما يجري في اليمن.

 

ولعل الدول الأبرز في هذا الحضور هما بريطانيا وفرنسا، إذ التقى الوزير في الثالث والعشرين من سبتمبر بالملحقين العسكريين لدى الدولتين، وناقش معهم التعاون العسكري والأمني، ومكافحة الإرهاب، واستمرار هجمات الحوثيين على السفن التجارية، وخطوط الملاحة الدولية، وطالب الوزير بضرورة دعم قدرات القوات المسلحة اليمنية بما يمكنها من اداء مهامها ومسؤولياتها كشريك فاعل في تحقيق الأمن البحري ومكافحة الإرهاب.

 

اقرأ أيضا: كيف احتفل اليمن واليمنيون بثورة 26 سبتمبر هذا العام وما الدلالات والرسائل؟

 

مهد ذلك اللقاء على مستوى الملحقين العسكريين لعقد اجتماع بالوزير مع سفراء الدولتين في التاسع والعشرين من ذات الشهر، حيث التقى السفيرة البريطانية لدى اليمن عبدة شريف، والسفيرة الفرنسية لدى اليمن كاترين كمون، وتمحورت النقاشات حول تعزيز التعاون الامني والعسكري ومكافحة الإرهاب والأمن البحري، وهجمات جماعة الحوثي، وجدد الوزير المطالبة بدعم القوات اليمنية في مواجهة التهديدات البحرية للحوثيين.

 

المطالبة بدعم القوات اليمنية بدت هي الأخرى كأحد المطالب التي طرحها الوزير وناقشها في لقاءات منفصلة في الثامن والعشرين من سبتمبر مع كلا من القائم بأعمال السفارة الصينية لدى اليمن تشاو تشنغ، والملحق العسكري الياباني لدى اليمن سوشيرو شيمامورا، بالإضافة لمناقشة ملف البحر الأحمر، وتهديدات جماعة الحوثي.

 

وفي لقائه مع السفير الأمريكي ستيفن فاجن عاد وزير الدفاع من جديد لمناقشة ما وصفه بالتساهل مع تهديدات الحوثيين البحرية، معتبرا وقف قدراتها يتمثل في استكمال تحرير اليمن منها، ودعم الجيش التابع للحكومة اليمنية، قائلا أن جميع التشكيلات المسلحة التابعة لوزارته تعمل وفق مستوى عالي لإنهاء انقلاب الحوثيين.

 

بالنسبة للهند فقد ناقش لقاء وزير الدفاع مع السفير الهندي لدى اليمن سهيل خان والملحق العسكري سارابجيت سينغ اهتمامات مشتركة، في مقدمتها التعاون الطبي والأكاديمي، وللتذكير هنا فالهند هي الدولة التي تحضر بقوة في المياه الدولية القريبة من اليمن، وتلعب مؤخرا دورا في ملف الهجمات البحرية.

 

ملفات أخرى بحثها الوزير كالتنسيق العسكري والدفاعي، والتعاون المشترك، والملفات الراهنة، وأجراها مع كل من روسيا، والإمارات العربية المتحدة، وسلطنة عمان، والصين، وجميعها لا تنفصل عن المشهد في اليمن.

 

دلالات وأبعاد

 

هذا التحرك المكثف لوزير الدفاع جاء أيضا في ظل اهتمام ملفت بالقوات المسلحة اليمنية، وتبين هذا من خلال اللقاء الذي جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي محافظ مارب سلطان العراد، ورئيس الحكومة أحمد بن مبارك، ورئيس هيئة الأركان صغير بن عزيز في مارب، وكرس لمناقشة احتياجات القوات المسلحة، وآليات رفع مستوى أدائها وسبل تحسين أوضاع منتسبيها في كافة المجالات، وخرج اللقاء بأهمية توفير الاحتياجات اللازمة للقوات المسلحة في كافة الجوانب المالية والإدارية واللوجستية لتعزيز أدائها وتمكينها من القيام بواجباتها القانونية والدستورية على أكمل وجه.

 

وسبق هذا اللقاء مع قيادات وزارة الدفاع ودوائرها في مارب لقاء آخر موسع برئاسة وزير الدفاع محسن الداعري في عدن في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي، تطرق لقضايا عديدة، وجاء قبيل توجه الداعري إلى الرياض لعقد تلك اللقاءات بالسفراء العرب والأجانب.

 

اقرأ أيضا: عقد على سقوط صنعاء.. تحولات الخارطة في اليمن.. تبدلت الوجوه والانقلاب قائم

 

ويمكن الاستنتاج من مجمل لقاءات الوزير اليمني وجود مؤشرات توحي بخيار عسكري قادم في اليمن، وهو ما يمكن استنباطه من طبيعة الدول المتصلة بملف الأحداث في اليمن كما أسلفنا، والمتزامن مع زخم دولي بات يرى في تهديدات الحوثيين تحديا حقيقيا للملاحة الدولية، والسلام في اليمن، مستفيدا أيضا من الحملة الإسرائيلية المدعومة دوليا ضد الجماعات المحسوبة على إيران في المنطقة، كحزب الله في لبنان، وجماعة الحوثي في اليمن.

 

ويبدو واضحا أن أغلب تلك اللقاءات التي أجراها الوزير انعقدت في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، وهذا يعني وجود تسهيل وتنسيق من قبل السعودية لهذه التحركات، ويبرز الدور الأكبر لها في التحضيرات القادمة، التي لاتزال حتى اللحظة غير بارزة في ملامحها، لكنها تعكس وجود تطورات قادمة.

 

أبرز لقاءات وزير الدفاع في عدن مع سفراء عرب وأجانب:

 

15 أغسطس

لقاء مع نائب وزير الدفاع الروسي تعزيز التعاون الدفاعي

ملفات النقاش: دعم الحكومة وقواتها المسلحة لإنهاء الانقلاب

 

5 سبتمبر

لقاء مع وزير الدولة لشؤون الدفاع الإماراتي

ملفات النقاش: التعاون الدفاعي والشراكة الاستراتيجية

 

23 سبتمبر

لقاء مع السفير الهندي

ملفات النقاش: التعاون في التدريب والتأهيل والجوانب الطبية

 

23 سبتمبر

لقاء مع الملحقين البريطاني والفرنسي

ملفات النقاش: التعاون العسكري والأمني ومكافحة الإرهاب

 

24 سبتمبر

لقاء قائد القوات المشتركة السعودي

ملفات النقاش: دعم القوات المسلحة لتحقيق الأمن والاستقرار

 

26 سبتمبر

لقاء مع السفير الأمريكي

ملفات النقاش: تهديدات الملاحة البحرية ودعم القوات اليمنية

 

28 سبتمبر

لقاء مع القائم بالأعمال الصيني والملحق العسكري الياباني

ملفات النقاش: استهداف السفن وطرق الملاحة الدولية البحرية

 

29 سبتمبر

لقاء مع سفيرتي بريطانيا وفرنسا

ملفات النقاش: تعزيز التعاون الامني والعسكري ومكافحة الإرهاب والأمن البحري

 

30 سبتمبر

لقاء مع سفير سلطنة عمان

ملفات النقاش: تعزيز وتطوير العلاقات الثنائية والتعاون المشترك

 

30 سبتمبر

لقاء مع السفير السعودي

ملفات النقاش: تدخلات برنامج الإعمار


مقالات مشابهة

  • غارات إسرائيليّة على الجنوب.. إليكم المناطق التي استُهدِفَت
  • مدبولي: تخفيف المعاناة عن الحالات التي تحتاج رعاية طبية من صميم عمل الحكومة
  • تحركات مكثفة لوزير الدفاع مع سفراء عرب وأجانب تزامنا مع تطورات عسكرية في اليمن ما الدلالات؟ (تحليل)
  • اقتصادية النواب تطالب محافظي الصعيد بمواجهة مشكلات وأزمات المناطق الصناعية
  • حالة الطقس في مصر: توقعات شاملة لليوم
  • وزير النقل يحدد الجهة الوحيدة المنوط بها تخصيص الأراضي الصناعية في المحافظات
  • حالة الطقس اليوم الاثنين 30 سبتمبر 2024: ارتفاع في درجات الحرارة وتحذيرات من اضطراب الملاحة البحرية
  • مع رياح مثيرة للأتربة.. استمرار هطول الأمطار على أجزاء من المناطق
  • الوزير: سحب الاراضى الصناعية من المستثمرين فى حالة تعدى المُهل الممنوحة لتشغيل الاراضى الصناعية
  • وزير النقل يبحث مع محافظ ومستثمري قنا تحديات المناطق الصناعية وسبل حلها