يسلط تحليل نشره معهد أبحاث السياسة الخارجية على أبعاد العلاقات الإماراتية الفرنسية، معتبرا أن أبوظبي وباريس تمتلكان علاقة خاصة تأتي أهميتها، على المستوى الأمني في المقام الأول، في المرتبة الثانية مباشرة بعد أهمية العلاقات الإماراتية الأمريكية، ويمكن القول بأن واشنطن تؤمن لأبوظبي  تأمينا على الحياة، بينما توفر لها باريس "تأمينا مكملا".

ويستشهد التحليل بتحرك فرنسا السريع، بعد هجوم الحوثيين على أبوظبي بطائرات مسيرة في 17 يناير/كانون الثاني 2022، حيث بادت باريس بإعلان تفعيل اتفاقية الدفاع الموقعة بين البلدين عام 1995 للمرة الأولى، وسارعت إلى نشر طائرات مقاتلة إضافية من طراز "رافال" وتعزيز نظام الدفاع الجوي في الإمارات.

وجاءت تلك الردود السريعة من فرنسا، في الوقت الذي استغرق رد أمريكا على الاستياء الإماراتي فترة أطول، لذلك قابل الإماراتيون تحرك فرنسا بتقدير كبير، رغم أن إجراءاتها كانت أقل أهمية مقارنة بالرد الأمريكي، بسبب قدراتها المنخفضة.

اقرأ أيضاً

الإمارات تلغي صفقة شراء مروحيات كاراكال مع فرنسا.. وتؤكد: القرار ليس سياسيا

معاداة الإسلام السياسي

وبصفتها أكثر دولة في الاتحاد الأوروبي مهتمة بمسألة مكافحة الإرهاب ومعاداة الإسلام السياسي، كان هناك رابطا خاصا بشكل دائم بين فرنسا والإمارات على تلك الأرضية المشتركة، حيث تمتلك أبوظبي أيضا اهتماما كبيرا بهذه المسائل، كما يقول التحليل.

أيضا، وكما يقول مسؤول فرنسي، فقد نجحت باريس وأبوظبي في رعاية علاقات عميقة وديناميكية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى تجنب فرنسا حملات قرع الطبول الصاخبة من أجل حقوق الإنسان واستخدام الأسلحة الفرنسية في الحرب، مفضلة الرسائل الخاصة.

وتهدف عقيدة باريس  إلى الترويج لنفسها كبديل جاد وجدير بالثقة لدول الخليج التي ترغب في تجنب الوقوع في فخ المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، حيث تسمح  سياسة "الطريق الثالث" التي تنتهجها فرنسا للإليزيه بممارسة دبلوماسية انتهازية من خلال التكيف مع الظروف المتغيرة، كما ظهر في هجوم الحوثيين عام 2022. ومن خلال الاستفادة من الديناميكيات الظرفية والاعتماد على حضورها التاريخي، ترى فرنسا أنها تستطيع تعزيز مكانتها كلاعب رئيسي على الساحة الإقليمية.

اقرأ أيضاً

رسميا.. بن زايد وماكرون يجريان مباحثات ثنائية في باريس الإثنين

تسارع الشراكة

ويقول التحليل إن الشراكة الفرنسية الإماراتية تسارعت بشمل ملحوظ في عهد الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون، بعد أن كان الرئيسان السابقان نيكولا ساركوزي وفرانسوا هولاند يميلان إلى الاعتماد في الغالب على الشركاء القطريين والسعوديين، مع الحفاظ على علاقات جيدة مع الإمارات.

وقد يرجع ذلك – بحسب التحليل – إلى السياق الجيوسياسي  والعلاقة الشخصية الوثيقة بين ماكرون والشيخ محمد بن زايد، حيث يمتلك ماكرون أسلوبا متفردا في الرئاسة يقوم على التركيز على امتلاك السلطات الواسعة، وهو الأسلو بالذي يفضله ابن زايد في الإدارة.

وتجسدت الأهمية المتبادلة المرتبطة بالشراكة خلال الزيارة الرسمية الأولى التي قام بها الشيخ محمد بن زايد في يوليو/تموز 2022، بعد مرور 31 عاما على آخر زيارة قام بها شيخ إماراتي إلى فرنسا.

بالإضافة إلى ذلك، التقى الزعيمان عدة مرات في الخارج قبل هذه الزيارة، في سبتمبر/أيلول 2021، وديسمبر/كانون الأول 2021، ومايو/أيار 2022.

ومنذ ذلك الحين، ظل الهاتف يرن بشكل متكرر في باريس وأبوظبي، كما أشار المدير العام لمركز دبي لأبحاث السياسات العامة، محمد باهارون.

وقد التقيا مؤخرًا في مايو 2023 في الفترة التي سبقت انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (COP28).

وتتمركز القيادة البحرية الفرنسية للمحيط الهندي في أبوظبي، وقد شرعت الدولتان في مبادرة تعاون ثلاثية مفتوحة مع الهند في منطقة المحيطين الهندي والهادئ في فبراير/شباط 2023. ويغطي هذا التحالف الاستراتيجي عددا من المجالات، بما في ذلك الدفاع والطاقة الخضراء والتنمية.

اقرأ أيضاً

العلاقات الإماراتية الفرنسية.. من الاقتصاد والثقافة إلى التسليح والدفاع المشترك

حليف مكمل

وبشكل عام، يرى التحليل أن فرنسا تظل حليفاً رئيسياً، لكنها ليست الحليف الرئيسي للإمارات،  وفيما يتعلق بالدفاع، فإن الولايات المتحدة هي الشريك الحيوي، تليها فرنسا كحليف مكمل.

ومع أخذ ذلك في الاعتبار، أشار جان لوب سمعان، أحد كبار الباحثين في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة الوطنية، إلى أنه "إذا أجرينا مقارنة مع التأمين، فإن الولايات المتحدة هي التأمين الرئيسي على الحياة وفرنسا تأمين تكميلي".

ولهذا السبب، يقول التحليل إن على باريس ألا تفرط في تصوراتها بشأن العلاقات مع الإمارات، لا سيما مع توجه أبوظبي نحو تعظيم سياسة تنويع العلاقات بين الكتلتين الشرقية والغربية.

المصدر | لويس فيتراند / معهد أبحاث السياسة الخارجية - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون محمد بن زايد شراكة

إقرأ أيضاً:

هيئة الأركان العامة الفرنسية: عشرات الجنود الأوكرانيين الذين يتم تدريبهم في فرنسا يلوذون بالفرار

فرنسا – أفادت وكالة “فرانس برس” بأن عشرات الجنود الأوكرانيين الذين كانوا يتلقون التدريب على يد الجيش الفرنسي لاذوا بالفرار أثناء وجودهم على الأراضي الفرنسية خلال فترة التدريب.

ونقلت الوكالة عن هيئة الأركان العامة الفرنسية أن “الجيش الفرنسي الذي كان يدرب اللواء الأوكراني قبل إرساله إلى الجبهة لاحظ العشرات من حالات الفرار خلال التدريب، بينما اعترفت القيادة الأوكرانية بوجود مشاكل داخل هذا اللواء”.

وأوضح ممثل الأركان العامة الفرنسية أن الجنود “كانوا يقيمون في الثكنات الفرنسية ولهم الحق في مغادرتها”. مشيرا إلى أن الفرار داخل فرنسا ليس جريمة جنائية، ولا يمنح السلطات الفرنسية إلا صلاحيات محدودة للتعامل مع هذه الحالات، كما أن الحق الممنوح للسلطات الأوكرانية على الأراضي الفرنسية للتعامل مع مثل هذه الحالات هو مجرد (حق تأديبي).

وفي وقت سابق، ذكرت صحيفة “Midi Libre” الفرنسية أن السلطات الأوكرانية بدأت تحقيقا بتهمة “الهروب من الخدمة” بحق أفراد من لواء “آنا كييفسكايا” الذي تم تدريبه في فرنسا.

وأفادت الصحيفة نقلا عن مصادر أوكرانية بأن حوالي 1700 جندي من أصل 2300 جندي تم تدريبهم في فرنسا فروا سريعا بعد أن تم إرسالهم إلى الجبهة.

و في 14 نوفمبر الماضي، أنهت فرنسا تدريب 2300 جندي أوكراني من اللواء 155 التابع للقوات المسلحة الأوكرانية، وشمل التدريب ثلاثة كتائب مشاة، وتشكيلات هندسية ومدفعية، ووحدات مراقبة واستطلاع جوي وبري، وشارك حوالي 1500 جندي فرنسي في عملية التدريب.

وفي نهاية نوفمبر، وقع فلاديمير زيلينسكي قانونا يتيح للجنود الفارين العودة إلى الخدمة طوعا حتى 1 يناير 2025 مع استعادة جميع حقوقهم ورواتبهم.

ومع ذلك، لم يكن هناك جنود يرغبون في العودة إلى الخدمة، وعلى العكس من ذلك تشير الإحصائيات إلى زيادة عدد الفارين.

وبحسب صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية فإن عدد الفارين من القوات المسلحة الأوكرانية في عشرة أشهر خلال عام 2024 تضاعف تقريبا مقارنة بالإحصاءات العامة لعامي 2022 و2023، وفي عام 2024 تم رفع 60 ألف قضية جنائية ضدهم، وأعلى معدلات الهروب من الخدمة كانت بين المشاة وألوية الهجوم.

وكان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، قد صرح في نوفمبر الماضي، بأن تدريب فرنسا لأفراد عسكريين أوكرانيين يشير إلى تورط باريس المباشر في الصراع، مشيرا إلى أن الواقع أن ماكرون، يعد واحدا من أشد المؤيدين المتحمسين لهدف إلحاق هزيمة استراتيجية بموسكو لفظيا وعمليا.

وأكدت موسكو في وقت سابق أن الولايات المتحدة وحلف الناتو متورطان بشكل مباشر في الصراع بأوكرانيا، بما في ذلك ليس فقط من خلال توريد الأسلحة، بل وأيضا من خلال تدريب الأفراد.

المصدر: “فرانس برس” + RT

مقالات مشابهة

  • عبدالله بن زايد يؤكد حرص الإمارات على دعم الشعب الأفغاني
  • عبدالله بن زايد يستقبل وزير الخارجية الأفغاني بالوكالة
  • باريس تعلن فرار 55 عسكريا أوكرانيّا من التدريب في فرنسا
  • عبدالله بن زايد ووزير خارجية إسرائيل يبحثان في أبوظبي التطورات بالمنطقة
  • شرطة أبوظبي تختتم مشاركتها في تأمين مهرجان تل مرعب 2025
  • السلطات الفرنسية تواصل حملة الإعتقالات في صفوف محرضين جزائريين
  • هيئة الأركان العامة الفرنسية: عشرات الجنود الأوكرانيين الذين يتم تدريبهم في فرنسا يلوذون بالفرار
  • الدفاع الفرنسية: فرار "العشرات" من القوات الأوكرانية الذين تلقوا تدريبات لدينا
  • مسجد باريس يُدين حملة التشهير التي استهدفته قناة cnews الفرنسية
  • العلاقات السامة.. عندما يصبح الحب قيدا مؤلما