واشنطن ومحاولة صياغة «اليمين الإسرائيلي»
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
يُمكِن أن نُطلقَ على حالة التشنُّج التي تسود من حينٍ لآخر بَيْنَ الإدارة الأميركيَّة وحكومة نتنياهو بأنَّها ليست سوى «سحابة صَيف عابرة». فالخلافات ليست جوهريَّة تمامًا، بقدر ما هي خلافات تتعلق بالرؤية التكتيكيَّة، فضلًا عن الامتعاض الأميركي من الحكومة «الإسرائيليَّة» بتشكيلتها الراهنة.
ومن الأرجح أنَّ التوتُّرات التي سادت بَيْنَ واشنطن وتل أبيب منذ تشكيل حكومة نتنياهو قَبل عام تقريبًا، دار مُعظمها بشأن تركيبة الحكومة «الإسرائيليَّة» التي تضمُّ غلاة المتطرفين من أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة» والحزبَيْنِ الحريدييْنِ (شاس + يهوديت هتوراه)، حين وضعت الحكومة إيَّاها واشنطن أمام إحراجاتٍ دوليَّة جمَّة، من خلال خِطاب تلك القوى والأحزاب المؤتلفة مع نتنياهو وممارسات أبرز رموزها وعلى رأسهم إيتمار بن جفير، الذين تحرَّكوا بسرعة لتوسيع الوجود الاستيطاني التهويدي في الضفَّة الغربيَّة، والاستيلاء على الأراضي الفلسطينيَّة، وهو ما يحيل فكرة نشوء دولة مستقلَّة هناك شِبْه مستحيلة، أو بالأحرى مُستحيلة على الإطلاق، وفق المشروع الأُمَمي للحلِّ عَبْرَ عنوان «حلّ الدولتيْنِ» الذي تتبنَّاه واشنطن.
إذًا، العلاقة بَيْنَ واشنطن وتل أبيب توتَّرت منذ تشكيل حكومة نتنياهو، وزاد من تأزُّمها تصميم حكومة نتنياهو على الحدِّ من سُلطة السُّلطة القضائيَّة، وخصوصًا المحكمة العُليا، لصالح المزيد من السُّلطات للكنيست والحكومة، ولمجموعات المجانين المتطرِّفين. وكان الرئيس الأميركي جو بايدن، الموصوف بدعْمِه لدولة الاحتلال «الإسرائيلي»، قَدِ امتعض من مشروع التغييرات القضائيَّة والتي حذَّر من إقرارها، والأخذ بها لِمَا لها من انعكاسات سلبيَّة على «إسرائيل» ذاتها. وهو نفس الموقف الذي أعلنته غالبيَّة دوَل الاتِّحاد الأوروبي التي كان أصلًا قَدْ سجَّلت ملاحظاتها وانتقاداتها على حكومة تضمُّ غلاة من المتطرفين من أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة».
أحزاب «الصهيونيَّة الدينيَّة» الثلاثة في دولة الاحتلال، وفي سياق محاولاتها لتقديم نَفْسِها للولايات المُتَّحدة ودوَل الاتِّحاد الأوروبي باعتبارها تحظى بشرعيَّة شَعبيَّة، تسعى لتسويق أيديولوجيَّتها في المُجتمع «الإسرائيلي الصهيوني»، وتحاول أن تقدِّم نَفْسَها باعتبارها حاملة للوعد اليهودي و»الحقِّ الإلهي»، لذلك تعمل على نسج تحالفات مع باقي الأوساط في «المُجتمع اليهودي الإسرائيلي»، مِثل الحريديين والعلمانيين، وحتى ألوان اليمين المُتبقية والمحسوبة على المعارضة، وبعض شخصيَّات ما يُسمى بـ»اليسار الصهيوني». أي أنَّها تعمل في حقيقة الأمْرِ على توليد هيمنة بديلة في كيان دولة الاحتلال، بشكلٍ أو بآخر، وهو لا يروق ولا يحظى بالرضا الأميركي.
إنَّ الولايات المُتَّحدة الأميركيَّة، تعمل على ما أسماه البعض «عقلنة اليمين» في «إسرائيل»، أو إعادة صياغته وفق المقاس الأميركي. لذلك تنشط منظَّمتان أساسيَّتان هما «كيرن تكفا» و»فوروم كهيلت»، في الولايات المُتَّحدة و»إسرائيل» لإعادة صياغة «اليمين الإسرائيلي» بنسقٍ أميركي، وتعمل هاتان المنظَّمتان (وفق معلوماتٍ نشرها موقع عرب 48 الإلكتروني) على تمرير ذلك بطُرق مختلفة، مِثل برامج التعليم، وإصدار كُتُب ودَوْريَّات وأبحاث، وتنظيم مؤتمرات وأيَّام دراسيَّة، ونشر مقالات وتقارير في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وصولًا إلى إقامة وتمويل منظَّمات صغيرة أخرى على غرار «المنتدى الإسرائيلي للقانون والحُريَّة» و»الحركة الإسرائيليَّة لحُريَّة التشغيل» وغيرها.
علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: حکومة نتنیاهو
إقرأ أيضاً:
استطلاع: ثلثا الإسرائيليين لا يثقون بإدارة حكومة نتنياهو خلال الحرب على غزة
أظهر استطلاع للرأي العامّ الإسرائيليّ، أن نحو ثلثي الإسرائيليين، لا يثقون بطريقة إدارة حكومة بنيامين نتنياهو ، للبلاد، في ظلّ الحرب على غزة ، وأن أغلبية إسرائيلية ساحقة، تؤيّد تشكيل لجنة تحقيق مستقلّة في فشل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وبحسب استطلاع نشرت نتائجه القناة الإسرائيلية 12، فإن 54% من الإسرائيليين يؤيدون التوصّل لاتفاق ينهي الحرب في لبنان، فيما عارض 24% فقط ذلك، بينما قال 22% من المشاركين في الاستطلاع إنهم "لا يعرفون".
ووفق الاستطلاع، تؤيّد أغلبية كبيرة بلغت 79% من المشاركين في الاستطلاع، تشكيل لجنة تحقيق مستقلّة في أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وما رافقها من فشل إسرائيلي على جميع المستويات، فيما عارض 8% إنشاء لجنة مستقلّة، بينما أجاب 13% بـ"لا أعلم".
وسُئل المشاركون في الاستطلاع عمّا إذا كانوا يثقون في الطريقة التي تدير بها حكومة نتنياهو البلاد، في ظلّ الحرب، ليؤكد 64% أنهم لا يثقون بالحكومة، فيما قال 30% إنهم يثقون بالطريقة التي تدار بها إسرائيل خلال الحرب.
وجاءت النتائج عكسيةبين ناخبي الائتلاف الحكوميّ، إذ قال 61% إنهم يثقون بحكومة نتنياهو، مقابل 30% ذكروا أنهم لا يثقون بها.
وفي ما يتعلق بمسألة الملاءمة لرئاسة الحكومة، حصل نتنياهو على تأييد 38% من المشاركين في الاستطلاع، مقارنة بزعيم المعارضة الإسرائيليّة يائير لبيد، الذي حصل على 28%.
ومقابل رئيس حزب "المعسكر الوطني"، بيني غانتس ، حصل نتنياهو على 37% من الذين رأوا أنه أنسب لشغل المنصب، فيما حصل الأوّل على تأييد 29% من المشاركين في الاستطلاع.
وفي ما يتعلّق بالمقارنة مع رئيس الحكومة الأسبق، نفتالي بينيت، فقد تفوّق الأخير وحظي بنسبة 38% من المشاركين في الاستطلاع، بينما رأى 34% أن نتنياهو هو الأنسب لتولّي المنصب.
وفي السؤال عن أيهما أكثر ملاءمة للمنصب، نتنياهو أم عضو كابينيت الحرب السابق، عضو الكنيست غادي آيزنكوت، فقد تفوق نتنياهو بفارق بسيط إذ تحصّل على تأييد 35% من المشاركين في الاستطلاع، بينما تحصّل آيزنكوت على 33%.
المصدر : وكالة سوا