تقرير: خريطة الصين الجديدة تتطلب تحرك الولايات المتحدة
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
أعلنت الصين مؤخراً خريطة جديدة، يقول السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زادة إنها تمثل تصعيداً من جانب بكين، للمزيد من توسيع نطاق إعادة رسم أحادي الجانب لحدودها الدولية، ويرى أنها تمثل خطوة استفزازية غير عادية، كما تنتهك القانون الدولي للبحار.
الصين أصبحت أكثر جرأة في السعي لتحقيق أهدافها
ويقول زادة في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، إن الصين "تزعم بوقاحة" ملكيتها لمياه تبعد آلاف الأميال عن أراضيها، لكنها تقع على طول ساحل الدول الأصغر حجماً.
وهدف بكين في المقام الأول هو الاستحواذ على مزيد من الأراضي والموارد حيث إن بعض هذه المناطق غني بالمواد الهيدروكربونية؛ وهدفها الثاني هو زيادة الضغط على تايوان بالاقتراب أكثر من حدودها؛ والهدف الثالث هو استعراض قوتها بالنسبة للدول المجاورة لها بينما تختبر رد فعل الولايات المتحدة ومدى حسمها.
Washington must not stand idly by as Beijing tries to redraw the world map, warns Zalmay Khalilzad. https://t.co/ta2obuwHq1
— CFTNI (@CFTNI) September 8, 2023ويؤكد زادة أن نشر الخريطة الجديدة يوضح أن الصين أصبحت أكثر جرأة في السعي لتحقيق أهدافها لتغيير التوازن الإقليمي للقوة ومواصلة الهيمنة الإقليمية.
وأعربت دول جنوب شرق آسيا، التي يهددها هذا التصرف الصيني بصورة مباشرة عن غضبها، وردت على ذلك بقوة، حيث أعلنت بعض هذه الدول أنها سوف تتخذ الإجراءات الضرورية للدفاع عن أراضيها. لكن ليس من الواضح ما ستكون عليه تلك الإجراءات، ومن الواضح أن عدم ردها بصورة جماعية على الخريطة الجديدة يشجع الصين على المضي قدماً.
ويقول زادة إن "هذه الخطوة الصينية الأخيرة لها تداعيات خطيرة بالنسبة للولايات المتحدة، وإنه سيكون من الخطأ وصفها بأنها مجرد هراء، فأمريكا، وفقاً للمعاهدات، لديها التزامات تجاه بعض الدول المعرضة للتهديد، بما في ذلك الفلبين. وتعتمد سلسلة الإمدادات الأمريكية بالنسبة للعديد من السلع الاستراتيجية على الوصول السلس إلى المنطقة. ولا يمكن ببساطة أن تسمح أمريكا بتحقيق التوسع التعسفي للقوة الصينية".
وتنتظر دول المنطقة رد فعل الولايات المتحدة وأصبحت أكثر اهتماماً من أي وقت مضى، بمستقبل المزيد من التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة. فالهيمنة الصينية في المنطقة سوف تغير من توازن القوة العالمي وتهدد بصورة مباشرة المصالح القومية الأمريكية الحيوية.
وعقب عودته مؤخرا من جولة في دول جنوب شرق آسيا، أوصى زادة بالإجراءات التالية:
1- ردع التصعيد والعدوان الصيني: ولتحقيق ذلك ستكون هناك حاجة لسد الفجوات بالنسبة لإمكانيات الولايات المتحدة وحلفائها. وينبغي أن تكون المشاركة في تحمل الأعباء سمة لإعادة توازن القوة بالمنطقة. ويتعين على أمريكا أن تتعلم من أخطائها في أوروبا أثناء احتواء الاتحاد السوفيتي السابق. ولا ينبغي أن تتحمل أمريكا قدراً هائلاً غير متناسب من هذه الأعباء.
2- يجب أن تكون معالجة الهوة في بناء السفن أولوية: فأحواض بناء السفن الصينية لديها قدرة تفوق كثيراً أحواض السفن الأمريكية. وبالإضافة إلى ذلك، تقوم الصين ببناء السفن بتكلفة أقل كثيراً من أمريكا. وينبغي توسيع قاعدة الصناعة الأمريكية لإنتاج السفن، والاستفادة من إمكانيات الدول الحليفة.
3- يتعين أن تشمل المشاركة في تحمل الأعباء وحشد الموارد أعمال الصيانة والإصلاح بالنسبة للسفن الأمريكية وسفن الحلفاء لتعود بسرعاة للقيام بمهامها.
4- تعتبر الطائرات الأمريكية وطائرات الحلفاء عرضة للهجوم من جانب الصواريخ الصينية إذا لم تتوفر لها ملاجىء قوية لحمايتها. ويتعين على حلفاء أمريكا تحمل جزء أكبر من هذه الأعباء بالاضطلاع بمزيد من المسؤولية بالنسبة لتقوية هذه الملاجىء في أنحاء المنطقة.
5- يتعين على الولايات المتحدة الاضطلاع بدور الوسيط في الخلافات بين الدول المتشاحنة المتضررة من استفزازات خريطة الصين الجديدة. وتدرك كل دولة من هذه الدول أن الخطوة الصينية تمثل انتهاكاً لحدودها، وسيادتها، وأمنها. ولدى هذه الدول جميعاً مصلحة مشتركة في مواجهة هذا التهديد. ولكن الخلافات الثنائية بينها تعوق قدرتها على التصرف. وهذه فرصة مهمة للولايات المتحدة للتدخل بهدوء كوسيط والعمل من وراء الكواليس للمساعدة في حل هذه الخلافات. ومثل هذه الخطوة الاستراتيجية ستمكن الدول المتضررة من اتباع سياسات تعاونية مشتركة ضد الاستفزازات الصينية.
وقال زادة في ختام تقريره إن "هذه الخطوات ضرورية إذا أرادت الولايات المتحدة تجنب المزيد من الخطوات العدائية من جانب الصين، فالخطر الجغرافي السياسي كبير للغاية. وبدون اتخاذ مثل هذه الإجراءات الجريئة، ربما تواصل الصين تعدياتها وتجاوزاتها. وهناك احتمال واضح أن يؤدي هذا الاتجاه الاستراتيجي إلى صراع إقليمي كبير للغاية. ولذلك يتعين اتخاذ خطوات ملموسة مثل هذه الآن لتجنب حدوث مثل هذا التطور".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الصين أمريكا الولایات المتحدة یتعین على
إقرأ أيضاً:
تحرك تركي عسكري سريع ومكثف في الساحل يباغت الدول المجاورة
وفي وقت تسعى فيه الجزائر لتهدئة التوتر مع جارتيها الجنوبيتين، مالي والنيجر، وتقديم وعود دعم، تمر تركيا إلى السرعة القصوى لتقطع الطريق على التحرك الجزائري، الذي يتسم بالبطء والارتباك، وتقدم دعما مباشرا وسريعا خاصة للدولتين في المجال العسكري كأولوية عاجلة لحماية أمنهما القومي.
وترى تركيا فراغا خلفه انسحاب فرنسا وكذلك الفوضى في تعاطي الروس مع الحكومات الجديدة في منطقة الساحل تحت تأثير الانشغال بالحرب في أوكرانيا، ما يفسح المجال أمام أنقرة من أجل بناء وجود عسكري فعال عبر تدريب وتسليح القوات النيجرية وتزويدها بالمسيّرات التركية مثلما حصل في مالي التي تستعين بالسلاح التركي في مواجهة الجهاديين والانفصاليين.
تصرف تركيا المنفرد بمعزل عن الجزائر، هو ما يثير قلق النظام الجزائري وسط مخاوف من أن دعم أنقرة للنظامين العسكريين في النيجر ومالي سيكون على حساب الجزائر واستقبل وزير الدفاع التركي يشار غولر، الاثنين، نظيره النيجري الفريق ساليفو مودي في العاصمة أنقرة، في مؤشر على زيادة التعاون العسكري بين البلدين وتسريعه واستغلال الفراغ الحالي لجعل تركيا لاعبا دوليا على الحدود مع الجزائر.
ويرى متابعون للوضع في منطقة الساحل والصحراء أن تصرف تركيا المنفرد بمعزل عن الجزائر، التي تعتبر الأتراك حلفاء لها في مناطق أخرى وتقيم معهم علاقات اقتصادية وتجارية متطورة، هو ما يثير قلق النظام الجزائري وسط مخاوف من أن دعم أنقرة للنظامين العسكريين في النيجر ومالي سيكون على حساب الجزائر، وأن أنقرة ستفشل محاولات رأب الصدع مع النيجر التي يقودها المسؤولون الجزائريون.
وكانت الجزائر أرسلت وزير الطاقة والمناجم الجزائري محمد عرقاب إلى نيامي ثم استقبلت رئيس الوزراء النيجري محمد لمين زين ووزير دفاعه الفريق ساليفو موديلا في أغسطس الماضي، لكن لم تظهر نتائج سعي الجزائر لطمأنة النظام الجديد في النيجر، كما لم تتحول وعود الدعم الجزائري إلى مشاريع تساعد البلد الجار على تحقيق الاستقرار.
وعكس البيان الذي أصدرته الوزارة الأولى في الجزائر عقب الزيارة كلاما عاما عن “التنويه بالعلاقات التاريخية” و”تعاون ثنائي يرتقي إلى مراتب أفضل في إطار الآليات الثنائية ومن خلال تبادل الزيارات رفيعة المستوى، من أجل تنفيذ برامج التعاون القائمة واستكمال المشاريع التنموية المشتركة.”
ويشير المتابعون إلى أن الجزائر لم تبادر في السابق بدعم جيرانها أو القيام بمشاريع استثمارية وضخ التمويلات اللازمة لتنفيذها.
وكان يمكن لهذه الخطوات أن تمنح الجزائر ثقة محيطها الإقليمي، لكن التحرك الحالي لطمأنة الجيران والإيحاء بأن الجزائر تريد أن تتعاون معهم أو تساعدهم جاء متأخرا، ويفهم على أنه خطوة اضطرارية ستتوقف في حال تغيرت الظروف، أو نجحت الجزائر في الاتفاق مع تركيا وروسيا اللتين تهددان نفوذها على حدودها الجنوبية.
وكان الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون قد قال إن بلاده “لا تريد أن تفرض نفسها على دول الجوار، خاصة النيجر ومالي، وهي مستعدة لمساعدتها في إيجاد حلول للأزمات الاقتصادية والأمنية والسياسية.” لكن مشكلة الجزائريين تكمن في عدم تحويل الوعود إلى أفعال، وهو الأمر نفسه في علاقتها بجارتها الشرقية تونس.
وثمة تفاوت في السرعة بين ما تفكر فيه الجزائر وما تحققه تركيا على الأرض، الأولى تكتفي بالوعود فيما تمر الثانية إلى طرح المشاريع وتنفيذها سريعا.
الجزائر لم تبادر في السابق بدعم جيرانها أو القيام بمشاريع استثمارية وضخ التمويلات اللازمة لتنفيذها وخلال زيارة وفد وزاري تركي بقيادة وزير الخارجية التركي، وضم وزيريْ الدفاع يشار غولر والطاقة ألب أرسلان بيرقدار في يوليو الماضي، قالت مصادر غربية إن الوفد التركي قدم إلى النيجر عروضا واسعة للتسلح، وخصوصا ما تعلق بتزويد نيامي بالطائرات المسيرة للاستطلاع أو الهجوم، لاسيما أن الجيش النيجري يراهن على توظيف هذه التقنيات في مواجهة فصائل جهادية تنتشر في منطقة الصحراء مترامية الأطراف.
وأشارت المصادر كذلك إلى أن الوفد الوزاري التركي بحث إمكانية حصول تركيا على اليورانيوم بشكل مباشر لتأمين صناعتها النووية الناشئة. ويريد الأتراك وضع اليد على مكاسب فرنسا السابقة في النيجر على مستويات متعددة.
وأنهت النيجر ترخيص استخراج اليورانيوم وتشغيله الممنوح لشركة الطاقة النووية الفرنسية “أورانو” التابعة للدولة.
وذكر بيان أصدرته أورانو في يونيو الماضي أن الحكومة العسكرية في النيجر أنهت رخصة تشغيل منجم إيمورارين لليورانيوم في شمال البلاد.
ويأتي التحرك التركي الجديد ليعزز مكاسب سابقة، من بينها عقد بقيمة 152 مليون يورو لتحديث مطار نيامي وعقود أخرى بقيمة 50 مليون يورو لفندق فخم أو 38 مليون يورو للمقر الجديد لوزارة المالية النيجرية في قلب العاصمة.
وفي 2019 أنشأت تركيا مستشفى بقيمة مئة مليون يورو في مارادي (وسط الجنوب)، ثالثة المدن الكبيرة في البلاد، بالقرب من نيجيريا