قدمت دول عربية وغربية اليوم السبت، تعازيها ودعمها ومؤازرتها للمملكة المغربية في ضحايا الزلزال المدمر الذي وقع أمس الجمعة، وأسفر عن عدد كبير من القتلى والجرحى، وخلف دماراً كبيراً في مختلف مناطق البلاد.

 وفي آخر حصيلة لوزارة الداخلية المغربية، ارتفع عدد ضحايا الزلزال إلى 820 وفاة و672 إصابة، من بينها 205 إصابات خطيرة، في حين لا تزال عمليات البحث مستمرة لإنقاذ الضحايا العالقين تحت الأنقاض.

الرباط – بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، نشرت القوات المسلحة الملكية، بشكل مستعجل، ليلة 9 شتنبر 2023، على إثر الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز، وسائل بشرية ولوجيستية مهمة، جوية وبرية. pic.twitter.com/MAwmqjUlfp

— Royal Moroccan Armed Forces (@MoroccanArmed) September 9, 2023 تعليمات ملكية

ووفقاً لوكالة الأنباء المغربية، أمر العاهل المغربي الملك محمد السادس، القوات المسلحة الملكية بنشر وسائل بشرية ولوجستية مهمة، جوية وبرية بشكل مستعجل، إضافة إلى وحدات تدخل متخصصة مكونة من فرق البحث والإنقاذ، ومستشفى طبي جراحي ميداني.

وذكر بلاغ للقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية، أنه تم اتخاذ التدابير الضرورية على مستوى القيادة العليا للقوات المسلحة الملكية والحاميات العسكرية للمملكة، للتواصل والتنسيق مع السلطات المحلية.

كما تم نشر وحدات للتدخل، وطائرات، ومروحيات، وطائرات بدون طيار، ووسائل هندسية، ومراكز لوجستية بعين المكان بهدف تقديم الدعم الضروري لمختلف القطاعات المعنية والساكنة المتضررة.

بحث عن ناجين تحت الأنقاض في أمزميز إثر #زلزال_المغرب المدمر pic.twitter.com/BB1pp15m7P

— 24.ae (@20fourMedia) September 9, 2023 خسائر كبيرة

وبدورها، رفعت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية (USGS) تقييمها للخسائر المرتبطة بزلزال المغرب، من "محتملة" إلى "خسائر كبيرة محتملة".

وذكرت الهيئة الأمريكية أن "احتمال مقتل ألف شخص جراء الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب، يظل قائماً بنسبة 34%، بالإضافة إلى الأضرار الاقتصادية المحتملة التي وضعتها تحت تصنيف الإنذار الأحمر".

وأضافت أنه "من المحتمل وقوع أضرار جسيمة، ومن المرجح أن تكون الكارثة واسعة النطاق"، مقدرة وقوع خسائر اقتصادية قد تصل إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي للمغرب.

#رئيس_الدولة يوجه بتسيير جسر جوي عاجل لإغاثة متضرري #زلزال_المغربhttps://t.co/JuCLUa9mdP

— 24.ae | الإمارات (@24emirates24) September 9, 2023 دعم عربي وغربي

ومن جهته، وجه رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتسيير جسر جوي لنقل مساعدات إغاثية عاجلة إلى الأشقاء المتضررين من الزلزال الذي ضرب بعض مناطق المملكة المغربية الشقيقة وتقديم مختلف أشكال الدعم.

كما وجه العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الحكومة بتقديم كل ما يلزم من مساعدات للمغرب، مؤكداً "وقوف الأردن إلى جانب الأشقاء في المملكة المغربية في هذا الحادث الأليم"، ووفق ما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية (بترا).

Extremely pained by the loss of lives due to an earthquake in Morocco. In this tragic hour, my thoughts are with the people of Morocco. Condolences to those who have lost their loved ones. May the injured recover at the earliest. India is ready to offer all possible assistance to…

— Narendra Modi (@narendramodi) September 9, 2023

وأعرب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، عن حزنه بسبب الخسائر في الأرواح الناجمة عن الزلزال الذي ضرب المغرب، وأكد استعداد الهند لتقديم كل المساعدات الممكنة للمغرب في هذا الوقت الصعب.

وقال على موقع "إكس" للتواصل الاجتماعي: "شعرت بحزن شديد بسبب الخسائر في الأرواح الناجمة عن زلزال في المغرب. في هذه الساعة المأساوية، تعاطفي مع شعب المغرب. خالص العزاء لمن فقدوا أحبائهم، وأتمنى الشفاء العاجل للمصابين. الهند مستعدة لتقديم كل المساعدة الممكنة للمغرب في هذا الوقت الصعب".

Dost ve kardeş Fas’ta meydana gelen deprem felaketinden etkilenen tüm Fas halkına geçmiş olsun dileklerimi iletiyorum. Hayatını kaybedenlere Allah’tan rahmet, yaralılara acil şifalar diliyorum. Bu zor gününde tüm imkânlarımızla Faslı kardeşlerimizin yanındayız. ????????????????

— Recep Tayyip Erdoğan (@RTErdogan) September 9, 2023

فيما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وقوف بلاده بكل إمكاناتها إلى جانب المغرب عقب كارثة الزلزال. وقال في بيان على منصة "إكس": "أتقدم بأطيب تمنياتي بالسلامة إلى كافة أفراد الشعب المغربي المتضرر من كارثة الزلزال، في هذا اليوم العصيب نقف إلى جانب أشقائنا المغاربة بكل إمكاناتنا المتاحة".

مساعدات أوروبية

وفي سياق متصل، يستعد عمال إغاثة ألمان لتقديم مساعدات محتملة للمغرب، في أعقاب الزلزال العنيف الذي ضرب المملكة.

Nach dem verheerenden Erdbeben in Marokko: Zahlreiche Staaten und Organisationen bieten Hilfe an - THW bereitet Einsatz vor#Marokko #earthquake https://t.co/uSycnAVWqp

— Deutschlandfunk (@DLF) September 9, 2023

وقال متحدث باسم الوكالة الاتحادية الألمانية للإغاثة التقنية (THW): "نراقب الوضع ونستعد حالياً لمهمة محتملة"، مشيراً في المقابل إلى أن المغرب لم يقدم بعد طلباً للمساعدة. وأوضح المتحدث أن إرسال فرق إغاثة ومعدات للمغرب يتوقف على تقديم البلاد طلباً بالمساعدة، مضيفاً أنه إلى جانب إرسال فرق إنقاذ، يمكن للوكالة أيضاً تركيب محطات لمعالجة المياه.

وأعرب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، أن الاتحاد الأوروبي على أهبة الاستعداد لدعم مملكة المغرب في اللحظات الصعبة التي تمر بها بعد وقوع الزلزال.

Mes pensées vont au peuple marocain, touché par un terrible tremblement de terre qui a secoué le pays pendant la nuit causant des centaines des morts.

L'UE se tient prête à fournir au #Maroc l'assistance qu'il souhaitera.

— Josep Borrell Fontelles (@JosepBorrellF) September 9, 2023

كما قال ممثل الشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: "أفكاري مع الشعب المغربي، الذي تضرر من الزلزال المروع الذي هز البلاد بين عشية وضحاها، وتسبب في مقتل مئات الأشخاص"، وأضاف "الاتحاد الأوروبي على استعداد لتزويد المغرب بأي مساعدة يرغب فيها".

ومن جهته، أفاد مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، بالاستعداد لدعم الاحتياجات الصحية العاجلة للمغرب.

وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تضامنه مع المغرب عبر منصة "إكس"، قائلاً: "نحن متأثرون جميعاً بعد الزلزال الرهيب في المغرب. فرنسا مستعدة للمساعدة في عمليات الإنقاذ". وأعلنت السفارة الفرنسية في المغرب، أنها فتحت وحدة استجابة للطوارئ، معربة عن تضامنها مع الرباط.

#المغرب | تقف فرنسا في تضامن كامل مع السلطات والشعب المغربي في مواجهة الزلزال المروع الذي وقع الليلة الماضية. ????????????????
???? فرنسا على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدات والإغاثة الفورية للسكان المتضررين من هذه المأساة. pic.twitter.com/XxO1E2IJCh

— الخارجية الفرنسية ???????? ???????? (@francediplo_AR) September 9, 2023

كما قال الرئيس الأمريكي، جو بايدن: "أشعر بحزن عميق إزاء الخسائر في الأرواح والدمار الذي سببه الزلزال في المغرب، أفكارنا وصلواتنا مع جميع المتأثرين بهذه المحنة الرهيبة. إدارتي على اتصال مع المسؤولين المغاربة"، وأضاف "نحن على استعداد لتقديم أي مساعدة ضرورية للشعب المغربي، إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب المغرب وصديقي الملك محمد السادس في هذه اللحظة الصعبة".

وأما في إسرائيل، أعلنت الحكومة أن وزارتي الخارجية والدفاع تُعدّان فريقاً لإرساله إلى المغرب لتقديم العون في عمليات إنقاذ وإسعاف ضحايا الزلزال، قائلة إنها تستعد لذلك بالتنسيق مع السلطات المغربية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني زلزال المغرب المسلحة الملکیة فی المغرب الذی ضرب إلى جانب September 9 فی هذا

إقرأ أيضاً:

مؤتمر العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة: محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية

لم يكن مؤتمر "العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة" الذي عقد في إسطنبول، في 8-9 شباط/ فبراير 2025، تحت رعاية اتحاد المحامين العرب ونقابة المحامين الأردنيين والتحالف القانوني الدولي من أجل فلسطين، مجرد لقاء حقوقي أو ندوة أكاديمية، بل كان حدثا نابضا بالحيوية والطاقة، حيث التقى خبراء قانونيون وأكاديميون وناشطون ميدانيون من 23 دولة تحت سقف واحد، في مشهد يعكس حجم الالتزام العالمي بمكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.

ولم يكن المشاركون في هذا المؤتمر مجرد متحدثين عابرين، بل كانوا شخصيات بارزة في مجالات القانون الدولي وحقوق الإنسان، يتمتعون بسجل أكاديمي وحقوقي وميداني غني. فقد ضمّ المؤتمر قضاة ومحامين دوليين، وأكاديميين متخصصين في القانون الجنائي الدولي، ومدافعين حقوقيين، ونشطاء ميدانيين ممن كرسوا حياتهم لمكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق العدالة للضحايا.

من بين الدول البارزة التي شهدت حضورا فاعلا؛ البرازيل، وتشيلي، وجنوب إفريقيا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وسويسرا، والنمسا، وبلجيكا، وبولندا، وإيطاليا، والأردن، والجزائر، ومصر، وتونس، والمغرب، وفلسطين، وهولندا، ولبنان، وإندونيسيا، وتركيا، والهند.

ومن بين الشخصيات البارزة التي شاركت في المؤتمر، كان لوزيرة خارجية جنوب أفريقيا السابق، د. غريس ناليدي باندور، حضور لافت، حيث أكدت في مداخلتها على التزام بلادها بملاحقة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، مشددة على أن هذه الخطوة ليست مجرد موقف سياسي، بل استجابة قانونية تستند إلى الأدلة والمواثيق الدولية التي تثبت ارتكاب جرائم إبادة ضد الشعب الفلسطيني. كما دعت إلى توسيع نطاق الدعم القانوني لهذه القضية على مستوى الدول والمنظمات الحقوقية الدولية.

إحساسٌ قوي بأن هذه القضية لا تزال تحمل زخما كبيرا، وأن الجهود الحقوقية يجب أن تتواصل بلا توقف. كانت الأجواء مفعمة بالتفاؤل، رغم إدراك الجميع للصعوبات والتحديات التي تواجه العمل القانوني الدولي
كما قدّمت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضي الفلسطينية المحتلة، مداخلة محورية حول دور المحكمة الجنائية الدولية في محاسبة مرتكبي الجرائم في فلسطين، حيث شددت على أهمية المضي قدما في التحقيقات رغم الضغوط السياسية التي تحاول عرقلة العدالة. وأكدت أن ما يحدث في غزة يشكّل انتهاكا خطيرا للقانون الدولي الإنساني، ويجب أن يُقابل بإجراءات قانونية صارمة تضمن محاسبة المسؤولين.

روح الحماس والإصرار على تحقيق العدالة

منذ اللحظة الأولى للمؤتمر، كان واضحا أن المشاركين لم يأتوا لمجرد تبادل الأفكار، بل حملوا معهم اندفاعا حقيقيا، وإصرارا صادقا على تقديم كل ما بوسعهم لدعم القضية الفلسطينية قانونيا وحقوقيا. لم تكن نقاشاتهم مجرد تحليلات نظرية، بل كانت مدفوعة بوعي عملي وتجارب ميدانية، تعكس خبرتهم العميقة وإيمانهم بضرورة التحرك القانوني الفعّال لمحاكمة مرتكبي الجرائم بحق الفلسطينيين.

ما لفت انتباهي أيضا حجم الإقبال والتفاعل من قبل المشاركين، حيث شهدت الجلسات حضورا مكثفا، ولم يكن هناك أي لحظة فتور أو تراجع في مستوى النقاش. كل مداخلة كانت تلقى اهتماما كبيرا، وكل قضية طُرحت للنقاش كانت تتبعها مداولات جادة، مما يعكس مستوى الاحترافية والالتزام لدى الحضور.

تنظيم متميز وإدارة احترافية

لا يمكن الحديث عن نجاح هذا المؤتمر دون الإشادة بحسن التنظيم الذي تميزت به الجهة المنظمة. فقد كان التنظيم مهنيا للغاية، بدءا من الاستقبال والتنسيق اللوجستي، مرورا بجداول الجلسات المحكمة زمنيا، وانتهاء بإدارة النقاشات بشكل يضمن استيعاب جميع وجهات النظر وإعطاء الفرصة لكل المشاركين للتعبير عن رؤاهم.

كان هناك اهتمام كبير براحة الضيوف وتوفير بيئة تفاعلية، حيث أُتيحت للمشاركين فرصة التواصل المباشر والتنسيق المستقبلي ضمن أجواء مريحة، مما جعل المؤتمر لا يقتصر فقط على كونه حدثا أكاديميا، بل منصة حقيقية لتوحيد الجهود الحقوقية الدولية.

برنامج متكامل وجلسات نقاش حيوية

افتُتح المؤتمر بكلمات ترحيبية قدمها كل من بروفيسور أحمد الخالدي، رئيس التحالف القانوني الدولي من أجل فلسطين، وياسين شاملي، رئيس نقابة المحامين الثانية في إسطنبول، وأ. ناصر كمال ناصر، الأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، وأ. يحيى أبو عبود، نقيب المحامين الأردنيين. وقد أكدوا جميعا على أهمية الجهد القانوني في دعم القضية الفلسطينية، مشددين على ضرورة تسخير كافة الآليات القانونية لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

شهد المؤتمر نقاشات معمقة حول مختلف الجوانب القانونية، بدءا من المحكمة الجنائية الدولية، ودور محكمة العدل الدولية، والولاية القضائية العالمية، وحتى سبل العمل الحقوقي على المستوى الوطني والدولي لضمان تحقيق العدالة.

تكريم المشاركين وتقديم هدايا تذكارية

في لفتة تعكس التقدير للجهود المبذولة، تم تقديم دروع تكريمية للمشاركين الرئيسيين، عرفانا بمساهماتهم في إنجاح هذا الحدث الحقوقي، مما أضفى لمسة إنسانية جميلة عززت روح التضامن بين المشاركين، وأكدت على أن هذا المؤتمر ليس نهاية الجهد، بل بداية لمزيد من العمل المشترك.

البيان الختامي وتعهد بمواصلة الجهود

اختُتم المؤتمر ببيان ختامي تمت تلاوته باللغتين العربية والإنجليزية، أكد فيه المشاركون على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وضرورة مكافحة الإفلات من العقاب، ومواصلة التحركات القانونية لمحاسبة مرتكبي الجرائم في فلسطين.

كما أشاد البيان بجهود جنوب إفريقيا في مقاضاة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية، ودعا الدول الأخرى إلى اتخاذ خطوات مماثلة لتعزيز الالتزام بالقانون الدولي. وشدد على أهمية تعزيز الولاية القضائية العالمية، بحيث تتمكن المحاكم الوطنية من محاكمة المتورطين في الجرائم ضد الإنسانية بغض النظر عن أماكن ارتكابها.

كما رحّب المشاركون بجهود مجموعة لاهاي، واعتبروها مبادرة واعدة لتعزيز التعاون القانوني الدولي في مواجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني. وأكد البيان على أهمية تطوير آليات الدعم لهذه المجموعة، وتوسيع نطاق عملها، بما يضمن تكامل الجهود القانونية من مختلف الدول في ملاحقة مرتكبي الجرائم وتعزيز العدالة الدولية.

الرسالة الأهم: هذا الجهد لا يمكن أن يتوقف

ما خرجتُ به من هذا المؤتمر لم يكن مجرد معطيات قانونية جديدة، بل هو إحساسٌ قوي بأن هذه القضية لا تزال تحمل زخما كبيرا، وأن الجهود الحقوقية يجب أن تتواصل بلا توقف. كانت الأجواء مفعمة بالتفاؤل، رغم إدراك الجميع للصعوبات والتحديات التي تواجه العمل القانوني الدولي.

لكن ما يبعث على الأمل هو أن هذا المؤتمر أثبت أن هناك تحركا حقوقيا دوليا جادا لا يمكن تجاهله، وأن الإرادة القانونية موجودة، وتحتاج فقط إلى التنسيق والتكاتف لضمان تحقيق العدالة لضحايا غزة. لقد عكست النقاشات عمق الالتزام القانوني لدى المشاركين، وأظهرت أن هناك وعيا متزايدا بضرورة تحويل الجهود الحقوقية إلى خطوات عملية تؤثر في منظومة العدالة الدولية.

مكاسب قانونية متراكمة تُعزز الأمل في تحقيق العدالة

رغم التحديات التي تواجه العمل الحقوقي، إلا أن الجهود القانونية الدولية بدأت تؤتي ثمارها، مما يبعث الأمل في أن العدالة ليست بعيدة المنال. لقد شهدت الأشهر الأخيرة تطورات قانونية غير مسبوقة، أبرزها تحرك المحكمة الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت، وهو تطور تاريخي يُعزز مبدأ عدم الإفلات من العقاب ويضع المسؤولين الإسرائيليين تحت طائلة المساءلة الدولية.

كما أن قرار محكمة العدل الدولية الذي اعترف بوجود أدلة معقولة على ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة، وألزمها بوقف الانتهاكات في غزة، واتخاذ تدابير لحماية المدنيين، يمثل نقطة تحول مهمة في المسار القانوني للقضية الفلسطينية. هذا القرار، وإن لم يكن يحمل طابعا جنائيا، فإنه يرسّخ الأساس القانوني لمحاسبة إسرائيل على جرائمها أمام المؤسسات الدولية، ويفتح المجال أمام مزيد من التحركات القضائية لملاحقتها.

إلى جانب ذلك، فإن السردية الإسرائيلية التي طالما فرضت نفسها في الخطاب الدولي باتت في حالة انهيار، حيث أدى التوثيق المستمر للجرائم، والشهادات الحقوقية، والتغطية الإعلامية إلى كشف الوجه الحقيقي لإسرائيل أمام العالم، مما جعلها في موقع دفاعي غير مسبوق. لم تعد دولة الاحتلال قادرة على تسويق نفسها كضحية، بل باتت عبئا على المجتمع الدولي بسبب ارتكابها جرائم إبادة، وانتهاكها للقانون الدولي، وتعطيلها عمل مؤسسات دولية حيوية مثل وكالة الأونروا.

التفاعل القانوني وحده ليس كافيا ما لم يقترن بدعم دبلوماسي، وقرارات سياسية شجاعة، والتزام رسمي بإنفاذ القوانين الدولية. وهذا ما يجعل دور الحكومات والبرلمانات والأحزاب السياسية الداعمة لحقوق الإنسان محوريا في تحويل المساءلة القانونية من هدف إلى واقع ملموس
ولا شك أن هذه الإنجازات القانونية لم تأتِ من فراغ، بل كانت ثمرة جهود حقوقيين وخبراء قانونيين مثل الذين شاركوا في هذا المؤتمر، والذين كرّسوا خبراتهم وإمكاناتهم للدفاع عن حقوق الضحايا، والعمل على توثيق الجرائم، ورفع القضايا أمام المحاكم الدولية، وتقديم الاستشارات القانونية للدول والمنظمات التي تدعم العدالة. إن مثل هذه المؤتمرات لا تمثل مجرد لقاءات للنقاش، بل هي جزء من حراك حقوقي عالمي يهدف إلى ترجمة القانون الدولي إلى واقع ملموس، يضمن عدم إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.

كل هذه التطورات تؤكد أن العمل الحقوقي ليس جهدا عبثيا، بل هو مسار تراكمي يحقق اختراقات جوهرية في جدار الحصانة السياسية والقانونية التي تمتعت بها إسرائيل لعقود. وما تحقق حتى الآن، رغم كل الضغوط والعراقيل، يثبت أن الإصرار على المساءلة القانونية قادر على إحداث تغيير حقيقي في ميزان العدالة الدولية.

أهمية الرعاية الدولية لتعظيم الزخم القانوني

ومع ذلك، فإن نجاح هذه التحركات الحقوقية، على أهميتها، لا يمكن أن يعتمد فقط على جهود النشطاء والخبراء القانونيين، بل يحتاج إلى دعم ورعاية من الدول التي تلتزم بالقانون الدولي وتسعى لحماية مبادئ العدالة. فتعظيم الزخم القانوني لا يتحقق فقط عبر الاجتماعات والمؤتمرات، بل من خلال تبني الدول لهذه المبادرات الحقوقية في سياساتها الخارجية، ودعمها في المؤسسات الدولية، وخلق تحالفات قانونية تعزز من فرص محاسبة مرتكبي الجرائم.

إن التفاعل القانوني وحده ليس كافيا ما لم يقترن بدعم دبلوماسي، وقرارات سياسية شجاعة، والتزام رسمي بإنفاذ القوانين الدولية. وهذا ما يجعل دور الحكومات والبرلمانات والأحزاب السياسية الداعمة لحقوق الإنسان محوريا في تحويل المساءلة القانونية من هدف إلى واقع ملموس.

مقالات مشابهة

  • نصرالله .. القائد الذي نصر اليمن عندما خذله العالم
  • إنطلاقة جديدة للمؤسسات السياحية.. وتفاؤل بانعكاس الاستقرار السياسي والأمني على القطاع
  • كواليس المواجهة المغربية الجزائرية في القمة الإفريقية (حوار مع الموساوي العجلاوي)
  • الركراكي: المغرب أصعب منتخب يمكن تدريبه
  • ‏وفد وزارة الخارجية الليبية يمثل ليبيا في المؤتمر الوزاري العالمي بمراكش المغربية
  • أوجار يدعو إلى ترافع حزبي يعزز النجاحات الدبلوماسية للمملكة في قضية الصحراء المغربية
  • مؤتمر العدالة لضحايا الإبادة الجماعية في غزة: محطة مفصلية في مسار المساءلة الدولية
  • فيديو.. أول ظهور للفنانة المغربية دنيا بطمة بعد السجن
  • الشرقاوي: منع دخول نواب أوربيين معادين للمغرب قرار سيادي لا يمكن التنازل عنه
  • رداً على منع إستيراد السيارات المصنعة بالمغرب…حظر دخول السلع المصرية للأسواق المغربية