جريدة الوطن:
2024-07-18@07:11:46 GMT

واشنطن ومحاولة صياغة «اليمين الإسرائيلي»

تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT

واشنطن ومحاولة صياغة «اليمين الإسرائيلي»

يُمكِن أن نُطلقَ على حالة التشنُّج التي تسود من حينٍ لآخر بَيْنَ الإدارة الأميركيَّة وحكومة نتنياهو بأنَّها ليست سوى «سحابة صَيف عابرة». فالخلافات ليست جوهريَّة تمامًا، بقدر ما هي خلافات تتعلق بالرؤية التكتيكيَّة، فضلًا عن الامتعاض الأميركي من الحكومة «الإسرائيليَّة» بتشكيلتها الراهنة.
ومن الأرجح أنَّ التوتُّرات التي سادت بَيْنَ واشنطن وتل أبيب منذ تشكيل حكومة نتنياهو قَبل عام تقريبًا، دار مُعظمها بشأن تركيبة الحكومة «الإسرائيليَّة» التي تضمُّ غلاة المتطرفين من أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة» والحزبَيْنِ الحريدييْنِ (شاس + يهوديت هتوراه)، حين وضعت الحكومة إيَّاها واشنطن أمام إحراجاتٍ دوليَّة جمَّة، من خلال خِطاب تلك القوى والأحزاب المؤتلفة مع نتنياهو وممارسات أبرز رموزها وعلى رأسهم إيتمار بن جفير، الذين تحرَّكوا بسرعة لتوسيع الوجود الاستيطاني التهويدي في الضفَّة الغربيَّة، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينيَّة، وهو ما يحيل فكرة نشوء دولة مستقلَّة هناك شِبْه مستحيلة، أو بالأحرى مُستحيلة على الإطلاق، وفق المشروع الأُمَمي للحلِّ عَبْرَ عنوان «حلّ الدولتيْنِ» الذي تتبنَّاه واشنطن.


إذًا، العلاقة بَيْنَ واشنطن وتل أبيب توتَّرت منذ تشكيل حكومة نتنياهو، وزاد من تأزُّمها تصميم حكومة نتنياهو على الحدِّ من سُلطة السُّلطة القضائيَّة، وخصوصًا المحكمة العُليا، لصالح المزيد من السُّلطات للكنيست والحكومة، ولمجموعات المجانين المتطرِّفين. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، الموصوف بدعْمِه لدولة الاحتلال «الإسرائيلي»، قَدِ امتعض من مشروع التغييرات القضائيَّة والتي حذَّر من إقرارها، والأخذ بها لِمَا لها من انعكاسات سلبيَّة على «إسرائيل» ذاتها. وهو نفس الموقف الذي أعلنته غالبيَّة دوَل الاتِّحاد الأوروبي التي كان أصلًا قَدْ سجَّلت ملاحظاتها وانتقاداتها على حكومة تضمُّ غلاة من المتطرفين من أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة».
أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة» الثلاثة في دولة الاحتلال، وفي سياق محاولاتها لتقديم نَفْسِها للولايات المُتَّحدة ودوَل الاتِّحاد الأوروبي باعتبارها تحظى بشرعيَّة شَعبيَّة، تسعى لتسويق أيديولوجيَّتها في المُجتمع «الإسرائيلي الصهيوني»، وتحاول أن تقدِّم نَفْسَها باعتبارها حاملة للوعد اليهودي و»الحقِّ الإلهي»، لذلك تعمل على نسج تحالفات مع باقي الأوساط في «المُجتمع اليهودي الإسرائيلي»، مِثل الحريديين والعلمانيين، وحتى ألوان اليمين المُتبقية والمحسوبة على المعارضة، وبعض شخصيَّات ما يُسمى بـ»اليسار الصهيوني». أي أنَّها تعمل في حقيقة الأمْرِ على توليد هيمنة بديلة في كيان دولة الاحتلال، بشكلٍ أو بآخر، وهو لا يروق ولا يحظى بالرضا الأميركي.
إنَّ الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة، تعمل على ما أسماه البعض «عقلنة اليمين» في «إسرائيل»، أو إعادة صياغته وفق المقاس الأميركي. لذلك تنشط منظَّمتان أساسيَّتان هما «كيرن تكفا» و»فوروم كهيلت»، في الولايات المُتَّحدة و»إسرائيل» لإعادة صياغة «اليمين الإسرائيلي» بنسقٍ أميركي، وتعمل هاتان المنظَّمتان (وفق معلوماتٍ نشرها موقع عرب 48 الإلكتروني) على تمرير ذلك بطُرق مختلفة، مِثل برامج التعليم، وإصدار كُتُب ودَوْريَّات وأبحاث، وتنظيم مؤتمرات وأيَّام دراسيَّة، ونشر مقالات وتقارير في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى إقامة وتمويل منظَّمات صغيرة أخرى على غرار «المنتدى الإسرائيلي للقانون والحُريَّة» و»الحركة الإسرائيليَّة لحُريَّة التشغيل» وغيرها.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: حکومة نتنیاهو

إقرأ أيضاً:

حكومة نتنياهو تستخلص دروس محاولة اغتيال ترامب وتتجاهل الفشل بـ 7 أكتوبر

بدا ملفتا أن تجتمع حكومة الاحتلال الإسرائيلي في لقاء عاجل لمناقشة حادثة إطلاق النار في ولاية بنسلفانيا ضد المرشح الجمهوري والرئيس السابق دونالد ترامب، وتأجيلها بحث الفشل في 7 أكتوبر.

ودفعت ممارسات حكومة نتنياهو الإسرائيليين، لوصف هذه الخطوة المستعجلة بأنها "خفة ورعونة"، لاسيما وأن الدماء لم تجف بعد على أذن ترامب، وحكومة اليمين تزعم أنها اجتمعت بهدف استخلاص الدروس، رغم أن ذات الحكومة لم تُظهر ذات العجلة في الاجتماعات للتحقيق في إخفاقات هجوم السابع من أكتوبر.

ناحوم بارنياع كبير المحللين السياسيين في صحيفة يديعوت أحرونوت، كشف أن "سكرتير الحكومة قدم أمام الوزراء شريط فيديو يجمع تصريحات ضد نتنياهو، وكان لسان حال الوزراء متوافقا عليه هذه المرة وهم يزعمون أننا جميعا ضحايا، ونتنياهو في القمة، كما تم التوصل إلى اتفاق بشأن اللوم الموجه إلى المستشارة القضائية للحكومة غالي بيهارف ميارا، التي لا توفر الحماية اللازمة للوزراء الذين يواجهون العديد من الهجمات التي تعج بها وسائل الإعلام".

وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن "إطلاق النار على ترامب يعيد الى أذهان الإسرائيليين كيف يلجأ نتنياهو وحكومته للتعبيرات المتطرفة، وتنظيم الاحتجاجات المضادة ضد المدعين العامين والمحاكم، مستندين في ذلك إلى افتراض زائف مفاده أن اليهودي لن يرفع يده ضد رئيس وزراء يهودي، وهذا ادعاء دحضه ييغآل عامير قاتل إسحاق رابين في 1995، مرة واحدة وإلى الأبد؛ مما جعل تكرارها مسألة واردة".



وأشار إلى  أن "حادثة بنسلفانيا تستدعي من الحكومة الاسرائيلية أن تعتمد المساواة أمام القانون، لأنه من المستحيل اعتقال امرأة فلسطينية بزعم أنها تقوم بأعمال شغب عبر الإنترنت، فيما يتم في الوقت ذاته تجاهل امرأة يهودية تخطئ بتعبير مماثل؛ فضلا عن ضرورة وجود قوانين مناسبة تكبح جماح آلة السم التي يبثها نتنياهو ووزراؤه، لأننا أمام مجموعة من المحرضين المحميين بحصانتهم يجلسون ويصرخون ضد الإسرائيليين".

واستعرض الكاتب ما قال إنها "تجارب إسرائيلية عديدة وقعت قبل 20 أو 30 عامًا، أخطرها إيتمار بن غفير وهو مجرم مُدان قبل أن يصيح وزيرا، فيما تم اعتقال زوجته مرة واحدة عندما تظاهرت ضد الحكومة، أما رفيقه بيتسلئيل سموتريش، الذي نجا بأعجوبة من الاعتقال لارتكابه جريمة إرهابية خطيرة، فهو يتأسف لأنهم اعتقلوا امرأة هاجمت وزيرة قضاء من حقبة سابقة؛ في حين أن نتنياهو يُظهر تفهماً كبيراً للكتابات التحريضية التي ينشرها ابنه المنفي في ولاية ميامي، لكنه لا يستطيع تحمل الإهانات التي يتلقاها على الإنترنت؛ حتى آفي ديختر وزير الزراعة يستخدم المفردات التحريضية بدافع طموحه الجنوني لوراثة غالانت".

وأوضح أن "نتنياهو الذي يزعم أن التحريض ضد نتنياهو يفوق 80 مرة ما تعرض له رابين في 1995، يتناسى من كان المحرض آنذاك، وكيف انتهى الأمر بالقتل السياسي، واليوم قد لا يكون من الضروري الخوض في التفاصيل المهينة التي تمارسها الحكومة، التي وافقت خلال دقائق معدودة على تمديد الخدمة لجنود الجيش النظامي، وفي الوقت نفسه إعفاء المتدينين من ذات الخدمة، لذلك قد لا يكون هناك داعي للتحريض ضد هذه الحكومة، فالحقائق المرة تقوم بالمهمة وكفى".

مقالات مشابهة

  • عائلات أسرى الاحتلال لنتنياهو: لا سفر إلى واشنطن قبل إبرام الصفقة
  • لابيد: قوة “إسرائيل” عسكرياً وسياسياً تحطمت.. ونتنياهو فاشل وجبان
  • شغب يصاحب تخليد حكومة إسرائيل حرب غزة 2014
  • الصراع الداخلي في إسرائيل ومستقبل الحرب في غزة
  • حكومة نتنياهو تستخلص دروس محاولة اغتيال ترامب وتتجاهل الفشل بـ 7 أكتوبر
  • محادثات أميركية-إسرائيلية جديدة في واشنطن
  • حكومة نتنياهو تبحث غدا صفقة التبادل وسموتريتش يجدد رفضه لها
  • واشنطن بوست: الجيش الإسرائيلي “منهك حتى النخاع”.. وغزو لبنان فخ لحرب لا تنتهي
  • واشنطن بوست: جيش العدو الصهيوني منهك حتى النخاع.. وغزو لبنان فخ لحرب لا تنتهي
  • رئيس وزراء نيبال الجديد يؤدي اليمين الدستورية