ألقي فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، اليوم السبت، كلمة بافتتاح المؤتمر الدولي الرابع والثلاثون للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، والذي جاء تحت عنوان " الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني"، برعاية كريمة من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية.

في بداية كلمته، رحب وكيل الأزهر، بضيوف مصر الأكارم، الذين حضروا لمصر للمشاركة في المؤتمر، ناقلا لهم تحيات فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر أ.

د أحمد الطيب، ورجاءه أن يخرج هذا اللقاء الطيب بتوصيات جادة تعمل على توطين مبادئ العمل البناء والاجتهاد المثمر في ظل ما تتعرض له أوطاننا من محاولات تستهدف قوتها وقيمها.

وأوضح وكيل الأزهر أن الفضاء الإلكتروني أصبح أداة فاعلة في أيدي الأمم لتعظيم الثروة وتمكين السلطة وتحقيق المجد وصيانة الهوية، لافتا إلى أن بعض ما يحمله الواقع أحيانا لا يترك لنا فرصة ولا اختيارا في قبوله أو رفضه، وإنما يوجب إيجابا شديدا أن نتعامل معه، بما يؤكد دور الضوابط الضرورية التي تضمن تحقيق المصلحة ودرء المفسدة.

وبين وكيل الأزهر أنه على الرغم من أن الفضاء الإلكتروني يحمل من الإمكانيات ما يساعد المؤسسات والحكومات والمجتمعات على تحقيق أهدافها، فإنه من تمام الوعي إدراك ما يحمله هذا الفضاء من تحديات وتهديدات توجب علينا حماية فكرنا وثقافتنا وقيمنا من محاولات الاختطاف أو التشويه من قبل أفكار مغلوطة ومشروعات منحرفة تبث سمومها عبر هذا الفضاء الإلكتروني.

ولفت د.الضويني، إلى أن العالم يشهد العديد من التحولات العميقة، نتيجة النمو المتسارع في حجم البيانات والمعلومات والتي أدت بدورها لظهور عدد كبير من العلاقات والنشاطات المختلفة على المستوى العالمي، موضحا أن من أبرز هذه التحولات تلك التكنولوجيا الحديثة التي جعلت العصر الحالي عصر الثورة الرقمية والإلكترونية التي تمارس نشاطها في فضاء إلكتروني، مؤكدا أنه ما زال يحتاج إلى قواعد حاكمة وضوابط هادية، حتى يمكننا استثماره الاستثمار الأمثل.

وحذر وكيل الأزهر من خطورة التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، حتى أصبح التعامل بضغط أزرار الحاسوب أو لمس أيقونات الشاشات الذكية، هو في حقيقة الأمر ضغط على مكانة مجتمعات وهوية أمم ومقدرات شعوب، ولمس لمشكلات أكثر حساسية تعقيدا وأثرا.

وأوضح وكيل الأزهر أن التكنولوجيا الحديثة تعد نعمة من نعم الله على الخلق، مؤكدا أن حق النعمة أن تشكر، مؤكدا أن شكر هذه النعمة يكون باستعمالها استعمالا صحيحا يخدم الإنسانية مادة وروحا، ويوصلها إلى سعادتها دنيا وأخرى، لافتا إلى أن أحد آليات شكر هذه النعمة هو توظيفها في الخطاب الديني، بما يؤكد أن التجديد ليس أمرا مشروعا أو جائزا أو مقبولا فحسب، بل هو حق من حقوق العقل المسلم وضرورة حياتية للإنسان المسلم، وبدونه تحدث الفجوة بين الشريعة ومقتضيات الواقع ومتطلباته.

وأكد وكيل الأزهر أن يسر الدين الإسلامي ومرونته و صلاحيته لكل زمان ومكان تقتضي أن يكون الخطاب الديني مناسبا للعصر، ومستخدما ما يناسب من وسائل مشروعة، تضمن نقل الدعوة إلى الله وعرضها على المدعوين بأفضل الطرق والوسائل.

وأضاف وكيل الأزهر أن الداعية، بحكم وظيفته والأمانة التي يحملها، مطالب بأن ينوع أساليب دعوته، وأن يتبنى من الأدوات ما يعينه على أداء رسالته، مؤكدا أن الإسلام لم يجعل وسائل الدعوة محدودة ولا جامدة، بل جاء بالإطار العام للمنهج، وترك لنا النظر فيما هو مقنع، مشددا على أن المطلوب في الدعوة الحكمة، ومن ضمنها الحكمة في استخدام الوسيلة المناسبة التي تؤدي إلى الغرض المطلوب.

وحذر وكيل الأزهر من أن الفضاء الإلكتروني قد يتحول إلى نقمة إذا أسيء استخدامه، بدليل وجود الإرهاب الإلكتروني، مؤكدا أنه نوع خطير يصعب تعقب فاعله ومنشئه ومروجه، وخاصة حين يعمل على نشر الشائعات وتحريف المفاهيم، وبث الأكاذيب والأباطيل والشبهات التي تشوه جمال الإسلام، وتأخذ الشباب بعيدا عن سعته إلى ضيق فهم وأحادية فكر وضلال رأي.

وأكد وكيل الأزهر أن الصورة المغلوطة عن الإسلام والمسلمين في أذهان الغرب، هي ضلال مبين ألصق بالإسلام زورا وبهتانا، موضحا أنها نتيجة عملت عليها التكنولوجيا غير المنضبطة والإعلام الموجه والأقلام المسمومة والألسنة الزائفة والعقول المستأجرة، خاصة بعد أن جرأ الفضاء الإلكتروني غير المؤهلين من الناس أن يتولوا أشرف مهمة، وأجل رسالة، فهم يتصدرون للفتوى في واقع الناس على غير علم، فيأخذونهم إما إلى التطرف أو الانحلال، مشددا على أن هذا الواقع المر يضعنا أمام أمانة عظيمة، تحتاج إلى جهد كبير من كافة المؤسسات الدينية، لوضع خطط عمل محكمة تخدم قضايا الإسلام.

وأوضح الدكتور الضويني، أن الأزهر الشريف أنشأ "مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية"، والذي يعمل على نشر الفتاوى المنضبطة، ويرصد الفكر المنحرف ويتصدى له، وذلك إيمانا من الأزهر برسالته وأداء لدوره، وحرصا على إيصال الفتوى الصحيحة إلى طالبها، وقطعا للطريق على غير المؤهلين.

واختم وكيل الأزهر كلمته موجها عددا من الرسائل الموجزة وهي إن الشعوب الواعية هي التي لا تضع رأسها في الرمال خوفا، بل هي التي تقتحم المستقبل بمنهجية مدروسة، و إن ما تتيحه الرقمنة من إمكانيات فرصة حقيقية لإعادة النظر في كثير من الأنشطة وحسن استثمار الموارد واتخاذ القرارات الصائبة.

وإن تحقيق نهضة الأمة لا يكون إلا بالسير في خطين متوازيين الأول: خط ينطلق من الهوية المستقرة والمرتكنة إلى مكونات واضحة، والثاني خط مواز ننفتح فيه على عطاء العصر بما يمكننا من توظيفه واستثمار، ويجب أن نعمل على زيادة الوعي بما في الواقع من تحديات، وأن نعرف ما يراد بأوطاننا وأمتنا، وأن تقوى ثقة الناس في مؤسساتنا، وأن نستفيد من معطيات الواقع حتى لا نتخلف عن ركبه.

كما أعرب وكيل الأزهر عن أمله بأن يخلص مؤتمر "الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني" إلى حالة من التوافق الفكري حول هذا الفضاء الإلكتروني، وكيفية استثمار إمكانياته، بما يصون الناس في أوطانهم، ويحفظ عليهم عقائدهم وعباداتهم.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: مؤتمر وكيل الأزهر تحديات الفضاء الإلكتروني تهديدات الأمم الفضاء الإلکترونی مؤکدا أن

إقرأ أيضاً:

بعد التهديدات الأمريكية.. الصراع بين واشنطن وطهران يشتعل وتهديدات بحرب نووية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

مع استمرار الحصار الخانق على قطاع غزة، رغم اتفاق وقع عليه بوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات إلى القطاع، خرجت جماعة الحوثي اليمنية، لتعلن استهداف السفن التابعة لإسرائيل أو الداعمة لها، في البحر الأحمر وباب المندب.
قرار الحوثي، أثار الحفيظة الأمريكية، وخاصة بعد عودة دونالد ترامب، إلى سدة الحكم، ليعلن أنه سيشن ضربات ساحقة ومميتة على الحوثيين، في تطور جديد تشهده المنطقة، ولكن الأمر ازدادت حدته مع تهديد الرئيس الأمريكي، إيران، بشكل واضح، بأنها ستكون تحت مرمى النيران حال عدم تخليها عن جماعة الحوثي، وهو الأمر الذي اعتبرته طهران تدخلا في شؤونها وهددت بالرد على أي تهديد.
وفي أحدث فصول العلاقات المتوترة بين الولايات المتحدة وإيران، أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إرساله رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، يعرب فيها عن أمله في بدء مفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، محذرًا من إمكانية اللجوء إلى العمل العسكري إذا استمرت إيران في تطوير سلاح نووي.
وتأتي هذه الخطوة في سياق سياسة "الضغط الأقصى" التي تنتهجها الإدارة الأمريكية، والتي تهدف إلى فرض عقوبات اقتصادية مشددة على إيران، خاصة في قطاعي النفط والتصنيع العسكري، بهدف إجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات.
ومع ذلك، تظل هناك تساؤلات حول فاعلية هذه الاستراتيجية، خاصة في ظل رفض إيران المتكرر للتفاوض تحت الضغط، واستمرارها في تعزيز قدراتها النووية.
في هذا السياق، أشار تقرير لموقع «ذا هيل» إلى أن الوقت ينفد أمام الدبلوماسية بين طهران وواشنطن، وأنه يتعين على الرئيس ترامب العمل على تهدئة التوترات مع إيران والتوصل إلى اتفاق، وإلا فإن البديل المحتمل هو "حرب كارثية" على الاستقرار الإقليمي والمصالح الأمريكية.
وبينما تستمر الإدارة الأمريكية في التلويح بالعصا، يبقى السؤال مطروحًا حول ما إذا كانت هذه الاستراتيجية ستؤدي إلى نتائج ملموسة أم ستزيد من تعقيد المشهد الإقليمي.
يذكر أن العلاقات الأمريكية- الإيرانية تشهد تصاعدًا ملحوظًا في التوترات خلال السنوات الأخيرة، مع تبادل التصريحات والتهديدات، وفرض العقوبات المتبادلة، ففي أكتوبر ٢٠٢٤، نفذت إيران هجومًا صاروخيًا على إسرائيل، حيث أطلقت أكثر من ١٨٠ صاروخًا باليستيًا، مما أثار مخاوف من تصاعد الصراع إلى حرب إقليمية شاملة، وأكد الجيش الإسرائيلي أن معظم الصواريخ تم اعتراضها بنجاح، مع وقوع بعض الضربات في مناطق وسط وجنوب إسرائيل.
من جهتها، حذرت روسيا من أن تبادل الهجمات الصاروخية بين الولايات المتحدة وإيران قد يؤدي إلى اندلاع حرب نووية إقليمية واسعة النطاق.
وأشار مسؤول روسي، إلى أنه في حال تأكد سقوط ضحايا أمريكيين نتيجة الهجوم الإيراني، فإن الولايات المتحدة قد ترد، مما يزيد من خطر التصعيد العسكري.
هذه التطورات تعكس تعقيد المشهد السياسي في المنطقة، حيث تتداخل المصالح الإقليمية والدولية، مما يستدعي متابعة مستمرة للتطورات لضمان فهم أعمق للأحداث وتداعياتها المحتملة.

مقالات مشابهة

  • إيران عن رسالة ترامب: تضمنت فرصاً وتهديدات وسنرد عليها بالوقت المناسب
  • بعد التهديدات الأمريكية.. الصراع بين واشنطن وطهران يشتعل وتهديدات بحرب نووية
  • «حصة قراءة» يستضيف وكيل الأزهر الشريف
  • إعلام النواب: يجب اتخاذ خطوات فاعلة من المجتمع الدولى لوقف العدوان على غزة
  • وكيل الأزهر يتفقَّد الإفطار الجماعي بالجامع الأزهر.. صور
  • وكيل الأمم المتحدة: قطع الكهرباء عن غزة يزيد من تردي الأوضاع الإنسانية
  • سمير عثمان: أحمد عبد الملك «مشاغب كبير».. ولابد أن ينتهي «العناد» بين حكم الساحة والفيديو
  • بحضور وكيل الأزهر ووزير الأوقاف ومفتي الجمهورية.. الجامع الأزهر يحتفل بذكرى غزوة بدر الكبرى
  • الجندي: الأزهر يولي اهتمامًا كبيرًا بعلوم الفضاء لدعم التكامل بين العلم والإيمان
  • وكيل مجلس الشيوخ: منظومة الحماية الاجتماعية تواجه تحديات متعددة