قال وزير خارجية الهند سوبرامانيام جيشانكار، اليوم السبت، إن "بيان قمة العشرين يضم خطة لتسريع أهداف التنمية المستدامة".
وذكر جيشانكار في مؤتمر صحفي وفقا لما أوردته صحيفة (إنديا تايمز) الهندية عبر موقعها الإلكتروني "أن مجموعة العشرين أدركت الحاجة لنظام عالمي عقب جائحة كورونا يختلف تماما عن النظام الذي سبقه".


وشدد وزير خارجية الهند على أن مجموعة العشرين لعبت دورًا رئيسيًا لإعداد الهند للتعامل مع العالم بشكل فعال.
وأضاف جيشانكار أن "إعلان دلهي يتضمن خطة لتسريع التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة".
وقال رئيس وزراء الهند خلال الجلسة الثانية لقمة العشرين " لقد تلقيت أخبارا جيدة، وبفضل العمل الشاق الذي قام به فريقنا، تم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن إعلان قمة قادة مجموعة العشرين في نيودلهي، واقتراحي هو اعتماد الإعلان بأسرع وقت، وبهذه المناسبة، أهنئ الخبراء الذين عملوا بجد من أجل ذلك وجعلوه ممكنا".
وانطلقت أعمال قمة مجموعة العشرين بالعاصمة الهندية نيودلهي صباح اليوم، بمشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي وزعماء 30 دولة وتستمر حتى يوم غد الأحد.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: وزير خارجية الهند قمة العشرين التنمية المستدامة الهند قمة قادة مجموعة العشرين مجموعة العشرین

إقرأ أيضاً:

حين يختار الشعب قاتله.. لماذا ينجح الشعبويون في خداع الجماهير؟

عندما تنظر إلى قائمة المتهمين بالخيانة والتآمر في تونس اليوم، تجد في خانة "الفارين من العدالة" رئيسَ جمهورية سابقًا – خدامكم – ورئيسَ حكومة سابقًا ومرشحًا سابقًا للرئاسة سنة 2019، وفي خانة المقبوض عليهم والمحالين أمام "العدالة"، رؤساء ونشطاء أحزاب محسوبة على الثورة مثل الشيخ راشد الغنوشي، أو الأستاذ خيام التركي جنبًا إلى جنب مع رئيسة حزب الثورة المضادة السيدة عبير موسي، ومعهم بعض رجال ونساء وسائل الإعلام – عفوًا، وسائل التضليل – الذين كانوا رأس حربة هذه الثورة المضادة.

أتخيل بسخرية ونكهة من الشماتة – لم أستطع التغلب عليها – دهشة السيدة عبير موسي وهؤلاء التضليليين لوجودهم في نفس الوضع، وفي نفس مجموعة "الخونة" و"العملاء" مع الشيخ راشد أو غازي الشواشي.

لا شكّ أن دهشتهم – قل صدمتهم – ناجمة عن اكتشافهم، بعد فوات الأوان، أنهم كانوا يعملون بغباء منقطع النظير لصالح طرف ثالث، فرشوا له السجاد الأحمر لدخول قصر قرطاج، في حين أنهم لم يفتحوا لأنفسهم إلا أبواب السجن.

ثمة فعلًا شيء مدهش في الجمع بين راشد الغنوشي الديمقراطي الإسلامي، والديمقراطي العلماني خيام التركي، والتجمعية عبير موسي، ووقوفهم جميعًا أمام نفس المحاكم بتهم متقاربة عديمة الذوق والمصداقية.

إعلان

لفهم عملية الجمع هذه، يجب الاستنجاد بما تسميه الرياضيات نظرية المجموعات (Théorie des ensembles بالفرنسية، وSet Theoryبالإنجليزية).

إنها النظرية التي تقول بجواز تصنيف كل الأشياء التي لها خصائص مشتركة في مجموعة واحدة للبحث عن العلاقات المعقدة التي تربط بينها. مثلًا، يمكن وضع التفاح الأصفر والأحمر والأخضر في مجموعة واحدة اسمها مجموعة التفاح؛ لأنها تمتلك نفس المذاق الطيب. كذلك، يمكن وضع التفاح مع الموز والإجَّاص والعنب رغم اختلافات الشكل في نفس المجموعة، لأنها تتشارك كلها كونها مأكولات لذيذة معروفة باسم الفاكهة.

هكذا تعطينا نظرية المجموعات مفتاحًا لفهم الظاهرة الغريبة. فالشيخ راشد والسيد التركي والسيدة موسي- من ينظر إليهم موضوعيًا ومن قرب- مختلفون اختلافًا جذريًا سياسيًا ونفسيًا وأخلاقيًا ومعرفيًا، كاختلاف الموز عن التفاح والعنب.

لكن من ينظر إليهم من بعد، أو وفقًا للتعميم السهل، كلهم يأكلون اللحم يوميًا، يسكنون أحياء نظيفة، يمارسون مهنًا محترمة، يسافرون بالطائرات، يزوّجون أطفالهم بسهولة، يتكلمون لغة راقية، ويتصدرون الأحداث، خلافًا لكل الفاشلين الذين لا يُحسب لهم حساب ولا تسير بذكرهم الركبان، هم ينتمون إذن لنفس المجموعة التي اسمها النخبة، انتماء الموز والإجاص والتفاح والعنب لنفس المجموعة التي اسمها الفاكهة.

تتحول الدهشة إلى تساؤل: من هم هؤلاء الناس الذين يجمعون ما لا يُجمع في نظرنا؟ أكيد أن بينهم اختلافات جذرية شكلًا ومضمونًا، كاختلاف الموز عن التفاح والعنب.

لا شكّ أن فيهم أمّيين ومثقفين، من لا قدرة لهم على الزواج ومن هم أرباب عائلات، من لا يذوقون اللحم إلا في الأعياد ومن يأكلون فاكهة البحر.

من المرجح أيضًا أن بينهم أصحابَ شهادات عليا عاطلين عن العمل، ومهنيين أفلست أعمالهم، وإعلاميين يرون أنفسهم أجدر بالاهتمام من السياسيين الذين يغطون نشاطاتهم. فهل ثمة، رغم هذه الاختلافات، على الأقل خاصية مشتركة تمكّننا نحن أيضًا من وضعهم داخل مجموعة واحدة؟

إعلان

نعم، إنه كره النخب، وتحميلها كل مساوئ الوضع، والدعوة للانتقام منها. ألا يرددون طول الوقت "نكبتنا في نخبتنا"، وبالعامية "كلهم كيف كيف"، أي أن كل السياسيين سواء في الفساد، والكذب على الشعب المسكين، والجري وراء الكراسي؟

هؤلاء الذين لا فرق لديهم بين نخبة الثورة التي تسعى لتحريرهم، ونخبة الثورة المضادة التي تسعى لإدامة رعويتهم، والذين يجمعون الغنوشي وموسي والتركي في نفس السلة، هم المحرك والطاقة التي تخلق وتتعهد هذه الظاهرة التي نطلق عليها في هذا العصر اسم الشعبوية، غالب الوقت بنبرة فيها الكثير أو القليل من الازدراء والتهكم والاستنكار والخوف.

تناول بكثير من الدقة الصديق حسن أوريد في كتابه عن الشعبوية هذه الظاهرة، وأودّ – بعيدًا عن الأحكام المعيارية – مواصلة الحفر فيها، وذلك بالعودة في البداية إلى جذر المفهوم، أي إلى كلمة الشعب.

حاولت في كتابي "المراجعات والبدائل" التدليل على أنه لا وجود للشعب إلا بوجود الدولة الوستفالية كواقع أو كمشروع. لكن الدولة حدث طارئ بمقياس التاريخ. ففي المكان الذي نسميه اليوم تونس أو الأردن أو بوليفيا، وُجد منذ قرون بشر لا أحد سماهم، إلا منذ أقل من قرن، الشعب التونسي والشعب الأردني والشعب البوليفي. من المؤكد أن هذه التسميات ستختفي بعد ألف أو حتى مئة عام باختفاء أو تغيير جذري في خارطة دول العالم، ولا أحدَ قادرًا على تخيل بأي اسم سيعرفون.

لكنْ خلافًا للتحول المتواصل في هوية منظوري دول متغيرة الحدود، للمجتمعات البشرية التي عاشت وستعيش في الأماكن التي نسميها تونس أو الأردن أو بوليفيا، هناك تركيباتٌ ثابتة عبر القرون: التركيبة البيولوجية – ذكور، إناث -، التركيبة الديمغرافية – أطفال، كهول، شيوخ -، التركيبة الاقتصادية – فقراء، متوسطو الحال، أغنياء -، التركيبة الصحية – أسوياء، مرضى -، التركيبة المعرفية – أميون، متعلمون، مثقفون -، وأخيرًا التركيبة السياسية.

إعلان

في هذا المستوى، لكل المجتمعات ثلاثة مكوّنات قارّة لم تنجح حتى الآن لا الأديان ولا الثورات السياسية في استبدالها بمكونات مختلفة جذريًا:

المكوّن الأول أقلية تستولي بالقوة على أكبر نصيب من الثروة والسلطة والاعتبار، وهذه مجموعة السادة. هم أولياء الأمر أو الرعاة الذين يدّعون دومًا الصلاح والبحث عن منفعة الرعية. المكوّن الثاني أقلية مناهضة للأقلية الأولى، تقاوم لتوزيع أكثر عدلًا للثروة والسلطة والاعتبار، وهذه مجموعة الثوار التي سميتها شعب المواطنين. المكوّن الثالث أغلبية تعيش على الفتات الذي تقرره حالة صراع بين السادة والثوار، وهي مجموعة الرعية التي سميتها شعب الرعايا.

كل هذه المجموعات متحركة وفي تداخل مستمر مع إمكانية المرور بالنسبة للأفراد من مجموعة لأخرى حسب ظروف الصراع.

هذه التركيبة السياسية هي الترجمة الاجتماعية للتركيبة النفسية للإنسان التي يتجاور فيها بصفة دائمة الخير والشر، والتي تعطينا ما أسميه الإنسان المفترس – نموذجًا الدكتاتور والإقطاعي والرأسمالي الجشع -، والإنسان الفارس – نموذجًا النبي والمصلح والثائر، وهو المكوّن الأساسي لشعب المواطنين -، والإنسان الفريسة – نموذجًا العبد والعامل المستنزف، وهو المكوّن الأساسي لشعب الرعايا.

داخل هذا الشعب ثمة كمّ هائل من وجع الظلم وألم الشعور بالمهانة والعجز. ثمة كره الذات لذاتها، للشعور المؤلم بأن جبنها هو الذي يمنعها من التمرد. أضف الضغينة ضد المتسببين في الوضع المهين، ورغبة الثأر منهم عاجلًا أو آجلًا، في الدنيا وإن استحال الأمر ففي الآخرة.

لتقدير كمية الضغينة والحقد، انظر ما تقطر به خطب الشعبويين وكتاباتهم، خاصة في الفضاء الافتراضي، من عنف لفظي وبذاءة مقصودة ورغبة واضحة في الإيذاء.

هؤلاء الناس هم من يصوتون لدونالد ترامب في أميركا، وناريندرا مودي في الهند، وجايير بولسونارو في البرازيل، ورودريغو دوتيرتي في الفلبين، وقيس سعيّد في تونس.

إعلان

وهم كمن يصوب سلاحه إلى عدو وهمي، فلا تصيب الرصاصة إلا رجله، لأن الخاصية الأساسية للقادة الشعبويين هي انعدام الكفاءة في البناء والبراعة في الهدم، سواء كان هدم الاقتصاد كما يقع اليوم في تونس والأرجنتين، أو هدم الصورة والسلطة الناعمة في أميركا، أو الوحدة الوطنية كما في الهند.

الرابح الوحيد في هذه الصفقة الجديدة الخاسرة لشعب الرعايا هو من يرصد بذكاء المخزون من الضغينة ويستغله كرافعة للسلطة، صارخًا أن سبب مآسي "الشعب" هو "السيستم"، أي منظومة النخب، أكانت في الحكم أم في المعارضة.

عادة ما يخرج هذا النوع من الناس من صلب الرعايا – نموذجًا قيس سعيّد في تونس -، لكنه يخرج أيضًا من النخبة – نموذجًا ترامب في أميركا – وذلك في إطار صراعات داخل النخب نفسها.

انظر كيف يركّز الجمهوريون في أميركا حقدهم ضد كبرى الجامعات العريقة، لأنها حاضنة النخب التي لا تشاطرهم نفس التوجهات الأيديولوجية. ألم يقل نائب الرئيس الأميركي جيه دي فانس بصريح العبارة: "الجامعات هي العدو"؟

ها قد تجمعت لدينا كل المعطيات لفهم الشعبوية. هي ليست أيديولوجيا، لأن الأيديولوجيا فكر ومشروع، بينما ليس للشعبوية إلا طاقة متفجرة من المشاعر المدمرة، أساسها الغضب والشعور بالمهانة والحقد ورغبة الانتقام، وليس لها من مشروع عدا تدمير "السيستم".

وهي الحالة النفسية – الفكرية لشعب الرعايا التي يستغلها أخطر الديماغوجيين للوصول إلى السلطة لصالحهم، لا لصالح من خدعوهم باللعب على غرائزهم البدائية.

آخر ما يحتاجه التعامل المسؤول مع الشعبوية الرفض والاستهجان والسخرية والإدانة، فما بالك بالازدراء، فأنت أمام صرخات ألم وغضب لجزء من المجتمع لم تنتبه له حتى النخب الثورية، وهي منشغلة بالصراعات داخلها ومع نخب الثورة المضادة.

قد يكون من الفوائد الجانبية للظاهرة أنها تجبرنا بفجاجتها وخطورتها على مراجعة كل السذاجات التي تحكمت في عقولنا وقلوبنا منذ عقود.

إعلان أولى هذه السذاجات تصورنا للشعب، هذا المفهوم الذي ليس له جذور في تاريخنا وإنما في تاريخ الغرب، وتحديدًا الثورة الفرنسية.
تكاد تسمع رنة الخشوع وأنت تسمع التقدمي واليساري والديمقراطي ينطق بالكلمة.

تأتي ظاهرة الانتخابات الأميركية الأخيرة، مثلًا، لتذكّر بما لا يريدون الاعتراف به. كما لا يُقبل تدنيس الشعب، لا مجال لتقديسه. داخل كل شعب مجموعتان رئيسيتان – قاطعتان للجنسين، للطبقات، والأجيال، والمستوى التعليمي، ومع إمكانية التمازج والتحول من مجموعة لأخرى -: الأولى مجموعة تحركها القيم، والثانية مجموعة لا تحركها إلا الغرائز وأخسّ المصالح.

أليس هذا ما يفسر أن 76 مليون شخص صوّتوا بكل حرية وبكل معرفة، ورغم وضع اقتصادي مقبول، لترامب بكل ما يحمله من صفات، ألا يعني هذا أنهم وجدوا فيه أنفسهم، وأنه كان يعبر بدون مواراة عن كرههم للنخب وعنصريتهم وخوفهم من المهاجرين المهددين لما يتصورونه هويتهم، ناهيك عن تهديدهم لمواطن الشغل؟

ما يفضحه الموقف أن الشعب النقي الطاهر الذي لا يأتيه الباطل من خلفه ولا من أمامه خرافة. ألم يعد واضحًا أن هناك مبالغة في التفاؤل بخصوص الطبيعة البشرية، وأن التجربة تظهر أن الأشخاص يختارون في انتخابات حرة ونزيهة أمثال ترامب وسعيّد وميلي ودوتيرتي بكل ما فيهم من أحقاد مدمرة، لأنهم بكل بساطة يشبهونهم؟

السذاجة الثانية التي تدمرها الشعبوية هي مفهومنا للثورة. تصورناها دومًا قفزة جبارة إلى الأمام تحركها القيم والآمال في غد مشرق يرقد فيه الذئب جنب الحمل.

لكن الشعبوية كإرادة تغيير الواقع بالقوة إن تطلب الأمر، هي أيضًا ثورة بأتم معنى الكلمة. كانت النازية منذ قرن ثورة شعبوية، وما يقع اليوم في أميركا مع ترامب ثورة شعبوية، بل وفي أقدم معاقل الديمقراطية.

معنى هذا أنه يمكن للثورة أن تكون أيضًا قفزة جبارة إلى الوراء، تحركها أخطر الغرائز البشرية، أي الخوف والحقد والانتقام من أعداء حقيقيين أو متخيّلين.

إعلان السذاجة الثالثة تتعلق بالديمقراطية التي تفترض أن آلياتها مثل حرية الرأي والتنظم والانتخابات لا يمكن إلا أن تأتي بالأفضل لإدارة الدولة.

عليها الآن القبول بأن كل هذه الآليات قابلة للسطو والتحايل وتحويل الوجهة، والسقوط في قبضة المال الفاسد والإعلام الفاسد، لتوصل ديمقراطيًا إلى سدة الحكم ألدّ أعداء الديمقراطية.

لكن أليس علينا الاعتراف بأن الشعبوية لا تجانب الصواب عندما تعتبر أن الديمقراطية الليبرالية في آخر المطاف صفقة ذكية بين النخب، لكي يقع التداول على السلطة دون أن تدخل في حرب دموية مكلفة، لكن مع تواصل استغلال الرعايا عبر انتخابات تتحكم فيها بالمال والإعلام، والخيار "الحر" للمخدوعين هو بين "موسى الحاج" و"الحاج موسى"؟

ما تفرضه علينا الشعبوية ليس الكفر بالشعب وبالثورة وبالديمقراطية، وإنما ضرورة الاستماع إلى صرخات الاحتجاج والألم المتصاعدة من جماهير المهمشين، ومراجعة طرق تفكيرنا لطرح البدائل الفعالة بدل ترك هذه الجماهير تجري وراء سراب كل مسيح دجال يتقدم لها كالمسيح المخلّص.

ما نحن مطالبون به اليوم هو استنفار كل طاقات العقل الجماعي لوضع نظام ما بعد الديمقراطية – أو نظام الشورى الدستورية بمصطلح الكواكبي، أو نظام الحكم الرشيد – سمّه كما شئت، والقادر وحده على فهم الاحتجاج الشعبوي والتجاوب مع مطلبه الأساسي، أي التوزيع العادل للثروة والسلطة، وخاصة الاعتبار، وهذا أول شروط تحويل شعوب الرعايا إلى شعوب مواطنين.

مثل هذا النظام لا يُبنى إلا على أربعة أركان:

الحفاظ والبناء على مكتسبات الديمقراطية الليبرالية الغربية، وأهمها وضع حدّ للصراع الدموي على السلطة عبر آلياتها الكلاسيكية، أي الحريات الفردية والجماعية، والتفريق بين السلطات وتوازنها، وحتى الانتخابات، لكن في مجالات معينة يتم التوافق عليها حتى لا تصبح هذه الانتخابات مغامرة ومقامرة بمصير الشعوب، وحتى بمصير العالم كما هو الحال اليوم بعد انتخاب ترامب. تسخير الديمقراطية عبر سياسات اقتصادية إرادية لفرض أقصى قدر ممكن من العدالة الاجتماعية، لأن النظام السياسي الديمقراطي لا يثبت، خاصة في بلداننا، إلا إذا بني على قاعدة "لا حرية بدون عدالة، ولا عدالة بدون حرية". تطوير آليات تسمية كبار المسؤولين في كل المستويات، بحيث تُسحب كل أدوار المال الفاسد ووسائل الإعلام – وغدًا للذكاء الاصطناعي-، والنموذج هو كيفية تسمية رئيس وكالة ناسا، وجامعات هارفارد وأوكسفورد وكامبريدج، أو اختيار الفائزين بجائزة نوبل. أهم نقطة: إن ما تنضح به خطابات وكتابات الشعبويين من عنف لفظي وبذاءة مقصودة ووقاحة مبالغ فيها، ليست إلا ردة فعل طفولية لأناس يعانون من الشعور بعدم احترامهم، ومن ثم تركيزهم على إظهار كل علامات عدم احترام لمن يعتقدون أنهم لا يحترمونهم. إعلان

نحن لا نستطيع فرض المحبة على الناس، لكننا نستطيع فرض الاحترام بإجبار البيروقراطية على تعامل محترم مع الناس، وبجعل احترام المسؤولين لأنفسهم، وللناس، ولمهمتهم، أول متطلبات الاختيار والترقية، وبفرض احترام الحقيقة على الإعلام بقوانين رادعة للكذب، وبتشديد العقوبات على خطاب الكراهية والتحقير في وسائل التخاصم الاجتماعي، وعلى الأمد الطويل بإعادة كتابة البرامج الدراسية لحذف كل ما يحقّر الآخرين.. إلخ.

معنى هذا أنه يجب اعتماد سياسات طويلة المدى في الميدان التربوي والإعلامي والسياسي، لتنمية قيمية أساسها قيمة الاحترام، وهي لا تقل أهمية عن التنمية الاقتصادية، لأن كل أشكال العنف الفردي والجماعي، المتمثلة في الثورات الشعبوية ضد نخب متعجرفة، محركها الأساسي هو الشعور بالاحتقار.

أضغاث أحلام؟ 

ممكن، لكن أي بدائل لديمقراطية هشّة مبوّبة للاندثار، وتتابع نظم استبدادية دينية أو علمانية تكرّر نفس العبث، وثورات شعبية تُجهض، وثورات شعبوية تزيد الطين بلة؟ أي خيار آخر حتى لا يكون مستقبلنا مستقبل سيزيف، الذي حكمت عليه الأقدار بأن يعود ألف مرة ومرة لوضع الصخرة على قمة الجبل، لكي تتدحرج مجددًا نحو القاع؟

ولا بدّ لليل أن ينجلي.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • حين يختار الشعب قاتله.. لماذا ينجح الشعبويون في خداع الجماهير؟
  • س و ج: كل ما تريد معرفته عن الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر (E-INFS)؟
  • كل ما تريد معرفته عن الاستراتيجية الوطنية المتكاملة للتمويل في مصر "E-INFS"
  • في ذكرى تحرير طابا.. سيناء تتلألأ بمشروعات عملاقة لتحقيق التنمية المستدامة
  • المشاط: 7 قطاعات ذات أولوية ضمن الإستراتيجية الوطنية لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة
  • رئيس الوزراء يشهد توقيع وثيقة تعزيز التخطيط والموازنة لتحقيق التنمية المستدامة
  • مدبولي: مصر من أوائل الدول التي وقعت على أهداف التنمية المستدامة عام 2015
  • وزير الاستثمار: مصر توفر بيئة جاذبة للاستثمارات الهندية في الكيماويات والطاقة
  • ندوة بنقابة المهندسين تشدد على أهمية دور علوم الفضاء في التنمية المستدامة
  • مصر تفتح أبوابها أمام كبرى الشركات الهندية للاستثمار في التكنولوجيا والطاقة المتجددة