معركة تراشق دبلوماسية بين السودان والاتحاد الأفريقي والإيجاد
تاريخ النشر: 9th, September 2023 GMT
اندلعت معركة تراشق دبلوماسية حادة عن طريق البيانات المتبادلة بين وزارة الخارجية السودانية و رئاسة مفوضية الإتحاد الأفريقي علي خلفية نشر يوسف عزت المستشار السياسي لمحمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع علي منصة أكس " توتير سابقا" لقاء جمعه مع موسى محمد فكي رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي ، و محمد الحسن ولد لبات ، مدير مكتبه، يوم ٣ سبتمبر الماضي في مقر الإتحاد بأديس أبابا.
وإتهمت وزارة الخارجية السودانية في بيانها الثاني الأخير بخصوص الأزمة بعض قرارت مكتب رئيس المفوضية بأنها تخدم أجندة لاتمثل مصالح القارة، و طلبت ان يخضع تعيين كبار موظفي مكتب رئيس الإتحاد للتصويت من الدول الأعضاء ،والتأكد من أنهم على المستوى المطلوب من الاستقامة والمهنية والإتزان النفسي، وقالت انها سابقة شاذة وبغيضة أن يتطاول موظف معين من الجهاز التنفيذي للمفوضية، على دولة مؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية عام ۱۹٦٣ والاتحاد الأفريقي عام ٢٠٠٢.
وقد بدأت الأحداث بإصدار وزارة الخارجية السودانية بيانها الأول يوم ٤ سبتمبر في اليوم التالي علي خلفية الإعلان عن لقاء ممثل حميدتي برئيس المفوضية أعربت فيه " عن رفضها واستنكارها لهذا اللقاء الذي وصفته أنه "يمثل سابقة خطيرة في عمل الاتحاد الأفريقي ومخالفة واضحة لنظم وأعراف المنظمة القارية، وكل المنظمات الدولية، بإعتبارها تجمعاً لدول ذات سيادة، لا مكان فيها للحركات المتمردة والمليشيات الإرهابية الإجرامية"
وأضافت " إن استقبال رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي لممثلي المليشيا المتمردة هو بمثابة منح الحركات المعارضة المسلحة والمليشيات شرعية لا تستحقها مع ملاحظة أن هناك عدداً كبيراً من هذه الحركات بالدول الأعضاء في الإتحاد الأفريقي."
وإعتبرت وزارة الخارجية السودانية أن هذا "يمثل تهديداً مباشراً لسيادة الدول الأعضاء والأمن والاستقرار بالقارة بأسرها ."
وأشارت الوزارة أنها خاطبت الحكومة السودانية مفوضية الإتحاد الإفريقي في ٢٤ مايو الماضي بأن قائد قوات الدعم السريع المتمردة قد فقد موقعه الدستوري بعد تمرده على الدولة "
وطلبت الوزارة " عدم التعامل معه أو من يمثله."
وإستغرب وزارة الخارجية السودانية "إصرار رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي على التمادي في التعامل مع مليشيا متمردة تمارس أسوأ الممارسات الإرهابية وأبشع الفظائع ضد المدنيين والنساء والأطفال .
وتطلبت سفارة السودان بأديس أبابا لقاءاً مع رئيس مفوضية الإتحاد الإفريقي للاحتجاج على هذه الخطوة ومعرفة دوافعها وأسبابها غير المفهومة وغير المبررة.
ممادعي محمد الحسن لبات الناطق الرسمي باسم رئيس مفوضية الاتحاد الافريقي في الملف السوداني الي إصدار بيان توضيحي يوم ٧ ستمبر تحت عنوان حول مقاربة الاتحاد الافريقي في التواصل مع الاطراف السودانية"
قال فيه " رغم المستوي غير المسؤول للبيان "وزارة الخارجية السودانية "فإني انتهز فرصة نشره للتذكير بان الاتحاد الافريقي النظام تهدف تلك الاتصالات الي التشاور معها وتشجيعها علي السير بشجاعة و تبصر و حكمة صوب ايقاف الاقتتال المدمر للسودان والانخراط في مسلسل سياسي عبر حوار وطني جامع لا اقصاء فيه .
وأشار لبات بان هذا السلوك متطابق مع قرارات و توصيات مجلس السلم والامن الذي يطلب من رئيس المفوضية تكثيف الجهود مع كافة الاطراف بلا استثناء لهذا الغرض .
وأشار لبات في بيانه أن جميع الاطراف الدولية مثل مسار "جدة" التي تطور بعض المقاربات لحل الازمة . السودانية تنهج نفس المنهج بدون ان تثير اي تحفظ معلن لاي طرف من اطراف النزاع و عليه يشكل حرف و روح الخطاب أنف الذكر تشجيعا للاتحاد الافريقي علي التشبث بهذا التوجه لما في مقاربته للازمة المستمرة في السودان يلتقي بكافة الاطراف المدنية والعسكرية و الاجتماعية علي اختلاف انواعها بمن فيهم بعض دعائم النظام المخلوع سنة ۲۰۱۹ رغم الاعتراضات الشديدة لبعض القوي التي اطاحت بذلك وأضف لبات الخطاب يعكس عن حاجة ماسة الي جهد المصالحة ونبذ الاقصاء والتعالي والغطرسة والحقد و الاستهجان ورفض الاخر .
وأكد أن ان الاتحاد الافريقي سيظل ساعيا مع الاشقاء الافارقة و العرب وشركائه الدوليين الي بلورة مسار سیاسي مبني بقوة و منهجية علي اسس ومباديء المنظمة القارية وقراراتها ذات الصلة و لن يثنيه .. اي شكل من اشكال القذف او الاستهجان عن ذلك.
فعادت وزارة الخارجية السودانية وأصدرت بيانا ثانيا جديدا أمس للرد علي بيان مدير مكتب رئيس مفوضية الإتحاد أعربت فيه عن دهشتها واستنكارها للدرك السحيق الذي انحدر إليه الناطق الرسمي باسم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي في الملف السوداني في تعليقه على البيان الذي سبق ان أصدرته وزارة الخارجية يوم ٤ سبتمبر الجاري ،
ووصفت الوزارة البيان بأنه " تعليق لا يستحق رداً عليه لولا اشفاقنا على التردي الذى وصل اليه مستوى بعض موظفى منظمة كان السودان من مؤسسيها الأوائل، لأن لغته الهابطة ومحتواه الفـج وما فيه من إسفاف تأكيد لما عبر عنه بيان الوزارة المشار إليه "
وأضافت الوزارة في بيانها ان التعليق المذكور " سيسجل كأول سابقة شاذة وبغيضة أن يتطاول موظف معين من الجهاز التنفيذي للمفوضية، المساءل أمام المجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، على دولة مؤسسة لمنظمة الوحدة الأفريقية عام ۱۹٦٣ والاتحاد الأفريقي عام ٢٠٠٢ .
وأفادت وزارة الخارجية السودانية أنه "لن تكون المنظمة القارية قادرة على أداء رسالتها لتوحيد أفريقيا في ظل غيابها، لأنها هي التي تربط كل أقاليم القارة ببعضها وتحتضن كل المجموعات الثقافية والعرقية في القارة فضلا عن إمكاناتها الاقتصادية وقدرتها على إطعام أفريقيا وما وراءها .
و طلبت الخارجية السودانية ان يخضع تعيين كبار موظفي مكتب رئيس الإتحاد للتصويت من الدول الأعضاء قائلة "ينبغي أن يستدعي هذا السقوط من أحد كبار موظفي مكتب رئيس مفوضية الإتحاد الأفريقي مراجعة شاملة للطريقة التي يدار بها المكتب وما يجري من تعيينات لبعض كبار الموظفين التي لا تخضع للتصويت من الدول الأعضاء، والتأكد من أنهم على المستوى المطلوب من الاستقامة والمهنية والإتزان النفسي .
وختمت وزارة الخارجية السودانية بيانها بإتهام بعض قرارت مكتب رئيس المفوضية انها تخدم أجندة لاتمثل مصالح القارة قائلة " ولحين حدوث ذلك لن يكون غريباً أن تتسم بعض قرارات مكتب رئيس المفوضية بإزدواج المعايير وعدم الاتساق وخدمة أجندة لاتمثل مصالح القارة وهي غريبة عليها."
وكانت الخارجية السودانية قد هددت في بيان لها اخر يوم الخميس الماضي ، بالنظر في استمرار عضوية السودان في منظمة التنمية الحكومية "إيجاد"، احتجاجاً على بيان صادر عن رؤساء الدول في المنظمة، تمسك برئاسة كينيا للجنة الرباعية لحل الأزمة السودانية.
وجددت اتهامها لدولة كينيا بانحيازها واستضافتها لقيادات قوات الدعم السريع المتمردة ،وعبرت عن أسفها لخلو البيان من أي إشارة لحكومة السودان، وضرورة التشاور معها والحصول على موافقتها في الخطوات التي تنوي «إيجاد» اتخاذها بخصوص الأزمة.
واعتبرت السودان بيان اللجنة الرباعية لايحاد انتقاصاً من سيادة السودان ، ومنح الاتحاد الأفريقي و«إيجاد» تفويضاً لوضع أسس عملية سياسية يمتلكها السودانيون، وتحديد الأجندة والمشاركين ومكان الانعقاد.
وأشارت الخارجيةً السودانية إلى أن بيان الرباعية للإيفاد تجاهل أي إشارة للفظائع المريعة التي ترتكبها قوات "الدعم السريع المتمردة" والتي لم تجد إدانة من إيقاد والاتحاد الأفريقي. واعترضت الخارجية السودانية على اعتبار الجيش الوطني الذي يدافع عن البلاد وشعبها ضد التقتيل والتطهير العرقي والاغتصاب مجرد طرف يوازي قوات الدعم السريع التي تمارس كل تلك الفظائع.
وأوضحت الخارجية السودانية إنه إذا لم تستجب إيقاد لطلب تغيير رئاسة اللجنة فستعيد حكومة السودان النظر في جدوى استمرارها في المنظمة التي تأسست بمبادرة منها
وكان رؤساء دول وحكومات المجموعة الرباعية التابعة لـ إيجاد، عقدوا إجتماعا الأربعاء الماضي في العاصمة الكينية نيروبي، على هامش قمة المناخ الأفريقية لعام 2023، لتقييم تنفيذ خارطة طريق بالتنمية بالسلام في السودان. وترأس الاجتماع ويليام ساموي روتو، رئيس جمهورية كينيا، رئيس كينيا، ورئيس اللجنة الرباعية بحضور رئيس جيبوتي، إسماعيل عمر قيلي، ورئيس حكومة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، ووزير الدفاع الإثيوبي أبراهام بيلاي.
وأدان الاجتماع بشدة الحرب الدائرة في السودان ، داعياً الأطراف المتحاربة إلى الوقف الفوري لجميع الأعمال العدائية، وأكدوا أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في السودان، وجددوا التزام رؤساء دول وحكومات المجموعة الرباعية بعقد اجتماع مباشر بين الأطراف المتحاربة ، وكلف الاجتماع الاتحاد الأفريقي "إيجاد" بتسريع المشاورات لتحديد جدول أعمال والمشاركين فيه، لدعم حوار سياسي يقوده السودانيون بأنفسهم..
الجدير بالذكر إلى أن الدكتور محمد الحسن ولد لبات عميد سابق لكلية العلوم القانونية والاقتصادية ورئيس سابق لجامعة نواكشوط ، وزيرا سابقا لخارجية موريتانيا وعمل بمنظمة الفرانكفونية ،وعينه الاتحاد الإفريقي مبعوثا خاصا إلى السودان عام ٢٠١٩ .
ومن ناحية أخري " إيجاد" هي منظمة حكومية إفريقية شبه إقليمية، تأسست عام 1996، تتخذ من جيبوتي مقرا لها، وتضم كلًا من: إثيوبيا، وكينيا، وأوغندا، والصومال، وجيبوتي، وإريتريا، والسودان، وجنوب السودان.
وقد تم إنشاء الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية إيجاد (IGAD)في شرق إفريقيا في عام 1996 لتحل محل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالجفاف والتنمية إيجاد (IGADD) التي تأسست عام 1986 للتخفيف من آثار الجفاف الشديد المتكرر والكوارث الطبيعية الأخرى التي أدت إلى انتشار المجاعة على نطاق واسع، وذلك فضلا عن التدهور البيئي والصعوبات الاقتصادية في المنطقة.
IMG-20230909-WA0025 IMG-20230909-WA0023 IMG-20230909-WA0022 IMG-20230909-WA0024 IMG-20230909-WA0021 IMG-20230909-WA0025 IMG-20230909-WA0023 IMG-20230909-WA0022 IMG-20230909-WA0024 IMG-20230909-WA0021
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزارة الخارجية السودانية ر يوسف عزت حميدتي وزارة الخارجیة السودانیة مفوضیة الإتحاد الإفریقی رئیس مفوضیة الإتحاد والاتحاد الأفریقی الاتحاد الأفریقی الاتحاد الافریقی الإتحاد الأفریقی رئیس المفوضیة الدول الأعضاء الدعم السریع فی السودان قوات الدعم مکتب رئیس IMG 20230909
إقرأ أيضاً:
العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية
الفيتو الروسي اليوم (18 نوفمبر 2024م) أبطل مشروع قرار الدول الغربية الذي قدمته بريطانيا لمجلس الأمن، والرامي لشرعنة التدخل الإنساني في السودان، وحظر الجيش وكافة عملياته، بالتوقف القسري لجميع العمليات ضد الميليشيا وشرعنة النهب والاغتصاب وقتل المدنيين، مما يعني عمليا تقسيم السودان بين مناطق سيطرة الميليشيا وتلك التي يتواجد فيها الجيش. وهذا يعني انفصال دارفور فعلياً، وخلق كانتونات في الجزيرة وولاية الخرطوم وغيرها، وإصدار شهادة ملكية للميليشيا وشرعنتها بالقانون الدولي والفصل السابع.
نفس القرار طبق من قبل على عراق صدام حسين في التسعينيات، فأدى لإنفصال إقليم كردستان من الناحية العملية، ومثيله القرار ضد ليبيا القذافي عام 2011م فأفضى إلى تشكيل حكومتين في بنغازي وطرابلس لا تزالان تختصمان حتى اليوم.
الذي يحمد للإتحاد الروسي مصداقيته في الوقوف مع سيادة السودان بالعمل وليس بمجرد العبارات المنمقة، كما فعل مع سوريا من قبل. فأوقف مسلسل العبث الطاغي والمتطاول على سيادة السودان، وتسييره مغلولا ومعصوب العينين من قبل دول الاستعمار الجديد المعروفة، لإمضاء مخططاتها المتماهية مع أعدائه المعلنين.
هذا موقف مشرف من الإتحاد الروسي يستحق التقدير ورد التحية بأحسن منها، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.
بيد أنه تبين الآن أن تطاول عمليات حسم هذا التمرد المدعوم بأجندة الخارج تعيق التقدم دبلوماسيا، وتكبل السياسة الخارجية. وظل هذا شأن السودان مع هذه الدول منذ الاستقلال، وعلى كافة الحكومات، الإنقلابية والعسكرية، بالتآمر المستمر، وتبادل الأدوار في كل مرحلة حسب مقتضياتها. وينشط التآمر الخارجي بنصب الحبائل في أجواء المعاناة المكفهرة التي تصنعها بيادقه من جيوش العملاء المتماهين مع المرتزقة حملة السلاح، ومن خانوا قسم الولاء للوطن فخانوه، ورفعوا السلاح المعد للعدى في صدور زملائهم رفقاء العقيدة الوطن.
ولذا فيتعين على الحكومة القائمة التعامل مع الوضع الراهن بالجدية والحسم المطلوبين. فأول مطلوب عملي هو تسريع عمليات تطهير البلاد من جيوب التمرد الآفل في كل مسارح العمليات، وبدءا بولاية الجزيرة، قلب السودان النازف، وتسريع عمليات تطهير بقايا التمرد في أطراف الخرطوم لإعلانها ولاية خالية من التمرد، والشروع في إنفاذ برامج إعادة البناء والإعمار.
ففي كل يوم تتأخر فيه القوات المسلحة المدعومة، أكثر من أي وقت مضى، بالمستنفرين والمقاومين، وكل شعب السودان، عن الحزم الموعود، فإن ذلك المدى الزمني يفتح فصولا جديدة من التآمر والتربص ونصب الحبائل. فقد أعلم بمثيل هذا التربص المولى تعالى رسوله، وهو في ساحة الجهاد مع المسلمين السابقين الأولين بقوله:-
“ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا” ثم أوصاهم بعدم التهاون والتردد في الحسم مهما كانت التضحيات:
“ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” موصياً ومحرضاً لهم بالثبات على المبدأ وتحديد الوجهة والتوكل الحازم.
أما على مستوى العلاقات الخارجية الثنائية، فقد تبين الآن للجميع، وبوضوح ساطع، من يقف مع السودان، ومن يدبر له المكائد.
وبالتالي فيتعين أن تعتمد مقاصد وتوجهات السياسة الخارجية هذه البوصلة التي لا تكذب.
فيتعين إبرام اتفاقيات دفاع مشترك واتفاقيات اقتصادية وتجارية، واتفاقيات التبادل النقدي مع دول صديقة وموثوقة كالإتحاد الروسي والصين وكافة الدول الصديقة، التي أكدت بالقول والفعل احترمها لسيادة السودان ووحدة ترابه واستقلال قرار شعبه السياسي، بدلا من الخضوع المتقاعس لأجندة الخارج التركيعية، وتوعداته التثبيطية، التي لن تقود إلا لمزيد من التشظي والفرقة، وبذر الشقاق والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، والسعي لتموضع العملاء والوسطاء لإذكاء المزيد من الفتن واستطالة أمد الحرب.
بالأمس اجتمع المستشار الألماني أولاف شولتز مع الرئيس بوتين، وقد خلص المراقبون إلى أن الهدف من اللقاء المفاجئ، الذي أذهل العديد منهم، يصب في خدمة السياسة المعلنة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي قرر إنهاء الحرب في أوكرانيا، كما أن ألمانيا نفسها ظلت تعاني من التدهور الاقتصادي بسبب قطع إمدادات الغاز والنفط الروسي عنها منذ عام 2022م ، فأدى ذلك لإغلاق عدد من مصانع السيارات مثل شركة فلكسواجن، وتجميد استثمارات أجنبية لصناعة الموصلات الإلكترونية تقدر ب 30 مليار دولار، وتزايد نسب العطالة والتذمر واستقالة وزير المالية والاقتصاد وتصدع الائتلاف الحاكم، فضلا عن أن نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الجاري تناقصت إلى 0.2% وعلما بأن الاقتصاد الألماني يؤثر على كل دول الإتحاد الأوربي وضَعفه يعاني معاناتها. وبالتالي فلم يعد لأوروبا من مناص سوى التوصل لحل لمشكلة أوكرانيا نزولا على مبدأ الرئيس ترمب.
وبالتالي فإن الرهان الأوربي للوقوف مع أوكرانيا ضد روسيا وهزيمتها بدون أمريكا أصبحت معالمه واضحة للجميع.
بالأمس أعلنت حكومة الانقلاب في القابون التي يترأسها الجنرال بريس انقويما نتيجة الاستفتاء العام على الدستور الجديد، والذي حصل على تأييد أكثر من 91% من المواطنين، وجاء ذلك بموافقة ورعاية فرنسا ماكرون للانقلاب العسكري الذي جرى في أغسطس 2023م ضد حكومة الرئيس المنتخب علي بونقو في ديسمبر 2022م. وفي السودان نحتاج لتجربة أفضل لأن مرور خمس سنوات دون حكومة منتخبة يضحي أمرا مقلقاً.
عموما على الرئيس البرهان العمل والتصرف كرئيس حكومة أمر واقع، ودولة ذات سيادة، فعليه الشروع في تشكيل حكومة المهام الانتقالية من الخبراء والتكنوقراط، وإعلان برنامج إعادة الإعمار، وإصدار خارطة طريق للانتخابات لاستعادة المشروعية المسنودة بسيادة الشعب وسلطة حكم القانون. فالعالم لا يحترم من يتقاعس وينتزع موقعه المستحق بين الدول، ولا يحتفي بالمترددين المرتكسين المنتظرين لإشارات الآخرين. فالمياه الراكدة يفسدها طول الركود فتفسد ما حولها. والله يخاطب الرسول القائد تعليما للمسلمين في مثل هذه المواقع: ” فإذا عزمت فتوكل على الله”..
دكتور حسن عيسى الطالب
المحقق