كيف حصل زلزال المغرب؟ ولماذا كان مدمرا؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
أثار الزلزال الشديد التي ضرب أمس الجمعة ليلا وسط المغرب تساؤلات حول أسباب وقوعه في منطقة لم تشهد في العقود الماضية زلازل قوية، كما أن الخسائر البشرية والمادية الفادحة التي تتكشف تباعا تنبئ عن قوة هذا الزلزال في منطقة مغربية هي بعيدة عن أحزمة الزلازل المعروفة.
ويقول رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب هاني لحسن إن إقليم الحوز (جنوب غربي مدينة مراكش) منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي الضعيف، سواء من حيث العدد أو من حيث القوة، وغالبا لم تتجاوز الزلازل المسجلة في المنطقة 5 درجات على سلم ريختر، وبالتالي فهي ليست مرشحة من الناحية التاريخية لتعرف زلزال بهذا الحجم والقوة.
ويضيف لحسن في تصريح للجزيرة أن العامل الأساسي الذي يحدد القوة التدميرية لأي زلزال هو شدته، ولكن ثمة عاملا ثانيا؛ هو مدى قرب مركز الزلزال من سطح الأرض، وفي حالة زلزال إقليم الحوز فإن عمق الزلزال 8 كيلومترات، وهو مستوى قريب من السطح، ما أسهم في زيادة قوة الزلزال مقارنة بزلازل سابقة وقعت على عمق 30 كيلومترا مثلا.
ويوضح الخبير المغربي أن النشاط الزلزالي في المغرب هو ناتج أساسا عن تصادم الصفائح التكتونية الأفريقية والأوروآسيوية، ويضيف أنه رغم أن إقليم الحوز بعيد عن خط تصادم الصفيحتين، فإن الضغوط التي تمارس على الطبقات الجيولوجية بفعل هذا التصادم تؤدي إلى حدوث زلازل، رغم أن الزلازل العنيفة تحدث عادة عند خط التصادم، ما يدل على أن الطاقة الناتجة عن تصادم الصفيحتين قد امتدت لمئات السنين.
ويقول المتخصص في هندسة الإنشاءات والزلازل في الجامعة الأردنية أنيس شطناوي إن زلزال إقليم الحوز وقع على مسافة تبعد 550 كيلومترا عن حدود الصفائح التكتونية بين الصفيحة الأفريقية والأوروآسيوية، وبالتالي فالزلازل نادرة الوقوع في هذه المنطقة ولكنها تبقى متوقعة.
حركة الصفيحة الأفريقيةويذكر الخبير الأردني أن الصفيحة الأفريقية تتحرك بمقدار 24 مليمترا تجاه الصفيحة الأوروآسيوية، وذلك في حركة مستمرة وبالتالي فثمة حاجة لبعض الوقت حتى تستقر الصفائح التكتونية عقب وقوع الزلزال.
ويضيف شطناوي في نشرة سابقة للجزيرة أنه منذ العام 1900 وقعت 9 زلازل في المغرب تقل قوتها عن 6 درجات، ويقول إن زلزال أمس الجمعة وقع في منطقة ترتفع ألفي متر عن سطح البحر، وفيها فوالق زلزالية متعاكسة وضاغطة وانزلاقية، ولكن من النادر أن تقع في هذه المنطقة زلازل بشكل منتظم.
ووفق شطناوي فإنه من حسن الحظ أن بؤرة زلزال المغرب لم تكن في منطقة سكنية شديدة الكثافة، ولكن التخوف هو من حدوث انزلاقات صخرية جراء وقوع حركة الزلزال في منطقة جبلية، وبالتالي تتسبب في أضرار للمنشآت والطرق.
وينبه الخبير اللبناني في الجيولوجيا والزلازل خليل زين إلى أنه من المعروف في عالم الجيولوجيا أن الطاقة التي تتجمع بين الطبقات الجيولوجية خلال مئات وعشرات السنين قد تتحول إلى زلازل صغيرة أو شديدة، ولو في مناطق غير معروفة بنشاطها الزلزالي.
ويضيف زين في تصريح للجزيرة أن وقوع زلزال المغرب في منطقة جبلية يؤدي إلى وقوع أضرار أكبر، لأن المناطق الجبلية مكونة من فوالق محلية وتشققات وتكسرات، والمعروف أن تشييد أي بناء في منطقة يستلزم تدعيمها أكثر مقارنة بمناطق أخرى غير جبلية بسبب هذه الخصائص الجيولوجية.
التسونامي غير واردويقول رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب هاني لحسن إنه من غير الوارد وقوع موجات التسونامي عقب زلزال الحوز، لأن هذه الكارثة الطبيعية وقعت في اليابسة وسط جبال الأطلس، وليس في عمق المحيط الأطلسي، في حين أن أمواج التسونامي تنتج بالضرورة عند وقوع الزلزال في عمق البحر.
ويوضح المتخصص في هندسة الإنشاءات والزلازل بالجامعة الأردنية أن التسونامي يحدث عندما تكون بؤرة الزلزال في المحيطات العميقة، إذ تنتقل الموجات الزلزالية عبر أمواج البحر إلى الخلجان.
وشدد شطناوي على عدم وجود أي علاقة بين حدوث الزلازل وارتفاع درجات الحرارة، فالزلازل نتيجة لما يجري داخل الطبقات الأرضية ومكوناتها، سواء القشرة (يتراوح عمقها بين 15 و70 كيلومترا)، ثم يليها طبقات الغلاف الصخري أو شبه الصخري، أو في الطبقات السائلة بعمق الأرض.
ويضيف المتحدث نفسه "تقع الزلازل على أعماق مختلفة، وعندما تحدث إلى غاية 70 كيلومترا من العمق نسميها زلازل ضحلة".
التوقع والاستعدادويرى الخبير الأردني أنيس شطناوي أنه يتعين أن يكون لدينا في المنطقة العربية توقع للزلازل، لأننا في منطقة نشطة نسبيا، وبالتالي يجب ان يكون لدينا استعداد وجاهزية بناء على التوقعات الجيولوجية لمناطقنا، واختيار أنظمة البناء الحديثة المقاومة للزلازل.
ويضيف الخبير اللبناني أنه إذا كان لا يعلم على وجه الدقة وقت وقوع الزلازل، فإن الاستعداد البشري لها يجب أن يكون باستمرار، وذكر خليل زين أن بعض الصور المتناقلة عن زلزال المغرب تشير إلى هروب الناس لحظة وقوع الزلزال تفاديا لأجزاء المباني المتساقطة، في حين أن المطلوب هو الاحتماء تحت جنبات الأعمدة وتحت الطاولات، ثم الانتقال فيما بعد إلى مناطق مفتوحة عقب توقف الهزة.
وشدد خبير الجيولوجيا والزلازل على ضرورة وضع خطط وترسيخ ثقافة الزلزال في المغرب والدول العربية ككل، بحيث يكون الاستعداد على 3 مراحل: أولا قبل وقوع الزلزال عبر وضع الخطط وفحص المباني ودعم المنازل المهددة، وثانيا عند وقوع الزلزال، وثالثا بعد الزلزال.
البناء المضاد للزلازلويذكر رئيس مصلحة الرصد الزلزالي في المغرب أن ثمة قانونا للبناء المضاد للزلازل تشرف على تطبيقه منذ سنوات الحكومة، ولكنه مطبق على المجال الحضري فقط، وبالتالي فإن المشكلة هو أنه لا يشمل المناطق القروية، ما يفسر لما معظم المباني المدمرة في الزلزال تقع في مناطق ريفية.
ويضيف المتحدث نفسه أنه ثمة مشروع قانون تعده وزارة إعداد التراب يرمي إلى ضبط البناء في المناطق الريفية، بحيث يلتزم ببعض المعايير المرتبطة بالبناء المقاوم للزلازل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: وقوع الزلزال زلزال المغرب إقلیم الحوز الزلزال فی فی منطقة
إقرأ أيضاً:
خبير يكشف سر الوميض الأبيض خلال زلزال تركيا المدمر
أنقرة (زمان التركية) – تناول حسن سوزبلر، مدير مركز أبحاث الزلزال بجامعة التاسع من يوليو، الوميض الأبيض الذي أضاء سماء مدينة قهرمان مرعش أثناء الزلزال المدمر الذي شهدته تركيا في السادس من فبراير/شباط عام 2023 ووصف بكارثة القرن.
وذكر سوزبلر أنه على الرغم من أن قوة الزلزال كانت 7.7 درجة على مقياس ريختر، فإن شدته كانت حوالي 12 درجة وتغير شكل الأرض أثناء الزلزال وحدثت نبضة جانبية بالمناطق التي يمر بها الصدع.
وأفاد سوزبلر أنهم اكتشفوا نبضات من 2 متر إلى 7 أمتار خلال الفحوصات التي أجروها على الصدع الرئيسي.
وفيما يتعلق بكرات اللهب التي شوهدت من أجزاء كثيرة من المدينة وقت وقوع الزلزال وتلون السماء باللون الأحمر، أوضح سوزبلر أن مثل هذه الأحداث تقع في فئة الأحداث التي تحدث أثناء الزلازل ومباشرة بعد الزلازل.
أوضح قائلا: “تبدأ هذه في توليد الكهرباء عندما نقترب من وقت الزلزال تحت الأرض بسبب الإجهاد الشديد هناك. وتصل تلك المجالات الكهربائية إلى الأرض في شكل تغيير المجال الكهرومغناطيسي الصاعد. وعندما تصل إلى الغلاف الجوي و تواجه الطاقة الكهربائية في الغلاف الجوي، يحدث تفاعل إلكتروني تمامًا مثل ضربة البرق. وبهذه الطريقة نرى شكلًا من أشكال الإشعاع”.
وأضاف سوزبلر أن مثل هذه الأحداث تقع خلال الزلازل التي تزيد قوتها عن 6 درجات على مقياس ريختر قائلا: “يمكننا النظر إلى هذا الحدث على أنه لقاء بين الكهرباء في باطن الأرض والكهرباء في الغلاف الجوي. هذا شيء يصف شدة الزلزال، وهو شيء يحدث عندما تكون الشدة عالية”.
وأكد سوزبلر أن الإشعاعات عادة ما تكون قصيرة العمر غير أنه في بعض الحالات يمكن أن تظل طويلة العمر وأنه يمكن رؤية ومضات اللهب هذه عندما يمكنها الوصول إلى السطح على طول خط الصدع، قائلا: “بالطبع، يختلف الأمر اعتمادًا على حالة النبض هناك، لكننا لاحظنا ذلك في زلزال عام 1999 وفي زلازل أخرى. الحدث وقع نتيجة للضغط الشديد تحت الأرض بالكامل في زلزال عام 2023. لا يحدث في كل زلزال، ولكن بشكل خاص في الزلازل واسعة النطاق”.
Tags: ذكرى زلزال تركيازلزال 6 فبرايرزلزال تركيا