هل يتكرر سيناريو أشرف غني بالضفة الغربية؟
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
هل يتكرر سيناريو أشرف غني في الضفة الغربية؟
تدرك أمريكا أن البنية التي أعدتها للحفاظ على نفوذها وضمان استمرارها واستقرارها، مسألة محل تساؤل وشك!
هل يتكرر مشهد الهروب والانسحاب مجددا من الضفة الغربية، أم إن التفاصيل والخصوصية الفلسطينية ستغيب هذه الصور وتخفيها في منطقة الظل؟
السيناريو الأفغاني يحوم حول الضفة والسلطة وإسرائيل وأمريكا وقابل للتطبيق بصور متعددة ما دفع أمريكا لـ"أسرلة" سياساتها بالمنطقة لحماية إسرائيل ومصالحها.
هل تنجح أمريكا في وقف الانهيار أو إبطائه في ظل تحولات عميقة بالأراضي المحتلة والإقليم يدعمها تاريخ طويل من المواجهة مع المحتل، لا تختلف عن تاريخ الأفغان بمواجهة قوى الاستعمار؟
الفوضى والفساد وانعدام القناعة بالمشروع الأمريكي والرفض الواسع والمطلق للمشروع الصهيوني كفيلة بتغذية الصراع وتسريع انهيار النفوذ الأمريكي كما حدث مع أشرف غني بأفغانستان.
* * *
لم يغادر شبح الانسحاب الأمريكي من أفغانستان مخيّلة المسؤولين الأمريكان؛ فبعد أن أنفقت الولايات المتحدة الأمريكية 88 مليار دولار على بناء وتجهيز الجيش الأفغاني، وبعد أن حرصت على دعم رجلها أشرف غني للوصول إلى منصب الرئاسة؛ تبخر الجيش الأفغاني وهرب أشرف غني وحاشيته من أفغانستان بطائرات محملة بالدولارات والذهب.
ما تم إنفاقه ورصده لضمان استقرار السلطة السياسية وولاء الأفغان منذ عهد حامد كرازي إلى عهد أشرف غني، انتهى إلى جيوب حفنة من المسؤولين والشركات الأمريكية المتعاقدة التي غادرت مع القوات الأمريكية بذات السهولة التي دخلت فيها، إذ لم تصمد البلاد أمام حركة طالبان أياما، رغم أن السيناريوهات الأكثر تشاؤما قدرت ذلك بستة أشهر إلى عام؛ فانهارت خلال ساعات فاجأت فيها حركة طالبان ذاتها، بعد أن أعدت نفسها لقتال طويل مع أشرف غني وقادته العسكريين الذين فروا معه.
هذا السيناريو له ما يشبهه ويدعمه في كل مكان يوجد فيه النفوذ الأمريكي، سواء في أفريقيا أو في منطقتنا العربية؛ في شرق الفرات في سوريا أو في شمال العراق في كردستان أو في الضفة الغربية، حيث أنفقت أمريكا والاتحاد الأوروبي بحسب بعض الإحصاءات، ما يقارب 20 مليار دولار خلال السنوات العشرين الفائتة لضمان الأمن والاستقرار في الضفة الغربية، بإشراف من الجنرال دايتون الذي أعاد هيكلة قوات السلطة في رام الله.
سيناريو أشرف غني وجد صدى في مناطق لا تمس النفوذ الأمريكي المباشر، ولكنها تعبر عن ذات الظاهرة؛ في مالي وبوركينا فاسو والنيجر مؤخرا، وإلى حد ما في تشاد حيث قُتل الرئيس السابق إدريس ديبي عام 2021 في معارك مع خصومه، ليعود شبح التمرد والانهيار إثر حادثة مقتل أحد الجنود التشاديين على يد جنود فرنسيين في قاعدة داخل مدينة "فايا لارجو" التشادية شمال البلاد.
المخاوف والهواجس عبر عنها مدير وكالة المخابرات الأمريكية وليام بيرنز، في محاضرة له في جامعة جورج تاون الأمريكية في شباط/ فبراير الماضي، قال فيها: "ربما بإمكاننا الانفصال عن الشرق الأوسط، لكن لهذه المنطقة صفة سيئة بإبقائنا ضالعين فيها".
جاء ذلك في معرض تعليقه على التوتر والتصعيد في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ فأمريكا تدرك بأن البنية التي أعدتها للحفاظ على نفوذها وضمان استمرارها واستقرارها مسألة محل تساؤل وشك؛ فالفساد والفوضى وانعدام القناعة بالمشروع الأمريكي، والرفض الواسع والمطلق للمشروع الصهيوني على أرض فلسطين، كفيلة بتغذية الصراع وتسريع انهيار النفوذ الأمريكي على نحو ما حدث مع أشرف غني في أفغانستان.
سيناريو الانسحاب الأمريكي من أفغانستان وهروب الرئيس الأفغاني أشرف غني دفع أمريكا لتعزيز نفوذها شرق الفرات، ومحاولة إعادة التموضع بسوريا لحفظ مصالحها ومصالح حلفائها القلقين من تكرار السيناريو الأفغاني.
وهي جهود مقرونة بجهود مضاعفة تبذلها الولايات المتحدة لدفع عجلة التطبيع لتعزيز حليفتها "إسرائيل"، من خلال إعادة هيكلة السلطة في رام الله وتشكيلها؛ فالسلطة تعاني حالة من التآكل في المكانة والشرعية، ما يجعلها أكثر الأطراف قابلية لتكرار سيناريو أشرف غني في انهيار سريع يضع الاحتلال والولايات المتحدة أمام مأزق كبير، خصوصا أن الكيان المحتل يعاني من أزمات داخلية وانقسامات تؤهله لفقدان السيطرة بدروه والعجز عن التعامل مع المتغيرات.
سيناريو أشرف غني كابوس أمريكي في الضفة الغربية لم يتحدث عنه بيرنز صراحة، لكنه كان واضحا في أداء الإدارة الأمريكية والمؤسسات السيادية، التي تسعى لبناء خطوط دفاع متقدمة؛ تبدأ من نهر الفرات إلى القنيطرة في سوريا، لتنتهي عند حدود غزة ورام الله في الضفة الغربية، مرورا بعواصم الإقليم العربية في الخليج العربي (الرياض وأبو ظبي والمنامة).
الاستراتيجية الأمريكية كان لها ما يماثلها في أفغانستان؛ إذ أعدت خطوط دفاع تبدأ بطاجيكستان وقرغيزستان إلى إقليم بنجشير، بالتعاون مع نيودلهي في الهند والخليج العربي، حيث تنشتر القواعد والأساطيل الأمريكية، غير أن ذلك لم يغير شيئا ولم يوقف الانهيار في النفوذ الأمريكي.
ختاما.. سيناريو أشرف غني يلقي بظلاله على الضفة الغربية وعلى السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي وأمريكا، وهو قابل للتطبيق بصور وأشكال متعددة، ما دفع أمريكا لـ"أسرلة" سياساتها بالكامل في المنطقة لحماية الكيان الإسرائيلي وتمثيل مصالحه في كل المحافل.
فهل تنجح أمريكا في وقف الانهيار أم في إبطائه، في ظل التحولات العميقة في الأراضي المحتلة والإقليم، التي يدعمها تاريخ طويل من المواجهة مع المحتل، لا تختلف عن تاريخ الأفغان في مواجهة القوى الإمبراطوريات الروسية والأمريكية والبريطانية؟ فهل يتكرر مشهد الهروب والانسحاب مجددا من الضفة الغربية، أم إن التفاصيل والخصوصية الفلسطينية ستغيب هذه الصور وتخفيها في منطقة الظل؟
*حازم عياد كاتب صحفي وباحث سياسي
المصدر | عربي21المصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: أمريكا فلسطين الضفة السلطة الفلسطينية محمود عباس أفغانستان أشرف غني المشروع الأمريكي الكيان الصهيوني فی الضفة الغربیة النفوذ الأمریکی هل یتکرر
إقرأ أيضاً:
خلال الأشهر الستة الماضية.. إقامة 7 بؤر استيطانية جديدة بالضفة المحتلة
الثورة نت/..
أقامت جمعيات استيطانية صهيونية، خلال الأشهر الستة الماضية، 7 بؤر استيطانية في مناطق خاضعة لسيطرة السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.
وكان قد أقام مستوطنون متطرفون، بحماية من “جيش” العدو الصهيوني، 29 بؤرة استيطانية تركزت في محافظة الخليل بـواقع 8 بؤر، ورام الله 6 بؤر، وبيت لحم 4 بؤر، و3 في نابلس، إضافة إلى شق 7 طرق لتسهيل تحرك وربط بؤر بمستوطنات قائمة.
وقالت حركة “السلام الآن”، في بيان لها: “إن المستوطنين أقاموا 7 بؤر استيطانية جديدة، في الضفة الغربية المحتلة”.
وبحسب “السلام الآن: “أقيمت البؤر الاستيطانية في المنطقة (ب)، خلال فترة تتراوح ما بين الشهرين إلى 6 أشهر الأخيرة، علما أن 5 من هذه البؤر تقع في مساحة كبيرة من الأرض شرق وجنوب شرق مدينة بيت لحم، وأن إحدى البؤرتين الاستيطانيتين الأخريين أقيمت شرقي مستوطنة “عوفرا” وسط الضفة، على أراض تعود ملكيتها لقرية عين يبرود”.
وأضافت: “البؤرة الاستيطانية الأخرى، تقع شمالاً بالقرب من مستوطنة “شيلو”، جنوب البؤرة الاستيطانية “عدي عاد”، المقامة على أراض تابعة لقرية ترمسعيا.
وفي أعقاب ذلك نزح بعض الفلسطينيين من هذه المناطق خوفا من اعتداءات المستوطنين، الذين استولوا لاحقا على منازلهم.
ويُشار إلى أنه يشهد الاستيطان في الضفة بما فيها القدس الشرقية ارتفاعاً ملحوظاً منذ وصول الحكومة اليمينية المتطرفة، برئاسة المجرم بنيامين نتنياهو، إلى الحكم في كانون الأول/ ديسمبر 2022.
جدير ذكره أنه حسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد نفذ “جيش” العدو الصهيوني والمستوطنون منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وحتى السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2024، 16,663 اعتداء، طالت أراضي وممتلكات الفلسطينيين، مستغلة ظروف الحرب والعدوان الذي تشنه على الشعب الفلسطيني من أجل فرض وقائع جديدة على الأرض.