ثلاثون عاما من #المقاومة_الفردية بعد انتهاء #الحرب جاء #الاستسلام
#موسى_العدوان

التحق الشاب هيرو أونودا بالجيش الياباني عام 1942 عندما كان عمره 20 عاما، وخضع لتدريب #الكوماندو الشاق ليصبح ضابطا يستطيع مواجهة المهمات الصعبة. وفي ديسمبر 1944 استدعاه قائداه الرائد يوشيمي وتاكا هاشي، ليبلغاه بأنه سيقود مع مجموعة صغيرة من الجنود عملية خاصة، إذ سيهبط مع مجموعته بالمظللات في جزيرة ( لو بانغ ) الفلبينية، لمساعدة الحامية المحلية هناك، في تنفيذ أعمال تخريبية ضد #الأمريكان في الجزيرة.

وقبل أن يودعاه قال له الرائد يوشيمي بحزم : ” يمكن أن تستمر مهمتك من 3 – 5 سنوات للعمل داخل الغابة. وحتى ذلك الوقت ستكون أنت قائدا لأي جندي يتواجد في الجزيرة. إن لم تجدوا ما تأكلوه قد تضطرون لأكل جوز الهند والفواكه المتوفرة هناك. ولكن من المهم أن لا يحظر على بالكم تحت أي ظرف من الظروف، أن تنهوا حياتكم بصورة اختيارية “.

وما أن هبطت هذه القوة الخاصة في جزيرة #لوبانغ، حتى انهال عليها القصف المدفعي الأمريكي، فأوقع بأفرادها بعض الإصابات، وتفرّق الناجون منهم في الغابة. وجد أونودا نفسه مع 3 جنود هم : شيمادا، كوزوكا، أكاستو، في منطقة معينة من الغابة. فبدأ الأربعة ينظمون أسلوب ( تعايشهم ) في تلك الغابة، وراحوا يستولون على أرز القرويين أحيانا لطهي طعامهم، والاعتماد على أكل الموز والمانغو وجوز الهند المتوفر في الغابة. أما اللحم فكان من الصعوبة الحصول علية، إلاّ إذا صادفوا حيوانا ضائعا ذبحوه وتمتعوا بالأكل من لحمه، وجففوا ما تبقى لاستعماله لاحقا. فبدأ أفراد هذه القوة الصغيرة بتنفيذ المهمة، وراحوا ينصبون الكمائن للدوريات الأمريكية، ويشنون #الهجمات على القرى التي يعتقدون انها مواليه للعدو.

مقالات ذات صلة احزاب الموالاة واحزاب المعارضة الاردنية 2023/09/09

في أوائل شهر أغسطس / آب 1945 ضربت القوات الأمريكية مدينتي هيروشيما وناغازاكي بالقنبلتين الذريتين ودمرتا المدينتين وأوقعتا مئات الآلاف من القتلى والمصابين، دون أن تعلم هذه المجموعة ما حدث. وفي أوقات لاحقة عثر أونودا ورجاله على منشورات قرأوا فيها :

” انتهت الحرب منذ 15 أغسطس / آب 1945، انزلوا من الجبال “، فتساءلوا بين بعضهم : ” هل يمكن أن يكون الإمبراطور الذي لا يُقهر قد خسر الحرب ؟ ” وهو ما ردوا عليه بالنفي القاطع، معتبرين أن ما وجدوه، لا يعدو عن كونه خدعة أمريكية، لجعلهم يقعون في فخ الاستسلام.

في سبتمبر / أيلول 1949 هرب أكاستو تاركا رفاقه الثلاث، وظل تائها في الغابة 6 أشهر ثم استسلم أخيرا للأمريكيين، وأجبر على كتابة رساله إلى رفاقه السابقين لإقناعهم بتقليده، لكنهم اعتبروا ذلك فخا وواصلوا القتال دون هوادة. وبعد 5 سنوات أي في 7 مايو / أيار 1954، فتحوا النار على دورية كانت تبحث عنهم، فردت بقتل شيمادا وفر أونودا وكوزوكا مصرين على قناعتهما، باستمرار القتال في أعماق الغابة، إذ امتدت لِ 19 عاما إضافية.

في أكتوبر / تشرن أول 1972 وبينما كان المقاتلان يجهزان لحرق محصول الأرز في قرية يُفترض أنها معادية، فاجأتهما دورية فلبينية وجرى تبادل اطلاق النار بينهما أسفر عن مقتل كوزوكا بعد 27 عاما من المقاومة البطولية، ولم يبقَ على قيد الحياة سوى أونودا.

فشلت جميع البعثات التي أرسلت للبحث عنه، إلى أن جاء للغابة ، شاب ياباني اسمه نوريو سوزوكي في ربيع عام 1974 وعثر على أونودا. وبعد أن أوضح له حقيقة ما آلت إليه الأمور في اليابان واستسلامها للولايات المتحدة، وافق على الاستسلام، بشرط أن يأتيه أمر من قائده السابق في ذلك الحين الرائد يوشيمي.

عاد سوزوكي إلى اليابان، وبمساعدة السلطات اليابانية، تمكن من العثور على الرائد السابق يوشيمي، الذي أصبح حينها بائعا للكتب، وأقنعه بالذهاب معه إل جزيرة لوبانغ لمقابلة أونودا. وعندما التقى الرجلان، تأثرا بشدة وانحنى كل منهما للآخر تحية واحتراما. ثم فتح يوشيمي وثيقة وقرأ فيها على مسامع أونودا :

” لقد انتهت هذه الحرب، وأعطيك الأمر بوقف القتال “. بعد ذلك انحنى المقاتل الشجاع وأفرغ بندقيته من العتاد ثم وضع حمولته على الأرض استعدادا لعودته إلى الوطن، متسائلا في نفسه، لماذا لم يُقتل هو الآخر كما رفاقه ؟

عاد أونودا إلى بلده في اليابان واستُقبل استقبال الأبطال. ولكن ذلك المقاتل الذي غاب عن بلاده أكثر من ثلاثين عاما، لم يتحمل صدمة التغيير التي شهدها المجتمع بعده. فهرب إلى البرازيل وأصبح مربيا للماشية، ثم أنشأ معسكرا للشباب، الذين يريدون الانغماس في الطبيعة بعيدا عن الحروب.

* *
هذه المقاومة العنيدة والتمسك بالأوامر، التي نفذتها مجموعة صغيرة تقلّ عن عدد أصابع اليد الواحدة، لم تكن غريبة على الشعب الياباني الذي عُرف عنه : الإيمان الوطني العميق، الإخلاص بالعمل، التصميم على تحقيق الهدف، الانضباط الشديد، والتمسك بالأوامر.

إضافة إلى كل ذلك، اعتقاده بأن حاكمهم الإمبراطور ليس شخصا عاديا، بل أنه أعلى سلطة لديانة الشنتو اليابانية، وقائدا للدولة يحمل لقب ( الميكادو). وما زلنا نتذكر عمليات ( كاميكاز )، الانتحارية، التي قام بها الطيارون اليابانيون، ضد الأسطول الأمريكي في ميناء بيرل هاربر.

لم يقتصر الدفاع عن الوطن على الرجال اليابانيون فحسب، بل شمل النساء أيضا. ومنذ عام 1991 سُمح للنساء بالانضمام إلى ما يقارب من 80 % من أفرع القوات المسلحة اليابانية. ومن الأمثلة على مشاركة النساء في الحروب، تلك الفتاة اليابانية التي كانت تعمل ممرضة في مصر، التي لبت نداء العودة إلى بلادها، للمشاركة في الحرب العالمية الثانية.

وعندما قيل أنها ظبية لا تُحسن القتال رفضت هذا الادعاء، فكتب الشاعر المصري الكبير حافظ إبراهيم قصيدة طويلة، عبر بها عن مشاعرها، فجاء في بعض أبياتها :
أنــا يـابــانـيـة لا أنـثـنـــي * * عن مــرادي أو أذوق العطبـا
أنا إن لم أحسن الرمـي ولم * * تستطع كفــاي تقلـيـب الظُبـا
أخدم الجرحى وأقضي حقهم * * وأواسي في الوغى من نُكبـا
هكـــذا الميــكادو قد علّمنــا * * أن نرى الأوطان أمــا وأبـــا
ملـــك يكـــفيــك منــه أنــه * * أنـهض الشرق فهزّ المــغربــا

التاريخ : 9 / 9 / 2023

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: المقاومة الفردية الحرب الاستسلام الأمريكان الهجمات

إقرأ أيضاً:

مئات الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باستكمال صفقة التبادل

متابعات ـ يمانيون

تظاهر مئات المستوطنين الصهاينة، مساء اليوم الأحد، مطالبين رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو باستكمال صفقة تبادل الأسرى مع المقاومة في غزة.

وأفادت وسائل اعلام العدو بأن المتظاهرين احتشدوا قرب مقر “الكنيست” في مدينة القدس المحتلة للمطالبة باستعادة الأسرى الصهاينة من غزة.

يأتي ذلك بعد ساعات من قرار مجرم الحرب بنيامين نتنياهو إغلاق المعابر مع غزة ووقف جميع البضائع والإمدادات إلى القطاع.

وهاجمت عائلات الأسرى الصهاينة قرار نتنياهو مؤكدة أنه صادم ويعرّض حياة الأسرى للخطر.

ونقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت” عن عائلات أسرى، اتهامهم نتنياهو بالسعي لإفشال المرحلة الثانية من الصفقة عبر وقف المساعدات، ما سيدخل مصير الأسرى في نفق مظلّم ويهدد باستئناف الحرب.

وانتهت يوم أمس السبت، المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة بين المقاومة والاحتلال الصهيوني، والتي امتدت لـ42 يومًا، في ظل مماطلة الأخير ومحاولته تمديدها، وعدم الخوض في المرحلة الثانية من الاتفاق الذي تم بوساطة مصرية قطرية أمريكية.

وخلال هذه المرحلة، أفرجت حركة “حماس” والفصائل الفلسطينية عن 33 أسيرًا صهيونيا في قطاع غزة، بينهم ثمانية جثث، في المقابل أطلقت “إسرائيل” سراح حوالي 1700 فلسطيني من سجونها.

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو يعلم أن انتهاء الحرب يجبرهم على الإجابة على إخفاقات كثيرة مضت
  • ما هي الدول الأوروبية التي ستشارك في "تحالف الراغبين" من أجل أوكرانيا؟
  • الرقب: نتنياهو يعلم أن انتهاء الحرب يجبرهم على الإجابة على إخفاقات كثيرة
  • تهديدات باستئناف القتال.. إسرائيل تدق طبول الحرب قبل القمة العربية الطارئة
  • ما هي الأسباب التي تعزز فرص الهجوم الإسرائيلي على إيران؟
  • مئات الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باستكمال صفقة التبادل
  • اهالي الأسرى الصهاينة يتظاهرون للمطالبة باتمام الصفقة غزة
  • محللون: المقاومة لن ترضخ لمحاولات نتنياهو ابتزاز الفلسطينيين
  • هل تعوض قناة السويس خسائرها بعد انتهاء الحرب في غزة؟
  • إعلام عبري: نتنياهو يبحث استئناف الحرب بعد انتهاء المرحلة الأولى